رغم العدوان على غزة.. لماذا يزداد تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر؟
"العديد من الحقول المصرية تعاني من تسرب المياه كما أنها تُستنفَد سريعا"
شهدت صادرات الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر، والتي بدأت عام 2020، نموا كبيرا خلال عام 2023، رغم الانخفاض في الشحنات الذي استمر فترة قصيرة بعد اندلاع العدوان على قطاع غزة، بسبب مخاوف أمنية.
ونشر موقع "المونيتور" الأميركي، مقالا للصحفي الإسرائيلي، ديفيد روزنبرغ، أوضح فيه أن العدوان على غزة "أدى إلى توتر شديد في العلاقات مع القاهرة".
واستدرك: "لكن ذلك لم يمنع صادرات إسرائيل من الغاز الطبيعي من الاستمرار في النمو".
حقائق أساسية
وقال الكاتب روزنبرغ إن "مصر تحتاج إلى الغاز لضمان الإمدادات المحلية وكسب العملة الصعبة من إعادة تصديره إلى أوروبا، في حين أن كلا من مصر وإسرائيل لديهما مصلحة في مواصلة العمل لتكونا مركزا للغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط".
وتوقع روزنبرغ أن تستمر صادرات الغاز "الإسرائيلية" إلى مصر في النمو، مع قيام شركات الطاقة في الكيان بتوسيع قدرات الإنتاج والنقل.
وألمح إلى أنه منذ الهجوم الإسرائيلي على قنصلية طهران في دمشق مطلع أبريل/نيسان 2024، والرد الإيراني اللاحق بهجمات صاروخية وطائرات بدون طيار على إسرائيل، "تزايد خطر نشوب حرب أوسع يمكن أن تعطل الإمدادات الإسرائيلية إلى حد كبير".
واستدرك أنه "مع ذلك، وباستثناء اندلاع حرب كبرى، فمن المرجح أن تستمر تجارة الغاز في التوسع بسبب الضرورة الاقتصادية لمصر والمصالح الجيوسياسية لإسرائيل".
وقالت شركة "نيوميد إنرجي" الشريكة في حقل غاز ليفياثان، وهو الأكبر في إسرائيل، إن صادرات الحقل زادت 28 بالمئة في 2023، أي إلى 6.3 مليارات متر مكعب.
وقفزت الصادرات من حقل غاز تمار الأصغر في 2023 بنسبة 75 بالمئة، أي إلى 2.38 مليار متر مكعب، رغم أن إنتاجه وصادراته تأثرت بشكل أكبر بالعدوان، وفقا لشركة "إسرامكو" الشريكة في حقل غاز تمار.
وقال روزنبرغ إن النظام المصري يخشى من أن 1.7 مليون من النازحين المتجمعين في قطاع غزة، على الحدود، قد يشقون طريقهم إلى الأراضي المصرية، أو أن تدفعهم إسرائيل إلى هناك.
وذلك إذا نفّذ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تهديده بغزو رفح، آخر مركز حضري متبقٍ في غزة لم تدخله بعد إسرائيل.
وإذا حدث ذلك، فقد حذرت مصر من أنها قد تعلق معاهدة السلام مع إسرائيل لعام 1979، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في فبراير/شباط 2024.
يذكر أن وزير خارجية النظام المصري، سامح شكري، عاد ونفى هذه الأنباء، قائلا إن "هناك بالفعل اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، وهي سارية على مدار الأربعين عاما الماضية وسنستمر في هذا".
تعويض الخسارة
وفسّر الكاتب ارتفاع الطلب المصري على الغاز "الإسرائيلي" رغم ضغوط إبادة غزة، بأن "الإنتاج المصري لا يستطيع تلبية الطلب المحلي".
وتعاني العديد من الحقول المصرية، وأبرزها حقل ظهر العملاق، من تسرب المياه كما أنها تُستنفَد سريعا، بحسب روزنبرغ.
وتابع أنه "ومع عدم وجود ما يكفي من الغاز لتوليد الطاقة، اضطرت السلطات إلى فرض انقطاعات دورية للتيار الكهربائي".
وأردف أنه "في أوائل أبريل/نيسان 2024، ذكرت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن مصر بدأت شراء الغاز الطبيعي المسال لتجنب النقص هذا الصيف".
وأضاف أن "مصر تشجع على المزيد من عمليات الاستكشاف، لكن الاكتشاف الأخير الوحيد كان على يد شركتي شيفرون وإيني، وهو عبارة عن خزان متواضع بسعة 100 مليار متر مكعب".
ومع تحويل إمدادات الغاز إلى الاحتياجات المحلية، انخفضت صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بأكثر من 75 بالمئة عام 2023، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.
هذا الانخفاض في الصادرات أدى إلى حرمان البلاد من العملات الأجنبية التي كانت في أمسّ الحاجة إليها، ولتعويض جزء من الخسارة، أعادت مصر تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، وفق روزنبرغ.
وذكر أن أزمة الدولار في مصر انحسرت في الأسابيع الأخيرة، بفضل تدفق الأموال من أبو ظبي وكذلك المنح والقروض من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
واستدرك: "ومع ذلك، فإن لدى مصر مصلحة طويلة الأمد في البقاء موردا للطاقة إلى أوروبا، ذلك أنها لا تزال بحاجة إلى الدولارات".
وهذا في الوقت الذي تحرص فيه أوروبا على الحصول على غاز شرق البحر المتوسط كبديل لإمدادات روسيا.
مصالح إسرائيلية
ومن جهة أخرى، فإن إسرائيل عازمة على زيادة صادرات الغاز إلى مصر.
ففي أغسطس/آب 2023، وافقت الحكومة على زيادة حصة تصدير تمار إلى مصر بنحو 38.5 مليار متر مكعب على مدار الـ11 عاما القادمة، وهو رقم تصاعد إلى 43 مليار متر مكعب في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وبعد تلك الموافقة، أعلن الشركاء في حقل تمار، في 16 فبراير/شباط 2024، أنهم حصلوا على اتفاقية جديدة لبيع الغاز مع شركة "بلو أوشن إنيرجي" المصرية، لبيعها 4 مليارات متر مكعب إضافية سنويا على مدار 11 عاما.
وبموجب العقد، ستبدأ الصادرات في الأول من يوليو/تموز 2025، كما بدأ الشركاء برنامجا لتوسيع الإنتاج في عام 2022 لزيادة الطاقة الإنتاجية بنسبة 60 بالمئة، أي إلى 1.6 مليار قدم مكعب يوميا بحلول عام 2025.
وأفاد روزنبرغ بأن الشركاء في حقل ليفياثان لم يحصلوا بعد على الضوء الأخضر لزيادة صادراتهم إلى مصر.
ومع ذلك، فقد أعلنوا في يوليو 2023، أنهم سيستثمرون 568 مليون دولار لبناء خط أنابيب ثالث لتسهيل الإنتاج والصادرات الموسعة التي تربط منصتها بمنشأة إنتاج تبعد 10 كيلومترات عن شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الأراضي المحتلة.
ومن المقرر أن يبدأ تشغيل خط الأنابيب في النصف الثاني من عام 2025، عندما يقفز الإنتاج في ليفياثان إلى 14 مليار متر مكعب سنويا.
وقال إيجال لانداو، الرئيس التنفيذي لشركة "راتيو"، وهي شريكة في ليفياثان: "إننا ندرس حاليا خيار تحديث البنية التحتية للنقل في الأردن، لنقل كميات إضافية من الغاز إلى الأسواق في الأردن ومصر".
ويرى الكاتب روزنبرغ أن خطط التوسع الإسرائيلية في إنتاج الغاز "ستواجه المزيد من الاضطرابات القصيرة حتى انتهاء القتال في غزة وعلى الحدود اللبنانية".
وتابع: "ورغم أن خطر حدوث مواجهة أوسع لا يزال قائما، إلا أنه يبدو أقل احتمالا مع مرور الوقت وانتهاء (القصف) الإسرائيلي على غزة".