دعوة زعيم المعارضة في تركيا المواطنين لإطفاء وتشغيل الأنوار.. ماذا وراءها؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

أثار رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل الجدل في تركيا بعد دعوته لإطفاء وإضاءة الأنوار اعتراضا على الحد الأدنى للأجور.

وقال  أوزيل: "إذا كنتم ترغبون في زيادة الحد الأدنى للأجور، فلنبدأ في الساعة 9 مساءً. قم بتشغيل الأنوار وإطفائها، أظهروا أنفسكم، سنحصل على الزيادة بالقوة".

وعلق الكاتب عبد القادر سيلفي في مقال بصحيفة حرييت بالقول إن هذا الأسلوب جرى تنفيذه في فترة 28 فبراير/شباط، في إشارة إلى "انقلاب ما بعد الحداثة" عام 1997.

حملة الظلام

واستدرك الكاتب التركي: يمكن أن ترتبط هذه الأنواع من الإجراءات بأحداث معينة في ذاكرة المجتمع، ولهذا وقع أوزيل في خطأ. 

وعلى الرغم من أن دعوة أوزيل هذه كانت تهدف إلى المطالبة بزيادة الحد الأدنى للأجور ومعاشات المتقاعدين، إلا أنها قد تثير ذكريات سلبية لدى بعض الأشخاص بسبب ارتباطها بأحداث مشابهة في الماضي.

ويبلغ الحد الأدنى للأجور في تركيا 17002 ليرة تركية (نحو 516 دولارا أميركيا).

وأردف الكاتب: إنّ أوزغور أوزيل هو أحد النواب الذين حضروا إلى البرلمان أولاً وشاركوا في الدفاع عن الديمقراطية خلال محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز 2016.

ولكنّ هذا النداء الذي يذكر بأحداث 28 فبراير لم يكن صحيحاً. فقد أزعج الأشخاص الذين تعرضوا للظلم في ذلك اليوم وتلك الفترة، بمن في ذلك النساء اللاتي يرتدين الحجاب.

وأضاف: تعد فترة 28 فبراير نقطة تحول مهمة في تاريخ تركيا السياسي. فخلال هذه الفترة تعرضت النساء المحجبات وغيرهن من الفئات المظلومة لتقييدات وظلم في مجالات مثل دخول المؤسسات الحكومية وحقوق التعليم. 

وقد ظهرت "حملة ظلامٍ لدقيقة واحدة من أجل النور المستمرة" خلال هذه الفترة.

ففي البداية كانت هذه الحملة تعد للعصيان المدني ضد العصابات التي تنشط داخل الدولة. 

ثم بدأت المجموعات المنظمة في الخروج إلى الشوارع، حيث تم تنفيذ حركات معادية للتطرف.

لذلك، نفهم أن نداء أوزغور أوزيل الذي يذكر بأحداث 28 فبراير قد تم انتقاده من قبل بعض الأطراف. 

ولفت الكاتب التركي إلى أن حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا في تركيا استخدم أسلوب الاحتجاجٍ عبر إطفاء الأنوار أيضاً بدءا من عام 2012. 

وعلق: أعيد التأكيد مرة أخرى على أن أوزغور أوزيل يمكنه أن يطلب زيادة الحد الأدنى للأجور، ويمكنه حتى المشاركة في حركة تعبيرية تظهر رد فعل ديمقراطي فهذا حق طبيعي. 

ولكن إذا كانت هذه الحركة هي حركة إشعال وإطفاء الأضواء التي ترمز إلى عملية 28 فبراير، فلن يكون ذلك أمراً صائبا، وفق تقديره.

تقلبات أوزيل

واستدرك: “أرى أيضاً مشكلة في القيادة لدى أوزغور أوزيل، كما حدث سابقا مع السياسيان تانسو تشيلار وميرال أكشينار، حيث كانوا يتقلبون كثيراً، وقد فشلوا سياسياً لأنهم كانوا غير متسقين".

وبدأت نفس المشكلة بالظهور على أوزيل، حيث بدأ مسيرته كرئيس لحزب الشعب الجمهوري بتوازن، لكنّ توازنه في السياسة يختل سريعا، وفق الكاتب.

وبين أن الناس “لا يحبون القادة الذين يناقضون أنفسهم بسرعة، لأنهم لا يرونهم مستقرين”.

ولفت إلى أن تصريحات أوزيل جاءت بعد خطوة مهمة نحو العودة إلى الوضع الطبيعي مع الرئيس رجب طيب أردوغان.

وتزايدت الآمال في عملية التطبيع التي حدثت بين أوزيل وأردوغان، حيث قرر الرئيس أن يعفو عن الجنرالات المتقاعدين الذين أدينوا في أحداث 28 فبراير. 

ومع ذلك، يرى أنه جرى قطع عملية العودة إلى الوضع الطبيعي قبل أن يجرى تحقيقها بسبب عدم ارتياح حزب الحركة القومية، حليف أردوغان.

وعلق الكاتب: أجد صعوبة في تتبع تصريحات أوزيل المتناقضة، ففي 2 أبريل/نيسان ومباشرة بعد الانتخابات المحلية في 31 مارس/آذار قال: "إذا كانت هناك انتخابات مبكرة، فإن الشعب سيقرر ذلك. أنا لا أدعو لها".

وواصل ننهجه ببيان في 23 أبريل وقال "بصفتي زعيم المعارضة الرئيسة، فأنا ملتزم بالوعد الذي قطعته في الانتخابات ولا أدعو إلى انتخابات مبكرة".

وفي 17 مايو/أيار قال: "لن أستغل نتائج انتخابات 31 مارس للدعوة إلى انتخابات مبكرة. لأنني وعدت بذلك في الساحات".

ولكن في 27 يونيو/حزيران كان قد قال: "أرى أن الانتخابات المبكرة ممكنة بعد عام ونصف. وبصفتي أوزغور أوزيل فأنا أريد إجراءها".

وبعد 24 ساعة فقط دعا إلى انتخابات مبكرة، حيث إنّه في 28 يونيو قال: "بعد عام ونصف سنقول: تعالوا، دعونا نجدد الانتخابات. إذا كان أردوغان واثقا من نفسه، فسوف يترشح للمنصب مرة أخرى ونتنافس".

أمّا في الثالث من يوليو، نادى أوزغور أوزيل بالتالي "إذا كان بالإمكان أن نتخذ قرارا غدا، فلنجعل الانتخابات بعد شهرين". 

بينما في الخامس من يوليو قال: "هيا نجعل الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني 2025".

وعلق الكاتب: “غير أوزيل موقفه بزاوية 180 درجة في 4 أشهر فقط، ليس 4 سنوات”.

وختم مقاله قائلاً: إن الانتخابات المبكرة أمر جدي. فإذا دعا زعيم المعارضة إليها، فإنه يضع صندوق الاقتراع أمام الشعب. 

ومع معرفته بأنه لا يمكن أن تكون هناك انتخابات مبكرة إلّا أنّه يدعو إليها. ويقول الكاتب: "يجب أن يحذّر أحدهم أوزيل بأن هذا التناقض يضر بمصداقيته".