هل تتسبب حرب إسرائيل وإيران في صدام نتنياهو بترامب؟.. صحيفة عبرية تجيب

“خلاف قادم بين نتنياهو وترامب حول التعامل الأمثل مع التهديدات الإيرانية”
في سياق التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، تساءلت صحيفة عبرية عن إمكانية بناء مسار إستراتيجي من هذه العناصر يُغيّر وجه التهديد الإيراني والواقع في منطقة الشرق الأوسط.
وفي معرض إجابته على هذا السؤال، استشهدت صحيفة “هآرتس” بعناصر متعددة منفصلة استخدمتها إسرائيل سابقا، سواء ضد إيران أو ضد منظمات ودول أخرى في المنطقة، لحماية إسرائيل من المخاطر الخارجية.
كما تحدث عن "خلاف قادم" بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب حول التعامل الأمثل مع التهديدات الإيرانية، متوقعا "حدوث مسار تصادمي بين الزعيمين السياسيين".
وحذر في الوقت ذاته من أن الهجوم الإسرائيلي "قد يؤدي إلى تحقيق نفس النتيجة التي تسعى إسرائيل إلى إحباطها، أي يدفع إيران إلى التفاوض".
غير واقعية
وأكدت الصحيفة وجود قيود وعراقيل معروفة جيدا تقوض خطط إسرائيل للقضاء على التهديد النووي الإيراني.
وأشارت إلى أن "البرنامج النووي بُني على مدار عقود من الزمن، وأنه لا يعتمد على مجموعة صغيرة من العلماء".
وأكدت كذلك على أن "الجيش الإيراني والحرس الثوري لا يعتمدان على كادر محدود من كبار المسؤولين الذين سيؤدي استبعادهم إلى انهيار المنظومة العسكرية والنووية للبلاد".
ودللت على ذلك بأن "مناصب كبار المسؤولين الذين قتلوا -بمن فيهم رئيس الأركان محمد باقري وقائد الحرس الثوري حسين سلامي- قد استُبدلت بالفعل بمسؤولين كبار جدد من النظام الهرمي، الذي درّب وبنى البنية التحتية للبرنامج النووي، على قاعدة معرفية واسعة يجري تطويرها ويستمر تطويرها في الجامعات الإيرانية ومعاهد البحوث النووية".
وأقرت الصحيفة بعدم قدرة الضربات الإسرائيلية على إيقاف المشروع النووي الإيراني، قائلا: "قد يؤدي بالفعل هجوم كبير على المنشآت النووية إلى تأخير تطوير البرنامج النووي، ولكنه لن يؤخر طموح إيران في أن تصبح دولة نووية".
وأردف: "حاول الاتفاق النووي الأصلي الموقع عام 2015 تجميد هذا الدافع، إذ أعطى الاتفاق إيران أفقا اقتصاديا يساعد في استقرار طويل الأمد للنظام، مقابل الاكتفاء بتخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.67 بالمئة".
إضافة إلى تجميد تشغيل آلاف أجهزة الطرد المركزي، وحتى تفكيكها، مع الإشارة إلى أن كل ذلك تحت إشراف تدخلي غير مسبوق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
"ولكن بعد ذلك، انسحب ترامب من الاتفاق عام 2018 تحت ضغط من إسرائيل"، حسب “هآرتس”، وهو القرار الذي مهد الطريق، لـ"انتهاك إيران التدريجي للاتفاق، بشكل حولها إلى دولة على أعتاب امتلاك سلاح نووي، ويسعى حاليا ترامب جاهدا للتوصل إلى اتفاق مماثل تقريبا".
أداة ضغط
وفيما يتعلق بتأثير المفاوضات الإيرانية الأميركية على خطط نتنياهو المعدة سلفا لاستهداف طهران، ترى الصحيفة أنه "من الصعب الجزم ما إذا كانت إسرائيل ستبدأ الحرب لو انتهت المفاوضات بين طهران وواشنطن باتفاق قبل أسبوع".
في الوقت نفسه، أشارت إلى أن الهجوم على إيران "يحطم على الأقل مبدأ واحدا رافق الصراع الإسرائيلي الإيراني لأجيال، وهو أن إسرائيل لن تخوض حربا شاملة ضد إيران دون مشاركة أميركية فعّالة".
وتابعت: "ففي الوقت الذي سارعت فيه الولايات المتحدة إلى التصريح بأنها ستدافع عن نفسها وعن إسرائيل ضد أي رد إيراني محتمل، سارعت بالمثل أيضا إلى إعلان أنها ليست شريكة في الحرب".
وأضافت: "بل أعرب ترامب عن أمله في عودة إيران إلى طاولة المفاوضات، وقد رفضت الأخيرة هذا التوقع في الوقت الحالي، مع أنها لم تستبعد بعد إمكانية عقد جولة أخرى من المحادثات".
ويتجلى الآن السؤال التالي: “كيف سترد إسرائيل إذا قرر الجانبان قريبا توقيع اتفاق يشترط ضمانا أميركيا لأمن إيران من الهجمات الإسرائيلية؟”
وفي هذا الصدد، توقعت الصحيفة أن "يدور الخلاف القادم بين نتنياهو وترامب حول هذا السؤال".
واستطردت: "فبينما لا يزال ترامب يسعى للتوصل إلى اتفاق، وربما يرى في الهجوم الإسرائيلي أداة ضغط ستقود إيران نحوه، تنطلق إسرائيل من وجهة نظر معاكسة".
وأوضحت أن "الموقف الإسرائيلي يرى أن أي اتفاق مع إيران لا يساوي قيمة الورقة التي وُقّع عليها، وبالتالي يجب خلق واقع لا يتطلب أي اتفاق على الإطلاق".
رد عكسي
علاوة على ذلك، نبهت الصحيفة إلى أنه "لا يمكن لإسرائيل أيضا تجاهل الطوق العربي والدولي الذي يحمل أدوات ضغط على ترامب".
وأشارت إلى أن "السعودية والإمارات وقطر -الدول الثلاث التي تعهدت باستثمار تريليونات الدولارات في الولايات المتحدة- عارضت بشدة أي هجوم إسرائيلي أو أميركي أو مشترك على إيران، وقد أدانت السعودية بالفعل الهجوم بشدة ودعت إلى عقد اجتماع في مجلس الأمن لوقفه".
وعزت موقف هذه الدول إلى "خشيتها من رد إيراني مباشر ضدها، أو انتهاك حرية الملاحة في الخليج العربي".
ومنذ بداية الهجوم، أجرى رؤساء الدول محادثات مكثفة مع ترامب وكبار مسؤوليه لإقناعه بوقف الهجوم الإسرائيلي، والاكتفاء بما حُقق، ودفع المفاوضات نحو التوصل إلى اتفاق.
وأضافت: "في الوقت نفسه، جرت محادثات بين قادتهم والقيادة الإيرانية لمحاولة الاتفاق على صيغة ما من شأنها أن توقف -ولو مؤقتا- تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، وهي القضية التي أخرت استكمال المفاوضات".
بالتوازي مع ذلك، أوضحت الصحيفة أن إيران "لا تزال تتعرض لتهديدات وضغوط من الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي".
وأوضحت فرنسا وبريطانيا وألمانيا أنها قد تبدأ قريبا عملية إعادة فرض العقوبات الدولية إذا لم توقف إيران تخصيب اليورانيوم عالي المستوى.
وبحسب “هآرتس”: "ردت إيران على الضغوط الأوروبية بحزمها المعهود، معتمدة على المفاوضات مع واشنطن كدليل على جدية نواياها".
مسار تصادمي
وتحدثت الصحيفة العبرية عن مساع إيرانية لـ"جعل الصراع ثنائيا مع إسرائيل فقط، وليس حربا مع الولايات المتحدة أو حربا إقليمية، حيث امتنعت طهران عن استخدام المليشيات الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان لتنفيذ هجمات ضد أهداف أميركية أو عربية".
واستدركت: "لكن هذا الواقع قد يتغير مع استمرار تصاعد الهجمات، خاصة إذا تجاوزت الضربات الإسرائيلية استهداف المنشآت النووية والصاروخية، وعمدت إلى تهديد استقرار النظام".
وأشارت إلى أن "إسرائيل تكتفي -أو بالأحرى فعلت ذلك بضغط من ترامب- بضرب أهداف لا تجعل الولايات المتحدة مضطرة للانخراط المباشر والعلني في الحرب ضد إيران".
ولفتت الصحيفة إلى أن "مهاجمة المنشآت النووية وقواعد الصواريخ الباليستية، وتجنب إلحاق الضرر بالبنية التحتية المدنية الحيوية، يرسمان، في الوقت الراهن، الحدود (الشرعية) للحرب".
كما أن "تصفية رموز المؤسسة العسكرية، بدلا من كبار الشخصيات المدنية، يرسل رسالة بأن هذه ليست حربا شاملة ضد إيران أو الشعب الإيراني، ولا ضد نظام الحكم، بل ضد أولئك الذين يُعدون مسؤولين مباشرة عن التهديد العسكري والإستراتيجي".
وتابعت: "وبافتراض عدم تدمير جميع المنشآت النووية، سيكون من الضروري تحديد ما يُعد إنجازا (مُغيرا للواقع)".
وتوقعت أن "يؤدي هذا بدوره بوضع إسرائيل في مسار تصادمي مع واشنطن".
واختتمت “هآرتس” موضحة: "فبالنسبة لترامب، يُعدّ توقيع اتفاق نووي جديد عقب الهجوم إنجازا، أما بالنسبة لإسرائيل، فستعتبر هذه النتيجة خسارة، خاصة إذا تمكنت إيران من مواصلة تطوير برنامجها النووي حتى دون تخصيب اليورانيوم على أراضيها".