أزمة تزوير الانتخابات لصالح الحزب الحاكم بموزمبيق.. هل تقسمها لدولتين؟

"مناخ سريالي يسيطر على أزمة ما بعد الانتخابات التي اندلعت منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر"
أسفرت الاضطرابات في موزمبيق التي أعقبت الإعلان عن فوز حزب "جبهة تحرير موزمبيق" (فريليمو) الحاكم في الانتخابات التي أجريت في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، عن سقوط عشرات الضحايا.
وطيلة أشهر عاشت موزمبيق الواقعة جنوب شرق إفريقيا توترات متصاعدة وحالة من الفوضى نتيجة احتجاجات لأنصار المعارضة على ما عدوها “عمليات تزوير” لصالح الحزب الحاكم ومرشحه للرئاسة دانيال تشابو.
وفي تطرقها الى أبعاد هذه الأزمة، حذرت صحيفة إيطالية من سيناريو انقسام في البلاد التي كانت مستعمرة برتغالية لأربعة قرون في ظل سعي زعيم المعارضة إلى تشكيل حكومة موازية بينما يصر الحزب الحاكم على قمع الاحتجاجات.
وقالت صحيفة "نيغريسيا" إن مواعيد الافتتاح المرتقب للبرلمان الجديد وعقده لأولى جلساته في 13 يناير/ كانون الثاني 2025 وكذلك تنصيب الرئيس المنتخب تشابو في 15 من نفس الشهر، تأتي في ظل "مناخ سريالي" لأزمة ما بعد الانتخابات التي اندلعت منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر.

عنف وفوضى
وفي 23 ديسمبر، أدى تصديق محكمة موزمبيق الدستورية لنتائج انتخابات أكتوبر بتأكيد فوز الحزب الحاكم منذ عام 1975 إلى اندلاع موجة عنف دامية بعد خروج أنصار المعارضة للتعبير عن رفضهم لهذه النتائج.
وكان القضاة قد خلصوا إلى أن مرشح الحزب الحاكم تشابو نال 65 في المئة من الأصوات، بعدما أفادت نتائج أولية بحصوله على 71 بالمئة.
على الطرف المقابل، رأى زعيم المعارضة فينانسيو موندلين الذي حلّ ثانيا أن الانتخابات سُرقت منه في إشارة إلى أنها عرفت تزويرا، وبدورها أكدت عدة بعثات دولية راقبت الانتخابات وجود مخالفات.
وفي 25 ديسمبر، أعلن قائد شرطة البلاد برناردينو رافائيل هروب 6 آلاف سجين على الأقل من سجن شديد الحراسة في عاصمة البلاد عقب حدوث حالة تمرد.
وأضاف أن 33 سجينا لقوا حتفهم وأصيب 15 آخرون خلال مواجهة مع قوات الأمن، بعد احتجاجات جرى خلالها تدمير سيارات تابعة للشرطة، ومحطات، وبنية تحتية عامة.
فيما بلغت حصيلة الضحايا منذ اندلاع الاحتجاجات في أكتوبر الماضي 250 شخصا، وفق ما أفادت به منظمات مجتمع مدني محلية.
وكان من المقرر أن يكون يوم 30 ديسمبر تاريخ بداية مرحلة جديدة أعلن عنها زعيم المعارضة وكان من المفترض أن تشهد تصعيدا في وتيرة الاحتجاجات في إطار التعبئة ضد نتائج انتخابات 9 أكتوبر، لكن تم تعليقها مؤقتًا بناءً على طلب من المجتمع الدولي.
وتذكر الصحيفة أن منظمات إنسانية مختلفة، على غرار المؤسسات الدينية ومنظمة العفو الدولية والصليب الأحمر ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان، قد طالبت بهدنة لبضعة أيام للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها قوات الشرطة الموزمبيقية في قمع الاحتجاجات.

ردود فعل دولية
وانتقدت الصحيفة الإيطالية صمت المجتمع الدولي إزاء ما يحدث من اضطرابات وفوضى في البلد الإفريقي، مستثنية بعض المواقف "الخجولة" التي اتخذتها الولايات المتحدة وأيضا الاتحاد الأوروبي.
وجزمت بغياب أي تحركات توحي بإمكانية الوساطة الدولية وإنهاء الأزمة على الرغم من إعراب زعيم المعارضة عن استعداده للجلوس على طاولة الحوار مع الطرف الآخر، أي الحزب الحاكم لبدء مفاوضات جادة تستجيب لسلسلة من الشروط.
وكانت المجموعة البرلمانية لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية في البرلمان الأفريقي قد طالبت أخيرا من المنظمة التي تنتمي إليها والاتحاد الإفريقي بالتدخل العاجل، خصوصا وأن الاضطرابات المتواصلة منذ أكتوبر في موزمبيق تهدد اقتصاد واستقرار البلدان المجاورة، وفي مقدمتها جنوب أفريقيا.
وفي هذا الصدد، أرسل رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، وفدا رفيع المستوى إلى موزمبيق في الأيام الماضية للتباحث مع مسؤولي هذا البلد لتهدئة التوترات.
وأفادت الحكومة وجهاز العمليات والمخابرات الوطني المشترك بأن الوفد الذي يقوده مستشار الأمن القومي، سيدني موفامادي، يهدف "لإبراز التزام جنوب إفريقيا بإيجاد حل سلمي للمأزق الذي تشهده موزمبيق".

حكومة موازية
في الأثناء، أشارت الصحيفة إلى وجود تحركات وترتيبات على المستوى المحلي، وخصت بالذكر طرد الأهالي في منطقة ليوبو بمحافظة نامبولا، في شمال البلاد، محافظ المدينة الذي تم تعيينه من قبل حكومة فريليمو وانتخابهم مسؤولا آخر عوضه.
وفي نفس المحافظة وفي مناطق أخرى من البلاد، مثل زامبيزيا القريبة، أحرق محتجون مقرات الحزب الحاكم.
وكان زعيم المعارضة قد دعا مؤيديه إلى انتفاضة شعبية وكتابة نشيد رسمي جديد واختيار علم جديد للبلاد، فضلاً عن صياغة دستور جديد، وفق ما تنقل الصحيفة الإيطالية.
وترى أن هذه التطورات قد تشير إلى مقدمة لما يبدو أنها مرحلة جديدة في رفض نتائج الانتخابات وكذلك رفض تنصيب دانييل تشابو رسميا رئيسا للجمهورية.
أي تشكيل حكومة موازية، وإنشاء محكمة دستورية شعبية بحسب ما اقترحه زعيم المعارضة موندلين وتعيينه رئيسًا للجمهورية.
وبحسب تحليلها، هذه الخطوة لها هدفان، من ناحية، تجنب حمام دم قد ينجم عن هجوم مباشر محتمل ضد مقر رئاسة الجمهورية أثناء مراسم تنصيب تشابو في منتصف يناير.
ومن ناحية أخرى، تظهر للمجتمع الدولي مدى عدم شرعية المؤسسات "الرسمية" التي ستحكم البلاد دون تنصيب شعبي مصادق عليه بانتخابات حرة وشفافة.
وتشرح بأن ذلك من شأنه أن يضاعف من ضغط زعيم المعارضة على المجتمع الدولي مشيرة في نفس الإطار إلى المقابلة التي أجراها في الأيام الأخيرة مع شبكة "سي إن إن" باللغة البرتغالية، وعد خلالها تهنئة الحكومة البرتغالية للحزب الحاكم ومرشحه تشابو بالفوز في الانتخابات بالأمر المؤسف.
وكتب في منشور على فيسبوك" من المؤسف حقًا أن رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية البرتغالية أدليا بتصريحات تؤكد أو تهنئ حزب فريليمو ومرشحه بسبب النتائج الإشكالية للغاية والمضللة والمزورة التي أعلنتها اللجنة المركزية".
خلصت الصحيفة إلى القول إن البلاد تعيش أزمة لا تلوح لها نهاية في الأفق حتى الآن وتسير بها نحو حالة من الفوضى في ظل وجود مؤسسات رسمية بلا أي شرعية، وأخرى موازية تحظى بدعم شعبي قوي لكنها في الوقت الحاضر غير قادرة على قيادة البلاد.