"شريك لأميركا والناتو".. لماذا اختار الإنتربول المغرب لعقد دورته الـ93؟
"المغرب أثبت أنه حليف إستراتيجي للاتحاد الأوروبي في مجال إدارة تدفقات الهجرة"
في خطوة تمهد لاحتضان أشغال الدورة الـ93 للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “أنتربول” في مدينة مراكش خلال نوفمبر/ تشرين الأول 2025، تسلم المدير العام للأمن المغربي قبل أيام علم المنظمة الدولية من وزير الأمن البريطاني.
وفي السياق، تتحدث مجلة "جون أفريك" في تقرير لها عن أسباب اختيار المغرب لاستضافة الدورة 93 للجمعية العامة للإنتربول في عام 2025 بمدينة مراكش.
ويعكس هذا الاختيار، بحسب المجلة الفرنسية، "تقديرا دوليا لقدرات المغرب في مجال الأمن والتعاون الإقليمي والدولي.
إذ تبنى المغرب نهجا عمليا للتعاون الأمني، خاصة مع الدول الإفريقية مثل السنغال وكوت ديفوار، وقدم تدريبات ودعما تقنيا لـ"مواجهة التهديدات الإرهابية".
كما عزز المغرب علاقاته مع إسرائيل والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “ناتو”، إضافة إلى تعاونه مع الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، بحسب المجلة.
“دور رائد”
تصف المجلة الفرنسية في بداية تقريرها انتخاب المغرب أخيرا لمنصب نائب رئيس قارة إفريقيا ضمن منظمة الإنتربول بأنه "ليس مفاجأة" بالنسبة للمجتمع الأمني الدولي.
حيث يعكس هذا التصويت، الذي جرى خلال الدورة الـ 92 للجمعية العامة للمنظمة من 4 إلى 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 في غلاسكو، نجاحات المملكة في مجال الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والعالمي.
وفي هذا الصدد، تلفت المجلة إلى أن المغرب، بفوزه بهذا المنصب بدعم من ممثلي 96 دولة، يظهر كـ "نموذج في إدارة الشؤون الأمنية، مستندا إلى قيادته والتزامه بدعم الاستقرار الإقليمي".
وبهذا الشأن، توضح المجلة أن المملكة تبنت مقاربة عملية للتعاون جنوب-جنوب، تهدف إلى تعزيز شراكاتها مع الدول الإفريقية، لا سيما في مجال الأمن.
إذ تستفيد دول مثل كوت ديفوار والسنغال ومالي وتشاد من دعم المغرب لتعزيز قدراتها الأمنية، من خلال دورات تدريبية مستمرة وتبادل المعلومات ومواكبة تقنية لمواجهة التهديدات الإرهابية والإجرامية.
وبحسب المجلة الفرنسية، أشاد الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية لإفريقيا، بهذه المقاربة.
وأكد، في فبراير/ شباط 2024، على أن المغرب يمثل "نموذجا في مجال الأمن والتعاون في المنطقة".
إضافة إلى ذلك، عزز المغرب أيضا علاقاته مع شركاء دوليين رئيسين، مثل الولايات المتحدة وحلف الناتو، مما رسخ دوره المركزي في الأمن العالمي، وفق ما ورد عن المجلة.
وخلال زيارته إلى الرباط في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أكد الممثل الخاص لحلف الناتو لمنطقة الجوار الجنوبي، خافيير كولومينا، أن "المغرب يُعد فاعلا لا غنى عنه عندما يتعلق الأمر بالأمن".
ومن جانبهم، تعد الولايات المتحدة المغرب حليفا إستراتيجيا في مكافحة الإرهاب في إفريقيا والشرق الأوسط.
وتتجلى هذه الشراكة -كما ذكرت المجلة الفرنسية- من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية وبرامج تدريب قوات الأمن والتعاون الفعال في منطقة الساحل، حيث يلعب المغرب دورا حاسما في احتواء التهديدات الإرهابية.
ومن ناحية أخرى، تسلط "جون أفريك" الضوء على أن المملكة تميزت أيضا بخبرتها المتقدمة في مجال الاستخبارات، حيث عملت بشكل وثيق مع فرنسا وإسبانيا لمنع الهجمات الإرهابية وتفكيك الخلايا النشطة.
بالإضافة إلى ذلك، اتخذ المغرب خطوات مهمة لتعزيز قدراته في مجال الأمن السيبراني، مستثمرة في حلول تكنولوجية متقدمة ومتعاونة مع شركات متخصصة.
واليوم، تؤكد المجلة أن "المغرب أصبح قادرا على الاستجابة بفعالية للتهديدات السيبرانية وحماية بنيته التحتية الوطنية، مع تقديم دعم حيوي لشركائه الدوليين".
شريك قوي لأوروبا
وعلى الصعيد الأوروبي، تلفت المجلة الفرنسية إلى أن المغرب أثبت أنه حليف إستراتيجي للاتحاد الأوروبي في مجال إدارة تدفقات الهجرة.
ومن خلال تعاون وثيق مع إسبانيا، يلعب المغرب دورا رئيسا في مراقبة طرق الهجرة وإحباط شبكات تهريب البشر.
وكونه بلد عبور، أثبت المغرب كفاءته في إدارة الحدود، مما يجعله رصيدا ثمينا للاتحاد الأوروبي في جهوده للسيطرة على الهجرة غير النظامية، على حد قول المجلة.
وعلى جانب آخر، تقول المجلة إن "إدارة الأمن المغربية نجحت في جذب انتباه فرنسا، التي طلبت الاستعانة بخبرة الرباط في التحضيرات الأمنية لدورة الألعاب الأولمبية في باريس".
ففي يونيو/ حزيران 2024، زار عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، باريس لتعزيز التعاون الأمني.
ويعكس هذا التعاون -من وجهة نظر المجلة الفرنسية- اعتراف فرنسا بالخبرة المغربية في إدارة الحشود وتأمين الفعاليات الكبرى.
جدير بالذكر أنه قبل فرنسا، كانت قطر قد عززت منظومتها الأمنية بالاستعانة بخبرة المغرب في إدارة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وأتاح اتفاق تعاون بين البلدين إرسال عدة آلاف من رجال الشرطة المغاربة لدعم أمن هذا الحدث العالمي، بحسب ما ورد عن المجلة.
علاوة على ذلك، قاد عبد اللطيف الحموشي، الشخصية البارزة في مجال إدارة الأمن بالمغرب، الوفد المغربي خلال الجمعية العامة الأخيرة للإنتربول في غلاسكو في إسكتلندا.
حيث دافع بنشاط عن المصالح المغربية في المناقشات الإستراتيجية حول الأمن العالمي، مما عزز مكانة المملكة كركيزة أساسية للأمن الإقليمي والدولي.
لقاء مراكش
وفي إطار ما ذُكر سابقا، أشارت المجلة إلى أن تكريس الاعتراف الذي منحه المجتمع الدولي بتسليم علم الإنتربول للمدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني يؤكد "اختيار المملكة كدولة مضيفة للجمعية العامة المقبلة للإنتربول في 2025".
ويعكس هذا القرار -في رأي المجلة- ثقة الدول الأخرى في قدرة المغرب على تنظيم هذا الحدث الدولي الكبير وتعزيز الشراكات الأمنية.
من ناحية أخرى، تبرز المجلة أن قدرة المغرب على بناء تحالفات إستراتيجية مع أطراف مؤثرة، مثل الولايات المتحدة وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي وعدة دول إفريقية، تؤكد "دوره المركزي في مواجهة التحديات الأمنية للقرن الحادي والعشرين".
وتختتم المجلة تقريرها بالقول إن "استضافة الجمعية العامة المقبلة للإنتربول ستتيح للمغرب فرصة لتعزيز دوره كنموذج يحتذى به، ولتأكيد التزامه المستمر بالمساهمة الفعالة في الأمن العالمي".