بسبب الحرب.. لماذا تتصاعد التخوفات من تحول السودان إلى حاضنة لتنظيم الدولة؟
على خلفية الحرب الدائرة هناك، حذرت صحيفة ألمانية من اتخاذ تنظيم الدولة السودان قاعدة جديدة لأنشطتها، في حال استمر الصراع فترة طويلة.
وقالت صحيفة "مينا واتش" إن هذا التطور سيكون خطيرا للغاية، بسبب سيطرة السودان على منطقة مهمة جيوستراتيجيا.
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023، تشهد ولايات سودانية اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، يتبادل فيها الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عن اندلاعها عقب توجّه قوات تابعة لكل منهما للسيطرة على مراكز تابعة للآخر.
والخوف من تحول السودان إلى قاعدة جديدة للتنظيم الإرهابي، قد يحفز عمليات الاغتيال الفردية الأخيرة التي تنفذها الولايات المتحدة ضد أفراد التنظيم في سوريا.
وهو ما من شأنه أن يفاقم أزمة قيادة المنظمة الإرهابية ويخفض من معنويات أفرادها، ويدفعها إلى إيجاد ملاذات أخرى أكثر أمنا بالنسبة لها، وفق الصحيفة.
عمليات أميركية
توضح أن "العمليات الأميركية الناجحة الأخيرة ضد قادة تنظيم الدولة تتسبب في إضعاف المنظمة الإرهابية في سوريا، وربما تجبرها على الانتقال إلى دولة أخرى".
فمنذ أوائل أبريل 2023، نجحت عمليتان من العمليات الأميركية الثلاث في قتل اثنين من قادة التنظيم الرئيسين. بالإضافة إلى العملية الثالثة التي نتج عنها اعتقال مسؤول ثالث واثنين من مساعديه.
وصرحت القيادة المركزية الأميركية أخيرا بمقتل زعيم بارز في تنظيم الدولة كان مسؤولا عن التخطيط لهجمات في الشرق الأوسط، في غارة في شمال سوريا.
وحول العمليات الأميركية الأخيرة، أفادت الصحيفة بأن قوات الولايات المتحدة نفذت في 12 أبريل 2023، عملية في سوريا أسفرت عن توقيف نشاط حذيفة اليماني.
ويُذكر أن اليماني هو المسؤول عن تنفيذ عمليات هجومية لتنظيم الدولة بجانب اثنين من مساعديه، بحسب بيان صادر عن القيادة المركزية الأميركية.
وفي 4 أبريل 2023، أعلنت الولايات المتحدة إطلاقها ضربة عسكرية في سوريا، أسفرت عن مقتل زعيم التنظيم البارز خالد إياد أحمد الجبوري، الذي قيل إنه مسؤول عن التخطيط لهجمات في أوروبا وتركيا، بحسب القيادة المركزية الأميركية.
وبشكل عام، تذكر الصحيفة أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، شنت القوات الأميركية ما لا يقل عن 34 عملية ضد التنظيم في سوريا، وفق المصدر ذاته.
وفي ضوء هذه العمليات، ترى "مينا واتش" أن هذا التطور يعكس شيئين على وجه الخصوص.
أولا، تفاقم أزمة قيادة التنظيم، إذ فقد شخصيات مهمة من الصف الأمامي في العامين الماضيين نتيجة العمليات العسكرية الأميركية.
والانعكاس الثاني، في رأي الصحيفة، هو إستراتيجية واشنطن لاستهداف القادة الذين يخططون لـ"هجمات إرهابية" في أوروبا ومناطق أخرى، تهدف بها إلى منع حدوث المزيد منها.
وفي هذا الصدد، قال الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط ريان بول إن "العمليات الأميركية الأخيرة تظهر أن عمليات القتل الفردية لقادة التنظيم تميل إلى أن تكون أكثر فاعلية في خفض معنويات المقاتلين ومنع الهجمات الإرهابية على المدى القصير".
وأضاف: "يبدو أن شبكة المخابرات التي بنتها الولايات المتحدة في سوريا لاستهداف تنظيم الدولة أصبحت فعالة بشكل متزايد". وتؤكد الصحيفة الألمانية على ذلك، فمنذ أوائل عام 2022، ازدادت قوة الهجمات الأميركية ضد التنظيم في سوريا بشكل واضح.
وتبرهن على قوة شبكة المخابرات الأميركية باستذكارها مقتل العديد من أعضاء التنظيم البارزين، بما في ذلك مقتل رئيسه أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، فضلا عن العديد من أعضاء الصفوف الأمامية.
وبحسب ريان بول، فإن هذه الإستراتيجية تهدد وجود التنظيم الإرهابي على الأراضي السورية.
ملجأ جديد؟
وحول التهديد الجديد لوجوده، يؤكد المحلل السياسي المصري أحمد بان أن "التنظيم في سوريا يتعرض لتهديد من شبكة المخابرات الأميركية والهجمات المتتالية على قياداته".
ولذلك، يحذر بان من احتمالية دفع هذا الخطر للتنظيم إلى البحث على مكان آخر كقاعدة لأنشطته الإرهابية.
وفي تصريح لـ"مينا واتش" الألمانية، شدد على أن "التنظيم مثله مثل أي منظمة إرهابية أخرى، يسعى لبيئة منعدمة الأمن ومليئة بالفوضى السياسية".
وأضاف موضحا: "على سبيل المثال، إذا استمر الصراع على السلطة في السودان لفترة طويلة، وهو ما يُرجح نظرا لجهود الدول المختلفة لإجلاء رعاياها، قد يؤدي ذلك إلى اتجاه التنظيم للدولة الواقعة في شمال إفريقيا واتخاذها قاعدة مناسبة لأنشطتها".
ونظرا لأن الدولة السودانية تسيطر على منطقة مهمة جيواستراتيجيا، يرى بان أنه "في حال اكتساب التنظيم موطئ قدم هناك، سينتشر الوجود المتطرف في منطقة البحر الأحمر".
وأتبع: "هذا التطور الخطير قد يسمح للتنظيم الإرهابي بالسيطرة على الملاحة في أحد الممرات المائية الأكثر أهمية في العالم".
وفي نهاية التقرير، تحذر الصحيفة من أن "تنظيم الدولة لن يحتاج حتى إلى بناء وجودها على الأرض من الصفر، في حال تحقق هذا السيناريو".
ويعود ذلك إلى وجود خلايا بالفعل تنتمي للتنظيم على الأراضي السودانية، وفق الصحيفة.
فبحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية في يناير/كانون الثاني 2018، تلفت الصحيفة إلى هجوم خلية للتنظيم على حارس أمن سوداني في سفارة واشنطن.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قال مصدر استخباراتي سوداني لمنصة "إرم نيوز" الإماراتية إن "السلطات السودانية كانت تراقب وجود المئات من الأفراد الإرهابيين المنتمين لتنظيم الدولة في البلاد، معظمهم في العاصمة الخرطوم".
وتنقل الصحيفة الألمانية عن موقع "عين أوروبية على التطرف" أن تنظيم الدولة يمتلك عدة مراكز في إفريقيا يمكنه من خلالها غزو السودان.
وبحسب الموقع، تقع هذه المراكز تحديدا في جمهورية الكونغو الديمقراطية جنوبا ونيجيريا والساحل إلى غرب السودان.
وفي تقرير نُشر حديثا، حذر الموقع كذلك من أن "القتال الدائر في السودان يخلق فوضى ومساحات غير خاضعة للسيطرة السياسية يستغلها الإرهابيون"، وهو ما وصفه بأنه "تطور خطير للغاية".