"دويتشه فيله": هكذا تؤثر الانتخابات الرئاسية التركية على القارة الإفريقية

12

طباعة

مشاركة

تحدثت إذاعة ألمانية عن التأثيرات المحتملة لنتائج الانتخابات الرئاسية في تركيا على سياستها الخارجية تجاه إفريقيا، لافتة إلى قلق بعض دول القارة من تغير سياسات أنقرة في حال فوز مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو.

وأشارت إذاعة صوت ألمانيا  "دويتشه فيله" إلى أن تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان تحاول منذ سنوات تقديم نفسها للقارة الإفريقية كشريك بديل للقوى الاستعمارية الأوروبية التقليدية.

وفي هذا الإطار، سلطت الإذاعة الألمانية الضوء على مجالات التعاون واسعة النطاق بين تركيا وإفريقيا.

نمو سريع

وذكرت الإذاعة الألمانية أن "التجارة بين تركيا والدول الإفريقية نمت بشكل سريع، كما تنوعت العلاقات بين الطرفين بفضل السياسات التي انتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

وأشارت إلى أنه "من غير الواضح ما إن كان كليتشدار أوغلو سيلتزم بهذا المسار في حال فوزه في السباق الانتخابي".

وأكدت الإذاعة أن تركيا تسهم بشكل كبير في المنافسة بين الدول الاقتصادية القوية على النفوذ في القارة الإفريقية حيث نجحت في تقديم نفسها كشريك بديل للقوى الاستعمارية السابقة في أوروبا.

وبرهنت الإذاعة على ذلك بـ"ترحيب العديد من البلدان الإفريقية بالرئيس رجب طيب أردوغان واستثماراته".

وفي إشارة إلى الموازين التجارية المتزايدة لتركيا مع القارة الإفريقية، يقول الخبير السياسي النيجيري أوفيجوي إيجيغو: "أعتقد أن الأفارقة لا يهتمون بمن يقود تركيا، ويعود ذلك إلى أننا شهدنا حقبة ذهبية منذ عام 2003 استمرت حتى يومنا هذا".

ويقدر الخبير حجم التعاون اليوم بين تركيا والقارة الإفريقية بنحو 45 مليار دولار، مشيرا إلى أنه قبل 20 عاما كان التعاون يُقدر بـ5.4 مليارات دولار فقط، وفقا لبيانات وزارة الخارجية التركية.

وأكد إيجيغو لـ"دويتشه فيله" أن هذه الزيادة هائلة في التجارة مع القارة السمراء، فمن وجهة نظر الاقتصاد الكلي، تمثل التجارة الإفريقية 9.4 بالمئة من الصادرات التركية. 

وأضاف إيجيغو: "هذه زيادة بنسبة 4.4 بالمئة خلال 20 عاما، وبالتالي تعد هذه العلاقة مهمة جدا لكلا الجانبين"، لافتا إلى أن هذه العلاقة "معقدة وشاملة للعديد من الدول". 

على سبيل المثال، وفقا للخبير السياسي، هناك العديد من صادرات الأثاث من تركيا إلى نيجيريا. 

بالإضافة إلى أن تركيا أصبحت أيضا شريكا تجاريا جذابا في دول غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية، ويعزى ذلك إلى أن الدول الواقعة في تلك الرقعة قد خففت علاقاتها مع القوة الاستعمارية السابقة فرنسا.

إستراتيجية إفريقيا

وأشارت الإذاعة الألمانية إلى أن إستراتيجية تركيا تجاه إفريقيا تغطي مجالات مختلفة وواسعة.

ابتداء من أدوات القوة الناعمة، مثل دعم المؤسسات التعليمية والاجتماعية والمشاريع الإعلامية إلى المساعدات الإنسانية في مناطق الصومال المتضررة من المجاعات، ومشاريع البنية التحتية.

وبهذا الشأن، ذكرت أن "شركات المقاولات التركية تعمل بشكل جيد في إفريقيا، حيث تقوم ببناء الطرق والجسور وخطوط السكك الحديدية والموانئ والمطارات والمساجد". 

كما تزداد أهمية القارة بالنسبة لتركيا كمورد للطاقة والمواد الخام. وفي هذا المجال، تعد الجزائر أحد أهم موردي المواد الخام لتركيا، وفق "دويتشه فيله".

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، لفتت الإذاعة إلى أن البلدين أعلنا عن خطط لإنشاء شركة مشتركة لإنتاج النفط والغاز.

وعلاوة على ذلك، في ظل حكم أردوغان، تذهب الإذاعة إلى أن "إستراتيجية تركيا في إفريقيا اكتسبت بعدا عسكريا أقوى في السنوات الأخيرة".

وتوضح: "ففي العاصمة الصومالية مقديشو، لا تمتلك أنقرة مهمة دبلوماسية فحسب، بل تمتلك أيضا أكبر قاعدة عسكرية خارج بلدها "تركسوم"، وهي معسكر تبلغ مساحته أربعة كيلومترات مربعة".

ووفقا للخبراء، فإن الصومال هي الشريك الإستراتيجي الأهم لتركيا في القارة الإفريقية، لاسيما بسبب موقعها في القرن الإفريقي.

رقم قياسي

بالنسبة للفترة الاقتصادية في عامي 2022 و 2023، تقول الإذاعة، إن وزارة التجارة التركية صنفت مصر وإثيوبيا وليبيريا ونيجيريا وجنوب إفريقيا على أنها "دول مستهدفة".

كما أفادت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق أن "العلاقات مع هذه الدول سوف تُعزز بشكل قوي".

في نهاية المطاف، تؤكد الإذاعة الألمانية أن "تركيا تسعى جاهدة لتنويع علاقاتها الدولية وفتح أسواق جديدة".

وبهذا الشأن، قال رئيس برنامج إفريقيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس بلندن، أليكس فاينز: "إن هذا هو أحد التوجهات الرئيسة للسياسة التي تم تطويرها على مدار العشرين عاما الماضية".

موضحا أنه "من النادر أن يسافر أي رجل دولة إلى إفريقيا بهذه الكثرة، حيث زار أردوغان 31 دولة إفريقية لتوطيد سياسته". 

فضلا عن أنه يوجد اليوم 44 دولة إفريقية لها بعثات دبلوماسية في أنقرة، بحسب ما ذكره فاينز.

فيما يتعلق بالانتخابات، يقول فاينز إن التركيز في الحملات الانتخابية كان منصبا على القضايا المحلية.

وأضاف: "لكن إذا فاز أردوغان في انتخابات الإعادة وفاز بالجولة الثانية، فسنرى استمرار سياسة تركيا تجاه إفريقيا، وهي السياسة التي ركز عليها الرئيس أردوغان في عهده".

وبشأن القلق الإفريقي تجاه الانتخابات التركية، يصف المحلل السياسي التركي نبهات تانريفيردي الحالة المزاجية قائلا: "إن القلق الأكبر في إفريقيا يتعلق بالسيناريو القائل إن الحكومة التركية ما بعد أردوغان لن تضع إفريقيا على رأس جدول أعمالها في السياسة الخارجية".

وشدد على أنه "في عالم متعدد الأقطاب بدرجة كبيرة، لن تعود تركيا إلى نهج سياستها الخارجية التقليدي والحذر والمتطلع إلى الداخل".

رؤية المعارضة

بدلا من ذلك، يرى السياسي التركي أن "المعارضة مهتمة بمفهوم جديد للسياسة الخارجية، له دور جديد وهوية جديدة ستوجه مبادئ السياسة الخارجية للبلاد في إفريقيا، وكذلك في المناطق الأخرى التي تنخرط فيها تركيا".

ورغم كل هذا القلق، أكد السياسي التركي أن "القضية الأهم لمن يحكم تركيا ستكون إنعاش الاقتصاد، ولذلك ستحرص أي حكومة في أنقرة على استمرار العلاقات التركية الاقتصادية مع القارة".

ويشدد تانريفيردي على فكرة أن "الصادرات التركية إلى إفريقيا والاستثمارات الأجنبية المباشرة في العديد من البلدان الإفريقية يجب ألا تحل محل الشركاء الاقتصاديين التقليديين في أوروبا والولايات المتحدة". 

لكن من وجهة نظره، يبدو أن إفريقيا توفر قوة موازنة للأسواق الإقليمية الأخرى لتركيا.

فعلى سبيل المثال، بعد الربيع العربي، عندما واجهت تركيا مشاكل مع الدول العربية المجاورة، أصبحت السوق الإفريقية الهدف الجديد لرجال الأعمال الأتراك. 

وبالمثل، أثارت الحرب في أوكرانيا اهتماما اقتصاديا تجاه إفريقيا.

 ويؤكد على ذلك السياسي التركي قائلا إن "النفوذ التركي المتزايد في إفريقيا لا جدال فيه".

حيث أصبحت القارة السمراء أيضا ذات أهمية متزايدة للشركات الصغيرة والمتوسطة في تركيا وللمناطق الصناعية مثل غازي عنتاب ومرسين، كما يقول تانريفيردي.

مؤكدا أنه "بغض النظر عن تغيير الحكومة في أنقرة، ستبقى الديناميكية الإفريقية في العلاقات التركية الخارجية".