معهد عبري: هكذا تغلغلت إيران داخل المجتمع الإسرائيلي عبر منصات التواصل
المعهد تساءل: كيف نواجه شبكة النفوذ الإيراني في شبكات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية؟
امتدت الأذرع الإيرانية التي تستهدف إسرائيل، لتتغلغل هذه المرة داخل المجتمع الصهيوني عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية.
فمن خلال دراسة معمقة أعدها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ومعهد أبحاث منهجية الاستخبارات في مركز التراث الاستخباراتي، اكتُشف أن "طهران لديها شبكة نفوذ إلكترونية تؤثر في الرأي العام الإسرائيلي، وأن الحكومة لا تمتلك خطة معالجة منهجية لهذه الظاهرة".
وتزعم الدراسة أن "طهران استهدفت الفضاء الرقمي في إسرائيل عبر وسائل التواصل بين عامي 2020 و2022، مركزة على أحداث سياسية واجتماعية حساسة كالانتخابات والاحتجاجات، دون محاباة أطراف بعينها، وإنما استهدفت تعميق الانقسامات داخل المجتمع لإضعافه".
وتتناول الدراسة أولا وصف الشبكات الرئيسة المتدخلة التي نشطت في الخطاب الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة، ثم تعرض تحليلا للظاهرة وتحديد أنماط العمل الرئيسة لمرتكبيها، وفي النهاية تقدم الدراسة توصيات للحكومة والجهات الفاعلة في المجتمع المدني والجمهور للتعامل مع هذا التدخل.
شبكات متعددة
تؤكد الدراسة على التأثير المتنامي لشبكات التواصل الاجتماعي في توجيه آراء وأفكار الجمهور الإسرائيلي، فأكثر من 70 بالمئة منهم يستخدمها.
ومن هنا تركزت محاور الدراسة على عدة أسئلة بحثية لها علاقة بوسائل المتدخلين الأجانب في توجيه الجمهور الإسرائيلي.
فبدأت بسؤالها الأول حول “أنماط عمل المتدخلين الأجانب في وسائل التواصل الاجتماعي”.
وتساءلت: "كيف يمكن ربط النشاط المشتبه به في وسائل التواصل بجهات تأثير أجنبية؟ وما الذي تحاول الجهات التي تقف وراءها تحقيقه؟".
ثم كان السؤال الثالث تحت عنوان: "ما الذي يمكن تعلمه من التعامل مع الشبكات المكشوفة؟".
ورابعا: “كيف تؤثر هذه الشبكات على الأمن الوطني والديمقراطية والصمود الوطني؟”.
وأخيرا: "كيف ينبغي التعامل مع هذه المشكلة التي تهدد صمود الجبهة الداخلية الإسرائيلية على المستوى الوطني؟".
تشير الدراسة إلى أن "عمليات التدخل الأجنبي التي جرت دراستها في هذا البحث، عملت من خلال حسابات يمكن وصف سلوكها على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها غير أصيلة، ومن خلال حسابات يمكن القول بدرجة عالية من الاحتمالية إن مشغليها هم جهات دولة أجنبية".
واستندت في ذلك إلى "الوثيقة التي نشرتها شركة Meta (تمتلك فيسبوك)، والتي تناقش عمليات التأثير بين عامي 2017 و2020.
وعرفت الشركة عمليات التأثير بأنها "جهود منسقة للتلاعب أو تشويش الحوار العام لتحقيق هدف إستراتيجي".
وفي هذا البحث، جرى التركيز على ثلاث مجموعات من عمليات التدخل التي استهدفت الجمهور في إسرائيل بداية من عام 2020 حتى نهاية 2022.
وشملت أيضا خريطة أولية للشبكات التي عملت حول الانتخابات (الكنيست الإسرائيلي) في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
كانت بداية رصد هذه التدخلات وفقا للدراسة، في فترة "احتجاجات بلفور" وهي سلسلة تظاهرات معارضة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على خلفية اتهامات الفساد الموجهة ضده، وإدارته لأزمة جائحة كورونا.
إذ تدخلت شبكات تتظاهر بأنها ناشطة في احتجاج بلفور (فبراير/شباط 2020 – ديسمبر/كانون الأول 2021) لتؤثر في المشهد الداخلي الإسرائيلي.
وتابعت الدراسة: “ضمن هذه الفئة، قمنا بتضمين ما لا يقل عن خمسة عروض ترويجية وشبكات جرى تحديدها بواسطة فيسبوك وFakeReporter وهي منظمة إسرائيلية تركز على مكافحة المعلومات المضللة والتدخل الأجنبي في وسائل التواصل الاجتماعي”.
وتوضح أن المعلومات المتعلقة ببعض العروض الترويجية جزئية ومحدودة للغاية، حيث شارك فيسبوك بعضها في منشوراته بعد إزالة الحسابات.
وتضيف أنه: "في عمليات التدخل هذه، يجري استخدام مجموعة متنوعة من اللغات والمنصات والأدوات المتاحة لمخططي الحملات، وانتحال صفة منظمات وأفراد مشاركين في الاحتجاجات، ووضع علامات على عشرات الآلاف من حسابات إنستغرام وأكثر".
وتستعرض إحدى عمليات التدخل التي جرى تحديدها بواسطة فيسبوك وتم الكشف عنها خلال تقرير نشرته ميتا في نوفمبر 2020، وكانت تحت اسم "الأعلام السوداء Black Flags"، وهي جزء من حركة "احتجاجات بلفور".
وادعى فيسبوك أن "عملاء إيرانيين كانوا وراءها، وقد شملت العملية 12 حسابا، وصفحتين على المنصة، إضافة إلى 307 حسابات على إنستغرام" التي تمتلكها نفس الشركة.
وزعمت الدراسة أن "الحسابات المستخدمة كانت يبدو عليها أنها غير أصلية، فكانت معظمها مثلا تستخدم اسمين مكررين هما ليا وأروي".
ولاحظت أن "تلك الحسابات غيرت أسماءها مع مرور الوقت للترويج لأهداف مختلفة تخدم أصحاب النفوذ الإيراني".
وتطور الأمر إلى أنه "في إحدى الحالات، جرى نشر تفاصيل حساب "باي بال PayPal" من قبل حساب مشبوه ينتمي إلى الشبكة المتداخلة، وذلك بحجة تحويل الأموال للتبرع لحملات المعارضة الإسرائيلية".
وبحسب فيسبوك، حاول مشغلو الشبكة إخفاء هويتهم، لكن في الشركة وجدوا اتصالات بينهم وبين كيانات مرتبطة بـ"شركة تكنولوجيا المعلومات الإيرانية EITRC".
ووفقا للدراسة، تلقت "FakeReporter" بلاغات عن شخص مشبوه انضم إلى المجموعات الإسرائيلية وبدأ يطلب صور مظاهرات في إسرائيل.
وحللت المنظمة حساب ذلك الشخص المشبوه لتستنتج أن هناك علامات تربطه بعناصر إيرانية مثل استخدام لغة عبرية ركيكة، ولقطات شاشة لهاتف بواجهة باللغة الفارسية.
أما ثاني تلك الشبكات فهي "أدوك" التي تعد منصة أكدت شركة ميتا أن جهات إيرانية تديرها وذلك بعدما كشفتها منظمة “FakeReporter”.
وقد أغلقت شركة ميتا حسابات "أدوك" على فيسبوك وإنستغرام، بينما لا يزال حسابها على تلغرام يعمل.
عملت الشبكة وفقا للدراسة على "نشر محتوى يميني متشدد، يتعلق بالمجتمع الأرثوذكسي المتطرف عبر منصات مثل فيسبوك وتويتر وتلغرام".
وكانت تهدف إلى "تعميق الانقسامات في إسرائيل، فقد نشرت تصريحات ضد الشرطة، ورددت ادعاءات حول عدم كفاءة الجيش الإسرائيلي".
كما تناولت "محتوى معاديا للعلمانية، وآخر عن قضايا دينية مثل أخبار الحريديم، وأخبار أخرى مثل كورونا وتكاليف المعيشة".
وأفادت الدراسة بأن "الشبكة كانت تستخدم المحتوى من مغردين حقيقيين وأنشأت هويات وصورا وهمية لتعزيز مصداقيتها".
وعملت إيران كذلك، على “التواصل مع السياسيين المحيطين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”، حيث كشفت الدراسة أنه "بين يوليو/ تموز وديسمبر/كانون الأول 2021، جرى فضح شبكة حسابات مزيفة تديرها جهات تواصلت مع ناشطين سياسيين حول بنيامين نتنياهو، وحاولت تأجيج المظاهرات ضد حكومة نفتالي بينيت".
وتابعت: "بعد بلاغ في نوفمبر/تشرين الثاني2021، جرى كشف حوالي عشرة حسابات مزيفة على فيسبوك وتويتر، نشرت محتوى معاديا للحكومة، كان يهدف إلى تأجيج النيران في إسرائيل من خلال إشعال المظاهرات والنشاط الاحتجاجي".
وأردف: “تواصلت الحسابات مع ناشطين حقيقيين وحصلت على أرقام هواتفهم، لكن بعد نشر مقال حول تلك التدخلات على القناة 12 الإسرائيلية في ديسمبر 2012، عمل فيسبوك وتويتر على إزالتها”.
وكانت الانتخابات هي المجال الرابع الذي تدخلت فيه إيران على حد قول الدراسة. وتفيد بأنه "خلال انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين في نوفمبر 2022، جرى اكتشاف شبكات حسابات مزيفة تديرها عناصر إيرانية بهدف التأثير عليها".
وتوضح الدراسة تفاصيل ذلك النشاط بالقول: “انقسم عمل تلك الحسابات إلى ثلاث مراحل، الأولى قبل الانتخابات، حيث دعت عبر الوسوم والرسوم الكاريكاتيرية للانقسام في الحزب الصهيوني الديني”.
أما في يوم الانتخابات فقد دعت تلك الحسابات لمقاطعتها، وبعدها، زعمت تزويرها ودعت للاحتجاج على النتائج. وفي النهاية، أزيلت كل تلك الحسابات بعد انكشاف أمرها.
نمط وشبهات
تنتقل الدراسة للحديث عن الخصائص المشتركة لعمليات التدخل المدروسة، والتي شملت عدة عناصر.
أولها أسماء المستخدمين، حيث تفيد أنه "كانت تُعطى الحسابات الوهمية أسماء عبرية لتبدو كحسابات حقيقية تستهدف الجمهور الإسرائيلي".
أما البند الثاني فكان يتعلق بالصور، إذ "كانت الحسابات تستخدم صورا مسروقة أو يصعب تتبع مصدرها، مثل صور من قواعد بيانات أو سيلفي أو صور ممثلات خضعت للتشويه".
البند الثالث، كان يتعلق بمحتوى المشاركات، حيث "تتفاعل الحسابات الوهمية مع الأحداث الجارية في إسرائيل لتعزيز مصداقيتها، وتعمل على سرقة المحتوى من أشخاص حقيقيين ومنشورات إعلامية، كما تركز على القضايا الخلافية في المجتمع الإسرائيلي لإثارة ردود فعل قوية".
كما تشير الدراسة إلى أن "محتوى المشاركات الأصلية احتوى على لغة ركيكة وقواعد نحوية ضعيفة بسبب استخدام ترجمة آلية أو عدم إتقان اللغة".
وجاء العنصر الرابع تحت عنوان: "نمط النشاط"، ورصد "عمل الحسابات الوهمية على منصات متعددة في نفس الوقت لزيادة مصداقيتها.
وذلك باستخدام مصفوفات تشمل مجموعات وصفحات جرى إنشاؤها للترويج للمحتوى، والنشاط على مدى فترة طويلة لبناء مصداقية تدريجية.
وكذلك العمل بطريقة منسقة، مثل النشر في أوقات محددة، وأخيرا السعي لأن تكون تلك الحسابات جزءا من مجموعات فيسبوك لنشر المحتوى وتحقيق تأثير أكبر.
ويتناول الفصل الثالث من الدراسة العبرية "عوامل الشك في أن الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي هي جزء من نشاط منسق وغير أصيل".
وذلك استنادا إلى عدة خصائص تشير إلى هذا النوع من النشاط، منها "استخدام صور شخصية مزيفة، ونشر محتوى منسوخ من مستخدمين حقيقيين، وتكرار نفس الردود، والعلاقات المشبوهة بين الحسابات، والأسماء غير المألوفة وتكرارها في أكثر من حساب".
وكذلك الانخراط في عدد كبير من المجموعات ذات الطابع السياسي، أو فتح مجموعات (فيسبوك، واتساب) وقنوات في تلغرام تحمل اسم النشاط تهدف إلى الترويج لمحتويات الحملة المستهدفة، كما لوحظ نشر المحتوى خلال ساعات ثابتة، مما يثير الشبهات حول تلك الحسابات.
وقارنت الدراسة بين التدخل المحلي والأجنبي عبر خصائص معينة، مثل "الأخطاء اللغوية، أو علامات الاستفهام المقلوبة التي يمكن أن تشير إلى استخدام لوحة المفاتيح باللغتين العربية أو الفارسية.
كما تشير الحسابات التي تعمل على عدة منصات بمرور الوقت، أنه تقف خلفها منظمة كبيرة تتمتع بالموارد والبنية التحتية اللازمة لإجراء عملية التأثير.
وأضافت الدراسة: "كما أكدت منصات (فيسبوك، تويتر) أن هذه الشبكات تعمل من خارج إسرائيل، وتبرهن على ذلك أيضا بفارق التوقيت مقارنة بتوقيت تل أبيب، واستخدام أرقام غير إسرائيلية".
ومن هنا استنتجت أن "هناك عوامل تشير إلى التدخل الإيراني، مثل لقطات الشاشة التي تُظهر استخدام اللغة الفارسية أو المنطقة الزمنية لإيران، والتقارير الدورية لفيسبوك التي تؤكد العثور على شبكات تدخل إيرانية".
ورأت أن "هدف هذه العمليات هو زيادة الاستقطاب الداخلي في إسرائيل من خلال إثارة القضايا الخلافية، والتأثير على الخطاب الداخلي والعمليات الديمقراطية".
دروس وتحديات
وقدم الفصل الرابع دروسا مستفادة من عملية التدخل الأجنبي في شبكات التواصل الاجتماعي في إسرائيل.
وكان أول تلك الملاحظات، أن "المتدخلين يركزون على القضايا الخلافية المثيرة للجدل، مثل الانتخابات وتكلفة المعيشة، مما يعكس معرفة جيدة بالشؤون الإسرائيلية الجارية".
وأنهم "ثانيا، يستثمرون الموارد في بناء عمليات التدخل لإيهام الجمهور أنه يوجد تدخل من الدولة فيما يحدث داخل إسرائيل".
كما عمد المتدخلون إلى "العمل بشكل مستمر روتيني، والتركيز على الأحداث الخاصة مثل الانتخابات".
وادعت الدراسة في النقطة الرابعة "عدم استجابة الجمهور في التعامل مع التدخلات الأجنبية".
وقالت: "رغم الاستثمارات الكبيرة، فإن معظم عمليات التدخل تفشل في توليد صدى كبير بين الإسرائيليين. لكن في ذات الوقت أصبح هناك وعي متزايد بوجود مؤثرين معادين، مما يخلق شعورا بعدم الأمان وعدم الثقة".
الملاحظة الخامسة أن "بعض العمليات المعقدة تشمل اختراق مجموعات الواتساب وإنشاء اتصالات شخصية، مما يؤدي إلى إرسال مواطنين إسرائيليين لمواد إلى عناصر معادية دون علمهم، ما يشكل خطرا على الأمن القومي".
بناء على ما سبق، دعت الدراسة للتأكيد على "أهمية تحسين المعرفة الرقمية للجمهور لتقليل التأثر بمثل هذه العمليات".
وفي ذات الإطار، خلصت إلى مجموعة من التحديات الرئيسة التي تواجه أبحاث التدخل في الشبكات الاجتماعية.
فهناك "صعوبة في إثبات الانتماء لأطراف أجنبية، إذ تجد منظمات المجتمع المدني صعوبة في تحديد ما إذا كانت الحسابات وهمية وتدار من جهات أجنبية، دون مساعدة من أطراف ثالثة مثل المنصات التكنولوجية أو الجهات الأمنية".
يتمثل التحدي الثاني في "اعتماد الأبحاث على معلومات جرى جمعها من لقطات شاشة للحسابات والمحتوى، والتي غالبا ما تُحذف قبل البحث، مما يحد من القدرة على إجراء تحليلات دلالية وإحصائية شاملة".
وتتعلق الإشكالية الثالثة في “صعوبة تقييم تأثير التدخل على أمن إسرائيل، فقياس تأثير التدخلات الأجنبية على الأمن والديمقراطية الإسرائيلية أمر معقد، حيث قد لا تكون الآثار واضحة أو قابلة للقياس بسهولة”.
وحتى مع احتمال وجود أضرار، يبقى من الصعب تحديد مدى تأثير تلك العمليات بشكل دقيق.
ويستعرض الفصل الخامس سبل التعامل مع التهديدات الناتجة عن التدخل الأجنبي في شبكات التواصل الاجتماعي في إسرائيل، إذ تواجه دولة الاحتلال تحديات عديدة.
فبداية، "لا توجد لدى الحكومة معالجة منهجية لتهديد التدخل الأجنبي في إسرائيل على شبكات التواصل الاجتماعي، ولذلك هناك حاجة إلى بحث منهجي مستمر ومنظم لتحديد الشبكات المشبوهة وتقييم التهديدات التي تشكلها وكشفها للجمهور ثم إزالتها".
يتمحور التحدي الثاني في "صعوبة عمل النظام الأمني في الفضاء المدني المفتوح، حيث يسمح التدخل الأجنبي في الشبكات الاجتماعية بالاختلاط بين الأطراف الإسرائيلية والأجنبية، مما يجعل من الصعب على المؤسسات الأمنية التعامل معه دون المساس بحرية التعبير".
علاوة على ذلك، "قد تكون العوامل التي تحاول التأثير على الخطاب الإسرائيلي محلية وليست أجنبية، مما يزيد من تعقيد التحديد والتمييز".
من جهة أخرى، تؤكد الدراسة على دور شركات التواصل الاجتماعي في مواجهة التدخلات الأجنبية بفضل قدرتها على الوصول إلى المعلومات وتحديد وإزالة الحسابات المشبوهة.
واستطردت: "لكن قدراتها التكنولوجية في تصفية المحتوى باللغة العبرية مازالت غير كافية".
في ذات الوقت، تشير إلى أن "القوانين الحالية في إسرائيل لا تتعامل بشكل فعال مع التدخلات الأجنبية، إذ لا توفر التواصل المباشر بين المواطنين والمنصات، ولا تفرض حظرا على الحسابات الوهمية، ولا تشجع على التعاون الدولي لمواجهة هذه التهديدات".
ولذلك عدت الدراسة أن "هناك حاجة لقنوات اتصال مباشرة بين المواطنين وشركات التكنولوجيا للإبلاغ عن التدخلات الأجنبية والمعلومات المضللة".
وقالت: "تثير معضلة الظهور الإعلامي للتدخلات الأجنبية سؤالا حول ما إذا كان يجب الكشف عنها إعلاميا، أم لا".
وأردفت: “من جهة، يمكن لذلك أن يزيد الوعي العام ويعزز محو الأمية الرقمية، مما يساعد الجمهور في التعرف على الحسابات الوهمية”.
"لكن على الجانب الآخر يمكن أن يعطي ذلك دافعا لمشغلي التدخلات للاستمرار في عملياتهم، ويجعلهم يدركون أن إسرائيل قد اكتشفت شبكاتهم، مما يعقد عمليات البحث وجمع المعلومات المستقبلية".
وحذرت من أن "الظهور الإعلامي قد يستخدم كأداة للمواجهة السياسية، مما يعمق الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي".
مواجهة وتوصيات
وتختتم الدراسة المطولة بتقديم توصيات للعديد من الجهات المختلفة داخل إسرائيل لمواجهة عملية التدخل الأجنبي في شبكات التواصل الاجتماعي.
في البداية، قدمت "توصيات نظامية"، حيث دعت لـ “إنشاء هيئة لدراسة شبكات التأثير بشكل مستمر ومنهجي”.
وشددت على أنه "يجب أن تتمتع هذه الهيئة بقدرات بحثية واستخباراتية، بالإضافة إلى القدرات التكنولوجية والتحليلية لتحديد أنماط النشاط والخصائص المشبوهة".
واستكمل توصياتها قائلة: "ثانيا، يجب تعزيز التعاون والتنسيق بين الجهات الفاعلة، وعلى تلك الهيئة أن تكون قادرة على العمل المشترك وتبادل المعلومات بشكل فعال".
في المرحلة الثالثة، تنصح بـ "توسيع نطاق البحث ليشمل جميع اللغات التي يستخدمها الإسرائيليون على الشبكات الاجتماعية، كما يجب مراقبة منصات اجتماعية أخرى مثل تيك توك".
ووجهت التوصية التالية للدوائر الحكومية، "فيجب زيادة الوعي بتهديد التدخل والتأثير الأجنبي في العمليات الديمقراطية بشكل عام، والشبكات الاجتماعية بشكل خاص، بصفتها تهديدا جديدا كبيرا للأمن الوطني".
وسلطت الدراسة كذلك الضوء على توصيات متعلقة بالتنظيم في إسرائيل، داعيا لـ "إنشاء قناة اتصال مباشرة بين السكان ومنصات التواصل الاجتماعي، للإبلاغ عن الشكاوى والاستفسارات المتعلقة بالمحتوى".
وأضافت: "ينبغي أيضا سن تشريعات تحظر المستخدمين الوهميين، ومنح أدوات للسلطات لمكافحة مشغلي الحسابات الزائفة، ومراقبة وإزالة الحسابات الوهمية، وتحديث تشريعات الخصوصية، ومراقبة بنية المنصات والخوارزميات، مع الحفاظ على حرية التعبير للمستخدمين النهائيين".
وطالت التوصيات كذلك شبكات التواصل الاجتماعي، إذ "ينبغي مطالبة شركات التكنولوجيا بالاستثمار في تخصيص الموارد والتقنيات المتكيفة مع اللغات المستخدمة في إسرائيل، حيث يمكن تعيين فرق مراقبة وبحث محلية وتوظيف مدققين يفهمون اللغة والثقافة".
كما عرضت الدراسة بعض الاقتراحات على دوائر المسؤولية في إسرائيل، داعية إلى تنفيذ هذه الاقتراحات، وكان من ضمنها "إنشاء هيئة لتنظيم النشاط في الفضاء الرقمي".
وأشادت بما قدمته لجنة في وزارة الاتصالات عملت على فحص الأنظمة المتعلقة بمنصات المحتوى الرقمي، وأوصت بإنشاء مجلس عمومي يهدف إلى زيادة الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي اعتمده وزير الاتصالات السابق في ديسمبر/ كانون الثاني 2022.
وأوصت الدراسة المجتمع المدني، بأربعة أمور؛ أولها تعزيز الوعي والتعليم الرقمي، ودمج التدريب في المناهج الدراسية، والتعاون مع السلطات الحكومية وشركات التكنولوجيا لتحديد ومعالجة التدخلات الأجنبية بشكل فعال، وأخيرا تأسيس هيئة لتنظيم النشاط الرقمي.
وفيما يتعلق بالتوصيات الموجهة للجمهور في إسرائيل، نادت بـ "إنشاء قناة اتصال مباشرة الجمهور وشركات التكنولوجيا، للإبلاغ عن الأنشطة الضارة على الشبكات الاجتماعية".
كما وجهت "بتحسين التشريعات والسياسات لمكافحة الحسابات الوهمية، والعمل على تعزيز التوعية والتثقيف، وتحسين عملية التواصل مع الحكومة في تقديم المعلومات والتبليغ عن أي نشاط مشتبه به".
واتجهت إلى تقديم توصيات لوسائل الإعلام التقليدية، فحثتها "على زيادة الوعي العام، مع التأكيد على الموازنة في تغطية التدخلات الأجنبية، بين إعلان وجودها للجمهور، وبين عدم تشجيع الجهات الفاعلة على مواصلة أنشطتها التدخلية".
كما اقترحت "إنشاء منتدى للتشاور الأمني المدني". وكانت التوصيات الأخيرة بشأن التوصيات المستقبلية، فدعت للبحث المستمر والمنهجي لتحديد أنماط التعلم لدى الخصم.
وتشير الدراسة إلى أنه “من الضروري تحليل الترقيات والتغيرات في عمليات التدخل مع مرور الوقت، وتعزيز القدرات التحليلية والتنبؤية لدى المحللين لتحديد أنماط التدخل الأجنبي”.
وشددت على ضرورة التعاون مع هيئات البحث والمجتمع المدني، وتعزيز التعاون الدولي، للمساهمة في الدراسات المستقبلية.
وفي سياق ذلك، عرضت الدراسة المجالات التي يوصى بالتركيز عليها في السياق التكنولوجي.
إذ وجهت بالاستثمار في قاعدة بيانات متسقة يجرى تحديثها بمرور الوقت، والاستثمار في الأدوات المستندة إلى البيانات الوصفية لتحديد النشاط الذي يشتبه في أنه منسق وغير طبيعي في الشبكة.
وأخيرا، "الاستثمار في المعالجة الدلالية وأدوات المعالجة القائمة على المحتوى للكشف تلقائيا عن الرسائل التحريضية، وتحديد المحتوى الذي تنتجه خوارزميات التزييف العميق كجزء من التعامل مع التحدي المتزايد الموصوف في مجال الذكاء الاصطناعي ".