الصحراء والتجسس و"صنصال".. ثلاثية تدهور العلاقات بين فرنسا والجزائر

منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

عادت التوترات السياسية والدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا إلى التصاعد من جديد، بسبب قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال وملف الصحراء الغربية.

واعتقل صنصال في مطار هواري بومدين بالعاصمة منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أثناء زيارته الجزائر وذلك عقب تصريحات صحفية أثارت الجدل.

وهذه ليست القضية الوحيدة التي تعكر صفو العلاقات، حيث ترى صحيفة جون أفريك الفرنسية أن ازدياد التوتر  يأتي أيضا بعد تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، المؤيدة للمغرب بشأن الصحراء الغربية، وسحب الجزائر لسفيرها في باريس. 

"محتال" فرنسي

ووصف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في 29 ديسمبر/كانون الأول 2024، بوعلام صنصال، بأنه "لص مجهول الهوية والأب"، حسب وصفه.

وجاء اعتقال صنصال بعد تصريحه لوسائل إعلام فرنسية عنه بأن مدنا جزائرية كانت في الأصل مغربية وجرى ضمها للجزائر من قبل الاستعمار.

ويواجه صنصال تهما وصفها تبون بأنها نتيجة تصرفاته "كمبعوث فرنسي"، والتي تسعى لتقويض وحدة الجزائر. 

وقال تبون مخاطبا فرنسا: "ترسلون محتالا غير معروف هويته وغير معلوم والده، ويأتي ليقول إن نصف الجزائر ينتمي إلى دولة أخرى".

وأثارت تصريحات تبون الكثير من الانتقادات حيث رأى البعض أن الحديث بهذا الأسلوب لا يرقى لأن يصدر من رئيس جمهورية.

وصنصال المولود لأب مغربي وأم جزائرية، يبلغ من العمر 80 عاما ويعد من أشد الناقدين للسلطة الجزائرية.

وهو محتجز اليوم بتهمة المساس بأمن الدولة، ويوجد في وحدة علاجية منذ منتصف ديسمبر 2024.

وتضيف جون أفريك أن الكاتب، الذي حصل على الجنسية الفرنسية عام 2024، ملاحق بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات.

وهذه المادة تعد "كل فعل يستهدف أمن الدولة وسلامة أراضيها واستقرار وعمل مؤسساتها بشكل طبيعي عملا إرهابيا أو تخريبيا".

وتقول الصحيفة إنه "بالنسبة لداعميه، لم يفعل الكاتب شيئا سوى ممارسة حرية التعبير، مما يؤكد أنه سجين سياسي وضحية لنظام قمعي". 

ونقلت عن اللجنة الداعمة للكاتب المعتقل قولها إن "النظام الجزائري يتجاوز حدودا إضافية من خلال المخاطرة بتعريض حياته للخطر".

ويشن الإعلام الفرنسي أخيرا هجوما على الجزائر على خلفية اعتقال صنصال، وهو ما عدته وكالة الأنباء الجزائرية دليلا إضافيا على "وجود تيار حاقد على البلاد، وهو لوبي لا يفوت فرصة التشكيك في السيادة الجزائرية".

تبون يهاجم فرنسا 

وبالعودة إلى خطابه أمام البرلمان، قال تبون: "أولئك الذين يقولون -في فرنسا- إنهم تركوا جنة للجزائر، يجب أن يعلموا أن 90 بالمئة من الشعب الجزائري كان أُميا عند الاستقلال".

وشدد تبون على أن "الاستعمار ترك الجزائر في حالة خراب، وعليهم الاعتراف بأنهم قتلوا وذبحوا الجزائريين".

وفيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي يسيطر المغرب على 80 بالمئة من أراضيها وتطالب بها جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، تذكر الصحيفة أن تبون رأى أنها "مسألة تصفية استعمار وحق في تقرير المصير".

وبحسب الصحيفة الفرنسية، يرى الرئيس الجزائري أن خطة الحكم الذاتي "تحت السيادة المغربية" التي تدافع عنها الرباط هي "فكرة فرنسية وليست مغربية". 

وفي هذا الصدد، تذكر أن الجزائر كانت قد سحبت سفيرها من باريس، نهاية يوليو/ تموز 2024، بعدما أعرب ماكرون، عن دعم قوي للمقترحات المغربية بشأن الصحراء الغربية، قبل أن يتوجه إلى الرباط في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول من نفس العام.

ووصفت الجزائر هذه الخطوة بأنها تجاوز غير مسبوق من قبل أي حكومة فرنسية سابقة، مما دفع تبون إلى إلغاء زيارة كانت مبرمجة إلى فرنسا.

وفي منتصف ديسمبر 2024، شهدت العلاقات أيضا توترا جديدا بعدما استدعت وزارة الخارجية الجزائرية، سفير فرنسا لدى البلاد، ستيفان روماتيه، لإبلاغه برفض السلطات القاطع لما عدته محاولات متكررة لاستهداف سيادتها.

وحسب ما نقلته صحيفة "المجاهد" الجزائرية الحكومية عن مصادر دبلوماسية وصفتها بالموثوقة، يأتي استدعاء السفير الفرنسي بالجزائر في أعقاب ثبوت المشاركة المباشرة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية وضلوعها في مخططات تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد.

وشددت الجزائر وفقا للمصدر نفسه، على أن "الأفعال الاستفزازية الفرنسية لن تمر دون رد مناسب".

وفي أول رد رسمي على خلفية استدعاء سفيرها في الجزائر، قالت فرنسا على لسان وزير الشؤون الخارجية، جون نويل بارو، في حديث لإذاعة " فرانس إنتير" المحلية إن الاتهامات "غير مؤسسة، ونتأسف لذلك" دون الدخول في تفاصيل الموضوع.

ويأتي هذا التطور بعد أيام من إعلان مصالح الأمن الجزائري تمكنها من إحباط مؤامرة تقول إنها “من تخطيط المخابرات الفرنسية لزعزعة استقرار الجزائر عن طريق تجنيد شاب جزائري نشأ في المهجر لتحقيق غاياتها العدائية”.