"مدينة صواريخ تحت الأرض".. هكذا تستعد إيران لمواجهة أميركا

"تنازل إيران في قضايا السيادة والمصالح الوطنية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضغوط"
تتجه الأنظار حول العالم إلى التوتر بين الولايات المتحدة وإيران الذي يشهد تصعيدا خطيرا في الآونة الأخيرة، حيث أعلنت إيران عن استعدادها الكامل لمواجهة أي تهديد عسكري أميركي.
وفي هذا السياق، تقول صحيفة "سوهو" الصينية: إن إيران وضعت صواريخها على منصات الإطلاق في قواعدها تحت الأرض، ما يعكس مستوى التأهب العسكري العالي.
ويأتي ذلك في ظل تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشن ضربات جوية غير مسبوقة ضد إيران إذا لم توافق على اتفاق نووي جديد.
وفي الوقت الذي تعزز فيه إيران قدراتها الدفاعية، توضح الصحيفة أن هذا التصعيد يثير مخاوف دولية بشأن احتمال اندلاع حرب واسعة.
وبشكل عام، تحذر الصحيفة من أن التصعيد العسكري قد لا يقتصر على المنطقة، بل قد يؤثر أيضا على استقرار الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة.
قصف غير مسبوق
تبدأ الصحيفة الصينية تقريرها بالتأكيد على أن "حدة التوتر والصراع بين الولايات المتحدة وإيران تصاعدت بشكل كبير في الآونة الأخيرة".
إذ هدد الرئيس الأميركي ترامب بأنه "إذا لم توافق إيران على التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، فستتعرض لـ(قصف غير مسبوق)".
وهذا التهديد الصريح -على حد قول الصحيفة- يُعدّ استفزازا خطيرا لسيادة إيران.
وفي هذا السياق، تلفت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة كثفت قبل ذلك تحركاتها في الشرق الأوسط؛ حيث أنشأت قاعدة عسكرية على جزيرة في المحيط الهندي تبعد 3800 كيلومتر عن إيران.
إضافة إلى ذلك، تقول الصحيفة: إنها "نشرت ما لا يقل عن سبع قاذفات شبحية من طراز (B-2)، وهي القاذفة الإستراتيجية الشبحية الوحيدة في العالم، والتي تمتلك قدرات هجومية نووية هائلة، مما يجعل نوايا واشنطن تجاه إيران واضحة للغاية".

قوة إيران العسكرية
وفي مواجهة هذا التصعيد الأميركي، لم تتراجع إيران، بحسب ما ذكرته الصحيفة الصينية.
فهي تدرك جيدا أن "التنازل في قضايا السيادة والمصالح الوطنية الأساسية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضغوط والاعتداءات".
وردا على ذلك، كشفت إيران عما يُعرف بـ"مدينة الصواريخ تحت الأرض"، والتي تضم صواريخ باليستية محلية الصنع.
جدير بالإشارة إلى أن هذه الصواريخ قادرة على ضرب القواعد العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، بل وحتى تهديد أهداف داخل الأراضي الأميركية من الناحية النظرية.
وكذلك، تشير الصحيفة إلى أن الصواريخ الإيرانية تُعرف بأنها "المهيمنة المتنقلة" في الشرق الأوسط؛ حيث تمتلك أكثر من 3000 صاروخ متنوّع المدى، ويصل مدى بعض الصواريخ متوسطة المدى إلى 2500 كيلومتر.
بالإضافة إلى ذلك، بنت إيران شبكة واسعة من التحصينات تحت الأرض في جميع أنحاء البلاد؛ حيث يصل عمق بعض القواعد إلى 1500 متر، مما يتيح إطلاق الصواريخ مباشرة من داخل الكهوف والمخابئ تحت الأرض ويمنحها قدرة عالية على الصمود خلال الحرب.
وفي هذا الصدد، تلفت "سوهو" إلى أن "تحميل الصواريخ على منصات الإطلاق في هذه المرحلة هو رسالة واضحة من إيران إلى الولايات المتحدة".
وتحمل هذه الرسالة -وفقا للصحيفة- تأكيدا على "عزم إيران الحازم على الدفاع عن سيادتها الوطنية".
كما تحذر الرسالة واشنطن من أي "تحركات متهورة؛ إذ إن أي عمل عسكري ضد إيران سيقابل برد قوي".

مستنقع حرب جديدة
وبإلقاء نظرة على ردود الفعل على الصعيد الدولي، تبرز الصحيفة أن تصرفات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تلقى معارضة واسعة.
حيث إن إستراتيجيتها في ممارسة الضغوط القصوى على إيران لم تحقق الأهداف المرجوة، بل أثارت إدانة واسعة من المجتمع الدولي.
وقد أكّدت الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية مرارا أن "الحلول السلمية هي السبيل الوحيد للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة".
ومن جهتها، تواصل الصين الدعوة إلى حل النزاعات الإقليمية من خلال الحوار السلمي وترفض أي تصعيد عسكري من شأنه زيادة التوترات، مؤكدة أن "استقرار المنطقة يخدم مصالح جميع الأطراف".
أما على المستوى الإقليمي، تشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من الدعم الظاهري الذي تبديه السعودية والإمارات للولايات المتحدة، إلا أنهما تدرسان بعناية مصالحهما الخاصة ولا ترغبان في الانجرار إلى مستنقع حرب جديدة.
وبالنسبة لدول مثل العراق وسوريا، التي لا تزال تتعافى من تبعات الحروب السابقة، فهي تتطلع بشدة إلى التخلص من النفوذ الأميركي واستعادة سيادتها الكاملة، وفق ما ذكرته الصحيفة.
وفي هذا السياق، توضح الصحيفة أن "الولايات المتحدة إذا شنت بالفعل عملا عسكريا ضد إيران، فمن المرجح أن تغرق في مستنقع الحرب، وتكرر أخطاءها في أفغانستان والعراق".
مضيفة أن "إيران ليست دولة ضعيفة؛ إذ يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة، وتمتلك قاعدة صناعية متطورة وقدرة عسكرية لا يُستهان بها".
وهنا، تعكس الصحيفة أنه في حال اندلاع الحرب، ستشكل الصواريخ الإيرانية تهديدا خطيرا للقواعد العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط ولحاملات الطائرات الأميركية، وكذلك لحلفاء واشنطن، مثل إسرائيل.
علاوة على ذلك، تقول الصحيفة الصينية: إن "التداعيات المترتبة على الحرب قد تؤدي إلى اضطراب سلاسل إمداد الطاقة العالمية، مما قد يتسبب في تقلبات حادة بأسعار النفط ويلقي بظلاله السلبية على الاقتصاد العالمي".
وفي الختام، تحذر "سوهو" من أن "الصواريخ الإيرانية أصبحت اليوم جاهزة للإطلاق، مما يجعل من الضروري أن تتصرف الولايات المتحدة بحذر".
وفي الوقت نفسه، ترى الصحيفة أن المجتمع الدولي عليه أن يعمل معا لدفع الطرفين نحو حل النزاع عبر الحوار والتفاوض؛ لتجنب اندلاع حرب قد تهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره.