معهد عبري: حماس تتعافى من الضربات الإسرائيلية والنصر العسكري بعيد للغاية

منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعد نحو 20 شهرا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، حذَّر معهد عبري من أن "التهديد العسكري لإسرائيل لا يزال قائما، وإن كان محدودا".

ويعتقد الخبير في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، آدي شوارتز، أنه "رغم تلقي حماس ضربة قاسية خلال الحرب الأخيرة وخسارتها جزءا كبيرا من قدراتها؛ إلا أنها ما زالت بعيدة عن الهزيمة".

وأكّد في مقال نشره معهد "ميسغاف" العبري، أنه "إلى جانب الإنجازات الإسرائيلية، لا تزال حماس قادرة على تشكيل تهديد، ناهيك عن قدرتها على إعادة بناء نفسها والتعافي بسرعة في حال الهزيمة".

كما نبَّه الباحث إلى أنه "رغم الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، ما زال الفلسطينيون يتمسكون بـ(تصور أيديولوجي) معادٍ لإسرائيل، مما ينذر بهجمات أخرى في المستقبل مثل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2025".

قيادة لامركزية

وأبرز المعهد في مستهل حديثه ما عده “إنجازات إسرائيلية في الحرب مع حماس”؛ إذ يرى أن "القضاء على النواة القيادية في حماس، اضطرها للانتقال إلى قيادة لامركزية".

وزعم أن هذا "أعاق قدرتها بشكل كبير على اتخاذ القرارات وتنفيذ العمليات المعقدة، وأصاب مقاتليها بضربة معنوية ومعرفية كبيرة".

وادعى كذلك "مقتل 20 ألفا من مقاتلي حماس"، كما زعم أن "الإطار التنظيمي للكتائب والألوية يكاد يختفي؛ حيث تجرى معظم العمليات القتالية اليوم بواسطة فرق صغيرة غير نظامية".

إضافة إلى ذلك، يقدر أن "مخزون حماس من الصواريخ شهد انخفاضا حادا، مما يعني تضاؤل التهديد الإستراتيجي لمناطق واسعة من إسرائيل".

وأكمل: "دُمرت مئات الصواريخ جوا وبرا، وتضررت القدرة الإنتاجية المحلية، وأُغلقت أنفاق التهريب من مصر إلى حد كبير"، على حد زعمه.

كما ادعى "تضرر شبكة أنفاق حماس داخل قطاع غزة، ومنها إلى إسرائيل؛ إذ دُمرت بعض الأنفاق بالكامل، لا سيما جنوب القطاع، وفي بعض المناطق، أصبحت الحركة في الشبكة تحت الأرض محدودة للغاية".

وعلى المستوى المدني، أشار إلى ما عدّه "تضرر الإدارة المدنية لحماس في القطاع، فاغتيال كبار المسؤولين المدنيين، وتدمير البنية التحتية المدنية، أسهم في سيطرة جزئية فقط للحركة على الأرض".

وضع متقلب

ورغم كل هذه الإنجازات المزعومة التي ساقها المعهد، شدد شوارتز على أن "الوضع متقلب داخل القطاع".

وأوضح قائلا: "لا تزال هناك قوة قتالية كبيرة في قطاع غزة، تُقدر بعشرات الآلاف".

وأقر بنجاح "حماس" في تعويض خسائرها البشرية، وصرح: "رغم الخسائر التي تكبدتها خلال الحرب، فقد نجحت في تجنيد مقاتلين جدد في صفوفها، وتعويض بعض القتلى والجرحى".

“ورغم الأضرار التي لحقت بالقيادة العسكرية والمدنية، تمكّنت حماس من الحفاظ على مركزها القيادي، ودفع الرواتب، وتشغيل بعض الآليات المدنية، وإظهار حضورها العلني في المناطق التي انسحب منها جيش الدفاع الإسرائيلي”. يقول شوارتز.

وتابع: "إن ظهور المسلحين في مناطق مختلفة من قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار بين يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار 2025 أمر لا يُنسى، ويُذكّر بقدرة حماس على الظهور من جديد".

وأقر أنه "رغم الأضرار التي لحقت بشبكة الأنفاق، إلا أن حوالي 75 بالمئة من هذه الشبكة لا يزال يعمل أو يمكن إصلاحه، وفق تقديرات مسؤولي الأمن الإسرائيليين منذ شهرين فقط".

وتابع: "تتيح هذه الأنفاق التنقل والاختباء والتهريب، بل وحتى احتجاز الرهائن".

أما بخصوص الصواريخ، فأشار إلى أن "انخفاض عددها يعنى أن حماس امتنعت بقصد عن إطلاق النار على إسرائيل، للحفاظ على بعض الذخيرة التي تملكها لمواصلة القتال طويل الأمد مع إسرائيل".

وأردف: "ورغم تآكل قوة الحركة، إلا أنها تحاول تعويض ذلك بالمرونة والتكيف".

ودلَّل على ذلك قائلا: “إن ورشات تصنيع الذخيرة البدائية في أنحاء القطاع، وإعادة تدوير المتفجرات الإسرائيلية والمخلفات غير المنفجرة، وزرع العبوات الناسفة الصغيرة في المباني وعلى مسارات تقدم جنود الجيش الإسرائيلي؛ أمور تدلّ على قدرة عالية على التكيف”. وفق قوله.

أيديولوجية متجذرة 

وبالإضافة إلى هذه التحديات العسكرية، لفت المعهد إلى "تحدّ آخر خطير وغير عسكري، تواجهه إسرائيل من قطاع غزة، ومن الفلسطينيين عموما".

وأوضح أنّ "هذا التهديد يتمثل في الأيديولوجية الفلسطينية المتجذرة التي ترفض الاعتراف بحق وجود دولة إسرائيل، ولا تزال تحلم بعودة الفلسطينيين إلى يافا والرملة وحيفا".

وبحسبه، "هذه الأيديولوجية هي التي تولّد القتال ومنها تنبع الأبعاد العسكرية". 

ولذلك، شدَّد المعهد على أن "التهديد الذي يواجه إسرائيل لن يزول حتى لو تم القضاء على حركة حماس".

واستطرد: "طالما لم تتغير هذه الأيديولوجيا الفلسطينية، وطالما بقيت على حالها، فإنّ التهديد سيأخذ شكلا جديدا، وبدلا من حماس ستظهر تشكيلات عسكرية أخرى تحمل النية ذاتها".

لهذا، يقدر المعهد أن "التحدي الإستراتيجي الذي يواجه إسرائيل هو منع أن تنتهي الحرب في غزة بصيغة (جولة) من الجولات".

وبينما أكد شوارتز أنه "لا يوجد شك أن هذه الجولة ليست كما سبقتها".

إلا أنه في الوقت ذاته حذر من أن "كل المؤشرات تدل على أن المجتمع الفلسطيني لم يمر بعد بعملية تغيير عميقة، ولم يتخل عن الفكر الأيديولوجي الذي أدى إلى ما جرى في السابع من أكتوبر".

ويرى شوارتز أنه "لا ينبغي لإسرائيل أن تعود إلى الوضع الذي كان قائما في السادس من أكتوبر 2023، ليس فقط من حيث قدرات حماس العسكرية، بل بالتأكيد من حيث الدوافع الفلسطينية".

واستطرد: "طالما أن الفلسطينيين ما زالوا يأملون ويتطلعون إلى اليوم الذي يتمكنون فيه من القضاء على إسرائيل، فإن مسألة تطوير قدرات جديدة وتفعيلها ليست سوى مسألة وقت".

"أما تعليق الآمال على (بديل سياسي) فلسطيني، في ظل غياب تغيير جذري في الأيديولوجيا الفلسطينية، فليس سوى خداع للذات"، بحسب اعتقاده.

واختتم شوارتز مقاله بالقول: "بعبارة أخرى، أحداث السابع من أكتوبر، أو أحداث مشابهة لها، في انتظارنا في المستقبل القريب".