صفقة تبادل الأسرى في اليمن.. كيف استغلها الحوثيون لتنفيذ مخططاتهم؟

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد سنوات من المفاوضات بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في اليمن، تم تنفيذ صفقة تبادل الأسرى بين الجانبين، بالرغم من التعقيدات التي شابت هذا الملف منذ بدء المباحثات حوله بالسويد في ديسمبر/كانون الأول 2018.

يوما الخميس والجمعة 15 و16 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تم تنفيذ المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى التي تشمل 1061 أسيرا من الجانبين بإشراف من الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي.

الخميس تم الإفراج عن 480 أسيرا من الحوثيين، مقابل 250 أسيرا من الحكومة الشرعية، في حين تم الإفراج الجمعة عن 200 أسير من جماعة الحوثي، بحسب قناة المسيرة التابعة للجماعة، مقابل 151 أسيرا من الحكومة الشرعية، في عملية هي الأكبر ضمن ملف تبادل الأسرى منذ اندلاع الحرب باليمن.

كان 5 صحفيين تابعين للحكومة الشرعية ضمن الأسرى المفرج عنهم، في حين ما يزال 5 صحفيين آخرين في سجون جماعة الحوثي، 4 منهم أصدرت الجماعة ضدهم حكما بالإعدام بتهمة خدمة العدوان (التحالف السعودي الإماراتي).

وشملت الصفقة إطلاق 15 أسيرا سعوديا و4 سودانيين من قوات التحالف، كان قد تم أسرهم في وقت سابق بمناطق المواجهات على الحدود السعودية اليمنية.

وحسب القوائم المتبادلة بين الجانبين، منذ اتفاق السويد ومحادثات عمّان، فإن إجمالي المحتجزين يصلون لنحو 15 ألف أسير لدى الجانبين، ما تزال المباحثات جارية حول الإفراج عنهم.

بناء الثقة

الأسرى لدى الحوثيين من المدنيين، حيث تم أسرهم في المدن ومن مقار أعمالهم ومنازلهم، في حين تم أسر الجنود الحوثيين في الجبهات والمعارك، غير أن الجماعة تتعمد اعتقال عناصر غير موالية لها ومن المنتسبين أو الموالين لحزب الإصلاح، لتدرجهم ضمن صفقة تبادل الأسرى مع الحكومة الشرعية.

ومع أن الكثيرين يرون أن عملية التبادل غير عادلة، كونها مبادلة بين مدنيين وأسرى حرب، إلا أن آخرين يرون أنها يمكن أن تمثل إجراء مهما من إجراءات بناء الثقة، بشكل يفضي إلى إنهاء الصراع والتوصل إلى حل للأزمة في اليمن.

الولايات المتحدة من جانبها رحبت بهذه الخطوة، وقالت إنها تعزز الثقة بين الجانبين، وسوف تنعكس بشكل إيجابي على الأزمة السياسية.

وقبل يوم واحد من عملية تبادل الأسرى، كانت جماعة الحوثي قد أفرجت عن رهينتين أميركيتين بالإضافة لرفاة ثالث، كانوا محتجزين لدى جماعة الحوثي.

وقادت وساطة عمانية للإفراج عن الرهائن الأميركيين، ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن الإفراج عن الرهينتين، بالإضافة إلى رفات شخص ثالث، تم بوساطة عمانية، وذلك مقابل الإفراج عن أكثر من 200  عنصر من جماعة الحوثي كانوا عالقين في عمان أثناء تلقيهم العلاج في المستشفيات العمانية.

وفي حين قوبل ذلك الإجراء بالترحيب إلا أن الجهد الأكبر، بحسب البعض، يعود إلى كفاح رابطة أمهات المختطفين التي قامت بتدويل قضية الأسرى والضغط على الأمم المتحدة والصليب الأحمر للإفراج عن أبنائهن المختطفين في سجون الحوثي.

قلق وتخوف

جولة المحادثات الأخيرة المنعقدة في مدينة مونترو السويسرية منذ 18 سبتمبر/أيلول 2020، توصلت إلى الاتفاق على الإفراج عن 1081 أسيرا من الجانبين، كمرحلة أولى، في حين تم الاتفاق على الإفراج عن أسرى آخرين في جولات قادمة، بحسب تصريح للمبعوث الأممي مارتن غريفث في 27 سبتمبر/أيلول 2020.

كان من المقرر أن يتم البدء بمباحثات المرحلة الثانية لتبادل الأسرى في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020، غير أنه تم إرجاء تلك المباحثات لوقت غير معلوم، في ظل تخوف البعض من مماطلة جماعة الحوثي في البدء بالجولة الثانية في الوقت المنظور.

ما يبعث على القلق أنه لا وجود لضمانات لتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه، خصوصا أن دور الأمم المتحدة والصليب الأحمر ينحصر في الإشراف على الاتفاق وعملية التبادل، بالإضافة إلى أنه لا وجود لمحفز يدفع جماعة الحوثي للوفاء بالتزامتها بالإفراج عن أسرى من الحكومة الشرعية.

استحقاق سعودي

وحسب الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي في حديث للاستقلال، فإن "نجاح هذه المرحلة يعود لكونها كانت استحقاقا سعوديا، أي أن الرياض تدخلت فيه للإفراج عن 15 أسيرا سعوديا".

وحسب التميمي فإن "الأسرى السعوديين قد أسهموا بانخفاض حصة الحكومة من عدد المعتقلين الذين كان يتعين تحريرهم وإنهاء معاناتهم، خصوصا أن الأسرى السعوديين كان يمكن أن يحل محلهم أسرى يمنيون يحملون ثقلا سياسيا كالقيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان، أو ثقلا عسكريا كوزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي".

وقحطان هو عميد الأسرى اليمنيين في سجون "الحوثي"، حيث تم احتجازه منذ أكثر من 5 سنوات، وترفض الإفراج عنه أو حتى الإفصاح عن مصيره، ويذهب البعض إلى أن الجماعة قد قامت بتصفيته، خصوصا أنها ترفض السماح لأهله بزيارته منذ اعتقاله.

كما تطالب الحكومة الشرعية بالإفراج عن وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي الذي أسرته جماعة الحوثي في مارس/آذار 2015، في معركة الدفاع عن عدن ضد هجوم جماعة الحوثي، بالإضافة إلى العميد القائد فيصل رجب وناصر منصور شقيق الرئيس اليمن عبد ربه منصور.

وفي كل مرة تضع الحكومة الشرعية تلك الأسماء على رأس قوائم الأسرى المطلوب الإفراج عنهم، غير أن جماعة الحوثي تستبعدهم في كل مرة وترفض إطلاق سراحهم.

تعذيب وتصفية

حسب رسالة وجهتها الحكومة الشرعية للمبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفث، فإن جماعة الحوثي قتلت في سجونها أكثر من 200 مختطف.

ووفق وزير الإعلام التابع للحكومة الشرعية معمر الإرياني فإن الحكومة طالبت بالتحقيق في جرائم التصفية التي ارتكبتها جرائم الحوثي تجاه عدد من الأسرى والتي مارست فيها جرائم وحشية شملت التعذيب حتى الموت واقتلاع أجزاء من أجسادهم قبل الإجهاز عليهم بشكل كلي.

ودرجت الجماعة، في أحد أساليبها، على تصفية عدد من الأسرى بوضعهم ضمن أهداف عسكرية لطائرات التحالف، مثلما حدث مع القيادي الإصلاحي ورئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح في محافظة إب اليمنية أمين الرجوي، عندما وضع ضمن هدف عسكري في جبل هران بمحافظة ذمار لتستهدفه طائرة التحالف بغارة جوية في يونيو/حزيران 2015.

حدث ذلك أيضا مع عدد من الصحفيين، من بينهم الصحفيان عبد الله قابل ويوسف العيزري عندما وضعا في ذات الجبل لتستهدفهما طائرة تابعة للتحالف بغارة جوية في مايو/أيار 2015.

ويعيش الأسرى في معتقلات الحوثيين في زنازين تفتفر لأدنى الشروط الصحية، وخرج بعضهم محمولا، وآخرون خرجوا بالعكاكيز، بسبب ظروف الاعتقال ووسائل التعذيب، في حين خرج الأسرى الحوثيون من سجون الحكومة الشرعية بوضع صحي جيد.

وسيلة ابتزاز

في حديث للاستقلال يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي: "في الوقت الذي نشعر بالسعادة لأنه تم الإفراج عن عدد من الأسرى المعتقلين ظلما والمخفيين قسرا، إلا أن هذه الصفقة أضفت مزيدا من المشروعية على الممارسات القمعية التي تقوم بها مليشيا الحوثي الانقلابية، والتي تقابلها ممارسات وانتهاكات المليشيات الانفصالية المدعومة من قبل الإمارات والسعودية في المدن الجنوبية".

يضيف ياسين: "لقد تحول هذا الملف إلى وسيلة ابتزاز تمارسها الجماعة لإضفاء مزيد من الزخم على الحرب التي تخوضها ضد الشعب اليمني، والأسوأ من كل ذلك هو ما تتضمنه الصفقة من منح المشروعية للمتمردين ليعودوا إلى الانخراط في المفاوضات ضد السلطة الشرعية، بدلا من معاملتهم كخارجين عن القانون".

التميمي تابع: "لا شك لدي في أن الحوثيين استثمروا هذه المفاوضات في إعادة فتح قنوات الاتصال مع الجانب السعودي، والتي يأملون أن تغنيهم عن تضييع الوقت مع الحكومة الشرعية التي تتحكم بقرارها الرياض بشكل كامل".