من كشمير إلى طهران.. كيف تحرك واشنطن خيوط الحرب لقطع النفط عن الصين؟

"هناك علاقة وثيقة للغاية بين الهجوم على إيران واستهداف مصالح الصين"
في أعقاب زيارة جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي إلى الهند، شنَّت نيودلهي هجوما سريعا على باكستان، وهو ما عدّه موقع "سوهو" الصيني خطوة منسقة بدقة.
ورأى الموقع أن الهند استُخدمت كأداة أميركية لتقييد نفوذ الصين في جنوب آسيا؛ إذ نفذت نيودلهي في مايو/أيار 2025، هجمات صاروخية على الأراضي الباكستانية ومنطقة "آزاد كشمير" التي تُسيطر عليها إسلام آباد.
واستمرَّت المواجهات لعدة قليلة قبل أن تعلن الدولتان التوصل إلى اتفاق لوقف شامل وفوري لإطلاق النار، بعد وساطة أميركية.
وبحسب الموقع الصيني كانت الولايات المتحدة تأمل، بحساباتها الخاصة، أن تضغط على باكستان عبر الهند، مما يؤثر بشكل غير مباشر على الصين.
"لكن باكستان لم تكن فريسة سهلة؛ فقد نجحت بدعم من المعدات الصينية، في إحباط هذه المخططات الأميركية".
واستنادا إلى هذا التحليل، استعرض الموقع نظرية تشير إلى أن الحرب التي تشنها إسرائيل على إيران، تحركها الولايات المتحدة "كمتحكم خفي"، مستهدفة في الأساس الصين.

علاقة وثيقة
وعن المواجهة الحالية بالشرق الأوسط، أشار الموقع إلى أن "الأمر بدا وكأن إسرائيل تحركت دون موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن سرعان ما أظهر الأخير دعمه للهجوم".
بل وذهب إلى أبعد من ذلك بالتحريض على إيران وتهديدها بضرورة التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بسرعة.
هذا الموقف -بحسب الموقع- يكشف بوضوح عن "دعم الولايات المتحدة لإسرائيل"، ويؤكد أن "واشنطن تقف خلف تل أبيب".
وذكر أنّه "في هذا الصراع الجديد، ركزت إسرائيل هجماتها على الموانئ والبنية التحتية للطاقة في إيران؛ إذ تعرضت منشآت النفط الإيرانية لهجمات عنيفة؛ حيث اندلعت حرائق هائلة في مصفاة طهران".
ولفت إلى أن "النفط هو الشريان الاقتصادي لإيران، وهذه الهجمات ستؤثر بلا شك بشكل كبير على اقتصادها".
وربط الموقع كل هذا الأحداث ببكين، قائلا: "هناك علاقة وثيقة للغاية بين ما يجرى في إيران وبين استهداف مصالح الصين"؛ إذ تعتمد بكين على منطقة الخليج بنسبة 75 بالمئة تقريبا لتأمين احتياجاتها من النفط والغاز الطبيعي، وتشكل الواردات النفطية من إيران حوالي 10 بالمئة من إجمالي واردات الصين.
ومن جهة إيران، فإن صادراتها النفطية إلى الصين تشكل ما بين 60 إلى 90 بالمئة من إجمالي صادراتها.
وهو ما يعني أن العلاقة بين الصين وإيران في تجارة النفط مترابطة بشكل وثيق، وفق الموقع الصيني.

صعوبات داخلية
ورجَّح أن "الولايات المتحدة رأت في هذه العلاقة فرصة للضغط على إيران عبر إسرائيل، بهدف إجبار النخب الإيرانية على تقليص اعتمادها على السوق الصينية والتوجه نحو الغرب".
وأردف: "نوايا الولايات المتحدة واضحة: إذا نجحت في انتزاع إيران من جانب الصين، فستتمكن من تعطيل إمدادات الطاقة إلى بكين، مما يضعف موقعها الاقتصادي والإستراتيجي. لذا، فإن نتيجة هذا الصراع على الجبهة الإيرانية لها أهمية بالغة".
وتوقع أنه "في حال هُزمت إيران بهذا الصراع وأُجبرت على تقليص صادراتها النفطية إلى الصين، فإنَّ إمدادات الطاقة إلى الصين ستتأثر بشكل كبير".
وحذر من أن ذلك "سيكون له تداعيات خطيرة على بكين"؛ حيث أوضح أن الصين "دولة ضخمة، تستهلك كميات هائلة من النفط والغاز يوميا، وأي خلل في الإمدادات سيؤثر على جوانب متعددة من اقتصادها ومجتمعها".
وأضاف: "على سبيل المثال، قد ترتفع أسعار النفط، مما يزيد من تكاليف النقل، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع، مما سيؤدي إلى زيادة تكاليف المعيشة على المواطنين".
على الجانب الآخر، وبالنسبة لإيران، يرى الموقع أن بكين "تعد شريكا تجاريا مهما للغاية، فمعظم نفط إيران يُصدر إلى الصين".
وأردف: "إذا أُجبرت إيران على التوجه نحو الأسواق الغربية، فإن الغرب لن يتعامل معها بنفس نهج التعاون المتساوي والمتبادل المنفعة الذي تتبعه الصين".
ورجح أن "يسعى الغرب إلى خفض أسعار النفط، مما يؤدي إلى استغلال موارد إيران ودفع اقتصادها نحو مزيد من الصعوبات".
القائد الأوحد
ولذلك، ينظر الموقع لهجوم إسرائيل على إيران بصفته "تجسيدا آخر للهيمنة الأميركية؛ إذ تعتقد واشنطن أن بإمكانها التحكم بمصائر الدول الأخرى حسب رغبتها، لكنها تغفل عن قوة التضامن والتعاون بين الدول الأخرى".
وتابع منتقدا النهج الأميركي في مسرح السياسة الدولية: "تسعى الولايات المتحدة دائما لفرض هيمنتها وتأكيد دورها كقائد أوحد، فهي تثير الصراعات في مختلف أنحاء العالم بوسائل متنوعة، بهدف الحفاظ على هيمنتها".
في المقابل، يؤكد الموقع أن الصين "تلتزم دائما بمبادئ التعايش السلمي، وتتعامل مع الدول الأخرى على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة".
واستبعد أن "تنخرط بكين مباشرة في هذه الحرب"، لكنه أكد في الوقت ذاته أنها "ستراقب التطورات عن كثب".
وأضاف: "ستعمل الصين عبر القنوات الدبلوماسية على حثّ الأطراف على ضبط النفس وحل النزاع، من خلال المفاوضات السلمية".
وفيما يتعلق بالتأثير الاقتصادي عليها، أشار الموقع إلى أن الصين "تسعى إلى تنويع قنوات إمدادات الطاقة لتقليل اعتمادها على منطقة الخليج".
ودلل على ذلك قائلا: "حاليا، يتزايد التعاون الطاقي بين الصين وروسيا؛ حيث يوفر خط أنابيب الغاز الصيني-الروسي مصدرا أكثر استقرارا للطاقة".
وأضاف: "تستثمر الصين بقوة في الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والمائية وطاقة الرياح، لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري التقليدي".
"من ناحيتها، لن تستسلم إيران بسهولة للضغوط الأميركية، فهي تتمتع بتاريخ متجذر وثقافة عريقة، وشعبها يحمل شعورا قويا بالفخر الوطني".
وأردف الموقع: "لن يسمح الإيرانيون للولايات المتحدة بالتحكم بمصيرهم، وسيقاتلون دفاعا عن سيادة بلادهم ومصالحهم".
كما أن قوة إيران العسكرية لا يُستهان بها؛ إذ تعد قوة إقليمية بارزة بالشرق الأوسط على الرغم من وجود فجوة مع القدرات الأميركية، حسب قوله.

بارقة أمل
ويشير الموقع إلى ما عُدّ أنها "بارقة أمل برزت مع إعلان باكستان استعدادها لتقديم كل الدعم الممكن لإيران في هذا الصراع".
واستطرد: باكستان وإيران دولتان متجاورتان، وكلتاهما تدرك جيدا مبدأ "إذا سقطت الأسنان، عانت الشفاه".
فإذا انهارت إيران، ستواجه باكستان ضغوطا أكبر، ولذا، فإن مساندة إسلام أباد لطهران تأتي أيضا من منطلق مصالحها الخاصة.
وقدّر أن "دعم باكستان سيمنح إيران دفعة معنوية كبيرة؛ حيث يمكن للبلدين التنسيق عسكريا لمواجهة التهديدات الإسرائيلية والأميركية".
وتابع: "اقتصاديا، قد تقدم باكستان أيضا بعض المساعدات لإيران لتخفيف الضغوط الاقتصادية عليها".
واختتم حديثه قائلا: "صراع إسرائيل ضد إيران ليس مجرد حرب بين دولتين، بل مواجهة أوسع بين الهيمنة الأميركية وتطلعات الدول الأخرى للاستقلال والسيادة".