عمر قورقماز: علاقة أردوغان مع ترامب جيدة وتركيا لن تشهد انتخابات مبكرة (خاص)
"تركيا مدركة أن إجبار السوريين على العودة إلى بلدهم لن يكون عملا صحيحا"
توقع المفكر السياسي المستشار السابق في رئاسة الوزراء التركية عمر قورقماز، تحسن العلاقات التركية الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب في بعض الملفات، لكنها ستبقى عالقة في ملفات أخرى، في مقدمتها الوضع بسوريا.
وأوضح قورقماز في حوار مع "الاستقلال"، أن رئيس النظام السوري بشار الأسد لا يريد تحسين العلاقة مع تركيا على الأقل خلال فترة حكم أردوغان، إلا أن هذا التباعد لن يكون في مصلحته في المستقبل القريب.
وعن دعوات المعارضة التركية لانتخابات مبكرة، استبعد قورقماز أن تكون أحزاب المعارضة نفسها جاهزة للانتخابات المبكرة التي تطالب بها، مضيفا: “لا أتوقع إجراء انتخابات مبكرة لأسباب قانونية وأسباب إقليمية ودولية”.
وقورقماز محلل ومفكر سياسي تركي، عمل مستشارا بحكومة رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو عام 2016، وينشط حاليا في عديد من الجمعيات العلمية والأكاديمية الدولية ويجيد إلى جانب التركية، العربية والإنجليزية.
عودة ترامب
- في ظل تمتعه بعلاقة جيدة معه، هل تعتقد أن بإمكان أردوغان إقناع ترامب لإنهاء حرب الإبادة في غزة ولبنان؟
بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية في الحقيقة، لا تختلف من ترامب إلى بايدن كلاهما في خدمة الصهيونية كما لاحظنا في السنوات الماضية.
بل حتى في الانتخابات الأخيرة كان الصراع الأساسي في الحملة الانتخابية بين المرشحين هو في من الذي سيخدم الدولة الصهيونية أكثر من الآخر.
لكن هنا نقطة مهمة جدا وملاحظة في غاية الأهمية ولا بد أن نفهمها كعرب وكمسلمين بألا نخلط بين ملفات مختلفة ويجب ألا نجمع ملفات مختلفة في قضية واحدة.
فتركيا لديها تواصل مع الأميركان ولديها بعض الملفات المشتركة فيها تفاهم وفي نقاط أخرى هناك اختلاف.
وعادة بعض الأطراف يريدون منا أن نتخذ موقفا واحدا في كل الملفات بينما العلاقات السياسية ليست هكذا، فلا بد أن نفهم أن إدارة الدولة تختلف عن إدارة الجماعات والأفراد، يعني إذا “زعلنا” من شخص نقاطعه 100 بالمئة، لكن الدولة ليست هكذا.
كما أن تركيا دولة إقليمية كبيرة، وتلعب دورا مهما في السلام الدولي، لكن ليس من حق أحد أن ينتظر منا حل كل الأزمات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بسبب أن علاقة أردوغان مع ترامب جيدة.
لكن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن تسبب في أسوأ مرحلة في الحقيقة في العلاقات التركية الأميركية؛ لأنه كان يعادي أردوغان صراحة وأعلن ذلك قبل أن يأتي إلى السلطة، وبعد أن أصبح رئيسا.
وبشكل كبير أعلن صراحة أنه سوف يتحرك لإسقاط أردوغان من السلطة ورغم أن بايدن كان له بعض الجولات والصولات ولكنه لم ينجح لأن تركيا أردوغان كانت أقوى مما كان يتوقع بايدن ومن معه.
فتركيا ليست دولة من دول الموز، فهناك قانون وهناك شعب وهناك جيش وهناك وطن ، وبالتالي بايدن لم يستطع أن ينفذ ما كان يحلم به على الأقل فيما يتعلق بتركيا.
نعم ترامب رجل مغامر ربما يتدخل في أشياء كثيرة لكن لا ننسى أنه هو من جعل القدس عاصمة لإسرائيل، وأمر بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس حتى يعطي مشروعية أكثر للصهاينة، لكن مع ذلك سنرى في الأيام القادمة ما الذي سيحدث على يد ترامب.
- كيف يبدو مستقبل العلاقات الأميركية التركية مع مجيء ترامب ووفاة زعيم تنظيم غولن؟
العلاقات التركية الأميركية ستتطور بحيث ستكون جيدة في بعض الملفات، وستبقى عالقة في بعض الملفات الأخرى.
لأن أميركا بشكل علني ترسل الأسلحة إلى حزب العمال الكردستانى في سوريا وبالتالي تركيا لن تقبل هذا، ولن تغمض عينيها عن هذا الوضع.
وبالتالي هذا الملف سيبقى عالقا لكن ربما مجيء ترامب سيعطي فرصة كبيرة جدا لحل هذه الأزمة وأتوقع ربما على المدى البعيد بعد أن تشعر أميركا أنه لا أمل من العمال الكردستاني فسوف توقف دعمها له.
وبالتالي تركيا سترتاح وربما أميركا سترتاح أيضا؛ وأميركا سوف تنسحب من المنطقة كما انسحبت من أفغانستان.
لأن هذه المنطقة هي منطقتنا، وهذا البلد بلدنا، فغير مقبول أن تأتي مجموعة من على بعد قارات وترغب في حكم بلادنا، هذا لن يكون أبدا.. هذه نقطة أولى.
ثانيا مات فتح الله غولن المسؤول عن محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، ومات معه بايدن سياسيا؛ إذًا موت غولن وموت بايدن جاء متزامنا، وبالتالي ستكون العلاقات أفضل بكثير مستقبلا.
العلاقات التركية العربية
- ما مستقبل العلاقات التركية العربية سواء مع الدول الخليجية أو المغاربية، في ظل التقارب مع مصر والسعودية والإمارات؟
تركيا دولة أوروبية شرقية وآسيوية في آن واحد، وبالتالي لديها تواصل حضاري ثقافي ديني مع الأنظمة العربية جميعا خاصة دول الخليج وشمال إفريقيا منها مصر والمغرب والجزائر.
وبالطبع فكلما تطورت هذه العلاقات الثنائية البينية في المجال الاقتصادي والثقافي والتاريخي ستكون فيها مصلحة مشتركة كبيرة جدا.
وكلنا نعرف أن متانة العلاقات الاقتصادية تعتمد على العلاقات الجيدة بين الدول المتجاورة والمتقاربة ثقافيا وحضاريا عبر التجارة البينية.
وتركيا لديها تجارة كبيرة جدا مع ألمانيا ودول أوروبية اخرى، فلماذا لا تكون هناك علاقة طيبة جدا مع مصر وليبيا ودول الخليج ودول شمال إفريقيا مثل المغرب وموريتانيا والجزائر.
نعم نحن ندرك أن هناك بعض المسائل الخلافية بين المغرب والجزائر لكن تركيا لا تتدخل سلبيا في هذه الخلافات البينية الموجودة في المنطقة.
ولكنها إذا وجدت دورا للوساطة في حل بعض الأزمات أو الملفات بين بعض الدول، فهي مستعدة للتوسط لتقريب وجهات النظر واحتواء الخلافات بين الاشقاء؛ وإلا فإن تركيا لا تتدخل في الشؤون الداخلية بين هذه الدول.
- إلى أين تتجه العلاقات التركية السورية في ظل مساعي التقارب مع نظام بشار الأسد وعودة السوريين إلى بلدهم؟
نحن نعرف جيدا أن هناك مشاكل داخلية في سوريا بسبب الحرب الأهلية -إن صح التعبير- والنظام السوري لا يستطيع أن يتحكم لا في حدودها البرية ولا الجوية.
فبالتالي سوريا في الحقيقة تحتاج إلى جيران أقوياء مثل تركيا ودول أخرى، أي نعم وجود روسيا يساعد نظام بشار سياسيا ولكن الأزمات الداخلية والإقليمية لا تنتهي.
كما أن سوريا لا بد أن تعود إلى الحضن العربي بشكل إيجابي لكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب الشعب السوري الذي يبحث عن الحرية والعدالة.
فلو أن النظام السياسي في دمشق كان تحرك كما تحرك النظام المغربي آنذاك في موجة الربيع العربي لكان أسلم له، وكان أفضل له أن يمرر هذه الموجة بشكل إيجابي.
وكان سيكون هناك اليوم أجواء ديمقراطية سلمية في سوريا؛ إلا أن النظام لم يختر ذاك الطريق واختار طريقا آخر.
وهذا الوضع فتح الباب لتدخل دولي متعدد الأطراف ما تسبب في إثارة المزيد من المشاكل حتى وصل الحال في سوريا إلى طريق مسدود؛ ولذلك تركيا الآن ترى أنه لا بد من عودة العلاقات الطبيعية لها مع الدولة السورية.
وبخصوص عودة السوريين فلا بد أن يكون ذلك طوعيا وليس بالقوة؛ لأن أغلب السوريين الموجودين في تركيا إما لديهم مشاكل سياسية مازالت عالقة ومستمرة، أو لم يبق لهم لا ضاحية ولا مدينة ولا بيوت لكي يعودوا إليها.
وأظن أغلبهم إذا تم الضغط عليهم فسيفضلون الذهاب الى دولة أخرى غير سوريا كما يحدث في بعض الأحيان، فبالتالي تركيا مدركة تماما أن إجبار السوريين على العودة الى بلادهم لن يكون صحيحا.
لكن لا بد أن تكون العلاقات السورية التركية أفضل مما هي عليه الآن، ولكن يبدو أن نظام بشار لا يريد أن تكون هذه العلاقة جيدة على الأقل خلال فترة حكم أردوغان.
إلا أن هذا التباعد لن يكون في مصلحة بشار الأسد على الأقل الآن وفي المستقبل القريب، وأرى أنه سيكون هناك تغييرات جذرية على المدى البعيد لأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، والشعب السوري يريد حلا سريعا لأزمته السياسية والاقتصادية سواء من في الداخل أو في الخارج .
- كيف ترى مستقبل الجاليات العربية في تركيا من مختلف الجنسيات في أعقاب نتائج انتخابات البلديات الأخيرة التي خسرها حزب أردوغان؟
بالنسبة للجالية العربية فهم ضيوفنا الكرام بل منهم من أخذوا الجنسية وأصبحوا مواطنين، وبالتالي ليس لديهم أدنى مشكلة ولابد أن يشعروا بأنهم مثل المواطنين الأتراك لديهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وعليهم ألا يكبروا بعض المشاكل السياسية والتي ليس لهم علاقة بها.
بالنسبة للضيوف الآخرين الذين لم يستطيعوا أن يأخذوا الجنسية بعدُ أو مازالوا ينتظرون ولديهم إقامة قانونية فليس لديهم مشكلة لكن بشرط أن يتابعوا أوضاعهم بشكل جيد.
بمعنى ألا يتأخروا في تجديد الإقامة، وألا يخالفوا القانون في الأمور التجارية وفي الضرائب وما إلى ذلك، وأعتقد أن تركيا ترحب بهم ولا تجبر أحدا على الخروج من البلد.
وإذا أرادوا أن يخرجوا أو إذا أرادت تركيا للبعض في حالات استثنائية بسبب مسألة قانونية أساسية فإنها لا تجبرهم؛ بل تسمح لهم أن يخرجوا إلى البلد التي يختارونها بأنفسهم.
وهو ما حدث أكثر من مرة دون السماح بتسليمهم بالقوة إلى بلدهم التي جاءوا منها خشية أن يتعرضوا للظلم أو التنكيل فيها وهذا ما رأيناه من الدولة التركية في السنوات الماضية.
أكرم إمام أوغلو والبلديات
- كيف ترى الانتقادات لحكومة أردوغان من قبل رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلال حضوره المنتدى الحضري العالمي للمدن بالقاهرة؟
المسؤولون الأتراك سواء كانوا رؤساء بلديات أو برلمانيين أو قيادات حزبية وخاصة عندما يذهبون إلى خارج البلد فمن المفروض ألا يُقحموا السياسة المحلية التركية في هذه الزيارة الخارجية.
لأنهم في النهاية هم يمثلون تركيا في خارج البلد والذين يشاركون في مثل هذه المؤتمرات لا علاقة لهم ببحث سياستهم المحلية.
وأنا أتعجب من أكرم إمام أوغلوا كيف سمح لنفسه أن ينقل القضايا المحلية التركية إلى القاهرة؟!
ولذلك أنا أنتقده بشدة لأنه أخطأ في حق بلده.. أي نعم هو له حق ديمقراطي أن يتكلم ضد الحكم.. ضد النظام ضد الرئيس، ليس هناك مشكلة فله حق الانتقاد؛ لأننا في دولة ديمقراطية، لكن كيف ينقل هذه الإشكالية إلى خارج البلد؟!
فلا يليق بأي مواطن تركي أن ينقل المشاكل الداخلية إلى الخارج، فالعالم الخارجي مليء بمشاكله ولن يستفيد شيئا مما قاله رئيس بلدية إسطنبول في حق بلده من أجل محاولة تخريب سمعة الدولة التركية والإساءة إليها.
ولكننا نقول له إن تركيا أكبر منه بكثير، وأكبر مما قاله هو أصلا.
- كيف ترى إقالة اثنين من رؤساء البلديات المنتخبين لعلاقة أحدهما وهو من حزب الشعب الجمهوري بحزب العمال الكردستاني، بينما الثاني من حزب الجيد بفضيحة اعتداء جنسي؟
نعم هناك إقالة لبعض رؤساء البلديات لأسباب قانونية؛ لأن تركيا دولة قانون فإذا انتخب رجلا لرئاسة البلدية فهذا لا يعني أن لديه حصانة دبلوماسية أو حصانة قانونية.
فإذا أخطأ قانونيا سيرتب عليه ما يترتب على غيره من الأمور القانونية وبالتالي هذا ما تم.
ولكن فقط في بعض الأماكن هناك من ينتقد -وأنا معهم- حيث إن السؤال الذي يطرح نفسه هو.. لماذا أصلا سُمح لهم أن يترشحوا لرئاسة البلدية؟!
وجاءني الجواب بأن هؤلاء تلاعبوا في الترشيح بأمور قانونية بمعنى أنهم رشحوا شخصا غيره تنطبق عليه الشروط القانونية ثم انتظروا وفي آخر لحظة حتى اقترب يوم الاقتراع قاموا بوضع اسم هذا المرشح بدلا منه.
وبالتالي كانت هذه اللعبة سببا في إقالته من منصبه بطريقة قانونية حيث إنه لو كان رشح نفسه فلن يقبل ترشحه لأسباب قانونية.
ولكن مع ذلك فهناك الآن عدد كبير من رؤساء البلديات موجودون في مناصبهم مع أنهم ينتمون إلى نفس الحزب، أو حتى ينتمون إلى حزب اليسار الأخضر.
وربما هذه أول مرة التي يحدث فيها إقالة رئيس بلدية محسوب على حزب الشعب الجمهوري حيث إنه أصلا لا ينتمي لحزب الشعب الجمهوري؛ وإنما هو فكريا وعقائديا وأيديولوجيا يتبع حزب العمال الكردستاني ولكن تحالفهما معا سمح له بالترشح على قوائمهم.
- كيف ترى واقعة مقتل رئيس بلدية ينتمي لحزب الرفاة الجديد والذي قتل على يد قريب له؟ هل يعكس ذلك أزمة فساد أم مشكلة بطالة؟
لا شك أن السياسة المحلية التركية على مستوى البلديات فيها مسائل مختلفة منها أن المرشح الذي يرفض حزبه ترشيحه على قوائمه يذهب إلى حزب آخر لترشيح نفسه.
فمثلا عدد كبير من رؤساء البلديات السابقين الذين كانوا يديرون البلديات في الدورات الماضية ويريدون ترشيح أنفسهم مرة أخرى فيرفض الحزب ترشيحه لأنه استوفى مرات الترشح كما في حزب العدالة والتنمية بعد أن أنهى المرشح ثلاث دورات متتالية في إدارة البلدية، ويبحث الحزب عن وجوه شابة وجديدة فيقوم المرشح بكل سهولة للترشح على قائمة حزب آخر ويجدون مقاعد للترشح، وهذا ما تم في أكثر من مكان.
والأحزاب الصغيرة مثل حزب الرفاة الجديد يستفيد من هذه الشخصيات المعروفة ويستغل هؤلاء لترشيحهم على قوائمه لأنهم في النهاية معروفون إلى حد ما في المجتمع.
وهذا طبعا يؤدي إلى خلق بعض المشاكل داخل الأسرة الواحدة وداخل الأحزاب أيضا؛ بل وداخل الضاحية في محافظات شرق تركيا على وجه الخصوص.
وكل ما حدث ليس له أية علاقة أيديولوجية وإنما هي مسألة محلية بحتة تماما وليس بالضرورة يكون هناك فساد إداري أيضا.
- هل هناك أية خطورة من مظاهرات المعارضة الأخيرة اعتراضا على حبس ومحاكمة رئيس بلدية أسنيورت أحمد أوزر بإسطنبول؟
تركيا دولة قانون وجمهورية ديمقراطية لكن هذا لا يعني أن يحدث انفلات أمني حيث إن الأجهزة الأمنية تسيطر على الوضع في تركيا.
وبالتالي لن يسمح وزير الداخلية أو الأمن التركي بأن يتجاوز الناس حدودهم، ويتسببوا بمشكلة أمنية سواء في إسطنبول أو في خارجها.
وغيرهم جرب ذلك من قبل والشعب التركي يتذكر جيدا ما حدث في تقسيم وتحديدا في غازي بارك وأشعل أحداث الشغب تلك في عموم تركيا، وأرادوا أن يسقطوا حكومة أردوغان بسبب أشياء تافهة ولكنهم آنذاك لم ينجحوا.
وهذه المرة أيضا هناك بعض المحاولات لما يسمى بالعصيان المدني وقد سمحت الداخلية لهم أن يتظاهروا ولكنها لم تسمح لهم بأن يعطلوا الحياة الاجتماعية والحياة المدنية في أسنيورت.
فلن يُسمح لهم بالمظاهرات أكثر مما يستحقون بعد أن عبروا عن مطالبهم.
- كيف أصبحت المدن العشرة التي هدمها الزلزال الآن بعد مرور أكثر من 20 شهرا على ذلك؟
بالنسبة للمدن المدمرة بسبب كارثة الزلزال الطبيعية فهناك جهود جبارة لإعادة بناء المدن من جديد بأفضل مما كانت عليها.
بل قيل إن هناك تطورا كبيرا حيث سلمت بيوت كثيرة بنتها الدولة ووزعتها على أصحابها، ولكن كانت الكارثة كبيرة جدا ومازالت هناك أمور عالقة لكن هناك نقطة مهمة ربما بعض القراء لا يعرفونها وهي أن الدولة تدفع تكاليف بناء البيوت كما تدفع قيمة إيجارات المنازل لمن فقدوا منازلهم بسبب الزلزال.
وهذا يعني أن البيوت الجاهزة يتم تسليمها لأصحابها، وإذا كانت هناك أمور قانونية في النزاع بين أصحاب البيوت مازالت عالقة أيضا، لكن بشكل عام هناك تطور كبير على الأرض في هذه المدن.
لكن الكارثة كبيرة والعمل يجرى بجهود جبارة على قدم وساق وربما يحتاج إلى مزيد من الوقت لتغطية جميع المتضررين الذين فقدوا منازلهم في تلك المحافظات العشر.
بهتشلي وهجوم توساش
- كيف ترى دعوة رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي إلى زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون "عبد الله أوجلان" لإلقاء كلمة بالبرلمان يعلن بها “نهاية الإرهاب”؟
أولا دولت بهتشلي لم يدعُ "عبد الله أوجلان" لإلقاء خطاب في البرلمان بلا شروط، فالكل يريد أن تنتهي مشكلة هذا التنظيم الإرهابي في تركيا.
علما أن الدولة التركية قطعت شوطاً كبيرا جدا في القضاء على الإرهاب سواء في الداخل أو في الخارج.
ويبدو أن تركيا لديها هدف أكبر مما يتعلق بهذا التنظيم الإرهابي وتشعر أن هناك مرحلة قادمة شديدة التوتر وخطيرة على الأمن القومي التركي أكثر مما تمثله هذه التنظيمات الإرهابية.
وبالتالي أرادت أن تُنهي هذه المشكلة عن بكرة أبيها ومن جذورها بنسبة 100 بالمئة حتى تستعد لمواجهة ما هو آت.
كما أن دولة بهتشلي توصل إلى مبادرته تلك بالتوافق مع أردوغان – على ما أظن- ولكن له شروط أن ينتهي الإرهاب ويُمحي تماماً، ويتم الإعلان عن ذلك ودعوة التنظيم الى إلقاء وتسليم السلاح.
ولكنني حسبما أظن فهذا الإرهاب لن ينتهي بهذه السهولة؛ لأن القيادات الميدانية للتنظيم الإرهابي لن يعترفوا ولن يقبلوا بموقف عبد الله أوجلان.
كما أن هذا التنظيم الإرهابي لن ينتهي بأسلوب سلمي في تركيا؛ لأن وراءه أجهزة مخابرات دولية وإقليمية.
وبالتالي عبد الله أوجلان الآن ليس له سلطة كبيرة على قيادات التنظيم الميدانية، بحسب ما نسمع من بعض الإرهابيين في الجبال أو في خارج تركيا.
وفي الحقيقة رد حزب العمال الكردستاني على هذه الدعوة بالهجوم على مركز صناعة الطيران في أنقرة “توساش”، ما يؤكد أنه لا يريد السلام في هذا البلد.
تغيير الدستور
- كيف ترى قضية تعديل الدستور الحالي والتي يدعمها أردوغان؟
في الحقيقة دستور تركيا الحالي ممتد من دستور 1960 ، وتم تعديله في 1980، وتم ترقيع مواد الدستور في مراحل متعددة وفي سنوات مختلفة بالتوافق مع المعارضة وبالتوافق مع الحكومة في فترات مختلفة.
لكن مازالت هناك مستجدات موجودة في الساحة وحكومة أردوغان أو الرئيس نفسه يريد إجراء بعض الإصلاحات الجديدة.
ولا يتوفر توافق بشأن تغيير البنود الأربعة الأولى بالدستور، فبعض الأطراف مع التغيير ومنها حزب اليسار الأخضر؛ بينما حزب الشعب الجمهوري يرفض ذلك.
نعم سيتم إصلاح الدستور ولن يكون هناك إصلاح كامل جذري لأن السياسة هكذا.
- وماذا عن محاولات المعارضة المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة ؟
نعم طبيعة المعارضة دائما تطالب بتعجيل الانتخابات لكن ما هي مشكلة هؤلاء؟ ولماذا يريدون تعجيل الانتخابات وكأنهم سينجحون في هذه الانتخابات.
أولا ليس بالضرورة أنهم سوف ينجحون، وثانيا لماذا قرر القانون أن تتم الانتخابات كل خمس سنوات حيث إن تجديد الانتخابات يكلف اقتصاديا وماليا، كما أن هذا المطلب مخالف للقانون فنحن دولة قانون.
وكما ذكر الرئيس أردوغان أن الانتخابات سوف تجرى في وقتها فبالتالي المفروض على المعارضة أن تستعد وتجهز نفسها للانتخابات القادمة بكوادر قوية وبجهوزية تامة وبتحالفات كاملة.
بدلا من أن يطلبوا التعجيل بها، وللأسف لا أظن أن أحزاب المعارضة حتى جاهزة للانتخابات المبكرة التي يطالبون بها، ولا أظن أنه ستكون هناك انتخابات مبكرة لأسباب قانونية وأسباب إقليمية ودولية أيضا.