بعد إزاحة لوبان.. هكذا أصبح طريق الإليزيه ممهدا للعشريني جوردان بارديلا

منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

اقتحم رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي لا يتعدى عمره 29 عاما عالم السياسة الفرنسية من الباب الواسع. 

وأصبحت الحياة السياسية الفرنسية تدور حوله بعد أن حقق فوزا ثمينا في الانتخابات الأوروبية عام 2024 (32 بالمئة من الأصوات).

وعقب الحكم بالسجن على زعيمة حزب "التجمع الوطني" مارين لوبان ومنعها من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027، توجهت الأضواء إلى بارديلا، وفرص صعوده للحكم في فرنسا.

وفي هذا السياق، قالت إلباييس الإسبانية، إن بارديلا يملك العديد من المزايا التي تخول له خلافة لوبان في السباق الرئاسي؛ إذ تلقى تدريبا دقيقا على يدها. 

فضلا عن ذلك، ليس لديه أي ارتباط بالماضي المظلم للحزب، وله فضيلة وعيب في نفس الوقت، متمثل في عدم حمله لقب لوبان.

خلافة لوبان

وذكرت أن بعض الكائنات الحية تميل إلى إحداث طفرة في جيناتها للبقاء على قيد الحياة؛ وهو الحال بالنسبة لحزب لوبان. 

في الحقيقة، يعدّ التجمع الوطني الحالي منظمة سياسية تأسست قبل 56 عاما تحت اسم الجبهة الوطنية، من قبل أعضاء سابقين في قوات الأمن الخاصة، وحفنة من المتعاونين وحتى إرهابيين سابقين من منظمة الجيش السري الفرنسي.

وهي المنظمة التي عارضت الانسحاب الفرنسي من الجزائر والتي حاولت اغتيال الرئيس شارل ديغول. 

وهذا الحزب يطمح اليوم إلى إقناع الناخبين الفرنسيين بمصداقيته. 

لكن الطريق إلى التطبيع المفترض كان مليئا بالاستقالات والعنف الداخلي. 

فبعد أن تخلى الحزب عن أصوله، وطرد مؤسسه جان ماري لوبان، وتمركز في الساحة الفرنسية، أصبح بإمكان الحزب الآن، أن يستكمل تحوله النهائي من خلال إزالة الثابت الوحيد في قيادته: لقب لوبان. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الحزب اليميني المتطرف تلقى أكبر ضربة في تاريخه عندما حُكم على زعيمته، مارين لوبان، بالسجن لمدة أربع سنوات - اثنتان منها بسوار إلكتروني - والإقصاء خمس سنوات من الترشح في الانتخابات. 

وإذا لم تنجح الطعون التي قدمتها أو تم حلها، فسيتم إقصاء لوبان من سباق الانتخابات لسنة 2027، في وقت كانت فيه الأقرب إلى تحقيق حلم عائلتها بالانتقال إلى قصر الإليزيه. 

وفي هذه الحالة، برز جوردان بارديلا، خليفتها ورئيس حزب التجمع الوطني، في الواجهة. 

ويعدّ ظهوره بمثابة تجديد كبير في حزب يعتمد إلى حد كبير على الروابط العائلية، سواء كانت دموية أو عاطفية.

في الحقيقة، إن حياة بارديلا ومسيرته المهنية لا تنفصلان عن رئيسته وعرابته السياسية. لكن شبابه المبالغ فيه يسمح له أيضا بالنأي بنفسه عن ماضي الحزب اليميني المتطرف. 

كما أن ولي عهد الحزب، والسياسي الماهر، لم يعايش فترة جان ماري لوبان، والد مارين. 

مسيرة الصعود

تحديدا، كان عمره سبع سنوات عندما نجح زعيم الحزب آنذاك في تأهيل الجبهة الوطنية آنذاك إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى في سنة 2002، والتي خسرها في النهاية بأغلبية ساحقة أمام جاك شيراك. 

وكان بارديلا يجادل باستمرار أولئك الذين يشككون في أصول حزب التجمع الوطني قائلا: "أنتم تنظرون إلى الماضي. وأنا أنظر إلى المستقبل". 

وفي عمر 22 سنة أصبح بالفعل المتحدث الرسمي باسم الحزب؛ وفي عمر 23 سنة، كان على رأس القائمة في الانتخابات الأوروبية؛ ورئيس الحزب منذ أن كان عمره 26 سنة.

ونوهت الصحيفة إلى أن لوبان كانت ترى أن بارديلا لا يزال في سن مبكرة لخلافتها، وكانت تعده لتولي منصبها بعد سنوات وفي جدول زمني مختلف تماما. 

فقبل أسبوعين، كشفت لوبان في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" عن خططها إذا فشلت في انتخابها رئيسة للجمهورية في سنة 2027. 

وأوضحت: "ستكون هذه حملتي الأخيرة". ثم أضافت: "في سنة 2032 سيكون جوردان في سن 36 عاما". 

وهذا يعني أنه بحلول ذلك الوقت سيكون قد أصبح كبيرا في السن وذا خبرة كافية ليكون مرشحا لحزب التجمع الوطني. 

وأشارت الصحيفة إلى أن بارديلا ينتمي إلى عائلة متواضعة، من جهة والدته، في حين أن والده رجل أعمال ثري وفّر له كل رفاهيات الحياة.

 ومن خلال تسليط الضوء على الجزء الأول من القصة، ومتجاهلا جزءها الثاني، نشر بارديلا سيرته الذاتية التي أصبحت من أكثر الكتب مبيعا هذه السنة. 

وبشكل عام، يمثّل بارديلا حلم مؤسسة فرنسية محافظة، والتي ترى فيه الشخص المثالي لتوحيد اليمين بأكمله في حزب واحد، أو ائتلاف كبير. 

وهو نموذج مماثل للنموذج الذي طبقته جورجيا ميلوني في إيطاليا. 

ويبدو أن السياسي الشاب الذي يجتمع مع رجال الأعمال والشخصيات الاقتصادية منذ أشهر، هو الوجه الأكثر قبولا في العالم اليميني المتطرف ويحظى بدعم وسائل الإعلام المحافظة الرئيسة في فرنسا. 

وسيكون خليفة لوبان ملائما تماما لبعض التيارات اليمينية الليبرالية التي كانت تخشى تقليديا عدوانية زعيمة الجبهة الوطنية.

ميزة وعيب

ويعتقد جان إيف كامو، الخبير في العلوم السياسية والحركات القومية الأوروبية، أن هذا المعطى يشكل ميزة وعيبا في الوقت نفسه بالنسبة لبارديلا. 

ميزة، لأنها قد تُمثل نقطة لصالحه بين الناخبين المُحبطين من الجمهوريين، أي حزب اليمين التقليدي، الذين يسعون إلى موقف أكثر ليبرالية في القضايا الاقتصادية. 

ومع ذلك، يواجه صعوبة في كسب تأييد الناخبين، لأن لوبان قد تستجيب لمطلبهم بدولة اجتماعية. بعبارة أخرى، هي لا تتوافق إطلاقا، على عكس ما قد يظن البعض، مع فكر دونالد ترامب، الذي يسعى إلى تفكيك الدولة، بدءا من نظام الحماية الاجتماعية بأكمله. 

من جانب آخر، أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة أودوكسا، ونُشر قبل إدانة لوبان، أن 60 بالمئة من أنصار حزب التجمع الوطني يفضلون بارديلا على لوبان (32 بالمئة). 

ومن بين الناخبين الفرنسيين ككل، اختار 31 بالمئة بارديلا رئيسا للجمهورية، مقارنة بحوالي 16 بالمئة يفضلون زعيمة حزب التجمع الوطني. 

من المفارقات أن المنافسة الرئيسة لبارديلا كانت ستأتي مرة أخرى من داخل العائلة. 

وقد انضمت ماريون ماريشال، الابنة الضالة لعائلة لوبان، التي أغلقت الباب في وجه الحزب بعد خلافها مع عمتها مارين، إلى حزب الاستعادة، الحزب اليميني المتطرف الذي أنشأه إريك زيمور، والذي انهار منذ ذلك الحين. 

والآن، وبعد محاولات عديدة، أصبح بإمكانها العودة والمطالبة بميراثها. 

ويبدو أن حفيدة البطريرك جان ماري المفضلة، والتي تتمتع بتوجهات أيديولوجية أكثر وتتمتع بسجل أفضل من بارديلا، هي الوحيدة القادرة على منافسته على الخلافة في الوقت الحالي. 

وهنا، يمكن أن نشهد الطفرة الأخيرة التي تعيد كل شيء إلى نقطة البداية، تختم الصحيفة مقالها.