مستشار خامنئي يوجه "رسائل ودية" للإمارات لقبول احتلال جزرها.. ما مضمونها؟

"مثل هذه الأعمال التي تقومون بها لن تجلب لكم أي فائدة"
رغم عدم امتلاك إيران والإمارات حدودا برية مشتركة، إلا أن هناك نزاعا مستمرا منذ عقود بين البلدين على سيادة ثلاث جزر تقع في الخليج العربي.
ورغم مساعيها لتوسيع نفوذها الإمبريالي في دول عربية وإفريقية عديدة، إلا أن الإمارات مازالت تفشل في صون سيادة أراضيها واستعادة جزرها المحتلة من قبل إيران.
وفي السياق، استعرض مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، الدكتور علي أكبر ولايتي بمناسبة اليوم الوطني للخليج “الفارسي”، السياق التاريخي الذي يؤكد -من وجهة نظره- السيادة الفارسية الممتدة على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
وكشف في مقاله المنشور على موقع "جام جم" الإيراني عن دور بريطانيا في تأجيج النزاع بين إيران والإمارات بشأن السيادة على الجزر الثلاث، موجها "نصائح ودية" للإمارات.

نفوذ تاريخي
أشار الكاتب، في مستهل المقال إلى "قوة دارويس الأول، ملك الإمبراطورية الأخمينية (522-486 ق.م)، المعروف بـ (داريوس الكبير) الذي يعد أحد أعظم الحكام الفرس الذين وسعوا الإمبراطورية لتمتد من الهند شرقا إلى مصر وتركيا غربا".
وتفاخر بـ"سيطرة دارويس على مصر، وإصداره أوامر بحفر قناة مائية تربط البحر الأحمر بنهر النيل، لتبحر السفن الإيرانية من البحر المتوسط إلى إيران عبر مصر".
ورأى مستشار خامنئي أن "قوة الفرس في عهد دارويس الكبير تؤكد أن سيادة إيران على الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) لها جذور تعود إلى عصور الإمبراطوريات الأخمينية والأشكانية والساسانية، فخلال هذه الفترات، ساد النظام والأمن الإيراني على كامل مساحة مياه الخليج الفارسي وجزره".
وأكمل: "في عام 1948، احتلت الإمبراطورية البريطانية، بصفتها الوصية الرسمية على الإمارات، الجزر الثلاث بشكل كامل".
"ومع ذلك، لم تقبل أي من الحكومات الإيرانية آنذاك هذا الاحتلال حتى عام 1971، وظلت أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ضمن التقسيمات الإدارية لإيران"، وفق المقال.
وعزا المقال النزاع الحالي بين إيران والإمارات على الجزر إلى بريطانيا، التي قال: إنها كانت "تطمع منذ مدة طويلة في هذا الجزء الحيوي من إيران".
كما استعرض المقال بداية علاقة بريطانيا بالفرس والتعاون التجاري والعسكري المشترك بينهما في الخليج "الفارسي"، حسب تعبير مستشار المرشد الإيراني.
وأردف: "حيث أسست بريطانيا قاعدة تجارية تحت اسم شركة الهند الشرقية في بومباي، ومنذ بداية عصر الدولة الصفوية اقتربت بفضل إمكانياتها البحرية من سواحل إيران في بحر عمان والخليج الفارسي، وانخرطت في الأنشطة التجارية بهدف الاقتراب من هذه المنطقة المهمة والسيطرة عليها".
وأضاف: "عندما تولى الشاه عباس الحكم، تغلب في عام على الأوزبك وطردهم من خراسان، وهزم العثمانيين وأخرجهم من تبريز وأذربيجان، ونظم الشؤون الداخلية".
وتابع: "ثم شكّل جيشا كبيرا، بقيادة إمام قلي خان، لاستعادة جزيرة هرمز وبندر عباس من الاحتلال البرتغالي، ومن خلال دبلوماسية قوية، تحالف مع نائب الحاكم البريطاني في شركة الهند الشرقية، فهزمت القوات البريطانية البحرية والقوات الإيرانية البرية البرتغاليين".
"وبذلك، كانت إيران الدولة الوحيدة التي طردتهم واستعادت الخليج الفارسي"، وصف ما أورده علي أكبر ولايتي.
واستدرك: "في عصر القاجاريين، وبسبب عجز سلالة القاجار عن إدارة البلاد، خاصة في عهد ناصر الدين شاه، وزيادة نفوذ شركة الهند الشرقية الاستعمارية في الهند؛ احتل البريطانيون جزر أبو موسى ورفعوا عليها علمهم، وفشلت محاولات رفع العلم الإيراني عليها".

الفخ البريطاني
وينتقل مستشار خامنئي بعد ذلك للقرن العشرين، وقال: "عندما احتل البريطانيون السواحل الجنوبية للخليج الفارسي، نصبوا في كل منطقة شيخا عربيا للحكم، في الإمارات والبحرين والكويت وغيرها، حتى عام 1971، عندما قررت بريطانيا إخلاء جميع قواعدها شرق المتوسط".
وأضاف: "وقد سلموا أبو موسى، التي كانت جزءا لا يتجزأ من إيران، إلى الشارقة، التي كانت في نزاع مع باقي الإمارات".
وأردف: "ثم "بعد انسحاب البريطانيين من المنطقة، نشأت الإمارات المختلفة بحكم الأمر الواقع، وبدأ الشيوخ العرب يتنقلون من وإلى الجزر الثلاث".
وبحسب مستشار خامنئي: "استمر هذا الوضع حتى عهد الشاه الثاني؛ حيث طلب البريطانيون من الشاه فصل البحرين عن إيران، مقابل إعادة الجزر الثلاث إلى إيران".
وزعم أن الشاه "وافق على ذلك الأمر بالفعل، ومنذ ذلك الحين أصبحت قضية الجزر محل نزاع بين إيران والإمارات، رغم أن البريطانيين قالوا إنه إذا تخلت إيران عن البحرين، فلن تطالب الأطراف المقابلة بالجزر الثلاث".
كما ادعى أن "جميع الأدلة، بما في ذلك الخريطة الجغرافية الموجودة في وثائق وزارة الدفاع البريطانية في القرن التاسع عشر، والتي حصل عليها أحد الإيرانيين الوطنيين من البريطانيين ويوجد نسخة منها الآن في وزارة الخارجية الإيرانية؛ تثبت اعتراف البريطانيين بأن هذه الجزر تابعة لإيران".
واستدرك: "لكن البريطانيين، الذين يمتلكون تاريخا حافلا بالخداع والتجاوز والقهر، أعدوا نص اتفاق لتسليم الجزر إلى إيران لم يتضمن قبولا واضحا من الإمارات، مما جعل القضية كالجرح المفتوح، واستمرت الإمارات في ادعائها بهذا الشأن".
وذكر أن "أمير خسرو أفشار، سفير إيران في بريطانيا آنذاك، بذل جهودا كبيرة لتقديم الملف القانوني للجزر، الذي كان قويا وغير قابل للنقض، إلى الأمم المتحدة لإقراره هناك، لكن ليبيا، بصفتها ممثلة العرب، قدمت شكوى ضد إيران، مما أحبط هذه الجهود".
وتابع: "بعد الثورة الإسلامية، أصرت إيران على حقوقها، وبعد فشل هجوم صدام حسين على إيران، وهزيمته في غزوه للكويت، أقر صدام في آخر رسالة له إلى هاشمي رفسنجاني بأن اتفاقية 1975م (اتفاقية الجزائر) صحيحة، وأن الحدود المائية بين إيران والعراق تمتد 800 كيلومتر، أي حتى مضيق هرمز الذي يتبع العراق".
واتفاقية الجزائر عام 1975 هي معاهدة بين إيران والعراق بوساطة الجزائر، رسمت الحدود بين البلدين في مياه أروند رود.
وبحسب مستشار المرشد الإيراني: "لم تكن للإمارات في عهد صدام أي مشكلة بشأن الجزر، لكن بعد حرب الخليج، وبدأت الإمارات تطالب بالجزر، وفي آخر قمة للقادة العرب في العراق في عهد صدام، احتج صدام على الشيخ زايد بشأن هذه القضية".
واستنادا إلى تلك الوقائع، خلص ولايتي إلى أن "بريطانيا والولايات المتحدة، اللتين تسعيان دائما لاستخدام أي وسيلة ضد إيران، تحرضان الإمارات على هذا الطريق".

نصيحة ودية
ووجه مستشار خامنئي "نصيحة للإخوة الإماراتيين"، وصفها بأنها "ودية"، فقال: "لقد جربتم أنتم وجميع الدول خلال السنوات التي تلت الثورة الإسلامية قوة إيران مرات عديدة، ورأيتم أن إيران، كملاذ تقليدي لكم، دافعت دوما -ولا تزال- عن مسلمي السواحل الجنوبية للخليج الفارسي".
وتابع: "أصدقاؤنا العرب يعلمون أن إيران، منذ ما قبل الإسلام وحتى الآن، دعمت دائما دول جنوب الخليج الفارسي دون أي مطامع، وعندما هاجم أبرهة اليمن، طلب حاكم اليمن المساعدة من إيران، وقدمت إيران الدعم له، وكذلك فعل نادر شاه".
واسترسل: "والآن، نحن وأنتم، كدولتين مسلمتين، نقف دائما جنبا إلى جنب، ولا ينبغي أن تُدمر هذه العلاقة بتحريض من دولة ثالثة، من الأفضل أن نحافظ على حسن الجوار ونعززه دائما".
ونبّه أبوظبي إلى أن "النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة ينهار الآن، ومثل هذه الأعمال التي تقومون بها لن تجلب لكم أي فائدة".
واستطرد: "إسرائيل، رغم ارتباطها الوثيق بالغرب، خاصة الولايات المتحدة، تُركت الآن وحيدة، وإن شاء الله ستُزال هذه الغدة السرطانية قريبا، وحتى بريطانيا باتت تُهمل من قبل أميركا".
وأردف: "مع السياسات الجديدة للولايات المتحدة وروسيا والصين وإيران، يمكن القول إن قائد السفينة قد تبنّى سياسة جديدة، وتوازن القوى في العالم والمنطقة يتغير، ويتشكل عالم جديد سيكون مختلفا تماما".
مؤكدا أن "إيران تمضي قدما في هذا العالم الجديد بقوة واقتدار، وأن مواقف بلادنا مبنية على الاستقلال والاكتفاء الذاتي".
لافتا إلى أن إيران، بفضل قوتها الدفاعية التي لا مثيل لها، ستكون إحدى أكبر القوى الآسيوية، ودولة حاسمة على الساحة الدولية".
وعبر ولايتي عن "أسفه بسبب التقصير، خلال العقود الأخيرة، في إبراز أهمية الخليج الفارسي والعمل على مواجهة تزييف اسمه، خاصة في المجالات الإعلامية والتوعوية".
ودعا الجهات المسؤولة لـ "إبداء اهتمام أكبر بمسألة الثقافة والحضارة الإيرانية الإسلامية، في جميع المجالات التنفيذية والإدارية في البلاد".
وأضاف: "يمكننا من خلال التخطيط والإجراءات العملية والأنشطة الثقافية والإعلامية والتوعوية تعزيز القوة الناعمة لإيران في المنطقة".