في اليمن والسودان وإفريقيا.. هكذا تتضارب مصالح السعودية والإمارات
السعودية والإمارات ركائز التحالف السني اتخذا مسارات مختلفة ومتعارضة
رغم التوافق الظاهري، تتضارب مصالح السعودية والإمارات الحليفين القويين في عدة دول بينها اليمن والسودان وبعض بلدان القارة الإفريقية الأخرى.
وتطرق موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي إلى كيفية انتقال البلدين من التوافق في التعامل مع أزمات عدد من الدول، إلى اتخاذهما مسارات مختلفة ومتعارضة.
وتحدث هنا عن إنشاء "التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن"، عام 2015، من قبل 10 دول بقيادة السعودية.
بدأ التحالف وقتها بشن غارات جوية على المطارات والقواعد العسكرية ومراكز القيادة والسيطرة التي استولت عليها مليشيا الحوثي اليمنية الشيعية في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى كانت تخضع آنذاك لسيطرتها.
وبذلك تشكل “الناتو العربي" لمحاربة جماعة الحوثي ومناهضة النفوذ الإيراني على المستوى الإقليمي وضم دولا عربية.
وبعد سنوات قليلة من إنشائه، أوضح الموقع الإيطالي أن هذا التحالف بدأ، شيئا فشيئا، يخسر بعض مكوناته.
كانت قطر أولى هذه الخسارة، بعد أن قطعت معها السعودية ودول عربية أخرى العلاقات وفرضت عليها حصارا في عام 2017.
وخسر التحالف بقيادة الرياض، السودان أيضا الذي شهد عام 2019 ثورة أطاحت برئيس النظام عمر البشير عقب احتجاجات شعبية.
تضارب في اليمن
كما نشأ شعور، بأن "التحالف السني" لم يتحقق في الواقع مطلقا وقد بدا ذلك واضحا من حيث انطلق كل شيء، أي في اليمن.
وهنا يشير الموقع إلى أن ركائز هذا التحالف، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اتخذت مسارات مختلفة ومتعارضة.
في اليمن، يوضح الموقع أن كلا من "آل سعود" في السعودية وعائلة "آل نهيان"، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات، يصطفان في جبهة واحدة ضد الحوثيين.
وبعد دخول وقف إطلاق النار المتوصل إليه في هذا البلد حيز التنفيذ عام 2022، استمر كل من الرياض وأبوظبي في عدم الاعتراف بحكم المليشيا المدعومة من إيران للعاصمة صنعاء التي نجحت في السيطرة عليها عام 2014.
إلا أن البلدين يقفان على جانبين مختلفين متعارضين فيما يتعلق بدعم القوى المحلية.
إذ دعمت الرياض، على وجه الخصوص، الحكومة التي كان يقودها آنذاك الرئيس عبد ربه منصور هادي حتى 2022 العام الذي استقال وسلم سلطاته لمجلس رئاسي.
لكن بدلا من ذلك، قدمت الإمارات بدورها أموالا وأسلحة للانفصاليين الجنوبيين الذين يسيطرون على مناطق من عدن ويمثلهم المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله.
وجزم الموقع بأن هذه ليست تفاصيل صغيرة لا سيما أن دعم الانفصاليين في عدن أسهم جزئيا في فشل العملية التي قادتها الرياض وتسبب في انسحاب الإمارات من التحالف.
اختلاف في إفريقيا
على جانب آخر، أردف الموقع بأن نشاط أبوظبي يتجلى بشكل أكثر وضوحا على طول الجانب الآخر من البحر الأحمر.
ففي السودان على وجه الخصوص، تعمل حكومة الرئيس محمد بن زايد على تسليح ودعم قوات الدعم السريع، التي يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو، الملقب بـ"حميدتي".
وهي مليشيا تقاتل منذ أبريل/نيسان 2023 قوات الجيش النظامي وتُتهم بارتكاب جرائم ما يتسبب في أزمة إنسانية شديدة وصراع بلا حلول في الأفق في ظل فشل جهود الوساطة.
في هذا السياق، يُذكر ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية خلال تقرير لها في أغسطس/آب 2023 أن دولة الإمارات قدمت دعما عسكريا لقوات الدعم السريع.
وكانت الصحيفة قد نشرت أن طائرة شحن إماراتية هبطت في مطار أوغندي بداية يونيو/حزيران من نفس العام تأكد أنها كانت تحمل أسلحة وذخيرة، في الوقت الذي كانت تُظهر فيه وثائق رسمية أن الطائرة تحمل مساعدات إنسانية إماراتية إلى اللاجئين السودانيين.
على العكس من ذلك، تبدو الرياض، أقرب بكثير إلى الطرف الآخر من الصراع السوداني، أي القوات النظامية بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان.
وبالإضافة إلى السودان، تتعارض مصالح البلدين في السياق الإفريقي برمته، حيث تستثمر حكومة أبوظبي أموالا طائلة في العديد من القطاعات داخل عدة بلدان من بينها دول منطقة الساحل.
وبينما يحتل مستوى الاستثمار الإماراتي في إفريقيا المرتبة الثانية بعد الصين، تبدو السعودية من الناحية المقابلة، متأخرة كثيرا على هذا الصعيد، على حد تعبير الموقع الإيطالي.
تنافس قوي
يتوقع إنسايد أوفر أن يكون لتضارب المصالح بين البلدين الخليجيين تأثير قوي للغاية على توازن القوى في الشرق الأوسط.
وبحسب تعبيره، تجاوزت المنطقة فترة الانقسام التي كانت عليها في السابق بين السنة والشيعة.
ويرى أن التنافس بين الرياض وطهران يبدو اليوم أقل وضوحا خاصة بعد الاتفاقيات التي توصل الطرفان إليها بوساطة بكين في مارس/آذار 2023.
وعلى العكس من ذلك، يشتد الصراع الأكثر أهمية في الوقت الحالي داخل الجبهة الداخلية للعالم السني، على حد قوله.
وأشار إلى أن السعوديين يستثمرون بكثافة للعودة في المنافسة فيما يتعلق بالقوة الناعمة والاستثمارات المالية.
إذ يهدف ولي العهد محمد بن سلمان إلى تحويل العاصمة الرياض إلى قطب تجاري واقتصادي للشرق الأوسط.
ويلاحظ بأن محمد بن زايد يسعى من جانبه إلى نفس الطموح منذ فترة مستعينا في ذلك بعائدات النفط وسياسة خارجية نشطة للغاية من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الهندي.
وخلص الموقع الإيطالي إلى أن مساري الرياض وأبوظبي يبدوان غير متوازيين وإنما على العكس من ذلك، يتصادمان في مختلف المجالات حيث بات التنافس أشد على نحو متزايد.
وأكد أن الشرق الأوسط المستقبلي، الذي سيشهد عاجلا أم آجلا نهاية الحرب الإسرائيلية في غزة (بعد الاتفاق على التهدئة في لبنان)، سيكون عليه التعامل مع هذا التنافس بين البلدين الخليجيين.