رئيس وزراء اليونان يلغي اجتماعا مع مسؤولين صينيين بأوامر أميركية.. ما القصة؟
في 21 فبراير/ شباط 2023، أُقيم حفل افتتاح مركز التعلم المتبادل للحضارات بين الصين واليونان في العاصمة اليونانية أثينا.
وخلال هذه الفترة، تبادل مسؤولون رفيعو المستوى من البلدين وجهات النظر حول العلاقات الصينية اليونانية، ووقعوا ثلاث اتفاقيات تعاون.
ولكن في نفس الوقت، أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أيضا زيارة إلى اليونان، في محاولة على ما يبدو للتأثير على العلاقات بين بكين وأثينا.
وبعد وقت قصير من انتشار هذا الخبر، ألغى رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بشكل مفاجئ الاجتماع المقرر مع المسؤولين الصينيين، وانتدب نائبا له للقائهم نيابة عنه.
وفي هذا السياق، تشير صحيفة "سوهو" الصينية إلى اعتقاد غالبية المحللين أن إلغاء اجتماع رئيس الوزراء اليوناني مع الصينيين كان قسرا، بدوافع ما وراء الكواليس.
وفي الوقت نفسه، أفادت وسائل إعلام يونانية أن رئيس الوزراء ألغى الاجتماع مع الصين بسبب زيارة وزيرة الخارجية الأميركي.
وتعقب الصحيفة الصينية: "في نفس الوقت الذي زارت فيه الصين والولايات المتحدة اليونان، اختار رئيس الوزراء اليوناني جانبه إلى واشنطن".
وهنا تتساءل عما إذا كانت الولايات المتحدة هي الدولة الأهم بالنسبة لليونان، كما هو الحال بالنسبة لفرنسا وألمانيا.
هدف إستراتيجي
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن المسؤولين اليونانيين صرحوا عشية الزيارة مرارا وتكرارا بأهمية التعاون مع الصين، مؤكدين أن ذلك "هدف إستراتيجي بالنسبة لليونان".
لكنها ذكرت في ذات الوقت أن "الحكومة اليونانية لا ترغب بطبيعة الحال في أن تصبح بلادها مركزا للنزاع بين الصين والولايات المتحدة، ولا سيما في ظل التوتر الشديد الذي يشوب العلاقة بين الطرفين في الوقت الراهن".
وأشارت إلى أن "اقتراب اليونان من الصين وتوثيق علاقاتها معها، سيتسبب في استياء الولايات المتحدة وتوتر علاقتها معها".
وبحسب وسائل الإعلام اليونانية، "تدور شائعات حول أن رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس تعرض لضغوط من قبل بلينكن، ولذلك اضطر للتخلي عن لقاء المسؤولين الصينيين".
وفيما يتعلق بما إذا كان بلينكن قد مارس ضغوطا عليه بالفعل، تنوه الصحيفة الصينية إلى أنه لا يوجد دليل ملموس على ذلك.
ولكن وسائل الإعلام اليونانية تداولت بوضوح فرضية إلغاء رئيس الوزراء اليوناني الاجتماع مع نائب رئيس الوزراء الصيني بسبب الوزير الأميركي.
ومن هنا، فإن احتمالية أن تكون الولايات المتحدة هي السبب الرئيس في هذه الحادثة مرتفعة للغاية.
في الواقع، بالنسبة للصحيفة الصينية، "حتى لو لم تدع وسائل الإعلام اليونانية مسؤولية الولايات المتحدة، فمن السهل تخمين من يقف وراء ذلك".
وأضافت أنه مع وصول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السلطة، لم تُخفِ الولايات المتحدة عداءها للصين أبدا. وأتبعت: "وفي المقابل، تدرك بكين ذلك جيدا، وتتحرك على هذا الأساس".
علاوة على ذلك، تشير التحليلات والتقديرات إلى أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على التدخل والتأثير على العلاقات الصينية اليونانية.
وأكدت الصحيفة: "ليس من قبيل المصادفة، أن يظهر بلينكن باليونان في نفس توقيت زيارة المسؤولين الصينيين، ولا غنى عن ذكر بكين في الاجتماع بين بلينكن ونظيره اليوناني (نيكوس دينداس)".
وأردفت: "من أجل كبح جماح صعود الصين، لا تتخلى الولايات المتحدة عن مهاجمتها حتى على المستوى الدبلوماسي، فما مدى خوف بكين من هذا؟"
رفض شعبي
على الرغم من أن الحكومة اليونانية أعطت بلينكن الكثير من التقدير، ادعت الصحيفة أن "غالبية الشعب اليوناني لا يريد وجوده ولا يطيق تدخل الولايات المتحدة".
وأشارت إلى الأنباء التي أفادت بتجمع عدد كبير من الشعب اليوناني بالقرب من السفارة الأميركية في اليونان، مرددين شعارات مثل "لتذهب أميركا، وليرحل الناتو (حلف شمال الأطلسي)".
فضلا عن اللافتات المكتوبة بخط اليد، والتي تحمل مطالبهم الآتية: "يجب على أثينا أن تنسحب من الخطة الخطيرة للولايات المتحدة" و"أغلقوا القواعد العسكرية الأجنبية في اليونان".
ومن الجدير بالذكر أن المتظاهرين أدانوا بشدة سلسلة من الإجراءات الخطيرة التي اتخذتها بالولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، أدت إلى تفاقم التوترات الإقليمية، واحتجوا على وصول بلينكن استكمالا لهذه الإدانات، وفقا للصحيفة.
وتلفت "سوهو" إلى وصف الولايات المتحدة الصين في كثير من الأحيان بـ"التهديد المزعوم"، لكنها تقول في المقابل إن "واشنطن نفسها هي التي تشكل تهديدا على السلام والاستقرار العالميين".
كما تدعي الصحيفة كذلك أن "عيون المجتمع الدولي مدركة تماما للدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم".
وأكملت: "على الرغم من أن اليونان بلد صغير، فإن الشعب اليوناني لا يقبل بفساد الولايات المتحدة في بلاده".
وفي هذا السياق، تقول "سوهو": "ربما من وجهة نظر الحكومة اليونانية، لا تزال البلاد غير قادرة على مقاومة ضغوط الولايات المتحدة، وتستطيع الصين أن تتفهم ذلك".
واختتمت: "لكن إذا لم تكن اليونان واضحة أمامنا، واتبعت الولايات المتحدة حقا للإضرار بمصالح بلادنا، فلن تترد الصين في اتخاذ إجراءات تصب في مصالحها في ذلك الوقت".