اشتباكات العاصمة الليبية.. عودة للحرب الأهلية أم توحيد للقوة العسكرية؟

خلاف بين قائد جهاز الدعم وقائد اللواء 444 يتسبب في معارك بالعاصمة الليبية
في مشهد يعكس تعقيدات الوضع العسكري في طرابلس الليبية منذ سقوط معمر القذافي عام 2011، بسبب تعدد الهياكل العسكرية، على عكس جيش خليفة حفتر الموحد في شرق ليبيا، شهدت العاصمة انفجارا أمنيا واشتباكات دامية جديدة.
المعارك دارت بشكل أساسي بين فصيلين يدافعان عن العاصمة وهما: "اللواء 444 قتال" التابعة لوزارة الدفاع التابعة لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.، و"جهاز دعم الاستقرار"، التابع لـ "المجلس الرئاسي"، وهي مليشيا عسكرية.
والسبب، الخلاف بين قائد جهاز الدعم، "عبد الغني الككلي"، الملقب بـ"غنيوة"، وقائد اللواء 444 محمود حمزة، والفصيلان، اشتبكا مرات سابقة، لكن هذه المرة، قُتل "عبد الغني الككلي"، سواء في كمين معد له أو اشتباكات، وفق تفسيرات مختلفة.
وجاء قتله ضمن خطوة، تؤكد مصادر ليبية مطلعة لـ "الاستقلال" أنها مقصودة ومرتبة منذ فترة للتخلص من الأجسام والمليشيات العسكرية المتمردة ضد سلطة الحكومة، ولضمان وجود جيش موحد في طرابلس، يواجه الانقلابي حفتر، حال استمرت الحروب بين الشرق والغرب.
وكان توقيت هذه التغييرات الأمنية والعسكرية، للحد من نفوذ "الككلي" مواكبا لمساعٍ جارية تحت إشراف الأمم المتحدة لوضع مسار سياسي وأمني جديد في ليبيا، يتضمن خارطة طريق للمرحلة القادمة تشمل حكومة جديدة وانتخابات.

ماذا جرى؟
بحسب مصادر ليبية متعددة لـ "الاستقلال" يمكن تلخيص ما جرى في طرابلس على النحو التالي:
بعد حكم القذافي، تشكلت مليشيات ومجموعات عسكرية وقبلية مختلفة بعضها شارك كثوار قاتلوا في ثورة 2011، وقاتل قوات خليفة حفتر حين حاول احتلال العاصمة طرابلس في معركة بركان الغضب عامي 2019/2020.
لكن، بعد بركان الغضب وقرار حكومة الوفاق الليبية في الغرب تنظيم جميع المليشيات وإعادة ترتيبها في الجيش الليبي تحت سيادة الدولة، رفض أمراء حرب بعض المليشيات حلها وخسارة نفوذهم وامتيازاتهم والانضواء تحت جناح الدولة.
ولتفادي حرب أهلية، تم شرعنة هذه المليشيات بمسميات مختلفة تحت عنوان "أجهزة" مثل "جهاز الردع" و "جهاز دعم الاستقرار" وغيرها بقرارات رئاسية، ولكنها تغولت وبدأت تفرض رأيها بالقوة في شؤون الدولة.
فقد أصبحت المليشيات تتبع (صورياً) "المجلس الرئاسي" وتأخذ ميزانياتها منه، بصقته القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكنها ظلت تأتمر بأمر قادتها لا الدولة.
ومن أبرز هذه المليشيات المتمردة “جهاز دعم الاستقرار” الذي يرأسه في طرابلس عبد الغني الككلي، المعروف بـ "غنيوة"، والذي كان مسجونا سابقا أيام القذافي بتهم إجرامية، وتمارس قواته عمليات بلطجة ونهب.
يوم 6 مايو/أيار 2025، قام مسلحون من مجموعة "غنيوة" باقتحام شركة الاتصالات الحكومية وقاموا بابتزاز مديرها لتوقيع عقود لصالح شركات وهمية لهذا القائد وأطلقوا النار على قدم مدير الشركة وكان هذا ذروة أعمال البلطجة.
تدخلت حكومة طرابلس لفرض النظام، وطلبت من "غنيوة" تسليم من قام بالهجوم على مدير الشركة وأعطوه مهلة لذلك، فرفض ولاحظت الحكومة استقدام قوات موالية له من مصراته ونوايا تصعيد.
يوم 13 مايو/أيار 2025، تم استدعاء غنيوة للتفاوض، في اجتماع بمعسكر "التكبالي" بالعاصمة طرابلس، وحضر معه 10 من حراسه، وخلال التفاوض حدثت خلافات وتراشق بالكلمات.
وتحولت الملاسنة اللفظية إلى اشتباك بين الحراسات، قُتل فيها غنيوة وجميع حراسه، وثلاثة من قادة الجيش الليبي الحاضرين.
كانت الملاحظة، التي دفعت مراقبين وسياسيين في ليبيا لتقدير أن الواقعة كانت مُدبرة، لإخضاع "غنيوة" بالقوة، وتطورت لقتله، هي ما واكب وتلا قتله من تطورات مثل نشر استعدادات وقوات لوزارة الدفاع والشرطة مسبقا واعلان حظر التجوال.
كانت البداية، بمليشيا غنيوة، لكن الهدف الأكبر كان استهداف كل المليشيات التي سبق شرعنتها في العاصمة الليبية طرابلس عقب ثورة 2011، لكنها انحرفت، بهدف توحيد السلاح والجيش في العاصمة.
وبعد اشتباكات مسلحة تركزت في منطقتي صلاح الدين وبوسليم، تمت السيطرة على مقرات جهاز دعم الاستقرار من قبل اللواءين 444 و 111.
وقام الجيش بسرعة بحسم الأمور وخسرت مليشيات دعم الاستقرار أغلب مقراتها في العاصمة، وخلال 3 ساعات قام الجيش بحسم الأمور والقضاء على المليشيات في طرابلس وإنهاء نفوذها في المنطقة التابعة لحي أبو سليم.
زمن المليشيات ولي
عقب توقف الاشتباكات، أعلن رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، 13 مايو/أيار 2025، تمكن وزارتي الداخلية والدفاع من بسط الأمن في العاصمة طرابلس.
ووصف ما جرى بأنه "يُشكل خطوة حاسمة نحو إنهاء المجموعات غير النظامية، وترسيخ مبدأ ألا مكان في ليبيا إلا لمؤسسات الدولة، ولا سلطة إلا للقانون"، ما يشير إلى أن ما حدث كان مُخططا سابقا.
وشدد الدبيبة، في لقاء آمر اللواء 444 قتال محمود حمز"، ووزير الداخلية عماد الطرابلسي، ووكيل وزارة الدفاع عبد السلام زوبي، ومدير الاستخبارات العسكرية على أن "زمن الأجهزة الأمنية الموازية قد ولّى".
قال: "لا مكان في ليبيا إلا للمؤسسات النظامية من جيش وشرطة فقط"، و"لا شرعية لأي كيان مسلح خارج لوزارة الدفاع والجيش الليبي، ولا يُستثنى منها أحد.
وقد أصدر رئيس الوزراء، عبدالحميد الدبيبة، حزمة قرارات حاسمة يوم 13 مايو 2025، ضمن إجراءات فرض هيبة الدولة وبسط سلطة القانون.
مؤكدا أن لا مكان بعد اليوم للفوضى أو التجاوزات، وأن المهام الأمنية منوطة حصرا بالمؤسسات النظامية للدولة.

هل تندلع حرب أهلية؟
عقب الاشتباكات التي تكررت مرتين أثير سؤال: هل تنجح خطة الدبيبة ويجرى السيطرة على المليشيات المتعددة في طرابلس وتوحيدها تمهيدا لبدء مرحلة توحيد شطري ليبيا وإجراء انتخابات؟
أم أن استمرار تسلح هذه المليشيات ووجودها، وتوقع تدخلات خارجية، قد يؤدي لعودة الحرب الأهلية وتعقيد المشهد العسكري والسياسي بالعاصمة وليبيا ككل، خاصة أنه كلما تهدأ الاشتباكات، تعود وتتجدد؟
"رغم أن مقتل الككلي (غنيوة) كان بداية لاشتباكات أوسع، وتحركت مليشيات موالية له للثأر، وتعرضت العاصمة لأضرار بسبب تبادل النيران، لكن وزارة الدفاع حسمت الأمر لصالحها، ما قلص من فرص حرب أهلية، هذا ما قاله صحفي ومحلل ليبي لـ "الاستقلال" مفضلا عدم ذكر اسمه.

لكن رغم إعلان الوزارة وقفا لإطلاق النار ونشر قوات لضبط الأمن، استمرت الاشتباكات بشكل متقطع، في غرب وجنوب العاصمة وتحركات مجموعات مسلحة من خارج طرابلس معادية لحكومة الدبيبة.
واعترف مسؤول في وزارة الداخلية بـ "حرب شوارع" ومواجهات "بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة داخل الأحياء بشكل متقطع"، مشيرا إلى أن الأسلحة الثقيلة تستخدم لاستهداف المقار العسكرية للأطراف المتنافسة.
كما خرجت مظاهرات معارضة للدبيبة وتطالب بإقالته وأخرى مؤيدة له.
ماذا يعني تدخل "الرئاسي"؟
كان التطور الأكثر أهمية هو رفض "المجلس الرئاسي"، قرارات الدبيبة وتجميد ما صدر عن حكومة طرابلس، وإصدار قرار بوقف شامل لإطلاق النار بجميع المناطق وإجبار كل الوحدات العسكرية على العودة لمقارها فورا.
قرار المجلس الرئاسي، صدر بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، وبرر تجميد قرارات حكومة الدبيبة بـ "أنها متعلقة بـإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية وتكليف شخصيات بمهام عسكرية أو أمنية، وتلك الصلاحيات تتجاوز حدود الاختصاصات الانتقالية للحكومة".
وترتبط الأجهزة التي استهدفتها الحكومة بقراراتها بشخصيات مقربة من "الككلي" الذي دعمها في الوصول إلى مناصب حساسة، مثل أسامة طليش الذي ترأس هيئة أمن المرافق والمنشآت المسؤولة عن تأمين المقار الحكومية.
ولطفي الحراري الذي قاد جهاز الأمن الداخلي، وكلاهما من معاوني الككلي في قيادة جهازه، ويُعتقد أن كلاهما فرا من طرابلس.
ويرى الصحفي الليبي أن المظاهرات التي قام بها أنصار غنيوة والتي طالبت برحيل حكومة الدبيبة، وتصدي الأمن لها زادت من الاحتقان، لذا تدخل "الرئاسي" للتهدئة.
خاصة أن "المنفي" خرج لتوه من معركة مع مجلس النواب الليبي، حسبما أوضح تقرير سابق لـ "الاستقلال".

ما دور حفتر؟
لا يوجد دور لحفتر أو جيشه في الصراع داخل طرابلس، لكنه يشجع هو والإمارات أي صراعات داخلية في طرابلس، ويسعى لتغذيتها ليبقى جيشه هو الأقوى والمسيطر.
ولأن عين حفتر على العاصمة طرابلس، وسعى لغزوها مرتين عامي 2019 و2021 ولايزال يتحين الفرصة، فقد حرك قوات قليلة قرب طرابلس.
تحركت آليات عسكرية ثقيلة تابعة له من بنغازي الى سرت، وتجاوزت أرتال عسكرية كبيرة قادمة من بنغازي معبر رأس لانوف وشوهدت وهي تتجه غربًا قرب العاصمة تحسبا للحظة انقضاض ما، وفق شهود عيان.
المصادر أكدت لـ "الاستقلال" أن هناك توقعات مسبقة لدى حكومة الدبيبة أن حفتر سيحاول استغلال أحداث طرابلس، ويحرك بعض القوات لإثارة البلبلة، خاصة أن لديه خلايا نائمة في الزاوية وترهونة.
وتردد أن هناك أسبابا جوهرية دفعت الدبيبة للتحرك لإنهاء نفوذ المليشيات المسلحة في الغرب، منها علمه بمحاولة خليفة حفتر إيصال أسلحة حصل عليها من كوريا الشمالية والصين، إلى مليشيا في الغرب بهدف خلق نفوذ عسكري له في المنطقة التي يسيطر عليها الدبيبة.
وأن هذه التحركات من جانب حفتر أزعجت الدبيبة، مما دفعه لعقد اجتماعات مكثفة مع وزارة الداخلية والجيش لترتيب عملية عسكرية تستهدف جميع المليشيات المسلحة المعارضة لحكمه في الغرب.
كما أن القضاء على "وكلاء حفتر" سوف يجبره على التفاوض، ويخلق مناخا سياسيا لبدء التفاوض حول الانتخابات الليبية وإنجاز مسار سياسي جديد في ظل استمرار الخلاف الحالي بين الشرق والغرب.
مع هذا قال محللون وصحفيون ليبيون عبر مواقع التواصل، إن الصور والمقاطع التي انتشرت عن تحركات لقوات حفتر جهة المنطقة الغربية وطرابلس، تحركها صفحات تابعة لمعسكر الرجمة ولا أساس لها من الصحة.
أكدوا أن مليشيات حفتر تمر بأوضاع صعبة وغير مستقرة بسبب توترات داخل معسكر حفتر، ومرور "برقة" بحالة من الغليان قد تؤدي خروج الأوضاع عن السيطرة.
إضافة إلى تأثرهم بفضيحة تعذيب النائب في البرلمان "إبراهيم الدرسي"، التي كشفت ديكتاتورية دولة أبناء حفتر.
وأكد موقع "أفريكا إنتليجنس" الاستخباراتي الفرنسي 13 مايو/أيار 2025 أن المحكمة الجنائية الدولية قد تتخذ إجراءات قانونية ضد المتورطين من أنصار حفتر، بسبب تسريبات النائب الدرسي، وأن المدعي العام كريم خان قد يصدر مذكرات توقيف بحقهم.
توقعات المستقبل
أهمية ما جرى أن طرابلس لم تخضع يومًا منذ ثورة 2011، لسلطة عسكرية أو مدنية موحدة، وبقيت العاصمة طوال سنوات خاضعة لتوازنات هشة بين مليشيات تتقاسم الوزارات، الموانئ، المراكز الأمنية، والمصارف، ما أضعفها وأثار أطماع حفتر ووكلائه في الخارج.
وقد جرت عدة محاولات لتوحيد المؤسسة العسكرية في الغرب، لكنها باءت بالفشل، لأن كل قائد مليشيا استمر في التحرك كأنه "رئيس ظل" لمنطقة نفوذه، وله سلطة تعلو أحيانًا على رئيس الحكومة نفسه.
دفع هذا الدبيبة لتقوية اللواء 444 ومن يواليه من قوى في الغرب الليبي (بعضها مرتبط بمدينة مصراتة) بهدف إعادة تشكيل موازين القوى العسكرية داخل العاصمة، وجاء قتل أو اغتيال غنيوة "رسالة" لمن تبقى من مليشيات.
"تم كسر شوكة أمراء الحرب التقليديين في طرابلس، وفرض واقع جديد يُقصي الشخصيات التي ترى في استمرار الفوضى مصدرًا للثروة والسلطة"، حسبما أوضحت "مصادر ليبية" لـ "الاستقلال".
وقد كتب الصحفي المختص بالشأن الليبي، علاء فاروق، يؤكد أن الأحداث الجارية في طرابلس تم التخطيط لها منذ شهر رمضان الماضي (أبريل 2025) بهدف ضرب التشكيلات المسلحة الخارجة عن سيطرة حكومة الدبيبة.
أكد، عبر فيس بوك، نقلا عن "مصدر أمني ليبي" أن القوات المشاركة في العملية شملت كتائب مصراتة وعلى رأسها: اللواء 63 بالإضافة إلى وحدات من الزنتان وقوات وزارة الداخلية وقوات إنفاذ القانون واللواءين 111 و444.
وأوضح أن رئيس جهاز الدعم والاستقرار، عبد الغني الككلي كان أحد الأهداف الرئيسة بسبب توسعه المالي وعلاقاته الخارجية، وتصاعدت الخلافات بين الككلي وحكومة الدبيبة حول السيطرة على المؤسسات المالية (النفط والاتصالات).
لذا وصف "فاروق" كل ما حدث بأن "هدفه إعادة تشكيل المشهد العسكري في طرابلس".
فوفق تقارير، كان غنيوة يحمي عبر رجاله نفوذاً يمتد إلى البنك المركزي، البنك الليبي الخارجي، وحتى المؤسسة الوطنية للنفط، لذا فالسيطرة على طرابلس تعني هنا السيطرة على المال والنفوذ معا.
لهذا يتوقع الصحفي الليبي عماد فتحي، مع سقوط غنيوة، وسقوط جهاز الردع، أن يكون هناك العديد من المتغيرات على المستوى المحلي والدولي.
ويتوقع حدوث تغيرات في المناصب الوزارية، والاجهزة الامنية، وضم التشكيلات المسلحة التي تم حلها، بـ وزارتي الداخلية والدفاع.
لكن مراقبين ليبيين يخشون أن تؤدي قرارات المجلس الرئاسي بإلغاء ما فعله الدبيبة إعادة تشكيل جهات أمنية، لعودة هذه المليشيات تنظيم نفسها، والدخول في معارك تهدد استقرار ليبيا وتُفشل خطط إجراء انتخابات وتعيين حكومة جديدة.
فريق رأى أن ما فعله الدبيبة كان يستهدف إجهاض نتائج اللجنة الاستشارية الدولية وتوصياتها بخصوص ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة مع يعني ترك منصبه.
وفريق آخر رأى أنه سيكون مضطرا الآن وبعد تصدي "الرئاسي" له إما علي الاستقالة أو الدخول في صدام، وسط مخاوف من سعي حفتر لاستغلال ما يجري ومحاولة غزو العاصمة للمرة الثالثة.
لكن فريق ثالث يرى أنه لا توجد خلافات كبيرة بين الدبيية والمنفي وأن قرارات الأخير ربما جاءت لامتصاص غضب أنصار غنيوة المقتول ومنع الاشتباكات، أي أن قرارات المنفي للتهدئة وليس التصعيد مع الدبيبة الذي حسم الأمور لصالحه.
فأي السيناريوهات سوف تشهده ليبيا؟
من هو "غنيوة" المقتول؟
كان عبد الغني الككلي، هو أحد أبرز الوجوه الصاعدة من رحم الفوضى الليبية، وبنى سلطته من خلال تحالفات معقدة واستفاد من "شرعنة" الدولة لجهازه الأمني في التحول لأداة نفوذ بالسلاح أكثر من القانون.
تحول من قائد مليشيا إلى رجل نفوذ سياسي واقتصادي، عبر السيطرة على قطاعات حيوية مثل النفط، الاتصالات، والكهرباء، تمكن من فرض رجال موالين له في مناصب حساسة.
وكان غنيوة يجيد اللعب على التوازنات الدقيقة بين أجهزة الدولة الضعيفة والمليشيات المتنفذة، معتمدًا على حضوره في منطقة أبو سليم، إحدى أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان والمسلحين في طرابلس.

لذا تحول "جهاز دعم الاستقرار"، ليصبح أحد أكبر التشكيلات المسلحة في طرابلس، ويمتلك نفوذاً واسعاً عبر شبكة من المسلحين والعتاد والمعسكرات في منطقة أبوسليم، وامتد نفوذه إلى مناطق غرب وشرق طرابلس.
بل وأدار العديد من السجون الخاصة والمهام الأمنية المتنوعة، وورد اسمه مرات عدة في تقارير خبراء الأمم المتحدة في ارتكاب انتهاكات واسعة، بما في ذلك تورطه في عمليات الهجرة غير الشرعية.
لهذا يصف محللون ما حدث بطرابلس بأنه "عملية جراحية لبسط نفوذ الدولة" والتخلص من أبرز زعيم مليشيا قوي.