عودة للضغط أم تفضيل التوافق.. كيف تستعد إيران لعودة ترامب؟

منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

أصبح مستقبل العلاقات الأميركية - الإيرانية أحد أكثر المواضيع إثارةً للاهتمام بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية. 

واتخذ ترامب أقسى الإجراءات ضد النظام الإيراني خلال فترة رئاسته الأولى، ما أعاد التساؤلات حول طبيعة سياساته في الولاية الثانية.

ويقول مركز إيرام الإيراني للدراسات (مقره أنقرة) إن العلاقات بين طهران وواشنطن شهدت توترا شديدا في الفترة الأولى لترامب بسبب اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني وإعلان الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية بالإضافة إلى العقوبات القاسية ضد إيران.

تغيير الإستراتيجيات

وعلى الرغم من ذلك، تشير تصريحات المسؤولين الإيرانيين إلى استعداد طهران للحوار المباشر مع الإدارة الأميركية الجديدة، وفق ما يرى الكاتب "رحيم فرزام".

إذ شدّد نائب الرئيس الإيراني للشؤون الإستراتيجية، محمد جواد ظريف، في منشور عبر حسابه على منصة "إكس" على مفهوم "الاحترام"، وأعرب عن أمله في أن تفي إدارة ترامب بوعدها بتجنب الحروب. 

وأكد ظريف أن إيران لا تخضع للتهديدات لكنها تقدر الاحترام قائلا: "نأمل أن تفي إدارة ترامب و(نائبه جي دي) فانس بوعدها بشأن تجنب الحروب، وأن تتذكر الدرس الذي قدمه الشعب الأميركي بشأن تجنب النزاعات الجديدة". 

من جهتها أفادت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، بشأن إمكانية التفاوض مع الولايات المتحدة بأن إيران ستفعل ما تقتضيه مصلحة البلاد.

كما أدلى علي لاريجاني، الذي شغل منصب رئيس البرلمان لفترتين ويعد الآن مستشارا للمرشد الأعلى علي خامنئي، بتصريح مهم بشأن إعادة انتخاب ترامب؛ حيث أشار إلى أن تصريحات الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية قد تعكس نهجا مختلفا. 

وقد كان ترامب قد أعلن في يوم الانتخابات: "لا أريد إيذاء إيران، شرطي بسيط: ألا تمتلك أسلحة نووية. أريد أن تصبح دولة ناجحة." 

وفي هذا السياق كانت تصريحات المسؤولين الإيرانيين لافتةً للنظر، حيث قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في منشور على "إكس" إن إيران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية.

كما قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في اجتماع تشاوري عُقد في 12 نوفمبر وضمّ وزراء خارجية سابقين ومسؤولين حكوميين: "سواء شئنا أم أبينا سنضطر للتعامل مع الولايات المتحدة على الساحة الإقليمية والدولية، لذلك من الأفضل أن ندير هذه العلاقة بأنفسنا".

وتابع الكاتب: تشير تصريحات بزشكيان إلى جانب تصريحات مسؤولين إيرانيين آخرين إلى أن طهران تستعد لتغيير إستراتيجيتها في التعامل مع واشنطن. 

وبدلا من اتباع دبلوماسية رد الفعل التي تعتمد على خطوات الإدارة الأميركية، يبدو أن طهران تتجه نحو دبلوماسية استباقية تشمل الحوار المباشر مع واشنطن. 

وفي هذا السياق، يمكن تفسير قول بزشكيان: "علينا إدارة علاقتنا مع الولايات المتحدة بأنفسنا" على أنه رغبة في التخلي عن نهج التفاوض من خلال وسطاء، والسعي إلى تواصل مباشر مع أميركا.

احتمال المفاوضات

واستدرك الكاتب: العلاقات بين إيران والولايات المتحدة في فترة ترامب الأولى كانت معقّدة للغاية، بالإضافة إلى أنها كانت تذّكر طهران بذكريات سيئة.

ففي مايو 2018 انسحب ترامب من الاتفاق النووي بشكل أحادي، وبدأ سياسة "الضغط الأقصى" التي فرضت عقوبات صارمة على طهران. 

وفي أبريل/نيسان 2019 أيضا صُنِّفَ الحرس الثوري الإيراني على أنّه منظمة إرهابية، ثم اغتيلَ قاسم سليماني في يناير/كانون الثاني 2020. 

ولذلك ترى الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن ترامب هو قاتل سليماني والشخص الذي أدخل الاقتصاد الإيراني في أزمة خانقة.

من جهة أخرى، تنظر إدارة ترامب إلى إيران على أنها تهديد للنفوذ الأميركي الإقليمي، وأنها استخدمت لغة مهينة تجاه الرئيس المنتخب بل تم اتهامها بمحاولة اغتياله. 

بالإضافة إلى ذلك، يقف فريق السياسة الخارجية لترامب كعقبة محتملة أخرى أمام الانفراج المحتمل بين طهران وواشنطن.

ولهذا فإن هذه المسائل تعد عوامل تجعل من الصعب إقامة حوار بناء من خلال التغلب على مشكلة الثقة في العلاقات الثنائية. 

وأردف الكاتب: في فترة ترامب الأولى، ضم فريق السياسة الخارجية والأمن القومي شخصيات معروفة بتوجهها المتشددة تجاه إيران، مثل مايك بومبيو، وجون بولتون، ونيكي هايلي. 

وقد عارض هؤلاء أي حوار مع إيران، وكانوا يؤمنون بسياسة "الضغط الأقصى"، وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير على نهج ترامب. 

ويبدو أن الفترة الجديدة لا تختلف عن سابقتها، حيث تتضمن إدارة ترامب شخصيات مثل جي دي فانس (نائب الرئيس)، ومايك والتز (مستشار الأمن القومي)، وماركو روبيو (وزير الخارجية)، وهؤلاء معروفون بعدائهم لإيران ودعمهم لإسرائيل.

ويمكن القول إنّ هذه الشخصيات تعتقد أن سياسة "الضغط الأقصى" التي بدأها ترامب في ولايته الأولى لم تنجح بسبب تخلي إدارة الرئيس الحالي جو بايدن عنها، ومن المرجح أن يعيدوا إحياءها.

مع ذلك، لا يعني هذا أن سياسة ترامب تجاه إيران ستكون نسخة طبق الأصل من فترته الأولى، فهو معروف بمواقفه غير المتوقعة وبراغماتيته السياسية.

لذلك من الممكن أن يتبنى نهجاً مختلفاً هذه المرة، فقد أكد ترامب خلال حملته الانتخابية عدة مرات أنه منفتح على إبرام اتفاق مع إيران.

وتابع: من جانبها تدرك طهران صعوبة التفاوض مع "قاتل سليماني"، ولكنها أظهرت سابقا قدرة على اتخاذ خطوات براغماتية عند الضرورة، كما فعلت في الاتفاق النووي لعام 2015.

وأشار الكاتب إلى أن إيران تواجه حاليا تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة، خاصة مع استمرار الصراع مع إسرائيل. 

وتعرف القيادة الإيرانية أن تصعيد التوتر مع واشنطن قد يفاقم هذه الأزمات، وكل هذا يدفعها إلى التفكير في الحوار المباشر مع الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات ومعالجة الملف النووي.

أمّا في الوقت الحالي ستنتظر طهران لترى كيفية تعامل كل من ترامب وإدارته مع الملف الإيراني. وإذا اتّبع نهجا يحترم إيران كما أشار جواد ظريف، فقد نشهد تطورات مفاجئة في العلاقات بين البلدين، وفق تقدير الكاتب.