بعد تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا.. أين وصل صراع الطاقة شرق المتوسط؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة تركية أن العدوان الإسرائيلي على غزة، منح تركيا ومصر فرصة لتوثيق التعاون وأوجد نقطة التقاء نادرة على مستوى السياسة الخارجية بين البلدين.

وقالت صحيفة "ستار" في مقال للكاتبة التركية "مروة أوزجان" إن أحد التأثيرات المهمة لتعزيز العلاقات بين البلدين هو خلق مجال للتعاون المشترك في مواجهة الهجمات المستمرة لإسرائيل على المدنيين في غزة لما يقارب العام الآن.

علاقات متقلبة

وسلطت الكاتبة الضوء على تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر، والتحولات والتطبيع في ظل صراع الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط

واستدركت: يعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر إلى عام 1925. وبحلول سنة 2025 ستدخل عامها المئة. 

وبينما يمكن الحديث عن بداية فترة جديدة من العلاقات، يمكن ملاحظة أنها اتبعت مسارا  متقلبا في إطار ديناميكيات فترة الحرب الباردة وفقا لمكاسب النظام القطبي القائم. 

ومنذ عام 1991 بدأت مع نهاية الحرب الباردة فترة جديدة في العلاقات بين البلدين. ومن المؤكد أن الفترة الأكثر إثارة للاهتمام كانت خلال حكم رئيس النظام الأسبق محمد حسني مبارك. 

إذ بدأت العلاقات في السنوات الأخيرة للحرب الباردة وتدهورت تدريجيا حتى دخلت في فترة من الركود بحلول عام 2011. 

ومنذ عام 2013 يمكن ملاحظة تدهور العلاقات إلى حد الانقطاع بسبب الانقلاب العسكري على الرئيس المدني محمد مرسي والأحداث التي تلت ذلك. 

خلال هذه الفترة، جرى تخفيض العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ونظام عبد الفتاح السيسي إلى مستوى الملحق الدبلوماسي.

صراع الطاقة

وأردفت الكاتبة: أدى توقف العلاقات بين البلدين إلى ظهور صراعات قوًى مختلفة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وتركيزها على إضعاف تركيا في هذا السياق. 

ولفتت بشكل خاص إلى مبادرة خط الأنابيب في الشرق المتوسط، التي أنشئت بدعم من الولايات المتحدة خلال فترة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في ظل زيادة الصراعات في مجال الطاقة والصراعات الإقليمية.

إذ تهدف مبادرة خط الأنابيب بشكل خاص إلى توصيل الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، وفي الوقت نفسه تسعى إلى استبعاد تركيا من هذا المجال. 

وفي عام 2020 حصلت مصر وإسرائيل واليونان وقبرص وإيطاليا والأردن على وضع رسمي من خلال منتدى الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط. 

وكما يمكن ملاحظته، جرى توزيع حقول الطاقة في إطار صراعات القوى الإقليمية والخارجية على حساب تركيا.

لم تقبل تركيا هذا الوضع في سياستها الخارجية، وعززت حقوقها وتأثيرها في المجال القانوني في إطار مبدأ "الوطن الأزرق".

وفي هذا السياق، يعد الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع ليبيا في عام 2019 مهما، حيث يتعلق بمناطق الاختصاص.

ففي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وقّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية آنذاك فائز السراج مذكرتي تفاهم بشأن التعاون الأمني والعسكري وتحديد مناطق الصلاحيات البحرية لحماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.

بالرغم من مصادقة الأمم المتحدة على الاتفاقية إلا أنها أثارت ردود فعل من الاتحاد الأوروبي ومصر واليونان والإدارة القبرصية الجنوبية على وجه الخصوص.

فبعد الاتفاق بين تركيا وليبيا، اتخذت اليونان خطوة لرسم حدودها البحرية مع مصر، متجاهلة حقوق أنقرة.

التوجه نحو التطبيع

ولكن توضح الكاتبة أنه في عام 2020 بدأت خطوات التطبيع في العلاقات بين البلدين تتشكّل تدريجيا. 

بداية، جرى تفعيل آليات العملية الدبلوماسية، وبعدها التقى زعماء البلدين خلال انطلاق كأس العالم بدولة قطر في نوفمبر 2022. 

وبحلول يوليو/تموز 2023، جرى تبادل السفراء بين البلدين. وبعد ذلك، تقدمت العلاقات في إطار حل المشاكل الإقليمية بناء على التطورات في غزة. 

وفي فبراير/شباط 2024 أجرى أردوغان زيارة رسمية إلى مصر، رد عليها السيسي بزيارة تركيا في سبتمبر/أيلول من نفس العام.

وتعلق الكاتبة بأن تبادل الزيارات يعد خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وبعد اجتماع مجلس التعاون الإستراتيجي على مستوًى عالٍ بين أردوغان والسيسي، جرى توقيع 17 اتفاقية في مجالات متعددة بدءا من الطيران المدني ووصولا إلى السياحة. 

وجرى الإعلان أيضا عن هدف آخر وهو زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 15 مليار دولار في غضون خمس سنوات.

وتابعت: من المهم أن نقرأ خطوات التطبيع التي جرت في سياق التطورات الراهنة، فالدول لا تعتمد فقط على مصالحها في سياستها الخارجية.

نقاط مشتركة

ولفتت إلى أن استخدام آليات مشتركة لحل المشاكل والاحتياجات الموجودة في النظام هو جزء من متطلبات السياسة الخارجية. 

ومن هذا المنظور، لم يتم إعطاء إشارات فقط ببدء عملية جديدة في سياسة شرق البحر الأبيض المتوسط، ولكن أيضاً جرى إصدار بيانات مهمة لتحقيق تحرك مشترك ورفع الصوت ضد الظلم في قضية غزة.

وأشارت الكاتبة التركية إلى أن إسرائيل تسعى إلى تعقيد عملية التهدئة في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بممر فيلادلفيا أو صلاح الدين، وهو مسار يقع على امتداد الحدود بين غزة ومصر.

وتهدف إسرائيل من خلال السيطرة على هذا الممر إلى ترسيخ وجودها في غزة، وفي الوقت نفسه قد تشكل هذه الخطوة تهديداً أمنياً للقاهرة. 

والسبب الرئيس وراء ذلك هو رغبة إسرائيل في توسيع منطقة الصراع وتعزيز سيطرتها على المنطقة، وفق الكاتبة.

ولفتت إلى أن عملية التطبيع بين مصر وتركيا تعد خطوة مهمة في ضوء السياسات الإقليمية والتهديد المستمر الذي تواجهه مصر على حدودها. 

فمن خلال توثيق العلاقات بين البلدين يمكن لمصر وتركيا تعزيز التعاون والتنسيق في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، بما في ذلك التهديدات الإرهابية والتدخلات الخارجية، وفق تقديرها. 

وتابعت: “كما يمكن للتطبيع أن يساهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة وتوثيق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين”.

إذ يتطلب تحقيق الاستقرار الشامل في المنطقة جهوداً مشتركة من جميع الأطراف، بالإضافة إلى التركيز على تعزيز التفاهم والحوار وحل النزاعات بطرق سلمية ووفقاً للقانون الدولي، كما قالت.