رغم الجوع والأزمات.. انقلابيو بوركينا فاسو "يصرون" على البقاء في الحكم
رأت صحيفة إيطالية أن الوضع الإنساني والأمني في بوركينا فاسو لا يسير نحو التحسن عقب الانقلاب الذي نفذه عسكريون في يناير/ كانون الثاني 2022، ولا يزالون مصرين على البقاء في الحكم رغم أزمة الغذاء التي يعاني منها السكان.
وأشارت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتكو" إلى أنه في المقابل تتواصل الضغوط الإقليمية والدولية على العسكر الانقلابيين، من أجل العودة إلى المسار الديمقراطي، خاصة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس".
وفي ذلك الانقلاب، أطاح العقيد بول هنري داميبا، بالرئيس المنتخب ديمقراطيا روش مارك كريستيان كابوري، ليصبح الأول لاحقا رئيسا للبلاد، وعلى إثر ذلك فرض إيكواس عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على بوركينا فاسو.
وإيكواس اتحاد سياسي واقتصادي إقليمي يتكون من خمس عشرة دولة تقع في منطقة غرب إفريقيا وتضم بوركينا فاسو.
وكان المجلس العسكري قد عين قائد الانقلاب العقيد بول هنري دامبيا، رئيسا جديدا للبلاد بشكل انتقالي وذلك بعد الإطاحة بحكم الرئيس المنتخب ديمقراطيا روش مارك كريستيان كابوري.
وضع معقد
وعقب الانقلاب، بدأت المحكمة العسكرية بالعاصمة واغادوغو، محاكمة المتهمين الـ14 باغتيال رئيس بوركينا فاسو السابق توماس سانكارا عام 1987.
ومن أبرز المتهمين في القضية الرئيس السابق للبلاد بليز كومباوري، الذي يعيش حاليا في المنفى بساحل العاج.
ووصل توماس سانكارا الملقب بـ"تشي غيفارا إفريقيا" إلى السلطة إثر انقلاب عسكري عام 1983، قبل أن يتم اغتياله عام 1987 عن عمر ناهز 37 عاما، في انقلاب آخر أوصل رفيقه في السلاح بليز كومباوري إلى الحكم.
ومكث كومباوري في الحكم لمدة 27 عاما قبل أن تعصف به انتفاضة شعبية عام 2014 وتنفيه إلى ساحل العاج، ليخلفه بطريقة ديمقراطية الرئيس المنقلب عليه روش مارك كريستيان كابوري.
وذكرت الصحيفة الإيطالية أنه رغم انتهاء محاكمة سانكارا مطلع أبريل/ نيسان 2022، لا تزال بوركينا فاسو بوضع معقد، كما لا يزال الطريق نحو المصالحة والسلام طويلا بينما يستمر العنف والتمرد في شمال البلاد خاصة من قبل الجماعات المتطرفة.
وحكم على الرئيس السابق بليز كومباوري ومسؤولين أمنيين آخرين غيابيا بالسجن مدى الحياة.
بدوره، عد وزير المصالحة الوطنية السابق زفيرين ديابري في 10 أبريل 2022، أن إدانة كومباوري قد تكون عقبة أمام المصالحة الوطنية في البلاد.
وجزمت الصحيفة بأن الوضع في البلاد اليوم يسير نحو طريق مسدود عقب انقلاب يناير 2022.
فبعد أن حدد المجلس العسكري مدة الفترة الانتقالية بثلاث سنوات قبل إجراء الانتخابات، طالبت المجموعة واغادوغو في نهاية مارس/آذار 2022، بتقديم جدول زمني جديد بحلول 25 أبريل لاختصار الفترة الانقالية وإجراء انتقال سريع للسلطة.
من جهته، طلب المجلس العسكري مزيدا من الوقت، واقترح إرسال بعثة "عسكرية وسياسية وإنسانية" لتقييم الأوضاع في البلاد.
وبحسب رئيس مفوضية مجموعة الإيكواس جان كلود كاسي برو، لا يزال الوضع الإنساني والأمني صعبا ومثيرا للقلق، لا سيما وأن البلاد تعاني من تداعيات الصراع بين الحكومة والتنظيمات المسلحة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء الراهنة.
وأفادت الصحيفة بأنه سيتم تقديم تقرير إلى رؤساء دول إيكواس في الأسابيع المقبلة لمناقشة هذا الوضع واتخاذ الإجراءات المناسبة.
الحوار والمصالحة
وذكرت الصحيفة الإيطالية أن قائد الانقلاب داميبا كان قد اتهم الرئيس المنقلب عليه روش مارك كريستيان كابوري بعدم القدرة على إيقاف العنف المستمر في الشمال، خاصة من الجماعات المتطرفة، وأعلن بأن استعادة الأمن سيكون من أولوياته.
ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، لقي آلاف الأشخاص مصرعهم ونزح أكثر من مليوني شخص أي ما يقرب من 10 بالمئة من السكان بسبب أزمة عامة في منطقة الساحل شبه القاحلة التي تعيش أسوأ جفاف منذ أكثر من عقد، حيث يعاني أكثر من عشرة ملايين وخمسمئة ألف شخص من سوء التغذية.
وبدأ المسلحون المرتبطون بتنظيمي القاعدة والدولة بالانتشار من بوركينا فاسو عام 2015.
وبعد التدخلات العسكرية الفاشلة، شرع السكان المحليون بشكل مستقل في مسار حوار مع المتمردين بعد أن باتوا غير واثقين من قدرة الحكومة على إدارة الأزمة، وفق قول الصحيفة.
من جانبه، دعا زعيم المجلس العسكري داميبا إلى إستراتيجية جديدة تجمع بين العمليات العسكرية والحوار مع هذه الجماعات، وفي 13 أبريل 2022، أنشأ مجلس الوزراء لجنة تنسيق بين اللجان المحلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن تدخل الحكومة، الذي يهدف إلى إعادة دمج شباب بوركينا فاسو في المجتمع، يأتي بعد أن أعرب قادة محليون عن الحاجة إلى مهارات وساطة أكبر ودعم لوجستي ومالي وضمانات بعدم اتهامهم بالتواطؤ مع المسلحين المتطرفين بسبب المفاوضات.
وفي مقابلة مع موقع "ذي نيو هيومانيتيريان" المحلي، قال وزير المصالحة الوطنية ييرو بولي، إن التغيير في الإستراتيجية سيشهد تقديم الدعم اللوجستي والتفويضات الرسمية للزعماء المحليين المشاركين في المحادثات.
ولاحظت الصحيفة الإيطالية وجود جهود مصالحة مماثلة في مالي التي يحكمها مجلس عسكري مقرب إلى بوركينا فاسو، وتمثل تغييرا مهما فيما يتعلق بالمواقف الأوروبية بشأن التعامل مع التمردات المسلحة في غرب إفريقيا.
وختمت بالقول إن الوقت كفيل بالتأكيد ما إذا كانت نقطة التحول هذه ستسهم في النهاية في إحلال السلام في المنطقة.