إسرائيل وأرض الصومال.. اعتراف دولي مقابل قاعدة عسكرية بوساطة إماراتية

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تزايد الاهتمام الإسرائيلي أخيرا بإنشاء قاعدة عسكرية في جمهورية أرض الصومال، مقابل منح هذه الدولة الانفصالية اعترافا رسميا، ما قد يفتح الطريق أمام إقامة علاقات ثنائية.

وفي تعقيبه على التسريبات الأخيرة والسيناريوهات الممكنة بشأن القضية، أكد "معهد تحليل العلاقات الدولية" الإيطالي أن "الغاية من امتلاك قاعدة في منطقة أرض الصومال الانفصالية واضحة وهي استهداف جماعة الحوثي اليمينية وحليفتها إيران".

وكشف موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2024 أن "إسرائيل" مهتمة بإنشاء قاعدة عسكرية في أرض الصومال، بوساطة الإمارات العربية المتحدة التي طبعت علاقتها مع تل أبيب عام 2020.

وكان موقع "إمارات ليكس" أفاد بأن الإمارات تتفاوض مع سلطات أرض الصومال حول السماح للإسرائيليين بدخول القواعد العسكرية.

وبحسب مصادر الموقع، أكدت الإمارات لقيادة أرض الصومال أن حكومة "بنيامين نتنياهو" مستعدّة في المقابل للاعتراف بوضعها الرسمي.

وفي عام 1991، أعلنت أرض الصومال الواقعة بمنطقة القرن الإفريقي انفصالها عن الصومال، الذي حصل على استقلاله من بريطانيا عام 1960.

 إلا أنه على مدى السنوات الثمانية والعشرين الماضية، ظلت أرض الصومال غير معترف بها رسميا كدولة - وهو وضع تستاء منه.

ولذلك تسعى الجمهورية المعروفة أيضا باسم "صوماليلاند" إلى كسب اعتراف دولي من خلال إبداء اهتمامها باستضافة قواعد عسكرية بحرية.

قاعدة إسرائيلية 

وأشار المعهد البحثي الإيطالي إلى امتلاك إثيوبيا مصالح مهمة في أرض الصومال خاصة بعد توقيع الطرفين اتفاقا في يناير/كانون الثاني 2024، ينص على منح أديس أبابا منفذا بحريا لأديس أبابا للوصول إلى البحر الأحمر مقابل الاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وأوضح أن إثيوبيا تمضي قدما في تحقيق طموحاتها من خلال زيادة التدفقات التجارية والموانئ وكذلك الاستقلال في مجال الطاقة. 

لكنه يشير إلى أن الاتفاق المبرم مع أرض الصومال زاد أيضًا من عزلتها في المنطقة.

وفي هذا الإطار، لفت إلى أن إسرائيل قد تعرض بدورها إمكانية الاعتراف المنشود، فضلاً عن ضخ استثمارات، مقابل إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة.

كما تحدث عن إمكانية بناء قاعدة إسرائيلية ثانية في المنطقة تحديدا في جزيرة سقطرى اليمنية، بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة. 

وذكر المعهد أن "أبوظبي سبق أن حاولت ضم الجزيرة عام 2018 بغاية زيادة عمقها الإستراتيجي، وقد تتعاون اليوم مع الإسرائيليين في بناء قاعدة عسكرية واستخباراتية".

ويعتقد أن الإقليم الانفصالي نجح في الحفاظ على الاستقرار رغم تسلل مليشيات مسلحة ممولة من الصومال أخيرا من ولاية بونتلاند لزيادة الاضطرابات.

ويواجه الإقليم أيضا تهديدا آخر تشكله حركة الشباب الصومالية التي تعارض الاتفاق مع إثيوبيا وقد تزيد من التوترات في صورة إنشاء قاعدة إسرائيلية.

جهات عدة

رجح المعهد أن يُترجم بناء هذه المنشأة إلى استثمارات إسرائيلية مهمة، خاصة في القطاع الزراعي. 

وأضاف أنها ستسمح لإسرائيل بتعزيز العلاقات مع لاعبين إقليميين مهمين مثل إثيوبيا والسعودية، وهو ما من شأنه أن يشكل تهديدا لمصالح كل من تركيا وإيران.

وأشار إلى أن أنقرة حاضرة بقوة بالقرن الإفريقي وتدعم حكومة الصومال بنشاط في حملتها ضد التطرف، منوها إلى أنها تلعب دورا بارزا للغاية بالمنطقة.

ولفت إلى أهمية الاتفاق المبرم مع الصومال للمساعدة بحماية المياه الصومالية لمدة 10 سنوات وتدريب البحرية مقابل امتيازات اقتصادية مهمة. 

علاوة على ذلك، تمتلك أنقرة تأثيرًا قويًا على الحكومة الصومالية والقوات المسلحة والأجهزة الاستخباراتية، لا سيما وأنها حاضرة في المنطقة منذ أواخر التسعينيات وقد زادت تدريجياً من ثقلها هناك. 

وتابع المعهد الإيطالي بأنها تتمتع بقدر أكبر من الموثوقية مقارنة بالجهات الغربية، نظرًا لاستخدامها المكثف للقوة الناعمة وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية الصومالية. 

لهذا السبب، أشار إلى احتمال أن تسهم اتفاقية التعاون الدفاعي مع الصومال في تسهيل الحوار بين أديس أبابا ومقديشو بالنظر إلى الأزمات بين البلدين والدور الذي تلعبه تركيا في المنطقة.

بدورها، تلعب إيران أيضا دورا في المنطقة (تراجع كثيرا مما كان عليه قبل بضع سنوات). لذلك بناء القاعدة الإسرائيلية يشكل تهديدا لنفوذها في البحر الأحمر، وفق المعهد الإيطالي. 

في السابق، كان السودان شريكا مميزا لطهران في المنطقة نظرا لأن إريتريا أقامت بعد استقلالها تعاوناً وثيقاً مع واشنطن.

لكن أسمرة أقامت لاحقا علاقات وثيقة مع طهران، خاصة بعد أن شرعت واشنطن في سياسة مؤيدة لإثيوبيا وإدراجها لإريتريا بقائمة الدول المارقة. 

وفي عام 2015، دعمت كل من أسمرة والخرطوم الحكومة اليمنية ضد الحوثيين للخروج من العزلة الدبلوماسية. وكنتيجة لذلك فقدت إيران الكثير من ثقلها في المنطقة.

من جانب آخر، يشكل أمن البحر الأحمر أهمية حيوية لأرض الصومال خاصة على ضوء التدفق المهم للبضائع عبر ميناء بربرة، أحد الموانئ الرئيسة بالمنطقة. 

وقد كانت هذه المنشأة محل استثمارات إماراتية ضخمة عقب فوز شركة موانئ دبي العالمية بحق إدارة هذا الميناء لمدة 30 عاما.

كما يقع الميناء في مرمى أنظار إثيوبيا التي تبحث منذ استقلال إريتريا عن منفذ بحري خاصة أنه سيسمح لها بتقليل اعتمادها على جيبوتي بشكل كبير.

أبرز السيناريوهات

وفي خضم هذه المصالح المتضاربة والاهتمام الإسرائيلي ببناء منشأة عسكرية داخل الإقليم الانفصالي، يتوقع المعهد البحثي الإيطالي وقوع سيناريوهين اثنين في المستقبل.

 الأول، أن تنشئ إسرائيل القاعدة في أرض الصومال دون أن تكون هناك ردود فعل كبيرة من جانب الجامعة العربية والولايات المتحدة. 

وقال إن هذا الاتفاق، رغم أنه يتعارض مع سياسة الصومال الواحد، فسيسمح لإسرائيل بتنفيذ عمليات ضد الحوثيين في اليمن والحد من النفوذ الإيراني في البحر الأحمر.

وسيسهم كذلك في توطيد العلاقات بين أديس أبابا وواشنطن، فضلا عن تحسين العلاقات الإثيوبية الإسرائيلية، وفق زعمه.

وفي إطار نفس السيناريو، رجح احتمال أن تتمكن الإمارات من إخراج إثيوبيا من عزلتها الدبلوماسية الحالية لا سيما في ظل الدعم الممنوح للصومال من تركيا ومصر. 

وزاد أن "التعاون الوثيق بين أديس أبابا وأبوظبي من شأنه أن يفضي إلى إعادة توازن القوى في المنطقة وقد يؤدي ذلك إما إلى استئناف الحوار أو إلى مزيد من الاستقطاب في العلاقات الدبلوماسية".

ويرى المعهد البحثي أن "تمكن إثيوبيا من إعادة إطلاق دورها، ولو دبلوماسيًا، في المنطقة، قد يؤدي إلى تقليص المعارضة المسلحة لرئيس الوزراء آبي أحمد".

ويتوقع في السيناريو الثاني، أن تقرر إسرائيل التخلي عن فكرة إنشاء قاعدة في أرض الصومال لتجنب التوترات مع "الشركاء العرب" الذين لديهم مصالح في مقديشو مثل القاهرة خاصة في ظل حالة التوتر مع أديس أبابا.