مستقبل العراق واليمن ولبنان وسوريا.. ما سر زيارة وزير دفاع السعودية لطهران؟

يوسف العلي | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في زيارة تأتي بوقت حساس، حطّت طائرة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، في العاصمة الإيرانية طهران، في 17 أبريل/ نيسان 2025، ليبدأ سلسلة لقاءات شملت معظم المسؤولين الإيرانيين، ما وضع علامات استفهام عدة عن توقيت هذه الخطوة ونتائجها.

وشملت لقاءات ابن سلمان خلال زيارته إلى الجمهورية الإيرانية اجتماعات رسمية مع المرشد علي خامنئي والرئيس مسعود بزشكيان ورئيس أركان الجيش محمد باقري.

رسالة الملك

زيارة وزير الدفاع السعودي، حملت رسالة خطية من الملك سلمان بن عبد العزيز إلى المرشد علي خامنئي، وفقا للوكالة الرسمية "واس" في 17 أبريل. 

وأبلغ الوزيرُ “خامنئي” تحيات العاهل السعودي وولي عهده محمد بن سلمان، وتمنياتهما لحكومة وشعب إيران الشقيق بالمزيد من التقدم والازدهار، فيما جرى استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية عن خامنئي قوله خلال اللقاء: "إننا نؤمن أن التواصل بين إيران والسعودية سيكون مفيدا لكلا البلدين، وبوسعهما أن يكمل أحدهما الآخر".

وشدد خامنئي على أن "توسيع العلاقات بين البلدين، له أعداؤه"، داعيا إلى وجوب "التغلب على هذه الدوافع العدائية، وإننا جاهزون في هذا الخصوص".

وفي حديثه عن بعض التقدم الذي حققته إيران، أشار إلى أن بلاده جاهزة في هذه المجالات لمساعدة العربية السعودية، وأن يتعاون الإخوة في المنطقة معا، ويساعد أحدهم الآخر، أفضل بكثير من الاعتماد على الآخرين.

من جهته، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ضرورة توطيد وتدعيم الوحدة والانسجام في العالم الإسلامي، داعيا إلى توسيع التعاون الثنائي بين إيران والسعودي في جميع المجالات والإفادة من الطاقات المشتركة لتسوية القضايا الإقليمية.

وأشار لدى استقباله وزير الدفاع السعودي إلى أوجه الاشتراك الدينية والثقافية والتاريخية المعمقة بين الدول الإسلامية، بالقول: إننا نَعُدّكم أخوة لنا، ومنذ أن بدأت حكومتي مهام عملها، أبديت اهتماما بتعزيز التواصل الأخوي بين البلدان الإسلامية.

ولفت إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية جاهزة بالكامل لتوسيع علاقاتها مع العربية السعودية في جميع المجالات وتعميم التعاون الثنائي ليشمل سائر البلدان الإسلامية.

ورحَّب بزشكيان بتشكيل مجموعات عمل مشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بين البلدين وقال: إن إيران والسعودية بوسعهما من خلال التعويل على الطاقات المشتركة ومن دون التدخلات الأجنبية، تسوية العديد من مشكلات المنطقة. 

أما وزير الدفاع السعودي، فقد أكد أن اللقاءات التي أجراها مع مسؤولي الجمهورية الإيرانية كانت مفيدة وإيجابية وبنَّاءة للغاية، حسبما نقلت وكالة "إرنا" الرسمية.

وأكد على ضرورة التقارب في العالم الإسلامي، وأن أي تطور سواء كان إيجابيا أو سلبيا، في المنطقة سيؤثر على جميع بلدانها، مشددا على الدور الرئيس لطهران والرياض في المعادلات الإقليمية، وأنهما تشكلان الدعامتين الرئيستين للمنطقة.

وأشار المسؤول السعودي إلى أن مواقف إيران والسعودية من التطورات في غزة وفلسطين متماثلة الاتجاه، وأن إجراءات الكيان الصهيوني في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا تظهر محاولاته لاستغلال الفراغ الموجود في المنطقة.

وأشار الوزير السعودي إلى أهمية استمرار الحوارات الثنائية، مُسَلِّما دعوة العاهل السعودي وولي عهده للرئيس بزشكيان للقيام بزيارة رسمية للعربية السعودية، مؤكدا استعداد المسؤولين السعوديين لتوسيع التعاون في جميع المجالات.

"زيارة استثنائية"

وعن توقيت الزيارة ونتائجها المتوقعة، علّق الكاتب والمحلل السياسي في شؤون الشرق الأوسط، عماد الدين الجبوري، قائلا: "رغم أنها جاءت بطلب من إيران، وحديث وزير الدفاع الإيراني، أن هدفها تطوير العلاقة بين البلدين، لكن لا يمكن إنكار أن ثقل السعودية دفع الإيرانيين لرغبتها بالتدخل في أزمتها".

وأوضح الجبوري لـ"الاستقلال" أن "وضع إيران الحالي وحصرها في زاوية ضيّقة من الجانب الأميركي التي حشدت أساطيلها وقواتها بالمنطقة، ورغم الوساطة العمانية، لكن يبقى الثِّقل السعودي لدى الولايات المتحدة أبعد وأقوى من غيرها، كدولة عربية إقليمية لها شأنها ووزنها على المستويين الإقليمي والدولي".

ورأى الجبوري أن "إيران تريد من العلاقة مع الجانب السعودي ألا تنحصر في التعاون بين الجانبين، لذلك فإن الغاية من هذه الزيارة هو أن تأخذ السعودية دورا لما لها من مثل ثقل مع الجانب الأميركي، وأن تقوم على أقل تقدير في مساعدة إيران خلال المرحلة الحالية الحرجة التي تمر بها".

وتابع: "خصوصا أن هناك لقاء قريبا (جولة ثانية) بين واشنطن وطهران في روما خلال الأيام المقبلة، لذلك تريد إيران كسب ورقة ضغط لمساعدتها في تخفيف التشدد الأميركي تجاه المفاعل النووي، وفي باقي الشروط الأميركية تجاه طهران وسياستها بالمنطقة".

وأشار إلى أن "إيران هي في زاوية حرجة جدا لم تَعْهدها طيلة أكثر من أربعة عقود مضت، لذلك ترى في دعوتها للوزير السعودي وإجراء محادثات معه، خصوصا في الجانب العسكري، فرصةً لإيجاد متنفس يخفّف عنها الضغط؛ لأن السعودية بعلاقتها مع الولايات المتحدة يمكنها المساعدة".

وأعرب الجبوري في هذا الصدد، عن أمله في "قدرة السعودية أيضا على تحجم دور إيران لصالح المنطقة العربية؛ لأن السياسة الإيرانية في العقود الأربعة الأخيرة، هي دائما ما تعمل ضد الدول العربية، وأن مشروعها رأيناه كيف فعل في سوريا والعراق ولبنان واليمن".

من جهته، قال الباحث في مركز "الجزيرة" للدراسات، لقاء مكي: إن "زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران استثنائية تماما، في توقيتها وفي طبيعتها. وما سينتج عنها ربما يكون حاسما لتقرير مستقبل الوضع في المنطقة، ومنها مستقبل العراق واليمن ولبنان وسوريا".

وأضاف عبر تدوينة على منصة "إكس" في 17 أبريل: "سنرى إن كان السياق الإقليمي الجديد سيدفع إيران إلى نهج عقلاني يوقف عبثها في دول المنطقة، ويجعلها تركن إلى الأمر الواقع، ومن تجلياته، المفاوضات مع الولايات المتحدة، وهذه الزيارة للوزير السعودي". 

وختم الباحث مكي تدوينته بالقول: إن "السؤال الأبرز، هو عن الارتدادات المحتملة لهذا التحول الممكن على أوضاع الأذرع الإيرانية في المنطقة".

"ثلاث نقاط"

وعلى الصعيد ذاته، قال الخبير في الشأن السياسي الإيراني، محمد صالح صدقيان: إن "الزيارة جاءت في ظل ظروف معقدة ومهمة وخطيرة أيضا، وبالتالي البؤرة المركزية للتوتر في المنطقة لا تزال مستمرة".

وأضاف صدقيان خلال مقطع فيديو نشره على "يوتيوب" في 17 أبريل، أن "هذه البيئة مهمة لكل دول المنطقة سواء للسعودية أو إيران، وهاتان الدولتان مسؤولتان عن العمل من أجل إيقاف هذه الإبادة في غزة".

الأمر الآخر، يضيف صدقيان، أن "هناك توترا في اليمن والبحر الأحمر، وهذا مهم بالنسبة لإيران والسعودية، وهي قضية أمن قومي بالنسبة للأخيرة كما أنها جزء من تعريف الأمن القومي الإيراني، وأن البلدين مهتمان بالقضية اليمنية، التعاون بينهما يمكن أن ينتج عنه تشكيل حكومة انتقالية في اليمن".

ولفت إلى أن المسألة الأخرى، هي "المفاوضات الإيرانية الأميركية، وإذا نجحت فإنها بالتأكيد سوف تنعكس على المحيط الإقليمي والعكس صحيح؛ لأنها إذا فشلت فإن الكل سيتأثر، بالتالي التأثير سيكون إيجابيا أو سلبيا".

وأكد صدقيان أن "الوضع في المنطقة مازال ملتهبا، وأن الزيارة جاءت في ظل هذه الظروف، خصوصا بعد اتصالات عدة بين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وآخرها في عيد الفطر، والتي بحثت التعاون السياسي والأمني والاقتصادي".

ورأى الخبير الإيراني أن "أهمية الزيارة تكمن أيضا في طبيعة الشخصية الزائرة إلى طهران، كونه شقيق ولي العهد ونجل العاهل السعودي ووزير الدفاع، فهو ضمن إطار القيادة السعودية، بالتالي هناك الكثير من المشتركات لدى الجانبين لبحثها".

وأكد صدقيان أن "الأوساط السياسية والاقتصادية والشعبية في إيران تنظر إلى هذه الزيارة بأهمية كبيرة؛ لأن تقارب الرياض وطهران يعني تعافي وتنفس الجميع الصعداء في المنطقة، وكلما كان هناك تدافع وتنافس فإن الكل متضرر بما فيهم إيران والسعودية".

ورأى الخبير أن "النقاط الأولى التي بحثها وزير الدفاع السعودي مع المسؤولين الإيرانيين، هي التعاون والتنسيق العسكري بين إيران والسعودية، وهي مهمة ومن أجلها جاء الأمير خالد بن سلمان إلى طهران، وأن تلاقح هاتين القوتين يصبّ في صالح المنطقة".

أما النقطة الأخرى، فإن الزيارة تبحث قضايا إقليمية سواء في غزة أو اليمن، وأن إيران والسعودية دولتان كبيرتان بالمنطقة بالتالي مسؤولتان عن كل ما يجرى فيها، وبالتالي الكل يتوقع إطفاء هذه الحرائق، وهم والمنطقة بحاجة لذلك، وفق صدقيان.

وذكر الخبير الإيراني، أن “النقطة الثالثة، هي المفاوضات الأميركية الإيرانية، وأن الإيرانيين لديهم رغبة في وضع دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديدا السعودية في إطار ما يحصل في المفاوضات، وماذا جرى في الجولة الأولى، وإلى أين تسير وماذا تريد إيران؟”