غالانت يفضح أكاذيب نتنياهو بشأن فيلادلفيا.. وناشطون: أين الرد المصري؟

جعلت "إسرائيل" محور فيلادلفيا جزءا من المنطقة العازلة
في ظل تفاقم المأزق السياسي في إسرائيل وتصاعد الخلافات بين الحكومة والمؤسسة العسكرية، فجّر وزير الجيش الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، مفاجأة مدوية أثارت حالة من الجدل في تل أبيب.
وكشف غالانت في 22 أبريل/نيسان 2025، أن الصورة الشهيرة التي نشرها الجيش لنفق ضخم في محور فيلادلفيا جنوبي قطاع غزة، على الحدود مع مصر، كانت مضللة وكاذبة وغير حقيقية.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن غالانت قوله: إن النفق لم يكن موجودا في الأصل، وإن ما عثر عليه هو خندق عمقه متر واحد فقط، مؤكدا أن الصورة استخدمت حينها لتسويق وجود أنفاق في محور فيلادلفيا من أجل المبالغة في أهمية المنطقة ولتأخير صفقة تبادل الأسرى.
ومحور فيلادلفيا يفصل بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، على طول الحدود المصرية مع القطاع، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا؛ حيث نقطة التقاء الحدود بين الطرفين مع الأراضي المحتلة.
ويشكل المحور شريطا عازلا بين مصر والقطاع، ويبلغ طوله نحو 14 كيلومترا، وعرضه بضع مئات من الأمتار، وقد أنشئ عليه معبر رفح البري، الذي يمثل المنفذ الرئيس للغزيين على العالم الخارجي.
خلق الذرائع
وعقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأت "إسرائيل" بتطويق القطاع من جميع الجهات، وتشديد الخناق على المقاومة، وأصبح محور فيلادلفيا أحد أهم المناطق الإستراتيجية المستهدفة في الخطة الإسرائيلية لعزل كل المناطق عن بعضها.
واستهدفت قوات الاحتلال ضمن هجماتها المستمرة على القطاع المعابر الواقعة على محور فيلادلفيا؛ حيث تعرّض الجانب الفلسطيني من معبر رفح لهجمات إسرائيلية عدة مرات، وتمَّ قصف معبر كرم أبو سالم.
وجعلت "إسرائيل" محور فيلادلفيا جزءا من المنطقة العازلة بعد ادعائها استمرار تهريب الأسلحة عبره من سيناء إلى قطاع غزة، وهي مزاعم لطالما نفتها القاهرة والمقاومة الفلسطينية.
وتسبب احتلال المحور في فشل العديد من جولات المفاوضات، واتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو البقاء فيه ذريعة لعدم الذهاب نحو صفقة تنهي العدوان بالكامل.
وتعود الصورة التي كشف غالانت أنها مفبركة إلى أغسطس/آب 2024، حين نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، وزعمت تل أبيب حينها أنها اكتشفت نفقا ضخما للمقاومة الفلسطينية يبلغ ارتفاعه عدة أمتار ويتكون من 3 طوابق، وتعاملت معه على أنه "إنجاز كبير".
وأظهرت الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي، مركبة عسكرية وهي تخرج من النفق المذكور الذي لم يكن في الواقع إلا قناة عادية لتصريف المياه.
وقال غالانت: إن الغرض من نشر الصورة كان تأكيد أهمية محور فيلادلفيا وإظهار أهميته وكونه معبرا للسلاح إلى غزة، وهو ما يخالف الواقع.
وكان نتنياهو، قد أقال غالانت من منصبه كوزير للجيش في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قائلا إنه لا يثق في إدارته العمليات العسكرية الجارية. وإن "أزمة الثقة التي حلت بينهما جعلت من غير الممكن استمرار إدارة الحرب بهذه الطريقة".
وأكد غالانت أن قرار إقالته جاء نتيجة خلافات بشأن 3 قضايا، أولاها تتعلق بقضية التجنيد، فهو يرى أن كل من هو في سن الخدمة يجب أن يلتحق بالجيش، موضحا أن الخلاف الثاني يتعلق بإصراره على إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة بأسرع ما يمكن.
وقال: إن الخلاف الثالث يتعلق بإصراره على وجوب تشكيل هيئة تحقيق رسمية في ما حدث بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتأتي تصريحات غالانت في أعقاب تقديم رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، إفادة إلى المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية) للرد على قرار إقالته، وجه خلالها اتهامات لاذعة لنتنياهو.
وقال فيها: إنه رفض ضغوط نتنياهو لإصدار رأي مهني يقضي بأنه لا يمكن أمنيا لرئيس الوزراء أن يتواجد لفترات طويلة في مكان ثابت يعلمه الجمهور (المحكمة)، في ظل محاكمته بتهم فساد.
وأضاف بار: "نتنياهو أوضح لي أنه إذا حدثت أزمة دستورية، فيجب عليَّ أن أطيع رئيس الوزراء وليس المحكمة العليا".
وبالتزامن مع ذلك، فضح إعلام الاحتلال الفشل العسكري في غزة واستخدامه الأخبار المفبركة والمشاهد المضللة للتغطية على ذلك وتبرير استمرار مجازره.
فقد نشرت وسائل إعلام عبرية مشاهد لاشتباك عنيف مع مقاتلي المقاومة خلال مداهمة لإحدى البنايات في خان يونس جنوبي قطاع غزة في أثناء الهجوم البري عام 2024.
وأظهرت اللقطات المتداولة التي نشرها مراسل القناة "12" الإسرائيلية، لحظات تراجع مجموعة من جنود الاحتلال التابعة لـ"لواء غفعاتي"، بعد أن فوجئت بهجوم خاطف من مقاومين فلسطينيين.
وأسفرت ضربات المقاتلين الفلسطينيين عن وقوع إصابات في صفوف جنود الاحتلال الإسرائيلي، الذين بدا عليهم حالة من الهلع والارتباك خلال الاشتباكات الضارية.
وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي اعترافات غالانت عن فبركة مشاهد النفق، وعدوها دليلا على اعتماد الاحتلال على الصور الكاذبة والتضليل المتعمد لاستمرار الحرب واختلاق الأعذار لإفشال اتفاق وقف إطلاق النار.
وطالبوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #يوآف_غالانت، #خانيونس، #فلادلفيا، وغيرها، الجانب المصري بموقف حازم تجاه الاحتلال، محتفين بمقطع الفيديو الذي يظهر جسارة المقاومين في خان يونس.
فضائح الاحتلال
وعرض المحلل السياسي ياسر الزعاترة، الصورة التي ظهرت حينها في وسائل الإعلام، وأظهرت مركبة عسكرية تخرج من نفق قيل إنه يتكوّن من ثلاثة طوابق ويمتد لعشرات الأمتار تحت الأرض، موضحا أنها بحسب غالانت لم تكن سوى قناة لتصريف المياه.
ورأى أن شهادة رونين بار التي قدّمها للمحكمة العليا كانت أكثر فضائحية لجهة كشف الأهواء الشخصية لنتنياهو، وإرادته تحويل "الكيان" إلى دكتاتورية. مؤكدا أن نزاع المحتلين واحد من مقدّمات النهاية، كما تقول تجارب التاريخ.
ونقل أبو أسامة الجزائري عن أستاذ العلوم السياسية محمد غازي الجمل، قوله: إن تصريحات غالانت تكشف المدى الذي وصلت إليه الخلافات بين الحكومة والمؤسسة العسكرية والمعارضة، وتأتي في سياق استمرار التسريبات المتبادلة التي يسعى فيها كل طرف إلى تقويض موقف الآخر.
وأشار إلى قول الجمل، إن هذا المستوى من التصريحات يعدّ غير مسبوق، ويشير إلى مدى الاضطراب السياسي والأمني داخل دولة الاحتلال، ويتسق مع تحذيرات الرئيس الإسرائيلي ورئيس المعارضة يائير لبيد من مخاطر الحرب الأهلية والاغتيالات.
ولفت الجزائري إلى تأكيد الجمل، أن من شأن تصريح كهذا أن يضعف الموقف السياسي والإعلامي لحكومة الاحتلال، ويعزز موقف المعارضة الداعية إلى إتمام صفقة التبادل، ولو كان الثمن وقفا نهائيا للحرب.
وعلق محمد سعد الدين، على تصريحات غالانت قائلا: "بدأوا يفضحوا ببعضهم".
وتوقع نور الدين المغربي، أن نرى فضائح عسكرية قريبا داخل الجيش الإسرائيلي الذي وصفه بأنه “من ورق”.
وقال: "مش مستوعب عمق الشرخ اللي حاصل، جيش أصلا حوالي 75 بالمئة منه مكون من الاحتياط والبيانات الرسمية طالعة بتقول إن 60 بالمئة منهم لا يستجيبوا لأوامر التجنيد".
الكذب رافعة للحروب
وعن اعتماد الاحتلال التضليل لاستمرار العدوان، قال الصحفي المتخصص في الشؤون السياسية والتحليل الإستراتيجي وسام عفيفة: “مرةً أخرى، يُسدل الستار عن فصلٍ جديد من فصول الكذب في زمن الحرب، وهذه المرة من قلب المؤسسة العسكرية للكيان، وعلى لسان يوآف غالانت”.
وأضاف أن غالانت لم يخترع العجلة، بل سار على خطى أسلاف سبقوه في عالم التضليل الإستراتيجي؛ حيث يُصبح الكذب رافعة للحروب وذريعة للدمار.
وتوقع جهاد أبو لحية، تكشف مزيد من الأكاذيب التي سوّقها إعلامهم لتبرير الإبادة في غزة، متسائلا: “بعد هذا الاعتراف الفاضح، أما آن لهذا العالم الظالم أن يصرخ بصوتٍ عالٍ: كفى قتلا لأهلنا؟”
وقال الصحفي أحمد سرحان: إن الإعلام نصف المعركة أو أكثر، وأكاذيب العدو لن تتوقف عنا.
وأكد المغرد أنس، أن الكذب عبادة عند الإسرائيليين، فيما أشارت لمار القاضي، إلى أن الإسرائيليين "كذبوا على الله، وكذبوا على العالم".
موقف مصري
ومطالبة للقاهرة بموقف حازم تجاه الاحتلال، رأى الصحفي محمد جمال عرفة، أن اعتراف وزير الحرب الصهيوني السابق يحتاج لرد مصري عنيف على نتنياهو. واصفا ما كشفه وزير الحرب المقال بأنه "فضيحة كبرى".
كما رأى أيضا طاهر بن ثريا، أن هذه الاعترافات الرسمية من قلب حكومة الاحتلال تتطلب ردًّا مصريًا حازمًا، يكشف تلفيقات نتنياهو ويُحمّله مسؤولية استباحة الحدود المصرية بذرائع كاذبة!.
كمين خان يونس
وتعليقا على توثيق كاميرا لجندي إسرائيلي وقوع مجموعة من جنود الاحتلال بكمين للمقاومة داخل أحد المباني في خان يونس، قدم أحمد العربي المقطع إهداء لكل أولئك الذين كانوا ينشرون متسائلين لماذا لم نعد نشاهد أي عمليات للمقاومة.
ودعا الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق لتذكر أن الشاب الذي جابه وحده نصف فصيل عسكري إسرائيلي في إحدى معارك خان يونس، خاض معركة الدفاع عن شرف بلاده وأمته بلا خطوط إمداد ولا جوار داعم ولا ممرات إنسانية ولا مناطق آمنة ولا جسر جوي ولا بري ولا بحري.
وقال: إن كل ما كان يطالب به هذا الشاب أن أطعموا أهله وأطفاله وأبناء شعبه في غيابه، فقط، حتى لا يُشغله أنين أمعائهم عن هدفه وبوصلته وعن مجابهة عدوكم وعدوّه، ثم أخفض سقف طموحه إلى شربة ماء، فقط شربة ماء.
وأكد الصحفي عبدالعزيز الفضلي، أن جنود الصهاينة عندما يواجهون أبطال المقاومة وجها لوجه في غزة يفرّون منهم كالفئران، ويهجم أبطال القسام عليهم كأسود الشّرى.
وقال الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية: إن هذا المقطع “لا يريد الاحتلال أن تراه من معارك غزة”.
وأكد أنه "يكسر وهم التفوق.. ويفضَح جيش الاحتلال المتخبط العاجز، الذي يعوّض فشله بإرهاب المدنيين وقصف البيوت!.