رغم دعم الصهاينة للهند.. هكذا ثبتت باكستان أمام العدوان والكراهية الهندوسية

"ثمة تناغم بين الحركة الصهيونية والهندوسية المتعصبة “هندوتفا”، فكلاهما يُكِنّ الكراهية للمسلمين"
رغم أن الهند حاولت تبرير بدء عدوانها على باكستان، بحجة قتل "إرهابيين" من كشمير المحتلة، إلا أن هجومها الأول على باكستان تم ضد معهد ديني ومسجدين، وقتل فيهما 31 مدنيا باكستانيا وأصيب 46 آخرون.
أهداف الهند من الحرب بدت كأنها دينية هندوسية بحتة، وتستخدم نفس المفردات الإسرائيلية التوراتية، بصفتهما دولتي احتلال، تزعمان محارب "إرهاب إسلامي" لا مقاومة ضد محتل.
تحديد نيودلهي أهدافا "دينية" لحربها، ودهس علم السعودية في الشوارع؛ لأنه يحمل عبارة التوحيد، وكذا أعلام دول إسلامية غير باكستان مثل بنغلاديش، وحتى فلسطين، بالأحذية، كان مؤشرا آخر على الصبغة الدينية للحرب.
تقارير صحفية دولية رصدت هذا التعامل الديني مع الحرب وأرجعته لتولّي هندوس متطرفين ينتمون لحزب “بهاراتيا جاناتا”، الحكم، وعلى رأسهم رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وتخوفت من تحويل الصراع إلى "حرب نووية دينية"؛ إذ إن "مودي" هو مهندس مذبحة “اوتار براديش” في “غوجارات” عام 2002، والتي قُتل فيها مئات المسلمين، وهو مَن شجَّع على هدم المسجد البابري عام 1992، وبناء معبد هندوسي فوقه، وتعمَّد افتتاحه بنفسه عام 2024.
كما أن الاعتداءات على المسلمين من قبل الجماعات الهندوسية باتت شائعة في الهند منذ توليه السلطة عام 2014، دون أن يتلقى إدانة من حكومته التي ترفع شعار "أمة هندوسية خالصة"، أي خالية من المسلمين.
رموز حرب هندوسية
على الطريقة الإسرائيلية، حدَّدت حكومة "مودي" أهدافا دينية لتبرير العدوان، فقصفت بصواريخ وطائرات إقليم البنجاب الباكستاني وعدة مواقع في كشمير (الشطر الباكستاني) بحجة أنها بنية تحتية لـ"الإرهابيين الإسلاميين"، وزعمت "تدمير 9 معسكرات إرهابية". بحسب صحيفة "هندو" في 8 مايو/ أيار 2025.
وكالة “رويترز” نقلت عن مصدرين أمنيين في باكستان، أن معهدا دينيا في مدينة بهاولبور الباكستانية تعرَّض للهجوم الهندي، وقال مسؤول باكستاني لوكالة أسوشيتد برس: إن 13 قتلوا في القصف على مسجد بهاولبور.
وقد أدى الهجوم الدامي الذي وقع في مدينة باهالغام الخاضعة لسيطرة السلطات الهندية في منطقة جامو وكشمير -ذات الأغلبية المسلمة- المتنازع عليه مع باكستان، إلى تفاقم التوتر في العلاقات بين نيودلهي وإسلام أباد.
وقد أعلنت جماعة تُدعى " جبهة المقاومة" مسؤوليتها عن الهجوم الذي أشعل الحرب، لكنها تراجعت عنه لاحقا.
لكن مصادر هندية تقول: إن هذه الجماعة جديدة نسبيًا، لكنها امتداد لجماعة مسلحة شهيرة هي "لشكر طيبة" ، ومقرها باكستان منذ سنوات عديدة.
ورغم نفي باكستان أي تورط لها في الهجوم على الهندوس، يشير موقع “آسيا تايمز” إلى ظهور أدلة تؤكد أن هناك جهات في الجيش الباكستاني تدعم هذه الجماعة، ضمن المقاومة ضد الاحتلال الهندي بجامو وكشمير.
أيضا، وعلى الطريقة الإسرائيلية في اختيار أسماء "توراتية" لعمليتها العدوانية، أطلق الجيش الهندي على عدوانها العسكرية على باكستان، اسم (سِندور)، Sindoor.
وهو اختيار مُحمَّل بدلالات ثقافية ودينية عميقة، تتجاوز الطابع العسكري إلى الرمزية العقائدية.
ويقصد بكلمة "سيندور"، المسحوق الأحمر الذي تضعه النساء على مفرق الشعر، في إشارة إلى الانتماء الديني والزواج أو الحزن في الثقافة الهندوسية، ويشير هنا للانتقام لمن قتلوا في الهجوم ضد الهندوس في كشمير.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" حول "الرمزية وراء عملية سيندور الهندية" أن تعمد الجيش الهندي الإعلان عن تسمية هجوم بـ "عملية سيندور"، مع صورة جَرّة مليئة بمسحوق أحمر مسكوب، هي إشارة لبقع الدم.
أشارت إلى أن اختيار الحكومة الهندية هذا الاسم كان له هدفان: الأول، إرضاء الجماعات الهندوسية اليمينية، وأن رئيس الوزراء استمع إلى مطالبهم بالانتقام.
والثاني: إشارة إلى أن الهجوم "إيذان بِنِية نيودلهي الانتقام الديني للأرامل"، اللاتي قُتل أزواجهن في هجوم كشمير.
من جانبها، قالت صحيفة"إنديا توداي": إن هذا الرمز يشير أيضا لارتداء المحاربين الهندوس "تيلاك سيندور" بفخر، و"التيلاك" مسحوق آخر يضعه الرجال على جباههم، ومرتبط بالبركة والهوية الدينية.

صدمة الخسائر
رغم أن الضربة الأولى في الحرب كانت هندية، بالطائرات والمدفعية، لكنها أسفرت عن هزيمة مذلة لها، بعدما أسقطت باكستان 5 طائرات (3 رافال وواحدة سوخوي 30 وخامسة هندية الصنع من طراز جاغوار).
وقال رئيس وزراء باكستان "شهباز شريف": "كنا قادرين على إسقاط 10 طائرات هندية لكننا اكتفينا بخمس"، كما كشف وزير الدفاع الباكستاني، خواجه محمد آصف، لوكالة "بلومبيرغ" في 7 مايو، عن أسر جنود هنود.
واعترف مصدر أمني هندي، لوكالة الأنباء الفرنسية، أن ثلاث طائرات مقاتلة تحطمت على الأراضي الهندية وتم العثور على حطام اثنتين منها في الشطر الهندي من كشمير، والثالثة في ولاية بنجاب.
وكشفت تقارير عسكرية أن الطائرات الهندية لم تجرؤ على دخول المجال الجوي الباكستاني وقصفت من الجو، لكن الدفاعات الباكستانية ومقاتلات إسلام أباد الصينية J-10C، أسقطتها داخل أراضي الهند، ومنها طائرة على بُعْد 75 كم من الحدود، في عمق الهند.
وقد أثار لغز إسقاط باكستان لخمس طائرات مقاتلة هندية، وهي داخل المجال الجوي الهندي، الحيرة؛ إذ كيف يمكن استهداف طائرات معادية في عمق أراضي العدو، ومن مسافة بعيدة، دون حتى رؤيتها بالعين المجردة؟
لكن باكستان كشفت عن دور صاروخ PL-15 الصيني المتطور، ودور منظومة الدفاع الجوي الباكستانية، والطائرات الصينية في إسقاط هذا العدد الكبير.
وقال خبراء: إن أغلب المقاتلات الهندية أُسقطت بصواريخ جو- جو صينية الصنع من طراز PL-15، ويبلغ مدى هذا الصاروخ 200 كم، وهو مدى مخيف في المعارك الجوية.
ويبدو أنه أسقط المقاتلات الهندية، وهي داخل المجال الجوي الهندي، ما يشير لتطور القدرات الدفاعية الصينية وتكنولوجيتها في مواجهة التكنولوجيا الغربية مثل طائرات رافال الفرنسية.
وحين فشل هذا الهجوم الأول بالطائرات المقاتلة، وبادرت الهند باستخدام سلاح الطيران المسيّر، بطائرات "هاروب" الإسرائيلية، أعلنت باكستان أيضا إسقاط 25 طائرة مسيرة.
ما دفع محللين باكستانيين للقول: إن باكستان، بدعم صيني، أهانت الهند؛ لأنها أسقطت 5 طائرات في 12 ساعة (الهند اعترفت بإسقاط 3 فقط) وهو ما لم يحدث في تاريخ اشتباكات البلدين.

حرب نووية “دينية”
يرى محللون أن أحد عناصر الثبات والقوة الباكستانية هذه المرة، والتي أفشلت أهداف الحرب الهندية، هي السلاح النووي؛ إذ "تظل الترسانة النووية هي ضمانة باكستان النهائية ضد التفوق التقليدي الهندي"، بحسب تحليل نشره موقع "موردن دبلوماسي" في 7 مايو 2025.
فعلى عكس مبدأ "عدم الاستخدام الأول" الذي أعلنته الهند، حافظت إسلام أباد عمدًا على "الغموض الإستراتيجي"، واحتفظت بالحق في نشر الأسلحة النووية إذا تعرضت سيادتها أو بقاؤها للخطر.
وهذا الموقف، كرره وزير الدفاع خواجة آصف بعد هجوم "باهالجام" في كشمير وتوعد الهند بالرد بالحرب، وبفرض "حسابات وجودية على نيودلهي"، وفق "موردن دبلوماسي".
بعبارة أخرى، جعلت المخاطر الكارثية للتصعيد مزايا الهند التقليدية غير ذات جدوى، ما يحيد فعليًا قدرتها على ضرب الأهداف العسكرية الباكستانية الكبيرة.
وقد أشار تقرير سابق لـ "الاستقلال" لهذا، حيث تشير دراسة نشرتها مجلة "ساينس أدفانسز" إلى أن حربا نووية بينهما ستؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح، قد تصل ما بين 50 و125 مليون إنسان خلال أسبوع، أي أكثر من إجمالي عدد قتلى الحرب العالمية الثانية.
وبالمقابل أدى استغلال الهند دبلوماسية المياه، والتهديد بقطع نهر السند الحيوي عن باكستان لإحداث اضطرابات اقتصادية، لتضرر سمعة نيودلهي وأصبحت هذه الورقة "نقطة ضعف"، تستعد باكستان لاستغلالها.
أيضا نطاق الهجوم الهندي الأوسع بكثير، أثار انتقادات دولية؛ لأنه حين جرى تفجير انتحاري أسفر عن مقتل أكثر من 40 جنديا هنديا في كشمير عام 2019، ردت الهند وضربت موقعا باكستانيا واحدا بعيدا.
ورأى تحليل لموقع "آسيا تايمز" في 7 مايو أن مشكلة هذه الحرب أنها تأتي في وقت ينشغل فيه العالم بعدة حروب، لذا ما لم تضطر نيودلهي وإسلام أباد إلى تسوية هذه الجولة بنفسيهما، ستستمر الحرب وتتسع.
والمشكلة الأكبر أن الشاغل الرئيس لكلا الجانبين هو "التكلفة السياسية التي سوف يتكبدونها في حالة عدم اتخاذ إجراء عسكري"، ومن سيقرر الاستسلام أو التراجع أولا، قد يدفع ثمنا سياسيا باهظا.
وترى المحررة العسكرية لصحيفة "الغارديان" أنه من غير المرجح اندلاع حرب شاملة، "لكن التصعيد وتحول الأهداف وسط إبادة غزة وحرب أوكرانيا يشير إلى أن أزمة كشمير قد تتصاعد.

الدعم الإسرائيلي
عقب شنّ الهند الهجوم الأول على باكستان، انبري السفير الإسرائيلي في نيودلهي، "رؤوفين عازار"، ليؤكد عبر تويتر: "ندعم حق الهند في الدفاع عن نفسها"، ليؤكد الزواج الديني اليهودي الهندوسي في الحروب.
وعقب هزيمتها في اليوم الأول، بإسقاط باكستان 5 طائرات حربية لها، لم تجد الهند سوى طائرات مسيرة إسرائيلية لتقصف بها المدن الباكستانية.
وأعلن الجيش الباكستاني، في 8 مايو، أن الهند أطلقت طائرات هاروب إسرائيلية الصنع على مواقع متعددة في باكستان، منها مدينتي كراتشي ولاهور وتسبّبت في خسائر مادية، مؤكدا إسقاط 25 طائرة.
وتشتري الهند من إسرائيل ما قيمته حوالي 2 مليار دولار من الأسلحة كل عام، وهو ما يشكل أكثر من 30 بالمئة من إجمالي صادرات إسرائيل من الأسلحة، بحسب صحيفة “ذا دبلومات” في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وبعد حوالي أسبوع من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، أكدت صحيفة "إنديا توداي" الهندية في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن "200 من الهنود الهندوس استجابوا لنداء الجيش الإسرائيلي للخدمة وتوجهوا لمحاربة غزة".
وكان من بينهم "فيشنو غوبتا"، رئيس حزب "هندو سينا"، الذي برر ذهابه للحرب في غزة بقوله: "كلانا ضحية للإرهاب الإسلامي، ولهذا السبب كنا ندعم إسرائيل منذ البداية".
وأضاف أنه “كما استولى المسلمون على القدس، قاموا بغزو الأماكن المقدسة في الهند”.
ومع استعار الحرب، بدأ هندوس يتظاهرون في الهند ويعلنون تأييدهم لإسرائيل ويدعمون الإبادة الجماعية لغزة، وذهب بعضهم لسفارة إسرائيل في الهند لطلب منحهم الجنسية وتسليحهم لقتال المقاومة في غزة.
وقد شرح أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس، الدكتور خالد أبو الفضل، في بث مباشر على موقع يوتيوب، سبب قتال القوميين الهندوس إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة بأنه لـ "الاستمتاع بقتل المسلمين".
ويرجع تعاطف وتقارب هندوس الهند مع يهود إسرائيل؛ لوجود تناغم بين فكرتي الحركة الصهيونية والهندوسية المتعصبة “هندوتفا” التي يتبناها الحزب الحاكم "بهاراتيا جاناتا" بشأن العداء للمسلمين.
فضلا عن السعي لإقامة كليهما دولة "يهودية" وأخرى " هندوسية" خالصة في كل من إسرائيل والهند، بدون وجود المسلمين داخلها.