جزائريون ومغاربة يستفيدون من معاشات التقاعد الفرنسية.. ما طرق الاحتيال؟

منذ ١٤ ساعة

12

طباعة

مشاركة

قدم ديوان المحاسبة الفرنسي، أخيرا، تقريرا حول حالات الاحتيال في معاشات التقاعد. مشيرا إلى أن مواطني الجزائر والمغرب كانوا من أبرز الواردين في التقرير.

بدورها، سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على التقرير، مشيرة إلى ردود الفعل المحلية على ما ورد في التقرير.

وعبرت المجلة عن تفاجئها من أن "اليمين واليمين المتطرف الفرنسي لم يتفاعل كثيرا مع هذا التقرير". وعزت ذلك إلى أن "المبالغ المدفوعة، وإن لم تكن ضئيلة بالنسبة للمستفيدين، فإن حجم الاحتيال العام يبقى محدودا".

وتساءل التقرير عما إن كان الجزائريون والمغاربة الذين يستفيدون من المعاشات التقاعدية في فرنسا يعدون من كبار المحتالين مقارنة بباقي المستفيدين.

عائلات المتقاعدين

بحسب تقرير ديوان المحاسبة الصادر يوم 26 مايو/ أيار 2025، فإن حجم الاحتيال من قبل المستفيدين في الجزائر والمغرب يقدر بحوالي 102 مليون يورو. 

لكن أشار التقرير الفرنسي إلى أن "هذا التقدير التقريبي لا يشير إلى وجود نظام احتيال منظم تديره شبكات إجرامية أو موظفون فاسدون، بل تعود معظم هذه الحالات إلى أفراد من عائلة المتقاعد".

وتقول المجلة الفرنسية: "بالرغم من أن قضايا الاحتيال في المساعدات الاجتماعية أو العلاج في المستشفيات الفرنسية أو المساعدات التنموية غالبا ما تستغل سياسيا من قبل شخصيات اليمين أو اليمين المتطرف لتشويه صورة الجزائر، إلا أن هذا التقرير مر بشكل غريب دون ضجة سياسية". 

ولفتت إلى أن "التغطية الإعلامية ركزت بشكل خاص على الجزائر، رغم أن الاحتيال يشمل أيضا المغرب، إلى جانب البرتغال وإسبانيا وإيطاليا".

جدير بالذكر أن "الأرقام التي قدمها ديوان المحاسبة تتيح رسم خريطة للمستفيدين، مع تحديد أماكن إقامتهم والمبالغ المدفوعة سنويا من قِبل الهيئة الاجتماعية الفرنسية". 

وأوضح التقرير أن "هذه الدفعات تُمنح لأشخاص لا يقيمون في فرنسا، وتغطي 1.1 مليون شخص في النظام العام و900 ألف شخص في النظام التكميلي للموظفين". 

وأفاد بأن "مجموع المعاشات المدفوعة يصل إلى 3.9 مليارات يورو في النظام العام، و2 مليار يورو في النظام التكميلي".

وذكر التقرير أن 77 بالمئة من هؤلاء المتقاعدين يعيشون في الجزائر والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا والمغرب وبلجيكا.

ومن أجل إعداد التقرير التحقيقي، زار المحققون الجزائر والمغرب وإسبانيا لإجراء عمليات التحقق. 

وحسب التقرير، فإن المتقاعدين المقيمين في الخارج يتقاضون، في المتوسط، معاشا يُعادل 35 بالمئة مما يتقاضاه المقيمون في فرنسا، أي ما يعادل 300 يورو شهريا في النظام الأساسي، و193 يورو في النظام التكميلي.

وفي هذا الصدد تقول المجلة الفرنسية: "رغم أن هذه المبالغ تعد زهيدة في فرنسا، فإنها تعد مصدر دخل مهما للغاية للمستفيدين الجزائريين والمغاربة، وغالبا ما يكونون من ذوي الدخل المحدود".

وتابعت موضحة: "ففي الجزائر، تمثل هذه الـ 300 يورو حوالي 45 ألف دينار حسب السعر الرسمي، ولكن لأن الغالبية تستخدم السوق الموازية، فإن هذا المبلغ يمكن أن يصل إلى 77.500 دينار". 

وبالنظر إلى أن الحد الأدنى للأجور في الجزائر هو 20 ألف دينار، فإن هذا المعاش -حسب التقرير- يعد ثروة صغيرة للمستفيد وعائلته. 

وأردف: "أما في المغرب، حيث الحد الأدنى للأجور يبلغ حوالي 2.500 درهم، فإن مبلغ 300 يورو يُعادل حوالي 3.146 دراهم، مما يجعل هذه المعاشات رقما معتبرا بالنسبة للأسر".

طرق الاحتيال

كذلك يحدد ديوان المحاسبة التكلفة الإجمالية لهذه المعاشات على المالية العامة الفرنسية. 

فكل عام، يدفع "الصندوق الوطني للتأمين التقاعدي" مبلغ 1.3 مليار يورو للمتقاعدين في الجزائر، مقابل 1.1 مليار يورو لإسبانيا، و700 مليون يورو للبرتغال، و500 مليون يورو للمغرب. 

أما بالنسبة لحالات الاحتيال، وهو محور النقاش، فقد قُدرت بـ 40 إلى 80 مليون يورو في حالة الجزائر. 

ويعقب التقرير الفرنسي: "على الرغم من أن هذا الرقم كبير بحد ذاته، إلا أنه لا يمثل سوى 6.1 بالمئة من مجموع المعاشات السنوية المدفوعة". 

أما بالنسبة للمغرب، فقُدرت حالات الاحتيال بـ 12 مليون يورو، أي 2.4 بالمئة من المجموع الكلي.

وحول كيفية حدوث هذه الاحتيالات، يوضح التقرير أن "الخطر الرئيس يكمن في عدم تصريح العائلة بوفاة المتقاعد، وذلك كي يستمر الأبناء في الحصول على المعاش".

وتابع التقرير: "إذ يزور بعضهم الوثائق المدنية -أحيانا بمساعدة من بعض الموظفين في البلديات- لتقديم إثباتات مزورة للصندوق الوطني للتأمين التقاعدي في فرنسا". 

وأضاف: "كما يتلاعب المحتالون بالكشوف البنكية أو ينتحلون هوية المستفيدين". 

ويقول التقرير: "بالرغم خطورة هذه الممارسات، إلا أن المبالغ التي يمكن الحصول عليها تشكل دافعا قويا". 

ولهذا، يوصي التقرير الفرنسي بتعزيز آليات التحقق، لا سيما من خلال استدعاء المستفيد شخصيا للتأكد من وجوده الفعلي.

وبحسب التقرير، فإن عمليات التحقق القنصلية والشراكات التي جرت بين عامي 2020 و2023 سمحت باستدعاء 2.500 متقاعد في المغرب و4.000 في الجزائر. 

مشيرا إلى أنه "بدءا من عام 2025، سيُستدعى 16 بالمئة من المتقاعدين في الجزائر سنويا، 97 بالمئة منهم عبر شريك مصرفي جزائري". 

وهو ما يعني -حسب التقرير- أنهم سيستدعون بهذه الطريقة نحو 60 ألف متقاعد سنويا، ما سيسمح بالتحقق من جميع المتقاعدين المقيمين في الجزائر خلال 6 سنوات.