القسام تضرب من الأعماق وتهدي السنوار أنشودة.. وناشطون: الميدان للمقاومة

منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعملية مركزة في بيت حانون وكليب إنشادي، جددت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس حضورها العسكري والإعلامي دفعة واحدة، في أكبر تطور من نوعه منذ استئناف الاحتلال عدوانه على قطاع غزة. 

فقد بثت الكتائب مشاهد لكمين أطلقت عليه اسم “كسر السيف" نفذه عناصرها ضد قوة إسرائيلية ببيت حانون شمال قطاع غزة، كما نشرت كليبا بعنوان “اضرب بعصاك”، مُهدى إلى رئيس المكتب السياسي السابق لحماس الشهيد يحيى السنوار.

القسام بثت في 21 أبريل/نيسان 2025، مشاهد للكمين الذي نفذه المقاومون قبلها بيومين واستهدف خلاله جيب عسكريا إسرائيليا من نوع ستورم، وأعقبه استهداف قوة الإسناد التي هرعت إلى المكان بعبوة تلفزيونية 3 مضادة للأفراد.

وتظهر اللقطات، خروج مقاتلي "القسام"، من فتحة نفق، وانتظارهم الهدف، ومن ثم استهداف موقع مستحدث لجيش الاحتلال بـ4 قذائق آر بي جي وعدد من قذائف الهاون، في هجوم أسفر عن مقتل جندي وإصابة عدد آخر بجروح خطيرة.

وأقر الاحتلال مساء 13 أبريل بمقتل ضابط في صفوفه وإصابة 3 عسكريين آخرين، بينهم ضابطة، بجروح خطيرة، خلال إحدى المعارك في شمال قطاع غزة، ليرتفع بذلك عدد العسكريين الذين اعترفت تل أبيب بمقتلهم منذ بداية الحرب إلى 847 قتيلا.

وفي سياق متصل، أعلنت القسام، مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين بعد استدراجهم لنفق مفخخ في حي التفاح شرق مدينة غزة.

وقالت: "بعد عودتهم من خطوط القتال، أكد مجاهدونا استدراج قوة هندسية صهيونية لعين نفق مفخخة مسبقا، وفور وصول القوة للمكان تم تفجير عين النفق".

وبدوره، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، في تحليله المشهد العسكري، إن كمائن القسام في شمال غزة وشرقها تؤكد فعالية كثير من شبكة الأنفاق رغم القصف والدمار الكبيرين -بحسب الجزيرة-.

وأشار إلى أن الكمائن وقعت ضمن أماكن قال عنها جيش الاحتلال إنها ضمن المنطقة الأمنية العازلة الممتدة على كامل السياج الشمالي والشرقي للقطاع وصولا إلى محور صلاح الدين (فيلادلفيا).

وأثنى ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي “إكس” و "فيسبوك"، على قدرة القسام على تنفيذ كمائن مفخخة واستمرار خروجهم من الأنفاق لتسديد الضربات العسكرية وإلحاق خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال. 

وأشاروا خلال مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #كسر_السيف، #كتائب_القسام، #بيت_حانون، #حي_التفاح، إلى أن العملية كانت في وضح النهار وفي منطقة يصعب وصول المقاومين لها.

وتحدثوا عما تحمله كمائن القسام من دلالات ورسائل للداخل الفلسطيني والاحتلال، وما تمثله من فشل وصفعة على وجه إسرائيل، محتفين بكليب الكتائب الذي أهدته للسنوار.

إشادة بالمقاومة

وتحت عنوان "على طريقة بيت حانون.. اصنعوا المقلوبة"، أشار الصحفي محمد هنية، إلى أن المقاومين خرجوا في المنطقة العازلة، محاطة بآليات الاحتلال وجنوده وتحت طائرات، وخرجوا من نفق المستحيل، في ظروف العَدَم.. وقلبوها.

وخاطب من يتحجج من أهل القدس والضفة والداخل، قائلا لهم: لا تقولوا "لا نستطيع"، فمستحيلكم هو الممكن جداً مقارنة بمستحيل بيت حانون.

وقال المغرد أرسلان، "تبارك الله.. ما يزال مهندسو الأنفاق بخير وحفر الأنفاق مستمر، وما تزال المقاومة تمتلك قادة ميدانيين بخبرات عالية، مشيرا إلى أن جزءا من المشاركين في العملية من قوات النخبة.

وأعرب مروان محمد عبده، عن ذهوله من قدرة حماس حتى يومنا هذا على أن تنصب الكمائن للجيش الإسرائيلي عن طريق عبوات مفخخة، ومازال لديهم أنفاق يطلعوا منها في المنطقة العازلة التي أقامها الاحتلال داخل قطاع غزة، ولديهم قذائف أر بي جي وقذائف هاون.

ووصف ذلك بأنه "شيء مذهل ومعجز"، قائلا: "مهو حاجة من اتنين يا جيش إسرائيل دا هزوء وخايب ورايح في ستين داهية، يا أما حماس دي وحش أسطوري".

وعلق تامر قديح قائلا: "لو كانت الأوامر العسكرية تسمح، لَكُنّا أمام أكبر عملية للمقاومة منذ بداية الحرب؛ الجيب أمامهم، والنفق خلفهم معدّ للانسحاب، والقدرة على أسر من في الجيب، وهم مصابون وعاجزون عن الحركة، كانت مرتفعة جدًا، وعدد المقاومين كان كافيًا لتنفيذ ذلك".

تحليلات وقراءات

وفي تحليله لكمين "كسر السيف"، قال الباحث في الشأن السياسي سعيد زياد، إن العملية تنتمي لنوعية الكمائن المركبة خلف خطوط العدو، حيث تم تنفيذ المقتلة على التماس من شارع جكر، الذي يبعد عن الحدود مسافة 200 متر فقط، بمعنى أنها هجومية أكثر مما هي دفاعية.

وأشار إلى أن عدد المقاتلين الكبير الذي شارك في العملية، وصنوف الأسلحة المستخدمة (عبوات، قذائف، هاون، رشاشات)، وتركيبها، يدلل على استحكام ميداني كبير للمقاومة.

وأكد زياد، أن اقتراب المقاتلين بهذا الشكل من المركبة يدلل على جرأة عالية خاصة مع صعوبة القتال في منطقة مكشوفة كهذه، وهنا بدا احتمال أسر القوة المصابة قريباً.

وأضاف أن برودة أعصاب المقاتلين، وهدوئهم خلال الكمين، أسهم في انتخاب الهدف الصحيح، والسماح للمركبات الأخرى بالمرور، كما أسهم في استثمار النجاح عبر توجيه ضربات أخرى محققة بصنوف الأسلحة.

وأوضح أن القذيفة التي استهدفت المركبة هي قذيفة RBG عيار 85 ملم، وليس قذيفة ياسين، وهي قذيفة مناسبة لاستهداف المركبات خفيفة التدريع، وقد أفضت إلى إيقاع القوة بين قتيل وجريح كما شاهدنا.

وأكد الكاتب المتخصص في علوم التاريخ والحضارة محمود سالم الجندي، أن كسر السيوف ليس كأي كمين، لافتا إلى أنه يتسم بالـ"هدوء، ثبات، تخطيط،  معلومة مسبقة.. ملابس عسكرية.. اصرار.. تحقيق للهدف".

وقال: إن المقاومة تتابع خط سير الجنود بعناية شديدة، بل وتعرف وتنتقي أهدافا محددة، وشبكة الأنفاق العملياتية (وهي مختلفة عن شبكة الأنفاق الرئيسة) مازال القائمون على تنفيذها "للأهداف المؤقتة" يعملون بكفاءة.

وأضاف الجندي، أن الأوامر في الكمين تتمثل بالإجهاز على مجموعة محددة معلوم مسبقا مرورها، مشيرا إلى أن هناك حالة من السعار داخل العدو حول الكيفية التي عُرِفت بها المقاومة هذه المعلومات.

وأثنى على إصرار المقاومين على إنهاء المهمة بشكل كامل وصحيح كما يظهر في الفيديو، وحتى ضربات "الآر بي جي" قام المقاوم بالضرب أكثر من مقذوفة للتأكد من إصابة الهدف رغم خطورة ذلك.

وأوضح الجندي، أن عدد العناصر في العقدة القتالية وملابسهم تدل على قوة التنظيم وأريحيته، فهم 6 عناصر 5 منهم بملابس عسكرية وليس مدنية، لافتا إلى أن وسائل الإعلام الصهيونية تقول: إن حماس تعمل بثبات وهدوء في انتظار "المعركة الكبرى". 

وأضاف: "يبدو أن هناك مخاوف قوية داخل العدو أن المقاومة تحضر لضربات قوية خلف خطوط العدو وفي العمق إذا استمرت الحرب".

ورأى الصحفي المتخصصة في الشأن الإسرائيلي منى العمري، أن أهمية فيديو القسام الأخير لا تكمن بعودة العمليات النوعية والكمائن للمقاومة فحسب، وهو ما سيشكل ورقة ضغط جدية على حكومة الاحتلال.

وأوضحت أن هناك تسويقا مستمرا داخليا ودوليا لأهمية استمرار الحرب من أجل تعزيز ما سمِّي بالمنطقة الأمنية العازلة.

وقالت: “الآن ومع تزامن انتشار خبر وجود حدث أمني آخر، سيؤدي هذا الفيديو وغيره في حال أدت لمقتل جنود ووقوع إصابات ونشرت لها فيديوهات إلى طرح السؤال حول الجدوى من وجود جيش وظيفته أن ينشئ منطقة عازلة تحمي مدن إسرائيل”.

وقال الباحث نور الدين المغربي: إن المقاتلين لديهم خطة محددة وعدم محاولة الأسر هو التزام بالخطة، ومسافة المئة متر تعد مخاطرة خصوصا أن الجيب انقلب يعني محاولة إخراج أحد منه ستأخذ وقتا.

وأضاف: “لكن نستطيع أن نلاحظ وجود ثغرات، فالعمل تم خارج النطاق السكني لبيت حانون، وهذا يخبرنا أنه مهما كانت قدرة الطيران المسير لدى العدو فهو لا يسيطر بالكامل”.

وتابع المغربي: "هذا العمل على عظمته أنا أضعه تحت بند التدريب، هذا عمل يمكن البناء عليه ويجب البناء عليه".

وذكر محمد مصطفى، أن بيت حانون هي أول خطوة بعد معبر إيريز المحصن، وأول مكان في غزة من جهة الجيش الصهيوني المدجج، وأول منطقة تعرضت للحزام الناري.

وأشار إلى أن بيت حانون كانت بداية التوغل البري للعدو، بداية الدمار والحصار والتجويع ومراقبة التقنيات الحديثة والتجسس باستخبارات العالم.

وقال المخرج السينمائي عز الدين ديفيدار، إن هذه العملية الهجومية فكرتها ليست عبثية، قائلا: “لو تقدم أبطال القسام لسحب المجندات الـ 3 من داخل الجيب.. من كان سيمنعهم؟”

وأضاف أن أبطال القسام كانوا بالفعل يقاتلون في وضح النهار تحت الشمس، ولم تنتبه لهم الدرونات ولا الأقمار الصناعية ولا التكنولوجيا الإسرائيلية كلها، وكان عدد المقاومين كافيا وفي منطقة متقدمة لا يتوقع الاحتلال أبدا أن يتسلل لها المقاومون بهذه الجرأة.

وتابع ديفيدار: "لو أرسل المقاومين 2 منهم لسحب أسيرين، لما علم عنهم الاحتلال شيئا إلا بعد وصولهم لعمق الأرض".

وأكد أن هذه الرسائل يلتقطها الجيش والمخابرات العسكرية، ويعرفون جيدا أنهم قاب قوسين أو أدنى من فضيحة وكارثة كبيرة قد تحدث في أي وقت، قائلا: إن أسر جنود ذاهبين لتحرير أسرى بعد عام ونصف العام من الفشل، هو فضيحة وانكسار عسكري مذلّ.

وأضاف ديفيدار، أن التقدم داخل غزة أو محاولة احتلالها، مغامرة في كل زاوية وشارع تهدد بإذلال إسرائيل وجيشها على رؤوس الأشهاد.

رسائل بليغة

وعن الرسائل التي تحملها “كسر السيف”، أوضح الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، أنها من أبرز العمليات الميدانية التي ظهرت خلال الأسابيع الأخيرة.

وأوضح أن القسام بعثت رسالة مزدوجة إلى الشارع الفلسطيني بأن المقاومة بخير وإلى العدو الصهيوني أن التفاوض لا يعني ضعفا.

وفند مضمون مشاهد العملية من ثلاث زوايا: “دلالات التسمية، أبعاد العمليات الميدانية، والرسائل السياسية والأمنية المضمّنة”.

وأفاد بأن كتائب القسام اختارت عنوان "كسر السيف" ردا على عملية أطلقها الاحتلال سابقا بعنوان "الشجاعة والسيف"، فيما يبدو أنه محاولة فلسطينية واعية لقلب المعادلة النفسية والرمزية.

وأكد أبو سلمية، أن "السيف الذي شرعه العدو في وجه غزة وأهلها، كما تشير التسمية، بات اليوم مكسورًا في يد من أراد كسره فعلاً لا قولًا؛ عبر مقاومة نوعية، مركزة، ومدروسة.

وأشار إلى أن المشاهد المنشورة تعكس تحولًا واضحًا في نمط الاشتباك لدى المقاومة الفلسطينية، فبدلًا من المواجهة المفتوحة كما كان قبيل التهدئة الأخيرة، تلجأ الكتائب إلى كمائن نوعية مركّزة تعتمد على استخبارات دقيقة، ورصد متواصل لتحركات العدو. 

وأوضح أبو سلمية، أن هذه الإستراتيجية الجديدة توفّر للمقاومة جملة من المزايا، ومنها تقليل الخسائر البشرية في صفوفها عبر عمليات مباغتة لا تتطلب الانغماس في خطوط النار، ورفع الكلفة البشرية والمادية على العدو الصهيوني، عبر استهداف آلياته وجنوده بشكل مباغت ومدروس.

ورأى أن ما يُلفت الانتباه أكثر هو موقع العملية، فقد نُفذت على مسافة تُقدّر بخمسين مترًا فقط من السياج الأمني مع الاحتلال، في شارع العودة ببيت حانون، وهي منطقة تُعدّ من أكثر المناطق مراقبة واستهدافًا. 

وأكد أن تنفيذ العملية في هذا المكان يُثبت قدرة المقاومة على اختراق العمق الميداني للعدو، والتحرك خلف خطوطه الأمامية دون كشف أو تعطيل.

كما يعيد هذا الاختراق إلى الأذهان مشاهد اقتحام مواقع العدو في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وإن كان بحجم ميداني أصغر.

وأضاف أن الاختراق يؤكد أن الفشل الإسرائيلي في ضبط الميدان مازال مستمرًا، وأن ثغرات جيشه لم تُسدّ بعد.

وقال أحد المغردين، إن أهم ما في كسر السيف أنه كمين هجومي ونفذ بعدد كبير من المقاتلين المهاجمين وعلى بعد 200 متر من سياج غلاف غزة، مؤكدا أنه رسالة مهمة تقول “قادرون على تذكيركم بـ 7 أكتوبر”. 

وأضاف أن الكمين رسالة تقول للاحتلال: "لا يمنعنا شيء عن تكرار 7 أكتوبر إن أردنا، وإذا كنتم خائفين من التقدم، فسنذهب لكم نحن، وقد نأسر جنودا إن أردنا".

وأوضح الصحفي أيمن الهسي، أن "كسر السيف" هي رسائل ربانية من نار ويقين أن السلاح دونه الأرواح.

وأرجع الصحفي محمد أبو طاقية، تسمية الكمين بـ"كسر السيف"؛ لأن كيان الاحتلال المجرم أعلن خرقه للتهدئة وعودته إلى حرب الإبادة في 18 مارس 2025، تحت اسم عملية "الشجاعة والسيف".

أما جيش كتائب القسام المبارك، فقد وجّه من خلال هذا الكمين رسالةً ميدانية واضحة: إنها مصمّمة على كسر سيف الاحتلال.

إهداء للسنوار

وحفاوة بالفيديو كليب الذي بثته القسام بعنوان "إضرب بعصاك"، ذكر أحمد الخطيب، بأن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال سابقا: "لن ننهي الحـ ـرب قبل القضاء على حماس".

وسخر قائلا: "القسام قبل شوي: طيب خد اسمع كليب (اضرب بعصاك في إشارة لعصا السنوار).. اسمعها وأنت بتقضي علينا بلاش تزهق وتمل".

ووصف الصحفي علاء البحار، كليب "اضرب بعصاك" بأنه رائع، داعيا الله أن يسدد رمي المقاومة.

وعلق جلال ناصر، على الكليب قائلا: "للّه درّهم من رجال.. عندهم وقت للإعداد والتخطيط والإثخان .. وأيضا للإنشاد والتصوير والمونتاج.. هؤلاء بركة اللّه في أرضه الطيّبة".

ودعا الكاتب يحيى بشير لمشاهد الكليب، مترحما على السنوار وداعيا على من خذله بالقول: "رضي الله عنك يا أبا ابراهيم، وحسبنا الله في من تخاذل وتأخر عن نصرتك والوقوف في مواطِن الشرف التي صنعتها رفقة رجالك الأوفياء".

وأشار أبو إسلام المرداوي، أن الكليب من أداء الجوقة العسكرية لكتائب القسام، ويبعث برسالة التحدي والثبات إلى كل من ظن أن الراية قد سقطت، مؤكدا أنها راية لا تنكسر وغداً نلتقي في الميدان.