بعد إلغاء اتفاقية الصيد البحري.. هل تحل الصين مكان أوروبا في الصحراء الغربية؟

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

مع إلغاء محكمة العدل الأوروبية في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 اتفاقية الصيد بين الرباط والاتحاد الأوروبي، زادت الصين من استثماراتها في قطاع الصيد البحري بالمغرب. 

وقالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية إن “قرار الإلغاء أثار غضب المغرب وعدة دول أوروبية مثل إسبانيا التي تعتمد بشكل كبير على الصيد في المياه المغربية”.

تعزيز العلاقات

وفي هذا الإطار، عكست المجلة الفرنسية “تحولا في ديناميكيات السيطرة على الموارد البحرية في إقليم الصحراء الغربية”.

ورأى أن “الصين تستغل الفرصة لتعزيز وجودها الاقتصادي في المنطقة، بينما يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة للحفاظ على شراكته مع المغرب”.

وعبر النائب الأوروبي الإسباني، فرانسيسكو خوسيه ميان مون، عن غضبه في بروكسل قائلا: "فقدان هذه المنطقة المحتملة للصيد يمثل ضربة قاسية، خاصة لأسطول خليج قادش الذي يعاني بالفعل من تخفيضات في حصص صيد السردين".

وللرد على مخاوف أعضائها، أكد الاتحاد الأوروبي أنه يعتزم "الحفاظ على العلاقات الوثيقة مع المغرب وتعزيزها في جميع مجالات الشراكة، وفقا لمبدأ (الاتفاقيات يجب أن تُحترم)".

جدير بالإشارة إلى أن هذا ما أفاده بيان مشترك أدلى به كل من رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل.

وبالحديث أكثر تفصيلا عن الاتفاق الملغى، أوضحت المجلة أنه دخل حيز التنفيذ عام 2019، وكان يمنح "إمكانيات صيد" في المياه المغربية لـ128 سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي. 

وبموجب الاتفاقية، كانت التصاريح تُصدر لألمانيا وفرنسا وإسبانيا وأيرلندا وإيطاليا ولاتفيا وليتوانيا وهولندا وبولندا والبرتغال.

ووفقا لوثيقة من البرلمان الأوروبي، تبلغ المساهمة السنوية المتوسطة للاتحاد 40.15 مليون يورو، أي بزيادة عن 30 مليون يورو التي كانت مقررة بموجب البروتوكول السابق، منها 19.4 مليون يورو تمثل الدعم القطاعي المتوسط. 

كما تُقدر الرسوم المفروضة على أصحاب السفن بـ12 مليون يورو سنويا في المتوسط، وفق ما نقلته المجلة عن وثيقة البرلمان الأوروبي.

أكبر منتج

ومن ناحية أخرى، سلطت "جون أفريك" الضوء على أن المستفيد الرئيس من الاتفاق كان يشغل أكثر من 90 سفينة قبالة المياه المغربية، والتي كانت توفر خمس إنتاجه السنوي.

ولذلك، في أعقاب قرار محكمة العدل الأوروبية، لم يتردد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في التأكيد على أن مدريد "ستواصل العمل مع الاتحاد الأوروبي والمغرب للحفاظ على العلاقة المتميزة مع الرباط وتطويرها".

ولفتت المجلة الأنظار إلى أن الخسائر الناتجة عن إلغاء الاتفاق تُضاف إليها "مخاوف من أن تتفوق الصين على الاتحاد الأوروبي".

خاصة أن البلد الذي يقوده الرئيس الصيني شي جين بينغ -والذي قام بزيارة خاطفة إلى المغرب في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024- وقع مع الرباط في 4 يوليو/ تموز 2023 مذكرة تفاهم تتعلق بالصيد البحري.

وفي هذه النقطة، تساءلت المجلة: "هل كان من قبيل الصدفة أن يتزامن هذا التاريخ مع انتهاء الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي".

وبشكل عام، نوهت المجلة أن أكبر منتج عالمي للأسماك يظهر أن الصين تهتم بالصيد في المغرب، بالإضافة إلى "الاستزراع المائي وتكنولوجيا معالجة منتجات البحر والزراعة العضوية”، وفقا لما أوضحته وكالة أنباء المغرب الرسمية.

وجهة مفضلة

وبتوجيه الحديث إلى الصين، قالت المجلة إن "هذا الاهتمام لا يعود فقط إلى عام 2023، حيث إن الصين تستغل بالفعل سفنا للصيد في المغرب".

ونقلت المجلة عن مشروع “ذي آوت لاو أوشن بروجيكت” (The Outlaw Ocean Project)، وهي منظمة غير ربحية متخصصة في الصحافة الاستقصائية، قولها: “حتى وقت قريب، كانت عشرات السفن، معظمها إسبانية، تصطاد بإذن من الرباط في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلاد”. 

واستدركت: "انتهى الاتفاق عام 2023، وتستغل الصين حاليا ما لا يقل عن ست سفن ترفع العلم المغربي في المياه المغربية".

وأضافت المنظمة -بحسب المجلة- في تقرير نُشر في أغسطس/ آب 2024 أن "الصين نقلت سفن صيد من الاتحاد الأوروبي إلى أبوابها مباشرة، في المياه المغربية".

وقبل ثلاث سنوات، ذكرت المجلة الفرنسية أن بكين احتفلت بإطلاق ثلاث سفن جديدة في المغرب. 

وفي الوقت نفسه، أشار موقع "سي فود سورس" المتخصص في الصيد، إلى أن "المغرب، الذي كان لفترة طويلة مجالا لأسطول الصيد الإسباني، أصبح حاليا وجهة مفضلة للشركات الصينية العاملة في مجال الصيد".

وأضاف الموقع أنه "في عام 2019، أرسلت شركة صينية حكومية أخرى ثماني سفن جديدة إلى المغرب لصيد الأخطبوط وأنواع أخرى".

علاوة على ذلك، وفقا لما صرح به وزير الزراعة والصيد البحري السابق، محمد صديقي، قالت "جون أفريك" إن "السلطات المغربية لا تخفي رغبتها في الانفتاح على شركاء آخرين ودراسة جميع المقترحات الجديدة وأي مفاوضات في هذا الصدد على أساس الإمكانات المتاحة".

ولفتت المجلة إلى أن “الصين تُعد ثالث شريك تجاري للمملكة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 7.6 مليارات دولار عام 2022”.

واستطردت: “كما هو الحال مع الصين، تستعد روسيا لتوقيع اتفاقية صيد بحري مع المغرب لمدة لا تقل عن أربع سنوات، بعد أن حصلت على تمديد العقد الحالي”.