"حرج وارتباك".. كيف تقرأ إسرائيل موقف إيران من العدوان على لبنان؟
"إيران ستعيد النظر في هذه السياسة إذا ما رأت أن الحزب يتعرض لخطر كبير"
مع تصعيد إسرائيل عدوانها الأعنف والأوسع منذ نحو عقدين ضد "حزب الله" اللبناني، يتساءل معهد إسرائيلي عن طبيعة موقف إيران الهادئ والمحير من التطورات.
وذكر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تقريره أن هذا التصعيد ضد حزب الله ولبنان أثار ردود فعل متباينة في إيران.
حرج وارتباك
حيث نشر نائب الرئيس الإيراني للشؤون الإستراتيجية، محمد جواد ظريف، رسالة تعزية أرسلها إلى زعيم حزب الله حسن نصر الله (قبل اغتياله)، دعا فيها المجتمع الدولي إلى وقف "جرائم النظام الصهيوني".
في الوقت نفسه، تستمر التصريحات من قادة الحرس الثوري بشأن الرد المحتمل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السابق إسماعيل هنية، والذي قد يأتي لاحقا.
وتابع المعهد: "ومع ذلك، تعكس ردود الفعل من القيادات العليا، خاصة وزير الخارجية والرئيس، حالة من الحرج والارتباك".
فمن ناحية، اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إسرائيل بمحاولة جر الولايات المتحدة وإيران إلى حرب، موضحا أن إيران "لن تقع في الفخ الإسرائيلي".
وعقب المعهد على هذا التصريح بالقول: "بشكل ضمني، أبعدت طهران نفسها عن الانخراط في القتال".
وفي تصريحات أخرى، شدد الوزير على أن "إيران لن تبقى غير مبالية تجاه الهجوم الأخير للنظام الصهيوني في لبنان"، لكنه "لم يعط وعدا أو التزاما بانخراط مشاركة مباشرة"، حسب تعبير المعهد.
من جانبه، أكد الرئيس الإيراني أن بلاده "لا تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، لكنها ستعمل ضد من يعتدون على حلفائها".
لكنه أكد أيضا، في ذات الوقت، أنه "الحرب في الشرق الأوسط لن تكون مفيدة وستكون لها عواقب لا رجعة فيها".
وقت حساس
ورأى المعهد أن "التصعيد في لبنان يأتي في وقت حساس بالنسبة للقيادة الإيرانية، حيث يتزامن مع زيارة الرئيس مسعود بزشكيان ووزير خارجيته إلى نيويورك لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وتابع: "هذا هو الحدث الدولي الأول للرئيس الجديد، وفرصة مهمة له للقاء قادة الدول والصحفيين والشخصيات المؤثرة".
وعشية الزيارة، أدلى الرئيس ووزير الخارجية بتصريحات واضحة حول الرغبة في استئناف محادثات الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران.
في هذا السياق، عُقد اجتماع بين نائب وزير الخارجية الإيراني ونائب المسؤول عن العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، الذي كان مسؤولا عن محادثات النووي في 2021-2022.
وأكد الإيرانيون في البيانات التي أصدروها من الاجتماع أن المحادثات تركزت على "رفع العقوبات النووية عن إيران" كجزء من استعداد إيران للاستجابة لمخاوف المجتمع الدولي.
القرار بيد نصر الله
وبالعودة إلى مسار الحرب والتصعيد، يقول المعهد الأمني الإسرائيلي: "لا شك أن إيران وحزب الله يجريان مشاورات مكثفة في محاولة لتحديد الخطوات التالية".
ويزعم المعهد أن "الهدف الذي يوجه الطرفين حتى الآن هو منع حرب شاملة والحفاظ على قوة حزب الله ضد إسرائيل في المستقبل، وأيضا كعنصر أساسي في العلاقات مع الميليشيات الأخرى في العراق واليمن".
مدعيا أن "القرار حول كيفية متابعة المواجهة في لبنان يعتمد على حسن نصر الله" وذلك قبل أن تعلن إسرائيل عن اغتياله رسميا في 28 سبتمبر/أيلول 2024.
وأردف محذرا: "فإذا ما قرر نصر الله مواصلة القتال، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن إيران قد تستدعي مليشيات من العراق وأفغانستان لدعم استمرار القتال، حتى لو كان الهدف الإيراني هو إنهاء التصعيد".
وخلص المعهد إلى ترجيح أن "طهران -في هذه المرحلة- ستتجنب التدخل المباشر"، لكنه لم يستبعد -في ذات الوقت- أن "تعيد النظر في هذه السياسة إذا ما رأت أن الحزب يتعرض لخطر كبير".