"كبش فداء".. ماذا بعد خسارة العدالة والتنمية في انتخابات المغرب؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "صباح" التركية مقالا للباحث إسماعيل نعمان تيلجيكان ذكر فيه أن الانتخابات البلدية والتشريعية التي أجريت بالمغرب في 8 سبتمبر/أيلول 2021، أسفرت عن "نتائج غير متوقعة".

وقال تيلجيكان: إن "أداء حزب العدالة والتنمية (شعاره المصباح) كان ضعيفا في الانتخابات، فقد تمكن من الإبقاء على 13 مقعدا فقط من أصل 125 كان قد فاز بها في البرلمان في الفترة السابقة، مع أنه قاد العديد من الحكومات الائتلافية منذ عام 2011".

وأضاف: "اللافت أن نسبة المشاركة في الانتخابات كانت أعلى مما كانت عليه في الماضي بحسب الأرقام النهائية؛ إذ بلغت 50.18 بالمئة، كذلك يلاحظ أن الأحزاب المقربة من العائلة الملكية فازت بعدد أكبر من المقاعد في البرلمان".

تراجع حاد

وبحسب تيلجي، فاز حزب "التجمع الوطني للأحرار" بقيادة رجل الأعمال الملياردير عزيز أخنوش في الانتخابات، بحصوله على 102 مقعد من أصل 395 في البرلمان، وأخنوش معروف بقربه وعلاقته الوثيقة مع الملك محمد السادس. 

أما حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه مستشار الملك، فؤاد عالي الهمة، الذي كان الحزب المعارض الأساسي في البرلمان السابق فقد احتل المركز الثاني بحصوله على 87 مقعدا في البرلمان. 

فيما احتل حزب الاستقلال مؤسس الدولة المغربية والموالي للعائلة الملكية المركز الثالث بعد الحزبين الأولين بحصوله على 81 مقعدا.

وعلى الناحية الأخرى، فقد حصل كل من حزب الاتحاد الاشتراكي على 35 مقعدا، والحركة الشعبية على 29، والتقدم والاشتراكية على 21، والاتحاد الدستوري على 18، فيما العدالة والتنمية على 13 مقعدا.

وقال تيلجي: "بالنظر إلى نتائج الانتخابات، يمكن القول بأن شعبية حزب العدالة والتنمية الذي لقي تأييدا ودعما كبيرين من الشعب المغربي خاصة بعد ثورات الربيع العربي، في تراجع وذلك عند مقارنتها بشعبيته وقوته السابقة، كذلك يلاحظ أن البرلمان أصبح تحت سيطرة العائلة الملكية إلى حد كبير".

وأردف: "على عكس التقديرات الدائرة في الأوساط المختلفة، هناك أسباب متعددة خلف حصول العدالة والتنمية على مثل هذه النتيجة في الانتخابات، أحدها أن الحزب لم يتمكن من اتباع سياسة نشطة ضد سياسات العائلة الملكية منذ عام 2016 والتي تتزامن مع تولي سعد الدين العثماني قيادة الحزب".

وتابع قائلا: "ويمكن الإشارة إلى توقيع المغرب اتفاقية التطبيع مع إسرائيل كسبب آخر على هذا التراجع، إذ إن التطبيع خطوة تعارضها الشعوب العربية أجمع. أضف إلى ذلك عدم تمكن الحزب من تنفيذ الحلول الأكيدة لمواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا". 

ولقد ذهبت العائلة الملكية إلى تغيير قانون الانتخابات في مارس/آذار 2021، وكانت تهدف بذلك إلى كسب أصوات الناخبين بشكل غير مباشر من خلال زيادة عدد المرشحين في المناطق الريفية، و"ذلك وفقا لتوجيهات قيادات الوحدات الإدارية المحلية"، يلفت الكاتب التركي.

وأضاف: "وهو ما تسبب في عدم تمكن العدالة والتنمية من ترشيح نواب عن العديد من المناطق، بما أن غالبية قاعدته الانتخابية يعيشون في المناطق الحضرية. وبالمثل تم العمل على انتقال البلاد إلى نظام ملكي دستوري دون الإضرار بسلطة الملك محمد السادس السياسية أثناء ثورات الربيع العربي، وحينذاك، تم إفساح المجال أمام بعض الحركات السياسية".

وأوضح تيلجي ذلك بالقول: "إذ بتغييره قانون الانتخابات قبل انتخابات 2021، وتقديمه الحكومة كبش فداء لاحتواء ردود الفعل على التطبيع مع إسرائيل وتحميلها مسؤولية المشاكل الاقتصادية الناجمة عن الوباء، قام الملك -وبطريقة غير مباشرة- بتقييد الحركات السياسية المختلفة واتخذ خطوات لتعزيز سلطته".

وأشار إلى أنه "تم العمل على ترسيخ قوة وسلطة العائلة الملكية في عهد الملك الحسن الثاني باستخدام نفس الإستراتيجية، ولكن ضد الأحزاب اليسارية في تلك المرة".

احتمال التحالف

واستطرد تيلجي: "لقد كلف الملك محمد السادس، أخنوش، بتشكيل حكومة ائتلافية، لذلك يجري الأخير في هذه الأيام محادثات ائتلافية مع ممثلي الأحزاب السياسية الأخرى من أجل ضمان أصوات الأغلبية في البرلمان اللازمة لتشكيل الحكومة".

ونوه: "وفي هذا السياق، الأهمية تكمن بالإشارة إلى أن المهمة الأولى لحكومة أخنوش الذي التقى مع قيادات الأحزاب الأخرى مثل الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، تتمثل في تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية التي يهدف الملك محمد السادس إلى تحقيقها حتى عام 2035".

وشرح تيلجي ذلك بالقول: "إذ يتوقع أن يتولى أخنوش دورا مهما في تنفيذ خطة البرنامج التنموي الاقتصادي للمملكة، وهو الذي شغل منصب وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في الحكومة السابقة، ومن المتوقع أن ينفذ أخنوش خطة التنمية الاقتصادية هذه دون أي معارضة بسبب علاقته القريبة مع الملك".

وتحتل الزراعة والسياحة وصيد الأسماك مكانة مهمة ومعتبرة في الاقتصاد المغربي، غير أن المملكة تعمل على تنويع مواردها الاقتصادية في ظل تداعيات الوباء والجفاف، وذلك من خلال زيادة الاستثمار في الصناعة والطاقة المتجددة وتطوير التعاون الاقتصادي الإقليمي، وحل مشاكلها الاقتصادية باعتماد النموذج الاقتصادي الجديد، وفقا للكاتب التركي.

وقال تيلجي: "الجدير بالذكر هنا أن تشكيل الأحزاب السياسية في مجلس النواب في انتخابات 8 سبتمبر/أيلول 2021 بطريقة لن تتسبب في أي مشاكل بالنسبة للملك محمد السادس، يجعل للأخير اليد العليا في المشهد الحالي. ويمكن القول بأن الملك خطط لتنفيذ نموذج التنمية الاقتصادية بالتعاون مع قادة الأحزاب المقربين منه".

وأضاف: "وفيما وصلنا إليه، تسبب عدم اتخاذ العدالة والتنمية بقيادة العثماني موقفا نشطا وفعالا ضد العائلة الملكية، وتعديل قانون الانتخابات والأهمية الذي تحمله خطة التنمية الاقتصادية في تراجع شعبية الحزب وحصوله على أقل المقاعد في البرلمان وخلق مناخا سياسيا جديدا في مجلس النواب".

وهكذا، يتوقع أن تتصدر القضايا الاقتصادية أجندة المملكة في السنوات الخمس المقبلة، وفي حال فشلت الأحزاب الموالية للعائلة الملكية قد يجد "العدالة والتنمية" فرصة لإعادة ترسيخ قاعدته في جناح المعارضة، غير أنه في حال نجح نموذج الملك محمد السادس في التنمية الاقتصادية فذاك أمر من شأنه أن يعزز الوضع الراهن ويرسخ له عميقا، يحذر الكاتب.

وختم تيلجي مقاله مشيرا إلى أن "نموذج التنمية الاقتصادية المتبع سيكون له دور مهم أيضا في تشكيل السياسات التي سيتبعها التجمع الوطني للأحرار الذي سيقود الائتلاف، وأخنوش، ومؤكدا أنه "لا بد أن يؤثر الصراع على السلطة بين الأطراف المقربة من العائلة الملكية على مستقبل المملكة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا".