حظر السيسي تعاقدات البيزنس مع 4 جهات عسكرية.. ما علاقته بزيارة صندوق النقد؟

إسماعيل يوسف | 40 minutes ago

12

طباعة

مشاركة

فيما يبدو أنه قرار ذو صلة باشتراطات صندوق النقد الدولي، طالب رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، جميع الوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات بعدم إبرام أي تعاقدات مع 4 جهات عسكرية واستخبارية مصرية، إلا بموافقته شخصيا.

الجهات الأربع، التي وردت في قرار، نُشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولم تنفه السلطات المصرية، هي وزارة الإنتاج الحربي، والمخابرات العامة، وهيئة الاستخبارات العسكرية، والهيئة العربية للتصنيع.

ويعتقد أن القرار جاء نزولا عند شروط صندوق النقد الدولي، المتعلقة بتخفيف سيطرة الجيش على “البيزنس”، وذلك لتمرير المراجعة الرابعة للقرض الأخير (8 مليارات دولار) وصرف شريحة منه (1.3 مليار).

أو أن القرار جاء بعد رفض هذه الجهات المشاركة في تحمل أعباء اقتصادية يعاني منها النظام، واكتشاف السيسي تكسب هذه المشاريع مليارات الجنيهات بصور مبالغ فيها، وفق تكهنات وتفسيرات عدة راجت عقب ظهور القرار.

دلالات القرار

القرار جاء في كتاب دوري أصدره الأمين العام لمجلس الوزراء أسامة سعد لنائبي رئيس الوزراء للتنمية البشرية خالد عبد الغفار، والتنمية الصناعية كامل الوزير، وجميع وزراء الحكومة والمحافظين ورؤساء الهيئات العامة والأجهزة، لتنفيذه.

وحددت توجيهات السيسي الواردة في الكتاب الدوري أربع جهات، ثلاث منها تابعة للجيش (الاستخبارات والإنتاج الحربي وهيئة التصنيع)، والرابعة هي جهاز المخابرات العامة، وأن يبدأ العمل بها من 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

القرار أثار تساؤلات وتكهنات عدة وأحدث جدالا واسعا حول أسبابه وهل هناك ما يخشاه السيسي داخل هذه الجهات السيادية التي تمسك بعصب الدولة أم يسعى للتحكم فيه بنفسه.

ومع أن المحامي طارق العوضى، عضو لجنة العفو الرئاسي، زعم أن "هذه الوثيقة مزورة جملة وتفصيلا وشكلا وموضوعا"، دون ذكر تفاصيل، فلم يصدر أي نفي رسمي لها، ما جعل مصريين يؤكدون أنها صحيحة، وإلا لسارعت السلطات لنفيها.

أيضا أكد موقع "المنصة" المستقل في 20 نوفمبر 2024 أنه حصل على "نص" هذا الكتاب الدوري الذي أصدره الأمين العام لمجلس الوزراء.

ولكن ما أسباب وتفسيرات القرار، الذي صدر بالتزامن مع وجود بعثة صندوق النقد الدولي للتفاوض في القاهرة، وفي ظل أجواء تشاؤمية حول أداء الاقتصاد المصري ومعاودة الدولار والتضخم والبطالة، الارتفاع، ووسط حديث عن “تعويم سري”.

بحسب تقديرات سياسة واقتصادية، يُعتقد أن قرار السيسي محاولة (سيتبين لاحقا جديتها) لتصدير رسالة إلى صندوق النقد أن قراره الأخير بمثابة خطوات حاسمة لإخراج الجيش من الاقتصاد، وفق شرط الصندوق.

أي أن أسباب قرار السيسي، هي الرضوخ لصندوق النقد الدولي، عبر قراره الذي يعني "تقنين بيزنس" الجهات العسكرية والاستخبارية بدلا من هيمنته على الاقتصاد.

بالمقابل، هناك تفسير آخر يرى أن قرار السيسي محاولة لخداع الصندوق بإظهار أن هناك تحركا للاستجابة لمطالبه، بزيادة نصيب القطاع الخاص وانسحاب الدولة والجيش من النشاط الاقتصادي.

يُعتقد أيضا أن القرار، ربما مؤشر لخلافات ما بين أطراف وأجهزة جمهورية العسكر التنفيذية (السيسي) والعسكرية (الجيش والمخابرات)، حول البيزنس، وصل إلى مستوى أعلى، لا يُعرف دوافعه، لكنه حرك السيسي لإصدار هذا القرار.

وقد فسره نشطاء اقتصاديون بأنه جاء نتيجة خلافات محتملة عقب اكتشاف السيسي تربح هذه الجهات بمبالغ تفوق العقل والخيال والمعقول، في ظل أزمته الاقتصادية وحاجته لبعض ما تربحه من مليارات.

ويرجح سياسيون وصحفيون مصريون أن يكون وراء هذا القرار من جانب السيسي خلافات بينه وبين هذه الجهات حول المكاسب الضخمة التي يربحونها.

وقال رئيس الهيئة المصرية العامة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، محمد إسماعيل، إن “الخلافات لم تظهر عندما فرط السيسي في النيل وحقول الغاز وجزيرتي تيران وصنافير ورأس الحكمة ورأس جميلة وبيع سيناء وصفقة القرن، وبيع الأصول والوراق وقناة السويس والموانئ المصرية وقتل المصريين الأبرياء في سيرلي ورابعة والنهضة ومحمد محمود والمنصة والحرس الجمهوري والعباسية وماسبيرو”.

وأضاف إسماعيل عبر منصة إكس في 21 نوفمبر: "ولكنها ظهرت عندما اختلفوا على كمية توزيع الفساد والسرقة والاختلاس من قوت وأملاك شعب مصر الغلبان الذي لا حول له ولا قوة".

وألمح الصحفي جمال سلطان لهذا التربح الكبير لبعض كبار الجنرالات من الصفقات والبيزنس، واحتمالات أن تكون سببت خلافات بين السيسي وبينهم.

ونقل سلطان عن صحفيين أميركيين متخصصين في ملف مصر والشرق الأوسط تندرهم من "ظاهرة تدفق أموال ضخمة في حسابات مسؤولين مصريين كبار بعد كل صفقة بيع للإمارات في مصر".

وكان لافتا اجتماع السيسي بقادة الجيش بعد قرار حظر التعاقدات البيزنس إلا بموافقته، وسفر بعثة صندوق النقد دون التصديق على المراجعة الرابعة، وسط تقديرات تشير إلى أنه بحث معهم هذا الأمر.

ووفق صحف مصرية في 21 نوفمبر 2024، اقتصر اللقاء على إشادة السيسي بـ"الجهود التي تبذلها القوات لحماية حدود البلاد من أي تهديدات محتملة"، ما أثار سخرية على منصات التواصل الاجتماعي لأن إسرائيل تحتل الحدود وخرقت كامب ديفيد.

وعقد اللقاء بمقر القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، و"تناول تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط"، وفق بيان الرئاسة.

مركب يغرق

إلا أن خبراء اقتصاد لا يستبعدون أن يكون اللقاء ناقش قرار السيسي بشأن بيزنس الجيش، وكيفية التغلب على طلبات صندوق النقد الدولي أو التحايل عليها، مشيرين إلى أن التصرفات المستقبلية ستحدد ما الذي اتفق عليه السيسي معهم.

ومن مفارقات اللقاء، التي تم بثها عمدا، محاولة إظهار السيسي باكيا خلال اجتماعه مع عدد من قادة القوات المسلحة وهو يقول لهم "هما يومين على وش الدنيا وبعدها هنموت وربنا يقبلني"، ما يطرح تكهنات حول طبيعة المناقشات.

لكن تعليقات المصريين على محاولة السيسي إظهار زهده في الحياة، أظهرت السخرية من تقمصه دور الزاهد بينما يعيش في قصور وينفق ببذخ على طائرات ومنتجعات ومهرجانات.

وقالوا: “كيف يخشى الموت ويطلب القبول من الله، وهو الذي ارتكب عشرات المذابح وقتل آلاف المصريين؟”، مشيرين إلى أنها “حركات تمثيل متكررة ومعتادة بعدما أدرك أن المركب يغرق، وأن الخراب وصل وكل طرق الإنقاذ أو الإصلاح أصبحت مسدودة”.

وفي 23 يناير/ كانون الثاني و9 أبريل/ نيسان 2023، تساءلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: "هل يأخذ السيسي الاقتصاد من يد الجيش؟"، وتحدثت عن صعوبة تجاهله دور الجيش في الاقتصاد.

وقالت إن "السيسي اعتمد على الجيش وكلفه بعشرات المشاريع الخاصة بالبنية التحتية وشجعه على نشر بصمته الاقتصادية عبر قطاعات لا تعد ولا تحصى، من المعكرونة إلى الإسمنت والمشروبات، ما أدى إلى إزاحة القطاع الخاص وإثناء الأجانب عن الاستثمار في مصر".

وتساءلت فايننشال تايمز "هل الصدمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر حاليا ستكون كافية لإجبار السيسي على اتخاذ أصعب قرار اقتصادي بالنسبة له، وهو تقليص دور الجيش في الاقتصاد؟".

وقالت: “إذا كان السيسي سيقلل من بصمة الجيش، فإنه، بصفته قائد الجيش السابق، سيُغضب قاعدته الأساسية والمؤسسة الأقوى في البلاد (الجيش)، بسبب ما اكتسبه العسكر من مصالح”.

ويبدو أن "السيسي خسر الجولة" مع الجيش، حسبما يقول الباحث في مركز “كارنيغي”، يزيد صايغ، في تقرير نشره في 26 أغسطس/آب 2024، وفشل في إقناعه أو فرض مسألة بيع بعض الشركات العسكرية المدنية تنفيذا لأوامر الصندوق.

وقال إن استقالة الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي "تشير إلى أن السيسي قد أقرّ بفشل مسعاه الرامي إلى خصخصة الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية".

وأكد أن "السبب المباشر للاستقالة هو إقدام القوات المسلحة بصورة مستمرة على عرقلة عملية بيع الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية العاملة في الأسواق المدنية، وهي مهمة كُلِّف صندوق مصر السيادي بها رسميا في فبراير/ شباط 2020".

 ورغم مساعي السيسي في هذا الصدد، لم تُطرح حصص أي شركة عسكرية للتداول، ما يمكن عده "مؤشرا على حدود سلطته" كما يرى صايغ.

ويقول محلل سياسي مصري لـ"الاستقلال" إن التحليلات الغربية لقوة الجيش ومنعه السيسي من التغول على مصالحه التي اكتسبها، والتي جاءت مقابل مساندته ودعم الانقلاب والبقاء في السلطة، صحيحة، ولكنها تغفل "نقطة جوهرية"؛ هي أن السيسي، الذي يدرك قوة الجيش، نجح في تفكيك القيادات العسكرية وتدويرها عبر سلسلة قوانين وقرارات أصدرها لا تسمح ببقاء قيادة كبيرة في موقعها أكثر من عامين، ما جعل هذه القيادات لا تستطيع الاعتراض على قراراته.

وأوضح أن هذا الإحلال والتجديد للقيادات العسكرية والذي لم يبق سوى على عضو واحد من أعضاء المجلس العسكري الذي قام بانقلاب 2013، هو اللواء شاهين الذي يوصف بأنه "ترزي قوانين العسكر".

"وهذا ما جعل القيادات تنشغل بالحفاظ على مناصبها والرغبة في التجديد لها، بأكثر من معارضتها قرارات السيسي، بما فيها تقليص دور الجيش في الاقتصاد لو أراد، خشية أن يعجل ذلك بالتخلص منها"، وفق المحلل السياسي.

حقيقي أم بروباغندا

وينبه الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، إلى أن "قرار السيسي لم يمنع تعاقد هذه الجهات العسكرية والاستخبارية مع مشاريع اقتصادية مدنية، أو يحظره، ولكنه اشترط فقط موافقته بنفسه على الاتفاقات (الجديدة غالبا)".

وقال الصاوي لـ"الاستقلال" إن “قرار السيسي لا أهمية له، إلا إذا تم معرفة تفاصيله وأسباب صدروه الفعلية، وهل هناك إرادة حقيقية من جانب الجيش للخروج من الاقتصاد المدني أم لا؟”

وأوضح أن “أمور البيزنس في مصر، تم ترتيبها بشكل كبير جدا خلال الفترة من 2013 (انقلاب السيسي) وحتى الآن، لصالح هذه المؤسسات العسكرية والاستخبارية”.

وأشار إلى أن “وزارة الإنتاج الحربي –كمثال-أبرمت بروتوكولات تعاون مع كل الوزارات والمحافظات والمؤسسات والهيئات الحكومية، لتوريد كل الأشياء والسلع وغير ذلك، أو لتنفيذ مشاريع لها، ويصعب تصور توقفها فجأة لأنها عقود بتواريخ”.

وبالتالي "فالقرار قد يتعلق بما هو آتٍ، وما هو قادم، الذي يستلزم موافقة السيسي على الاتفاقات الجديدة، أما ما ماضي، فهناك بروتوكولات تم توقيعها تنظمه"، وفق الصاوي.

وينبه الخبير الاقتصادي إلى أنه “رغم ضغوط صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بطرح شركات الجيش للبيع في البورصة منذ 5 سنوات (مثل وطنية ومياه صافي)، فلم يتم ذلك، لوجود عقبات كبيرة في تقييم أصول هذه الشركات لبيعها”.

ويشير إلى أن “الجيش لا يزال يمكنه، عن طريق بعض الشركات العامة أن يدير أعماله من الأبواب الخلفية مثل صناديق الاستثمار النقدي في البورصة أو أرصدة هذه المؤسسات في البنوك أو حصصها في الشركات”.

وأوضح أنه “في اكتتاب قناة السويس كانت 64 بالمئة من أموال السندات والاكتتابات فيها، تحويلات من أموال مؤسسات القطاع العام وحساباتها في البنوك، وبعضها تابع لجهات عسكرية واستخبارية”.

وفي مارس/ آذار 2024، صدر منشور من قطاع الرعاية العلاجية موجه إلى مديريات الشؤون الصحية، يُظهر شكل التعاقدات بين إحدى الجهات السيادية الممثلة في جهاز المخابرات العامة والوزارات الحكومية، ومنها وزارة الصحة والسكان.

وتضمن المنشور موافقة وزير الصحة والسكان، خالد عبد الغفار، على تجديد التعاقد مع جهاز المخابرات العامة لمدة سبع سنوات، بدءا من يوليو 2023 لصيانة الأجهزة الطبية، بنفس شروط التعاقد السابق وبالزيادة السنوية المقررة بالتعاقد.

وأظهر المنشور أن هناك عقد صيانة للأجهزة الطبية لـ58 مستشفى تابعا لوزارة الصحة بين هيئة الشراء الموحد المسؤولة عن التعاقدات والتوريدات الطبية الخاصة بوزارة الصحة وبين جهاز المخابرات العامة.

صندوق النقد

كان لافتا، تزامن قرار السيسي مع قيام بعثة صندوق النقد بزيارة مصر من 6 إلى 20 نوفمبر 2024، ومغادرتها، دون التوصل إلى اتفاق نهائي مع حكومة النظام بشأن استكمال المراجعة الرابعة لصرف الشريحة الجديدة من القرض البالغة 1.3 مليار دولار.

بيان البعثة، الذي اطلعت عليه "الاستقلال"، أظهر أنها ربما تشددت مع السلطات النظام المصري في مسألة توسيع دور القطاع الخاص، الذي يعني بالمقابل تقليص "بيزنس العسكر" في الاقتصاد المصري.

وأشار ضمنا إلى أنه لم يتم التوصل حاليا إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي "وستستمر المناقشات"، ما يعني وجود أمور عالقة، ربما من بينها بيزنس الجيش، والذي يُعتقد أن قرار السيسي كان محاولة لاسترضاء الصندوق.

وأكد الصندوق ذلك بقوله "سنواصل خلال الأيام المقبلة المناقشات مع مصر بشأن السياسات والإصلاحات المتبقية لاستكمال المراجعة الرابعة لبرنامج التمويل".

وأشار بيان الصندوق إلى ضرورة تسريع الإصلاحات الهيكلية "لتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، بما يشمل تسريع خطط تخارج الدولة، وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي لمواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة".

وهي إشارة يُصد بها خروج الجيش من الاقتصاد بصفته هو الذي يهيمن عليه ويدير بموجبة الدولة حاليا.

وكانت أهم نقاط بيان صندوق النقد بعد انتهاء زيارة القاهرة في 20 نوفمبر، أن مصر تحتاج إلى القيام ببعض الإصلاحات لدعم طلبها للاقتراض من برنامج الصلابة والاستدامة وتساعد في مواصلة الحد من المخاطر ذات التأثير البالغ على الاقتصاد الكلي، وزيادة دور القطاع الخاص لفائدة جميع المصريين لأنه المحرك الأساسي للاقتصاد.

وكذلك التزام البنك المركزي بسعر صرف مرن لحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجي، وهو تعويم سري بدأته حكومة النظام المصري، انعكس على بعض التحرك في سعر الصرف وانخفاض نسبي في سعر الجنية.

إضافة إلى طلب الصندوق، تعزيز العوائد المحلية (مثل الضرائب) عن طريق زيادة قاعدة التحصيل وتقليل الإعفاءات الضريبية.

وجانب من هذه الفقرة موجه للجهات العسكرية الاقتصادية التي لا تدفع ضرائب أو مقابل العديد من الخدمات للدولة المصرية.

وأشارت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إيفانا هولار، إلى أنه “لا يزال هناك بعض الأمور التي يتعين الانتهاء منها قبل إتمام المراجعة الرابعة”.

وتحدثت عن استمرار المناقشات خلال الأيام المقبلة "لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق على السياسات والإصلاحات المتبقية التي يمكن أن تدعم استكمال المراجعة الرابعة".

ويشير موقع "انتربرايز" الاقتصادي في 21 نوفمبر 2024 إلى أن تأجيل المراجعة الرابعة ربما له علاقة أيضا بـ"تعديل عدد من المستهدفات"، حسبما نوه رئيس وزراء النظام مصطفى مدبولي.

وتحدث مدبولي خلال مؤتمر صحفي في 6 نوفمبر 2024 عن وجود محادثات مع الصندوق حول "كيفية تعديل الجدول الزمني للإصلاحات المتفق عليها سابقا مع الصندوق".

وأضاف أن "جزءا كبيرا جدا من النقاش مع بعثة الصندوق حاليا يدور حول كيفية تأجيل بعض المستهدفات السابقة (ربما رفع أسعار الطاقة والكهرباء) حتى لا نضغط على المواطن في المرحلة القادمة".

ورفعت الحكومة أسعار الوقود ثلاث مرات عام 2024، في محاولة لتقريب سعرها من المعادلة المتفق عليها مع صندوق النقد، كما رفعت أسعار الكهرباء مرتين.

وتحدث رئيس الوزراء عن أنه سيتم تثبيت أسعار المحروقات ستة أشهر لكنها ستزيد تدريجيا بعد ذلك حتى نهاية العام 2025، قبل أن يعود للحديث عن "تعديل الجدول الزمني للإصلاحات".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2024، طلبت حكومة النظام المصري من صندوق النقد مد أجل تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها، بعد دعوة السيسي لمراجعة شروط الاتفاق مع الصندوق تفاديا لمزيد من الضغط على الرأي العام.

وكشفت مصادر حكومية، أن المفاوضات الأخيرة مع الصندوق تناولت طلب تأجيل سداد مستحقات وفوائد القروض الخارجية المقدرة بنحو 20 مليار دولار خلال العام المالي 2024-2025، ومد فترة برنامج القرض المصري من 3 إلى 5 سنوات.

وأبرمت مصر اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر/ كانون الأول 2022، لكن المراجعتين الأولى والثانية تعطلتا لعدة أشهر بسبب الخلاف مع الحكومة على تطبيق الإصلاحات المطلوبة.

وتم تأجيل إصدار المراجعة الرابعة بالاتفاق مع الصندوق لمنح مصر المزيد من الوقت لتنفيذ الإصلاحات.

وسبق أن حاول السيسي الظهور بمظهر البطل الذي يرفض إملاءات صندوق النقد الدولي وطالب بضرورة مراجعة برنامج الصندوق بمصر لتخفيف الأعباء على المصريين.

ودعا في 20 أكتوبر 2024 إلى مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي، في حال تسبب برنامجه للإصلاح الاقتصادي إلى ضغط "لا يتحمله الناس".

وقال: "لو التحديات اللي بنمر بيها هتخلينا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله فلا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد".

وتحدث عن توقعات بـ"ركود اقتصادي" قادم في السنوات المقبلة، ولوح بـ"اقتصاد الحرب"، فيما يبدو كأنه يطلب من الصندوق مراعاة أحوال المصريين الذين رفعت السلطة الأسعار عليهم بصورة متوحشة عدة مرات كي لا ينفجر الغضب الشعبي ضده.

وحرك النظام أذرعه الإعلامية وحتى السياسية (بما فيها حزب النور) بالتزامن مع "رسالة" السيسي للصندوق، لمهاجمة صندوق النقد الدولي وكأنه هو السبب في تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر.