التوتر يتصاعد بين أذربيجان وإيران.. ماذا عن الدور الإسرائيلي في إفساد العلاقات؟

منذ ٩ أيام

12

طباعة

مشاركة

بصورة لافتة، يتصاعد التوتر بين إيران وأذربيجان، على خلفية علاقات الأخيرة مع الكيان الإسرائيلي من جهة، والحديث عن مؤامرة اغتيال مزعومة، من جهة أخرى.

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية في تقرير لها: "لقد حذرت إيران أذربيجان من تنامي علاقاتها مع إسرائيل، غير أن باكو تواصل تعميق التعاون في مجال الطاقة مع تل أبيب".

تحذيرات إيرانية

وادعت الصحيفة إحباط مخطط مزعوم دبرته إيران لاستهداف أحد أفراد الجالية اليهودية في أذربيجان.

وأضافت أن طهران أثارت مخاوفها خلال اجتماع رفيع المستوى بين مسؤولين من كلا البلدين في أوائل شهر فبراير/شباط 2025.

وقالت: إن كمال خرازي، رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أحد كبار مستشاري المرشد علي خامنئي، حذر أذربيجان خلال محادثات جرت في طهران أخيرا من توسع الوجود الإسرائيلي بالبلاد.

ووفقا لتقارير نقلتها السفارة الأذرية، أكد "خرازي" لـ "حكمت حاجييف"، مساعد الرئيس الأذري للشؤون الخارجية، أن على الدول أن تراعي حساسيات جيرانها في سياساتها.

وأوضحت الصحيفة أن "هذا الخلاف الدبلوماسي الأخير هو جزء من شد وجذب طويل الأمد بين طهران وباكو، حيث دأبت إيران على انتقاد أذربيجان بسبب علاقاتها الأمنية والتجارية مع إسرائيل".

"في حين تتهم باكو إيران بالتدخل وإثارة التوتر، عبر خطابات رجال الدين الإيرانيين ووسائل الإعلام المقربة من الدولة".

وقبل نحو شهر فقط، أدان الرئيس الأذري، إلهام علييف، بشدة تصريحات خطيب الجمعة في مدينة "أردبيل" الإيرانية، سيد حسن عاملي، التي اتهم فيها باكو بالتعاون مع إسرائيل.

ووصف علييف هذه التصريحات بأنها لا أساس لها من الصحة ومدفوعة بأجندات سياسية.

وبلغت التوترات الدبلوماسية ذروتها في 25 يناير/كانون الثاني، عندما استدعت وزارة الخارجية الأذرية القائم بالأعمال الإيراني في باكو؛ للاحتجاج على ما وصفته بالدعاية المعادية لأذربيجان في وسائل الإعلام الإيرانية.

وقالت الصحيفة: "إلى جانب التصعيد الكلامي، فإن هناك أزمة أمنية حقيقية عمقت التوتر بين البلدين، حيث أعلن جهاز أمن الدولة في أذربيجان إحباط مخطط إرهابي كان يستهدف إحدى الشخصيات البارزة في الجالية اليهودية بالبلاد".

واعتقلت السلطات الأذرية المواطن الجورجي عقيل أصلانوف، والمواطن الأذري سيحون إسماعيلوف، بالقرب من مركز يهودي، للاشتباه في كونهما جزءا من خطة اغتيال.

وتقول مصادر أمنية: إن "أصلانوف"، وهو تاجر مخدرات معروف، قد جنّده عملاء استخبارات أجانب أثناء وجوده في الخارج، وعُرض عليه 200 ألف دولار لتنفيذ العملية.

وتشتبه الاستخبارات الأذربيجانية في تورط إيران، وتحديدا الحرس الثوري، الذي ارتبط بهجمات سابقة على شخصيات يهودية وإسرائيلية وإيرانية معارضة في الخارج.

وقال المسؤولون في أذربيجان إن المشتبه فيهم كانوا يتتبعون تحركات الهدف المقصود، بما في ذلك منزله ومكان عمله وروتينه اليومي، قبل اعتقالهم.

حقل غاز تمار

وفي السياق، تقول الصحيفة: "بالإضافة إلى إحباطات إيران، عمّقت أذربيجان علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل".

فقبل أيام قليلة من الاجتماعات الدبلوماسية المشار إليها آنفا، أكدت شركة النفط الحكومية الأذرية أنها اشترت حصة 10 بالمئة في حقل الغاز البحري (تمار) الذي تسيطر عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من رجل الأعمال آرون فرانكل.

وأشارت إلى أنه "من المتوقع أن يحمل هذا الاتفاق -الذي يرسّخ حضور أذربيجان في قطاع الطاقة الإسرائيلي- تداعيات جيوسياسية كبيرة، مما يعزز التحالف الدبلوماسي والاقتصادي المتنامي بين باكو وتل أبيب".

ولطالما اتهمت إيران أذربيجان بالسماح لإسرائيل بتشغيل قواعد استخباراتية وعسكرية على أراضيها، وهو ما نفته باكو مرارا وتكرارا.

وفي عام 2023، صرح سفير أذربيجان لدى إسرائيل، مختار محمدوف، بأن بلاده لن تسمح باستخدام أراضيها كنقطة انطلاق للعمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران.

واستدركت الصحيفة، قائلة: إنه "على الرغم من الأعمال العدائية المستمرة، لا يزال التواصل الدبلوماسي مستمرا بين إيران وأذربيجان".

فخلال زيارة "حاجييف" إلى طهران، ركزت المناقشات على الأمن الإقليمي والتعاون الأكاديمي والتعاون بين مراكز البحوث والمؤسسات الاجتماعية والسياسية.

كما التقى حاجييف بمهدي سنائي، المستشار السياسي للرئيس الإيراني، ووزير الخارجية عباس عراقجي؛ لمناقشة العلاقات الثنائية والأمن الإقليمي والتعاون داخل المنظمات الدولية، بما في ذلك حركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة التعاون الاقتصادي.

بدوره، أوضح رئيس مركز سافالان للأبحاث في أذربيجان، صادق إسابيلي، أن زيارة "حاجييف" إلى إيران قد تشكّل إشارة إيجابية.

وقال: "من الواضح أن أذربيجان تسعى جاهدة لبناء أساس جدي للتعاون مع إيران، نظرا لطبيعة الجيرة وعلاقة الود بينهما، وعلى الرغم من موقف إيران المناهض لأذربيجان في بعض الأحيان، فقد عملت أذربيجان دائما بشكل إستراتيجي في التعاطي مع هذه العلاقة المعقدة".

وتابع: "​​تشير الزيارة إلى تفضيل أذربيجان لحل أي قضايا قائمة مع إيران من خلال الدبلوماسية وتعزيز التعاون، ومع ذلك، فإن ديناميكيات هذه العلاقات تتأثر بالجانبين، أذربيجان من جهة وإيران من جهة أخرى".

من جانبه، قال الباحث في "مركز البحوث الاجتماعية" الأذري، إلياس حسينوف: "على الرغم من التوترات الأخيرة، هناك مؤشرات على اتخاذ خطوات براغماتية لتحسين العلاقات بين أذربيجان وإيران".

وأضاف أن "أذربيجان تدعم علاقات حسن الجوار مع إيران وتشجع على مواصلة الحوار في هذا الإطار، على أمل أن تجري إيران تحليلا معمقا وتتجه نحو تطوير العلاقات الثنائية".

وأردف: "باختصار، في حين أن الطريق إلى تعزيز العلاقات بين أذربيجان وإيران لا يزال معقدا ومحفوفا بالتحديات، فهناك فرص كبيرة للتعاون، خاصة في مجالات الطاقة والنقل والاستقرار الإقليمي".

وبحسب حسينوف، فإن "مفتاح تعزيز العلاقات القوية يكمن في معالجة الجانبين لاختلافاتهما، والاعتراف بالمصالح الإستراتيجية المتبادلة، وتجاوز الانقسامات التاريخية والأيديولوجية".

لكن استدركت الصحيفة العبرية، قائلة: "بينما تستمر هذه المبادرات الدبلوماسية، فإن الهوة المتنامية في الثقة بين إيران وأذربيجان تظل عميقة".

وأكدت أنه "ما دامت مزاعم المخططات المدعومة من إيران، والاتهامات بالتعاون العسكري مع إسرائيل، والتحالف الاقتصادي بين باكو وتل أبيب قائمة، فإن التوترات ستستمر وتتأجج بين حين وآخر".