"أمن إسرائيل أولا".. كيف ستنعكس الانتخابات الرئاسية الأميركية على سوريا؟
“هناك تصور بأن انتخاب ترامب قد يسرع من الانسحاب من سوريا”
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، تزداد أهمية السياسة الدولية والتوازنات، حيث يترقب الجميع هوية الرئيس الجديد وما هي رؤيته المحتملة للسياسة الخارجية.
ونشر مركز "سيتا" التركي مقالا للكاتب، كوتلوهان غوروجو، سلط فيه الضوء على تأثير الانتخابات الرئاسية الأميركية على السياسة الدولية والتوازنات في الشرق الأوسط، خصوصا سوريا.
فترة جديدة
وقال الكاتب التركي إن "من الأمور التي تطمئن المحللين في هذا السياق هو أن المرشحين الحاليين قد شغلوا مناصب رئيس أو نائب رئيس في الإدارات السابقة".
وأضاف: "عند النظر في الملف السوري نجد أنه قد مر أكثر من أربع سنوات منذ توقيع الاتفاق بين تركيا وروسيا في 5 مارس/ آذار 2020 دون حدوث أي تغييرات في الأراضي".
وأكد غوروجو أن "هذا الوضع يشير إلى بداية فترة جديدة في سوريا؛ حيث يمكن عد السنوات الماضية فترة صراع مجمد، ومن المتوقع أن يستمر هذا الوضع في المناصب السياسية الحالية".
ولفت الكاتب النظر إلى "حقيقة أن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية قد تؤدي إلى تأثير كبير، ومن المعروف أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب هو الوحيد الذي يمكن أن يحدث هذا التأثير".
وذكر أن "ترامب وعد خلال فترة رئاسته السابقة بالانسحاب من سوريا وإنهاء الحروب التي لا تنتهي".
ورغم قراره بالانسحاب من سوريا، إلا أن "النظام المؤسَّسِيّ" في الولايات المتحدة وخاصة القيادة المركزية قد زادت من عدد القوات بعد هذا القرار.
وقد عبر السفير الأميركي السابق في سوريا، جيمس جيفري، عن هذا الوضع بوضوح.
وقال غوروجو: “كما نتذكر فإن الانسحاب من أفغانستان كان مطروحا خلال فترة ترامب، وفي النهاية تم الانسحاب خلال فترة الرئيس الحالي جو بايدن”.
وأضاف “في الآونة الأخيرة، اشتدت النقاشات حول الانسحاب من العراق وسوريا”.
وتابع غوروجو: “يمكن عد استخدام ترامب للانسحاب من سوريا والعراق كأداة دعائية خلال حملته الانتخابية بمثابة اختبار للرأي العام”.
موضوع للنقاش
ومع ذلك، يظل الواقع أن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا والعراق، بل ووجودها العسكري في المنطقة، موضوعا للنقاش.
واستدرك الكاتب التركي: "في حال انتخاب المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، من المتوقع أن يستمر التعاون مع (النظام المؤسسي) بشكل أكثر سلاسة".
وشدد على أنه “رغم أن واشنطن قد تقلل من وجودها في الشرق الأوسط للتركيز على الصين، إلا أن وجودها في العراق وسوريا يجب أن يُنظر إليه ليس فقط من منظور المصالح الوطنية الأميركية، ولكن أيضا من منظور أمن إسرائيل”.
وأوضح غوروجو أنه “تم بناء تحالفات مع عناصر في كل من العراق وسوريا لضمان أمن إسرائيل، فتركيز الولايات المتحدة على أمن إسرائيل يعكس التزامها بضمان استقرار المنطقة وحماية حليفتها".
وأشار إلى أنه “تم تشكيل تحالفات وشراكات مع العراق وسوريا بهدف بناء قوات موالية لإسرائيل وضمان أمنها”.
وذكر غوروجو أنه “في العراق، يتم تحقيق ذلك من خلال التعاون مع حكومة إقليم كردستان”.
وتابع: “بينما في سوريا، يتم ذلك من خلال دعم وجود وإدارة قوات سوريا الديمقراطية-حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) / وحدات حماية الشعب) والتي تعدها إسرائيل شريكا إستراتيجيا في مكافحة التهديدات الإرهابية وضمان أمن حدودها”.
وقال غوروجو إن الولايات المتحدة تدعم مشروع "الإدارة الذاتية" تحت مسمى "الدولة" بكل جوانبه.
وأضاف “بالتالي، من المتوقع أن يستمر الوضع الراهن في حال انتخاب هاريس، مما يعني استمرار جهود بي كاكا/ وحدات حماية الشعب في سوريا”.
واستدرك: “لكن، على عكس العراق، فإن بناء (منطقة كردية) في سوريا يمثل تحديا كبيرا للولايات المتحدة”.
انسحاب ثقيل
ولفت غوروجو إلى أن “وجود حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب، الذي تعده تركيا منظمة إرهابية، يشكل أكبر مشكلة”.
ورغم توقف الاشتباكات النشطة، إلا أن تركيا تواصل استهداف المنظمة الإرهابية من خلال عمليات الطائرات بدون طيار. وبالتالي، لا يوجد استقرار في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، يتكون التركيب الديموغرافي للمنطقة من حوالي 85-90 بالمئة من العرب، بينما يشكل الأكراد أقلية ويعيشون فقط شمال البلاد.
وتبرز مدن مثل منبج، الرقة، عين عيسى، الطبقة، الحسكة ودير الزور بمساحاتها الواسعة ونسبة العرب الكبيرة، يقول غوروجو.
وتابع: “نظرا لانخفاض دعم حزب العمال الكردستاني بين الأكراد، يمكن عد إدارة بي كاكا / وحدات حماية الشعب الحالية بمثابة دكتاتورية أقلية”.
وشدد الكاتب على أن “العرب خاصة في دير الزور ومنبج، يواجهون مشاكل مع إدارة حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب، وتحصل مواجهات متكررة بينهم”.
وقد بدأت العشائر بالانتفاض ضدهم خلال السنوات الماضية، وتستمر هذه الانتفاضات والمواجهات في الظهور بين الحين والآخر.
بالإضافة إلى ذلك، يفضل حزب العمال الكردستاني إدارة المنطقة من خلال كوادر مرسلة من جبال قنديل (شمال العراق).
فرغم وجود شخصيات محلية في الواجهة، إلا أن جميع المصادر الميدانية تؤكد أن الكوادر من قنديل "هي التي تدير الأمور فعلياً".
وأردف الكاتب التركي: "رغم أن الانتخابات الرئاسية الأميركية ستؤثر على سوريا وبالتالي على معركة تركيا ضد حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب، إلا أن تجاوز بعض المشاكل الأساسية يبدو صعبا للغاية".
واستطرد: “فالديمغرافيا، الجغرافيا، العقلية التنظيمية لحزب العمال الكردستاني وتصميم تركيا على مكافحة الإرهاب هي أكبر التحديات التي تواجه بي كا كا، كما أن الظلم والتعذيب الذي يمارسه حزب العمال الكردستاني على سكان المنطقة سيظل في الأذهان".
لكن غوروجو قال إن “هناك تصورا بأن انتخاب ترامب قد يسرع من الانسحاب من سوريا”.
ورأى أن “الصراع الذي تخوضه إسرائيل مع حركة حماس وحزب الله وإيران، فإن انسحاب ترامب من العراق وسوريا قد يعرض أمن إسرائيل للخطر، وبالتالي من غير المتوقع أن يتم الانسحاب في وقت قصير”.
بالإضافة إلى ذلك، "من الصعب أن تتخلى الولايات المتحدة عن مشروع حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب بسهولة نظرا للأهداف طويلة المدى لإسرائيل".
وتابع: “لذلك، طالما أن نهج الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط يركز على أمن إسرائيل، فإن إحداث نظام جديد سيكون صعبا”.