مع عودة ترامب.. كيف ستتعامل الدول الأوروبية مع الحرب الروسية الأوكرانية؟

2 hours ago

12

طباعة

مشاركة

أثار فوز الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة ردود فعل مختلفة لدى الدول الأوروبية، فبينما تأمل حكومات في إقامة علاقات أقوى مع واشنطن، تنظر أخرى بقلق إلى عودة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض نظرا لعدم القدرة على التنبؤ بأفعاله. 

 ويرى معهد بحثي إيطالي أن نتائج انتخابات 5 نوفمبر/ تشرين الثاني، من شأنها أن تشكل نقطة تحول في أوكرانيا، في سياق عدم اليقين العام بشأن سياسة ترامب المستقبلية فيما يتعلق بالصراع الذي اندلع في فبراير/ شباط 2022 والمتواصل منذ أكثر من آلف يوم.

ويذكر معهد "تراكاني" في تقرير نشره على موقعه تطرق فيه إلى نهج الدول الأوروبية المحتمل في تعاملها مع هذا الصراع بعد عودة ترامب خاصة أنه أعلن في عدة مناسبات نيته العمل على تحقيق السلام في أوكرانيا، من خلال الدفع نحو مفاوضات بين كييف وموسكو. 

إلا أن المعهد الإيطالي يستبعد تحقق هذا الاحتمال بالنظر إلى فشل الطرفين المعنيين، موسكو وكييف، حتى الآن في اتخاذ خطوات ملموسة للأمام نحو حل الصراع.

وكانت أوكرانيا قد روّجت لخطة سلام من عشر نقاط في محاولة لإشراك المجتمع الدولي من أجل تحقيق مطالبها، إلا أن هذه المحاولة لم تحقق حتى الآن سوى نجاح محدود نظرا لغياب الطرف الآخر، روسيا وحليفتها الأكثر أهمية أي الصين التي كانت بدورها قد طرحت مقترحا لإنهاء الحرب. 

وكان ذلك بمناسبة مرور عام على اندلاع الصراع بنشر الحكومة الصينية تحديدا في فبراير 2023 مقترحا مكوّنا من 12 بندا دعت فيه كلا من موسكو وكييف إلى استئناف مفاوضات السلام.

فاعل جديد

في بداية التقرير، يرجح المعهد الإيطالي أن تؤدي عودة ترامب إلى البيت الأبيض والتي ستتم رسميا في يناير/كانون الثاني المقبل، إلى إدراج فاعل جديد في عملية التفاوض، لافتا إلى احتمال أن يؤدي ذلك أيضا إلى قيام الرئيس الأميركي الجديد بحشر شركائه الأوروبيين في الزاوية.

 خصوصا "أنهم لم يتمكنوا في السنوات الأخيرة من تولي زمام المبادرة بشكل كامل وتقديم رؤية مستقلة للصراع المندلع عقب العدوان الروسي على أوكرانيا"، وفق قوله.

وبالحديث عن موقع الدول الأوروبية من هذا النزاع، أشار إلى الاتصال الهاتفي الذي جمع منذ أيام قليلة المستشار الألماني أولاف شولتس  بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكان قد استمر نحو ساعة وهو الأول بين الاثنين منذ نحو عامين. 

لاحظ المعهد الإيطالي في تعليقه عن المحادثة عدم وضوح الأسباب الحقيقية وراء خطوة المستشار الألماني مشيرا إلى أنه يواجه صعوبات كبيرة في السياسة الداخلية بعد أزمة الأغلبية الحكومية وسط توقعات بإجراء انتخابات مبكرة في بداية عام 2025. 

وقد أدت المحادثة بين الزعيمين إلى تعرض المستشار الألماني لانتقادات شديدة من قبل الشركاء الدوليين، علاوة على ذلك لم تؤدّ إلى أي نتائج جديرة بالملاحظة، على حد تعبير المصدر الايطالي.

 بل على النقيض من ذلك، أشار إلى أن روسيا شنت بعدها قصفا عنيفا استهدف المدن الأوكرانية والبنية التحتية للطاقة في البلاد. 

فيما ازدادت الضغوط على شولتس للسماح لسلطات كييف باستخدام صواريخ كروز التي زودتها بها ألمانيا لضرب أهداف بعيدة المدى على الأراضي الروسية، وذلك بعد أن قرر الرئيس بايدن أيضا إعطاء أوكرانيا الضوء الأخضر بشأن تنفيذ هجمات في العمق الروسي.

أما التردد بشأن تزويد أكرانيا بأنواع معينة من الأسلحة، والذي لاح منذ المراحل الأولى للحرب من قبل حكومة برلين خاصة المستشار، عده الحلفاء الأوروبيون في كثير من الأحيان بمثابة عائق أمام الدعم المشترك لكييف. 

وقد كشف شولتس في مناسبات عدة عن نيته في عدم التسبب في تصعيد عسكري بين أوكرانيا وروسيا ودول حلف الشمال الأطلسي، وهو ما سلط الضوء على عقلية "خوف" أظهرها وعارضها شركاء الائتلاف الحكومي، خاصة حزب الخضر. 

وبحسب المعهد الإيطالي، واقع الأمر أن ألمانيا "الضعيفة" في الخارج والهشة في الداخل فقدت مركزيتها في عملية صنع القرار التي كانت تؤديها عن جدارة في عهد المستشارة أنجيلا ميركل. 

وفيما تكافح فرنسا بقيادة رئيسها إيمانويل ماكرون بدورها لإقناع بقية الدول الأعضاء بصلابة ومصداقية قيادتها، يتوقع تراكاني أن "تواجه أوروبا ولاية ترامب الثانية من خلال الاعتماد على بولندا التي برزت كفاعل الأكثر حزما في الاتحاد الأوروبي في أعقاب بداية الغزو الروسي لأوكرانيا". 

وقد مثل انتخاب رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا، دونالد توسك في الخريف الماضي ثقل إضافي لوارسو التي باتت تحظى حاليا بتقدير في بروكسل، على عكس سلفه ماتيوس مورافيتسكي.

فك الارتباط

وفي هذا الإطار، ذَكر المعهد بانعقاد الاجتماع الأول لوزراء خارجية الدول الأوروبية الرئيسة في العاصمة البولندية، بحضور وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا إلى جانب الممثل الأعلى المستقبلي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الإستونية كايا كالاس. 

وقد تمحور الاجتماع على وجه التحديد على مسألة دعم أوكرانيا وسط مخاوف من "فك ارتباط أميركي" تام تجاه كييف والشكوك حول الموقف الذي ستتخذه إدارة ترامب تجاه حلف الناتو.

وأكد المعهد أن أوكرانيا تدرك أنها تمر بمرحلة دقيقة للغاية من الصراع نتيجة التقدم الروسي المستمر على الصعيد العسكري في دونباس وخشية "تخلي" محتمل من واشنطن عن دعمها. 

وشكك في إمكانية أن يتخذ قادة الاتحاد الأوروبي "قرارا مهما" لمستقبل القارة بتقديم دعم أكبر لكييف قد تطالب به الأخيرة لتعويض التراجع المحتمل في الإمدادات والتمويل العسكري الأميركي.

وفي حال اتُخذ مثل هذا القرار، يشير المعهد إلى أن ذلك سيجعلهم أخيرا على موعد مع "احتضان الاستقلال الإستراتيجي" المثير للجدل الذي كان قد دعا إليه الرئيس الفرنسي ماكرون منذ سنوات والذي يعني خاصة تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.