إيران وروسيا من جهة والغرب من جهة أخرى.. هل تصبح السودان وليبيا ساحتي صراع مرتقب؟

منذ ٨ أيام

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع عبري عن وجهة إيران القادمة بعد "طردها من سوريا"، إذ تواصل طهران باستمرار “التخطيط لكيفية توسيع مجالات نفوذها” العسكري في الشرق الأوسط.

وسلط موقع "القناة 12" العبرية الضوء على العلاقة المتنامية بين طهران والجيش السوداني، خاصة في إطار الحرب التي يخوضها ضد مليشيا "الدعم السريع"، متسائلا عن "فرص أن تكون السودان محطة إيرانية لتوسيع نفوذها في المنطقة".

وكشف الموقع عن محاولة روسيا هي الأخرى تعزيز حضورها في الإقليم عبر بوابة السودان، حيث تضاعفت الأهمية الجيوسياسية للخرطوم بالنسبة لموسكو بعد خسارة ثقلها في سوريا.

وأوضح المساعي الروسية لتقوية نفوذها في السودان، مبينا “العائد الإستراتيجي” المتوقع لموسكو حال نجحت في تثبيت حضورها في الساحة السودانية.

في الوقت نفسه، أشار الموقع إلى شرق ليبيا بصفته الوجهة الرئيسة حاليا لروسيا، حيث استعرض الخطوات الأخيرة التي اتخذتها موسكو في إطار سعيها لتحويل شرق ليبيا إلى نقطة ارتكاز إقليمية دائمة تحت سيطرتها. 

موطئ إستراتيجي

وقال الموقع: "رغم الهزيمة القاسية التي تكبدتها إيران في سوريا عقب سقوط نظام الطاغية بشار الأسد، تواصل العمل على توسيع دائرة نفوذها العسكري في الشرق الأوسط".

وأضاف: "يبدو أن طهران حددت بالفعل الهدف التالي لها، والذي لا يبعد كثيرا عن إسرائيل، حيث تسعى للضغط من أجل تعزيز نفوذها في السودان، الدولة الموقعة على اتفاقيات أبراهام".

ووفق الموقع، فإنه "حتى قبل سقوط الأسد، وبالتزامن مع الضربة القاسية التي تلقاها حزب الله في لبنان من إسرائيل، بدأت إيران خلال الأشهر الأخيرة بالتواصل مع جيش السودان للحصول على إذن لإقامة ميناء عسكري في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، حسب وكالة بلومبيرغ في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2024".

ويعد هذا الميناء ذا فائدة كبرى لطهران، كما أوضح الموقع، إذ "يمنح إنشاء ميناء عسكري إيراني في قلب البحر الأحمر إيران موطئ قدم إستراتيجي ومهم في أحد أكثر المناطق حساسية وأهمية في الشرق الأوسط، وبالغة الأهمية بالنسبة لإسرائيل".

وأشار إلى أن إيران "جددت علاقاتها مع السودان عام 2023 بعد انقطاع كبير في السنوات الأخيرة".

وأفاد موقع "القناة 12" بأن “من أشكال هذا التقارب الحديث، قيام الحرس الثوري الإيراني منذ أشهر عديدة بتزويد الجيش السوداني بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، خاصة الطائرات الهجومية بدون طيار، التي تشكل عنصرا مهما للغاية في هذه الحرب”.

وذكر أن “شركات الطيران الإيرانية التابعة للحرس الثوري أقامت خط إمداد عسكري في الأشهر الأخيرة لرحلات شحن تهبط في بورتسودان، لتلبية الاحتياجات الأمنية للجيش السوداني عقب الاستيلاء على العاصمة الخرطوم من قبل الدعم السريع”.

ومن الناحية الإنسانية، أشار الموقع إلى “الوضع الكارثي” في السودان، قائلا: "بعيدا عن أعين معظم مواطني العالم، وخلافا للحروب في غزة ولبنان وأوكرانيا التي تستحوذ على معظم اهتمام الرأي العام، فإن الحرب في السودان تجرى وكأنها في عالم مواز".

وأضاف: "قُتل آلاف الأشخاص، وأُضرمت النيران في القرى، واغتُصبت النساء والأطفال، وشُرد الملايين من منازلهم داخل السودان وخارجه، ويعيش ملايين من سكان هذا البلد الضخم تحت ظل الحرب القاسية ويواجهون خطر المجاعة".

ضغط مكثف 

ولفت الموقع الانتباه إلى لاعب آخر يضع عينه على السودان، حيث إن "إيران ليست الدولة الوحيدة التي تتدخل في الشأن السوداني، وتسعى لتحقيق مكاسب إستراتيجية".

وأكمل موضحا: "فروسيا أيضا تدعم الجيش السوداني وتزوده بالوقود والذخيرة، كما تقوم تركيا بتزويد الجيش بطائرات مُسيّرة هجومية".

وتابع: "في البداية، بدا أن المتمردين من الدعم السريع في موقف متفوق، ولكن خلال الأشهر الأخيرة، ومع تقدم الحرب وتعزيز الجيش السوداني لتحالفاته، يبدو أنه في طريقه لتحقيق النصر".

وفي مقابل روسيا وتركيا، أشار الموقع إلى "الإمارات، بصفتها الداعم الأكبر للدعم السريع، مع دعم آخر من مجموعة فاغنر الروسية، والجنرال (الانقلابي) خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا".

وفسر هذا المشهد المتشابك قائلا: "يعتمد على شبكة من التحالفات الدولية التي تغذيها حاجة القوى الإقليمية لتوسيع نفوذها في السودان بشكل خاص، وفي إفريقيا بشكل عام، إلى جانب المكاسب الاقتصادية الكبيرة، مثل الحصة من سوق تعدين الذهب المزدهر في السودان".

وتابع: "وبهذا، لا تكون إيران الدولة الوحيدة التي تضغط لإنشاء ميناء عسكري في بورتسودان بدعم من الجيش السوداني، فقد كثّفت روسيا أيضا خلال الأشهر الأخيرة ضغوطها على الجيش السوداني وقائده عبد الفتاح البرهان للحصول على نقطة إستراتيجية في البحر الأحمر".

وأردف: "كانت روسيا قد اقتربت بالفعل من توقيع اتفاق لإنشاء الميناء في السودان، لكن الحرب التي اندلعت في 15 أبريل/ نيسان 2023 قلبت الموازين".

واستطرد: "مع انسحاب القوات الروسية من سوريا، رغم أن الانسحاب لا يبدو كاملا حتى اللحظة، تزداد حاجة الرئيس فلاديمير بوتين لنقاط ارتكاز إستراتيجية إضافية في الشرق الأوسط وإفريقيا".

أما عن الأهمية الإستراتيجية لهذا الميناء الذي تسعى موسكو لتدشينه، قال الموقع: "من المتوقع أن يحقق ميناء عسكري في بورتسودان هدفين في آن واحد، الحفاظ على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، والحفاظ على مسار إستراتيجي لتزويد القوات الروسية في الدول الإفريقية المختلفة".

وأضاف: "وفقا للتقرير الذي نشرته بلومبيرغ، عرضت روسيا على الجيش السوداني نظام دفاع جوي متطور من نوع S-400 كـ(هدية حسن نية)، مقابل دعم إنشاء الميناء العسكري في بورتسودان".

واستدرك: "ومع ذلك، ووفقا للتقرير، رفض الجيش السوداني قبول النظام، خوفا من فرض عقوبات قاسية من الغرب".

هدف جديد 

وبينما لا يزال المشهد في السودان غير واضح، فإن "أنظار روسيا تتجه إلى منطقة شرق ليبيا كـ(هدف رئيس جديد) في المنطقة، خاصة بعد انسحابها من سوريا"، كما أوضح الموقع.

وأكمل: "تركز موسكو تحديدا على المناطق الساحلية الإستراتيجية في مدينتي بنغازي وطبرق، لتكون موضع تمركز للجيش الروسي في حوض البحر الأبيض المتوسط".

ونقل الموقع عن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قولها إن "الجيش الروسي قد نقل في الأيام الأخيرة من سوريا إلى ليبيا، معدات عسكرية متقدمة وإستراتيجية".

وتابع: "من بين أمور أخرى، نقل الجيش الروسي -من سوريا إلى ليبيا- أنظمة الدفاع الجوي إس-400 وإس-300، بالإضافة إلى العديد من الطائرات المقاتلة والجنود، حيث سحب الجيش الروسي، خلال الأيام القليلة الماضية، المئات من جنوده من سوريا".

وأضاف: "من الواضح في الوقت الحالي أن الروس يبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على سيطرتهم على القواعد الكبيرة والإستراتيجية في طرطوس وحميميم والتي تشكل أهم طريق بحري وجوي لروسيا في المنطقة، مع التركيز على الطريق إلى إفريقيا".

ولفت الموقع إلى أن "روسيا ليست المرة الأولى التي تعمل فيها في ليبيا، فهي منذ عقد على الأقل تدعم عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا نظام حفتر".

وأردف: "وحتى وفاة زعيم مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين، كانت مجموعة فاغنر نشطة للغاية في ليبيا، وحتى الآن يُلاحظ وجود نشاط لـ(جيل المستقبل) من وحدة المرتزقة".

وأشار الموقع إلى تقرير نشرته قناة "سي إن إن" الأميركية، يوضح أن "روسيا تضغط على حفتر لمنحه قاعدة دائمة كبيرة في مناطقه على سواحل البحر الأبيض المتوسط".

واستطرد: "تأتي هذه الخطوة في ظل استعداد روسيا لاحتمال فشل المفاوضات بين الكرملين والقيادة الجديدة في سوريا حول الحفاظ على قواعدها العسكرية هناك".

واختتم الموقع تقريره بالقول: "ميناء عسكري لروسيا في بورتسودان على البحر الأحمر ليس كافيا، ويجب عليها من وجهة نظرها أيضا أن يكون لها ميناء عسكري مركزي في البحر الأبيض المتوسط، من أجل تحدي دول الناتو في جنوب أوروبا، مثل اليونان وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا".