صحيفة تركية: لا يمكن تغيير الوضع الراهن في العراق بنفس معادلة قبرص

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في خمسينيات القرن الماضي، جرت بريطانيا تركيا إلى قضية قبرص بناء على المادة 16 من بنود معاهدة لوزان مع أن الجزيرة لم تكن على أجندة أنقرة.

إذ إن بريطانيا التي لعبت دورا مهما في إعداد المادة 16 من معاهدة لوزان وعرفت جيدا ما تعنيه نصا وروحا، أدخلت تركيا في معادلة قبرص مذكرة إياها بهويتها كطرف معني بمستقبل الجزيرة بما يتماشى مع نص وروح المعاهدة. 

لكن هذا الأساس القانوني ينطبق أيضا على مناطق الموصل وكركوك وشمال العراق، تقول صحيفة يني شفق التركية.

تغير الأجواء

وقال "جهاد يايجي" رئيس مركز الإستراتيجيات البحرية والعالمية بجامعة بهتشه شهير: "جرى تحديد كيفية رسم الحدود التركية العراقية في المادة رقم 3 من معاهدة لوزان". 

ويجري تحديد الوضع الإقليمي لبغداد من خلال "اتفاقية حسن الجوار بين تركيا وبريطانيا والعراق" التي وقعت في 5 يونيو/حزيران 1926، وعقدت كشرط لأحكام المادة الثالثة.

وتابع: وبموجبه تخلت تركيا عن جميع الحقوق المتعلقة بالأراضي الواقعة خارج الحدود التي رسمتها هذه المعاهدة لصالح الدولة العراقية مع المادة 16 من معاهدة لوزان. 

غير أن تركيا لا تزال تحتفظ بحقها في التدخل في كل ما يتعلق بالأراضي العراقية من ضم أو استقلال أو تحديد نظام الحكم والإدارة التي سيتم تطبيقها، وذلك بحسب نص المادة نفسها.

وشرح الكاتب بالقول: فبموجب معاهدة الدفاع التركية البريطانية الموقعة في 4 يونيو/حزيران 1878، أصبحت قبرص تحت إدارة بريطانيا مع بقاء حقها السيادي بيد الإمبراطورية العثمانية.

لكن بريطانيا ضمت الجزيرة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1914 بذريعة مشاركة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وفق الكاتب.

وهكذا لتنتهي السيادة التركية في قبرص بشكل قانوني مع دخول معاهدة لوزان حيز التنفيذ. 

وبموجب أحكام المادة 20 من المعاهدة، اعترفت تركيا بضم قبرص إلى بريطانيا التي أعلنت عنها الحكومة البريطانية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1914. 

أما بموجب المادة 132 في معاهدة سيفر التي ولدت ميتة، فقد اعترفت الدولة العثمانية بالضم الذي أعلنته الحكومة البريطانية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1914، وتخلت عن جميع حقوقها وسلطتها في قبرص وعليها. 

وكما هو الحال في لوزان تماما، احتفظت تركيا بحقها في التدخل في مستقبل قبرص بموجب المادة 16 على الرغم من اعترافها بالضم البريطاني للجزيرة، وفقا للكاتب التركي.

وأردف لافتا: لذلك تستطيع تركيا أن تتولى دورا فعالا في قضية قبرص وتشارك في إيجاد آليات لتسوية النزاع بناء على نص المادة 16 من معاهدة لوزان التي لا تزال سارية المفعول بصفتها أحد أطراف النزاع القبرصي.

وبناء على نفس الأسس التي تستند إلى المعاهدات المعقودة، ينبغي على تركيا أن تشارك في آليات تسوية النزاع في الموصل وكركوك وشمال العراق أيضا.

إعادة النظر

وبحسب يايجي تنص المادة 16 من معاهدة لوزان على "أن تركيا تخلت عن جميع حقوقها وسلطاتها وسيادتها على الأراضي الواقعة خارج الحدود المحددة في هذه المعاهدة أو فيما يتعلق بها، وجميع حقوقها وسلطاتها وسيادتها على جميع الجزر الأخرى غير تلك التي تعترف هذه المعاهدة بسيادتها. 

وجرى تقرير مصير هذه الأراضي والجزر أو سيتم تقريره من قبل الجهات المعنية، وفق الكاتب.

وقال إن هناك نقطتين مهمتين في أحكام هذه المادة. أولها: إقرار تركيا بأنها تخلت عن جميع حقوقها وسلطاتها وسيادتها على جميع أراضي الدول التي تخلت عنها.

وثانيها أن مستقبل ومصير الدولة التي تخلت عنها تركيا تم وسيتم تقريره من قبل الجهات المعنية.

وأردف: بناء على النقطة الأولى، يمكن أن يقول بعضهم إن تركيا لم تعد قادرة على المطالبة بأي حقوق تتعلق بأراضي البلاد التي تخلت عنها بموجب معاهدة لوزان بالنظر إلى الصياغة العامة للمادة 16 فقط. 

غير أنه لا ينبغي أن ننسى هنا أن تركيا وقعت معاهدة لوزان لأنها رفضت معاهدة سيفر.

وأوضح: إذ كانت سيفر تنص في المادة 132 على أن تتخلى تركيا تماما عن حقوقها وسلطاتها وسيادتها. 

لكن تركيا اعترضت ولذلك تم إعداد المادة 16 من لوزان لتكون بديلا عن المادة 132 من قانون سيفر. 

كذلك كانت المسودة الأولى من معاهدة لوزان تتضمن بندا ينص على أن تركيا ستتخلى تماما عن حقوقها، لكن تم تعديله.

والحق أن هذه المسودة كانت تهدف إلى أن تقبل تركيا وتقر بجميع القرارات التي سيتم اتخاذها مستقبلا بحق المناطق التي ستتخلى عنها بموجب هذه المعاهدة. 

أي كان الهدف أن تقر تركيا وتقبل سلفا بما سيتم تقريره بحق المناطق مثل قبرص والموصل وكركوك وشمال العراق دون أن يكون لها أي رأي في ذلك، ينوه الكاتب.

وأضاف: لذلك اعترضت تركيا على النسخة الأولى من المعاهدة.

ومع أنه حدثت العديد من المشاكل، لكن جرى تعديل هذا البند "الذي كان سيغتصب حق تركيا في التدخل في القضايا المتعلقة بمستقبل الموصل وكركوك وقبرص وجزر بحر إيجة، بعد دخول معاهدة لوزان حيز التنفيذ".

وختم يايجي مقاله وهو يشير إلى أن اعتراض تركيا على بنود المعاهدة آنذاك جعل من غير الممكن تغيير وضع الموصل وكركوك في العراق دون أخذ موافقة تركيا. 

وهو الأمر الذي يعني أنه لا يمكن أن يتم خلق أوضاع إقليمية جديدة في شمال العراق وبالتالي في سوريا. كذلك، لا يمكن استبعاد تركيا من قبرص لأي سبب كان.

وبناء على كل هذا، لا يمكن إجراء أي تغييرات في الحدود الحالية أو تشكيل أي دول جديدة على أراضي الدولة العثمانية السابقة، دون أخذ موافقة تركيا. 

وبما أن هذا حقيقة قانونية واضحة لا جدال فيها ولا شك، يجب على تركيا أن تستفيد من هذا، بحسب ما يراه الكاتب.