4 سنوات من حكم العسكر.. لماذا فشلت كل محاولات حل أزمة ميانمار؟

منذ ٧ أيام

12

طباعة

مشاركة

مضت أربع سنوات منذ الانقلاب الذي نفذه الجيش في ميانمار (بورما) خلال فبراير/شباط 2021 وأطاح بحكومة الزعيمة، أونغ سان سوتشي وتسبب في أزمات على عدة أصعدة، فضلا عن عنف وفوضى مستمرين.

وفي خضم عدم حدوث تغير منذ ذلك الحين، جزم معهد بحثي إيطالي بأن الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا بعيدة كل البعد عن التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف المعنية.

وأشار "معهد تحليل العلاقات الدولية" إلى أن البلاد انزلقت على مدى السنوات الأربع الماضية، إلى حرب أهلية أودت حتى الآن بحياة أكثر من 6 آلاف مدني وأدت إلى اعتقال ما يقدر بنحو 20 إلى 30 ألف شخص.

وأضاف بأن الصراع تسبب في أزمة إنسانية كارثية؛ حيث تشير التقديرات إلى وجود ما يقرب من 3.5 ملايين نازح داخليا، فيما بات أكثر من ثلث السكان، أي ما يقل قليلا عن 20 مليون شخص، في حاجة ملحة إلى المساعدات.

“الإخوة الثلاثة”

وقال: إن الوضع تفاقم أكثر في أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما أطلق ما يسمى "تحالف الإخوة الثلاثة"، عملية 1027.

ووقتها بدأت مجموعات مسلحة من "جيش التحالف الوطني الديمقراطي الميانماري" و"جيش أراكان البوذي" و"جيش تحرير تانغ الوطني"، بشن هجمات ضد جيش ميانمار من ولاية شان في الشمال، قرب الحدود مع الصين.​​​​​​​

وحقق هذا التحالف العسكري السياسي والمناهض للمجلس العسكري، مكاسب مهمة على الميدان ضد الجيش خاصة في المناطق الشمالية الغربية والشمالية الشرقية.

وفي 31 يناير/كانون الثاني 2025، مدد المجلس العسكري حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر أخرى، بهدف الإعداد لتنظيم انتخابات جديدة.

 وكان من المقرر إجراء الانتخابات عام 2024، لكن المجلس أجلها إلى حين الانتهاء من التعداد السكاني الجديد، الذي انتهى في ديسمبر/كانون الأول.

يستبعد المعهد الإيطالي أن تقبل الأطراف بنتائج الانتخابات حال انعقادها لأن التصويت سيجرى في أحسن الأحوال، في أقل من نصف الدوائر الانتخابية ومن دون مشاركة المعارضة.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، نوه إلى أن محاولات الوساطة التي نفذتها رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي تعد ميانمار عضوا فيها، باءت بالفشل.

وكانت الرابطة قد توصلت عام 2021 إلى توافق من خمس نقاط بشأن ميانمار في القمة التي عقدت بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا.

ودعت آنذاك الى "وقف فوري للعنف" وإجراء "حوار بناء" من أجل حل سلمي للأزمة.

إلا أن المجلس العسكري لم يلتزم بتنفيذ الخطة، ونتيجة لذلك تقرر منع حضور جنرالات المجلس العسكري الحاكم في قمم الرابطة.

انقسام آسيوي

كما حدثت أيضا انقسامات كثيرة بين الدول الأعضاء فيما يتعلق بالطريقة الأكثر فعالية للتوصل إلى حل للأزمة.

وبحسب المعهد الإيطالي، لم تلعب ماليزيا، التي ستتولى الرئاسة الدورية للرابطة خلال عام 2025، دورا كبيرا في الماضي إلى حد ما فيما يتصل بالجهود الدبلوماسية لحل الأزمة.

ولاحظ بأنها تسعى في الوقت الحالي إلى أن يكون لها صوت أكبر وأن تتخذ موقفا أكثر حزما تجاه الوضع في البلد الآسيوي.

واستشهد في ذلك بتعيين الدبلوماسي السابق عثمان هاشم مبعوثا خاصا لرابطة آسيان إلى ميانمار.

وينتظر أن يزور هاشم البلاد في أقرب الآجال الممكنة لإقناع الأطراف كافة بالالتزام بخارطة اتفاق "النقاط الخمس".

وفي بيان صدر في 19 يناير 2025 خلال قمة وزراء خارجية الدول الأعضاء في آسيا، حث قادة هذه الدول على إعطاء الأولوية للسلام في البلاد من خلال جلسات الحوار واتفاقية وقف إطلاق النار، بدلا من إجراء الانتخابات.

يرى المعهد البحثي الإيطالي أن هذا التكتل مطالب بالتحرك بعجالة من أجل التوصل إلى حل سريع لتجنب المزيد من تآكل "مركزيته" في ظل حملات التشكيك في قدرته على تحقيق الاستقرار في المنطقة والذي ينبغي أن يكون هدفه الأساسي.

وتحدث عن مخاطر ملموسة أكثر في تهميش دور رابطة دول جنوب شرق آسيا على ضوء الدور المتنامي للصين في سياق أزمة ميانمار.

وكانت بكين قد أعربت سابقا عن قلقها العميق إزاء الاشتباكات والقتال بين قوات المجلس العسكري ومجموعات مسلحة معارضة له على طول حدودها مع هذا البلد، لا سيما أن التصعيد يعرض المصالح الاقتصادية الصينية في المنطقة للخطر.

موقف الصين

في نفس سياق دور العملاق الآسيوي، وصف المعهد الإيطالي موقفه بالمتناقض إلى حد ما تجاه الأطراف المعنية.

وذكر أنه كان أشد الداعمين في الأيام الأولى التي أعقبت الانقلاب للمجلس العسكري وشريكه الرئيس على المستوى الدولي.

ولكن بعد إطلاق الفصائل المعارضة عملية 1027 بدأت بكين في التواصل مع الجانبين، كما دشنت اتصالات مع قوات المعارضة النشطة على الحدود.

وأوضح المعهد أن من "مصلحة الصين توقف الأعمال العدائية ولهذا الغرض تحديدا أخذت على عاتقها مهمة الوساطة بين أطراف النزاع المختلفة".

وأعلنت في يناير 2025 عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين المجلس العسكري ومكونين من تحالف "الإخوة الثلاثة"، هما جيش التحالف الوطني الديمقراطي في ميانمار وجيش تانغ للتحرير الوطني.

وقد حققت المجموعتان العسكريتان مكاسب ميدانية ونجحتا في السيطرة على مناطق شاسعة على الحدود مع الصين، وأبدتا استعدادهما للتحاور مع المجلس العسكري تحت رعاية الصين.

وكانت بكين قد أعلنت في يناير 2024 أنها سهلت التوصل إلى "وقف فوري لإطلاق النار" بين المجموعة العسكرية الحاكمة في ميانمار (بورما) وتحالف المجموعات المسلحة المعارضة بعد معارك في شمال البلاد قرب الحدود بين البلدين منذ أكتوبر 2023.

وشدد المعهد الإيطالي على أن حل الأزمة في ميانمار يبدو ضروريا وغير قابل للتأجيل على نحو متزايد؛ لأنه لا يتعلق بالبلد المعني فحسب، بل أيضا بجيرانه الإقليميين على ضوء عدة عوامل.

يتمثل أولها في ما أدى إليه الصراع من تدفقات كبيرة من المهاجرين نحو الدول المجاورة، كما أدت الفوضى إلى تحويل البلاد إلى أرض خصبة للجريمة المنظمة، وأنشطة تهريب الأسلحة وتجارة المخدرات العابرة للحدود.

ويشير المعهد الإيطالي إلى أن المصالح الاقتصادية للدول التي نفذت استثمارات كبيرة في ميانمار بالماضي، على غرار الصين، معرضة لتهديد كبير.

ويشدد على أن الوقت حان لكي تلتزم جميع الأطراف المعنية، المحلية والخارجية، بأقصى قدر من القوة والجدية لإنهاء الحرب الأهلية، والشروع في عملية حل سياسي للصراع، بالإضافة إلى تخفيف الأزمة الاقتصادية والإنسانية، فضلا عن المساهمة في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

وحذر المعهد من تداعيات تتجاوز الحدود الوطنية في حال تواصلت الأزمة في ميانمار وتفاقمت أكثر.