بعد 20 عاما في السلطة.. هذه الأزمات تهدد مستقبل الأسد
عقوبات دولية وأزمات اقتصادية وخلاف داخل العشيرة التي ترأس البلاد، وانتقادات روسية وإيرانية إضافة إلى تظاهرات شعبية احتجاجية، كل هذه مصائب تتراكم على رئيس النظام السوري بشار الأسد في ذكرى وصوله إلى السلطة.
وتحت عنوان "بشار الأسد في وضع حرج بعد عشرين عاما بالسلطة" قالت صحيفة "ليبراسون" الفرنسية: "الرقم الذي يتم تداوله بين السوريين على الشبكات الاجتماعية على مدار 24 ساعة يرتفع كما لو أنه مزاد: 1800، 2400، 3000، 3500، 3800، إنه سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية بعد يوم من دخول العقوبات الأميركية الجديدة على نظام دمشق حيز التنفيذ".
وأشارت إلى أن الكونجرس الأميركي صوت في نهاية العام 2019 على "قانون قيصر"- الاسم الرمزي لمصور عسكري سابق عمل مع الشرطة العسكرية للنظام السوري، وجلس أمام أعضاء من الكونجرس وشرح لهم مضامين 55 ألف صورة تكشف عن جرائم قتل وعمليات تعذيب منظمة أقدم عليها نظام الأسد. - وقد وصفته وسائل الإعلام الرسمية بأنه "إرهاب اقتصادي".
وأوضحت أن القانون يضيق الخناق على الاقتصاد السوري الذي يعاني بالفعل، ويعد كارثة، لكنها ليست الوحيدة التي يجب أن يواجهها نظام بشار الأسد، ضمن العديد من النكسات.
وأكدت أنه بعيدا عن القدرة على تذوق انتصاره العسكري والسياسي، يرى النظام المصائب تتراكم وتمنعه من الحصول على السلام.
ونوهت إلى أنه بينما يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية العشرين لوصوله إلى رئاسة الجمهورية، خلفا لوالده، لا يمكن لبشار الأسد بالتالي الاحتفال، فبعد تسع سنوات من حرب مدمرة تشهدها البلاد، يواجه هو الآن تمزقا غير مسبوق داخل عشيرته التي تحكم سوريا منذ عام 1970.
نأي بالنفس
وبينت أنه إضافة لمشكلة الاقتصاد وتمزق عشيرته، هناك ثمة مشكلة أخرى تثير قلق النظام، ليست أقل أهمية، وهي عدم الرضى المعبر عنه من قبل الحليفين اللذين يعود إليهما الفضل في بقائه وهما روسيا وإيران.
ولفتت الصحيفة إلى تصريح عضو في لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية بالبرلمان (لم تذكر اسمه) في مقابلة نشرت يوم 20 مايو/ أيار 2020 على موقع اعتماد أونلاين الرسمي قال فيها: "ربما أعطينا سوريا 20 إلى 30 مليار دولار، وعلينا استعادتها".
وهذا التصريح غير المسبوق يأتي في وقت تنأى إيران بنفسها، لتركز على مشاكلها الصحية والاقتصادية المحلية.
أما في روسيا، تتابع "ليبراسيون، فوجهت انتقادات للنظام السوري من خلال عدة مقالات بصحف مقربة من الكرملين، محورها الاستياء من فساد وعدم كفاءة السلطة بدمشق.
ووفقا للصحيفة، بعد تسع سنوات من الحرب، لم يسيطر نظام بشار الأسد على كامل الأراضي السورية، وما زال هناك منطقتان رئيسيتان خارج سيطرته وهما الشمال الشرقي، الذي يخضع لإدارة كردية ومحافظة إدلب (شمال غرب).
وأوضحت أنه إذا كان النظام موجودا في المنطقة الأولى، ولا سيما بالحسكة والقامشلي، حيث يقع المطار تحت سيطرته، فالمنطقة التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، المرتبط بحزب العمال الكردستاني النشط في تركيا، تستمر في المطالبة باستقلالها وتسعى إلى اتفاق مع دمشق، ولا يزال الجنود الأميركيون كذلك منتشرين في مناطق النفط.
وتقول "ليبراسيون": إن نصف محافظة إدلب خارج سيطرة النظام، واستعادته هدف ذو أولوية بالنسبة لدمشق، التي شنت هجوما في ديسمبر/ كانون أول 2019، بدعم من روسيا، دون إيران، التي تعتبر المنطقة ليست أولوية بالنسبة لها.
وقد أدى قصف الطائرات السورية والروسية للمنطقة إلى كارثة إنسانية، وفر نحو مليون مدني إلى شمال المقاطعة على الحدود مع تركيا، التي يوجد بها العديد من مخيمات النازحين، وردت السلطات التركية بإرسال تعزيزات من الجنود والعربات المدرعة إلى سوريا.
وفي مارس/آذار 2020، انتهى الأمر بتوقيع موسكو وأنقرة اتفاق على وقف إطلاق النار، وتسيير دوريات عسكرية مشتركة بين جيشيهما على طول الطريق السريع M4 الذي يربط العاصمة بحلب شمالا.
عودة للقتال
ورغم توقف القتال والضربات الجوية إلى حد كبير منذ ذلك الحين، شنت روسيا غارات في أوائل يونيو/ حزيران للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر، بهدف منع المعارضة من الاقتراب نحو الطريق السريع.
وتؤكد الصحيفة أن الوضع الراهن الذي تعاني منه البلاد على الصعيدين الاقتصادي والأمني، أعاد إحياء الاحتجاجات العامة، حيث تجمع الأحد آلاف الأشخاص في مدينة إدلب بشعارات معادية لنظام بشار الأسد، وكذلك ضد أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على المحافظة.
كما أشارت إلى أن هناك احتجاجات أيضا في المناطق التي يسيطر عليها النظام، كما هو الحال في مدينة السويداء الدرزية، ردا على الانهيار الاقتصادي وتدهور قيمة الليرة.
أما في درعا، التي بدأت فيها المظاهرات المناوئة للأسد عام 2011، فرغم وصف هذه المنطقة بأنها "هادئة" من خلال "اتفاق المصالحة"، الذي نفذته روسيا في 2018، عادت المعارضة المسلحة للظهور وبدأت شن هجمات صغيرة ضد القوات الموالية للحكومة.
ويشير تقرير لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) صدر في مايو/ أيار، إلى أن عدم الاستقرار الدائم هذا يمثل تحديا لروسيا، حيث يشهد جنوب سوريا بالفعل علامات خامدة على "التمرد".
كذلك من المرجح أن تواجه القوات الموالية للنظام هذا النوع من عدم الاستقرار في الشمال الشرقي، حيث لن يقبل العرب السنة عودة نظام الأسد الذي تمردوا ضده، تخلص "ليبراسيون".