مفاعل الضبعة.. كيف أثرت العقوبات على روسيا على إنجاز أول مشروع نووي في مصر؟ 

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت وكالة الأناضول التركية الضوء على مفاعل ضبعة، مشروع مصر النووي الإستراتيجي الأول المدعوم من روسيا، ومدى أهميته للقاهرة.

وكتب مصطفى دلاء في صفحة وكالة الأناضول الإخبارية تحليلاً عن أهمية المشروع وصعوبات تنفيذه لأسباب سياسية واقتصادية.

وقال دلاء: "أرسلت الوكالة الحكومية الروسية للطاقة الذرية (روساتوم)، في الأيام الأخيرة من شهر يناير (كانون الثاني 2023)، وفداً إلى موقع إنشاء محطة الطاقة النووية في منطقة الضبعة غربي مصر".

وبهذه الزيارة، أعطت روساتوم رسالة مفادها أنها ستواصل العمل في المشروع، على عكس الادعاءات بأن موقف مصر في الحرب الأوكرانية الروسية قد أثر على بناء محطة الطاقة النووية.

وصوتت مصر بـ "نعم" في الجمعية العامة للأمم المتحدة لفرض عقوبات على روسيا في مارس/آذار 2022 على إثر غزو أوكرانيا المستمر منذ فبراير/شباط من ذات العام.

وطالبت مصر روسيا وقتها "بالتوقف فورًا عن استخدام القوة العسكرية ضد أوكرانيا"، لكن موقفها تراجع قليلا لاحقا.

فبعد حوالي شهر، امتنعت مصر عن التصويت لتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، محاولةً إظهار موقف متوازن في الاستقطاب بين موسكو وواشنطن.

المفاعل الأول

وقد جرى البدء في إنشاء الوحدتين الأولى والثانية من مشروع مفاعل الضبعة للطاقة النووية عام 2022 بعد تأخير دام 5 سنوات.

ومن المتوقع وضع حجر الأساس للوحدة الثالثة من المفاعل النووي  هذا العام حيث ستكون أول محطة للطاقة النووية في مصر.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، جرى اتخاذ الخطوات الأولى لمشروع المفاعل النووي الأول في مصر في نطاق البرنامج النووي.

ووقعت حكومة النظام المصري آنذاك اتفاقية مع روسيا لمشروع مفاعل الضبعة للطاقة النووية، والتي قُرّر بناؤها في محافظة مرسى مطروح التي تمتد باتجاه ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في الجزء الغربي من القاهرة.

وتحدث الكاتب عن تكلفة مشروع مفاعل الضبعة، وهو أحد المشروعات العملاقة لمصر حسب قوله، ذاكراً أن قيمته تصل إلى 30 مليار دولار، منها 25 مليار دولار ستقدمها روسيا.

ومن المقرر أن تستكمل مصر سداد هذا القرض خلال 35 عامًا، بدءًا من عام 2029، بفائدة تبلغ 3 بالمئة.

كما ستحتوي محطة الضبعة للطاقة النووية، والتي تهدف إلى خدمة الدولة بـ 4800 ميغاواط من توليد الكهرباء، على 4 مفاعلات بمعايير أمان عالية وستعمل لمدة 60 عامًا، حسبما قال الكاتب.

وكان من المقرر أن يبدأ بناء المفاعل النووي في ديسمبر 2017 وتشغيل أول وحدة لها في عام 2024، لكنه بدأ في 2022 بعد تأخير دام 5 سنوات لأسباب مختلفة.

وأفادت الأنباء التي نقلتها صحيفة الدستور، إحدى الصحف المصرية المحلية، استناداً إلى تصريحات مسؤولي وزارة الكهرباء والطاقة المصرية؛ أنه سيجري تشغيل أول وحدة طاقة من مشروع مفاعل الضبعة عام 2029، تماشيا مع الاتفاقية المبرمة مع روسيا.

كما صرحت "شركة المياه والطاقة النووية الكورية" ضمن هيئة شركة الكهرباء الكورية الجنوبية (كيبكو)، التي شاركت في المشروع النووي المصري، أنها تهدف إلى استكمال الوحدة الأولى في عام 2028، ويتلوها جميع الوحدات الأربعة عام 2030.

وبدأ بناء أول وحدة في الضبعة في يوليو/تموز، وبناء الوحدة الثانية في نوفمبر من العام 2022.

ومع تأسيس الوحدة الثالثة لمشروع الضبعة المرتقب خلال العام 2023، سيكون كل ما تبقى هو إنشاء الوحدة الرابعة.

وعند وضع الأساس للوحدة الرابعة، سيجري تحديد المعدات اللازمة المختلفة التي ستشكل محطة الطاقة النووية وأحجام المفاعلات التي سيتم إنتاجها في روسيا.

ووفقًا لما جرى إعلانه في موقع روساتوم باللغة العربية على الإنترنت، أقيم حفل في منشآت الإنتاج بالقرب من مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، بمناسبة بدء إنتاج الفواصل لهيكل المفاعل الخاص بوحدة الطاقة الأولى في مفاعل الطاقة النووية المصرية في يونيو/حزيران 2022.

ووفقًا للاتفاقية بين مصر وروسيا، ستقدم موسكو الدعم اللازم للقاهرة لتدريب الكادر الذي سيعمل في محطة الطاقة النووية.

كما ستقدم روسيا الدعم لبناء منطقة تخزين الوقود النووي، فضلاً عن خدمة إجراء التشغيل والصيانة لمدة 10 سنوات لتشغيل محطة الضبعة للطاقة النووية. 

الأهمية والصعوبات

تقع مصر في منطقة شمال إفريقيا، وهي تلبي احتياجاتها من الكهرباء بفضل الغاز الطبيعي الذي اكتشفته في البحر الأبيض المتوسط. ويظن الكاتب أن سبب توجّه مصر نحو الطاقة النووية هو تنويع مصادر طاقتها.

وتُصنف الطاقة النووية على أنها طاقة نظيفة، على الرغم من خطر تسرب الإشعاع النووي، كما حدث في مفاعل تشرنوبيل في أوكرانيا عام 1986.

فمع زيادة الطلب على إنتاج الطاقة في البلاد، ستكون هناك أيضًا إمكانية لجذب الاستثمارات في المستقبل.

وبالإضافة إلى ذلك، وبفضل الكهرباء التي سيجري الحصول عليها من الطاقة النووية، ستزيد مصر أيضًا من حصتها من صادرات الغاز الطبيعي.

وعلى الرغم من أنَّ مصر هي أكبر منتج للغاز الطبيعي في القارة الإفريقية بعد الجزائر بإنتاج سنوي يبلغ 64 مليار متر مكعب، فهي تستطيع تخصيص حصة قليلة جدا من الصادرات نظرًا لاستهلاكها البالغ 60 مليار متر مكعب في توليد الكهرباء.

كما أن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق الدولية ومشكلة السيولة الحالية بالعملات الأجنبية في مصر تدفع إدارة القاهرة إلى تلبية احتياجات النقد الأجنبي وتقليل عجز الميزانية من خلال زيادة صادرات الغاز الطبيعي.

وبحلول عام 2035، من المقرر أن تشكل الطاقة النووية 3 بالمئة من موارد الطاقة في البلاد، حسب قول الكاتب.

لهذا السبب، يبرز مفاعل الضبعة للطاقة النووية كمشروع سينقذ مصر من هذه المشكلة على المدى المتوسط.

إذ سيزداد إنتاج الكهرباء وسيقل استهلاك الغاز الطبيعي للتصدير مع تفعيل هذا المشروع.

وبعد تشغيل مشروع مفاعل الضبعة للطاقة النووية، ستتمكن مصر أيضًا من تصدير الكهرباء إلى جارتها ليبيا، حيث يوجد خط توصيل كهربائي جاهز بين البلدين.

ويعتقد الكاتب أنّه من المتوقع أن تكون مصر في وضع يسمح لها بتصدير فائض الطاقة الذي ستحصل عليه بعد إنشاء مفاعل الضبعة للطاقة النووية إلى الدول العربية مثل السودان والسعودية والأردن والعراق.

وأشار إلى أن امتلاك إسرائيل، المجاورة لمصر، أسلحة نووية؛ وكذا إيران التي على وشك أن تكون من بين الدول التي لديها برنامج أسلحة نووية يمكن أن يشكل تهديدًا إستراتيجيًا لمصر.

ولهذا السبب، على الرغم من أن مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية له أغراض سلمية، فإن خطوات الطاقة في مصر جديرة بالملاحظة أيضًا، بحسب الكاتب. 

وبحسب قول الكاتب، هناك صعوبات جمة تنتظر مشروع مفاعل الضبعة للطاقة النووية بسبب العقوبات المستمرة ضد روسيا من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى وحلفائها بفعل الحرب الأوكرانية.

وفي هذا السياق، فإنَّ إدارة واشنطن تضغط على بعض الدول العربية لمنع التعاون العسكري والاقتصادي مع روسيا. وبذلك فقد علَّقت مصر المفاوضات مع موسكو بشأن الطائرات الحربية من نوع سو 35.

كما أن مشاكل مصر المالية قد تُصَعِّب عليها الوفاء بالالتزامات المالية التي ستؤدي إلى إحياء مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية.

وقد يحول ضغط أميركي جديد محتمل على مفاعل الطاقة النووية المصري دون تنفيذ المشروع، لكن يبدو أن كلا من القاهرة وموسكو مصممتان على تنفيذه على الرغم من كل أنواع الصعوبات.