توقيف الحوثيين موظفين أمميين في صنعاء.. ما علاقته بترامب وإسرائيل؟

إعادة تصنيف الحوثيين كـ"منظمة إرهابية أجنبية" من قِبل أميركا قد لعب دورا في سلوكهم الأخير
في أواخر يناير/كانون الثاني 2024، أعلنت الأمم المتحدة أن جماعة الحوثي اليمنية أوقفت 8 موظفين جدد، ليُضافوا بذلك إلى عشرات من موظفي المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة الذين اعتقلوا منذ يونيو/حزيران 2024.
وبرّر الحوثيون اعتقالات جرت في يونيو/حزيران باكتشاف "شبكة تجسّس أميركية إسرائيلية" تعمل تحت غطاء منظمات إنسانية، وهي اتهامات رفضتها الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، تقول صحيفة "دويتشه فيله" الألمانية: إن اليمن يشهد تفاقما في الأوضاع الإنسانية بسبب تصاعد عمليات التوقيف التي تنفذها جماعة الحوثي.
حيث أوقفت الجماعة أخيرا 8 من موظفي الأمم المتحدة في صنعاء، مما أدى إلى تعليق المساعدات الأممية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وهو ما يعمّق معاناة السكان.
ويأتي هذا في وقت أفرج فيه الحوثيون عن طاقم سفينة "جالاكسي ليدر" المرتبطة بإسرائيل والموقوفة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وفي هذا الصدد، يعتقد محللون أن الحوثيين يستخدمون التوقيف كورقة تفاوضية لتعزيز موقفهم في محادثات المفاوضات الجامدة في الوقت الراهن.
ويعاني اليمن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بعد عقد من الحرب، ويحتاج نحو ثلثي سكانه- البالغ عددهم 34 مليون نسمة- إلى المساعدة.

جولة مفاوضات محتملة
تستهل الصحيفة الألمانية تقريرها بالإشارة إلى أن الحوثيين أوقفوا أخيرا في العاصمة اليمنية صنعاء سبعة موظفين تابعين للأمم المتحدة.
وبعد يوم واحد فقط، أفرجت المجموعة عن طاقم مكون من 25 فردا من سفينة الشحن "جالاكسي ليدر"، التي استولت عليها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
علاوة على ذلك، تذكر الصحيفة أنه في اليوم التالي، أفرج الحوثيون أيضا عن 153 أسير حرب، وفقا لما أفاد به الصليب الأحمر الدولي.
وبهذا الشأن، نقلت وكالة الأنباء "سبأ"، التي يسيطر عليها الحوثيون، عن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي قوله: "تأتي هذه الخطوة في إطار دعم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة".
ومع ذلك، تنوه الصحيفة أن الحوثيين لم يقدموا حتى الآن أي تفسير لتوقيف موظفي الأمم المتحدة.
وفي حديث له مع "دويتشه فيله"، أوضح عبد الغني الإرياني من مركز "صنعاء للدراسات الإستراتيجية" أنه يرى أن "الحوثيين أوقفوا موظفي الأمم المتحدة لأنهم يمثلون أهمية خاصة في عملية التفاوض على أي اتفاق".
ومن ناحية أخرى، يرى المحلل المختص بالنزاعات هشام عميص، المقيم في واشنطن، الأمر بطريقة مشابهة. كما يعتقد أيضا أن "الحوثيين يستعدون لجولة جديدة من المفاوضات".
وفي حديثه للصحيفة، أوضح عميص أن "الحوثيين يستخدمون أوراقهم ويعتمدون على ما يجيدونه دائما، وهو أخذ الرهائن".

الدور الأميركي
وفي هذا الإطار، توضح الصحيفة الألمانية أن عميص يعتقد أن إعادة تصنيف الحوثيين رسميا كـ"منظمة إرهابية أجنبية" من قبل الولايات المتحدة قد لعب دورا في سلوكهم الأخير.
ومن وجهة نظره، ربما دفعهم هذا القرار إلى محاولة إظهار أنهم غير متأثرين بهذا التصنيف.
جدير بالذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان قد وقع الوثيقة ذات الصلة بعد ساعات فقط من توليه منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، ومن المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ خلال 30 يوما، أي في نهاية فبراير/ شباط 2025.
من جانبهم، أعلن الحوثيون أن الهجمات التي استهدفت السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر جاءت تضامنا مع غزة التي واجهت طوال 15 شهرا إبادة إسرائيلية مدعومة أميركيا بشكل كامل.
وبعد أن توصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بداية فبراير/ شباط 2025، أعلنت الجماعة أنها ستوقف هجماتها ضد السفن المرتبطة بإسرائيل تماما عقب تنفيذ كامل مراحل الاتفاق.
وفي هذا السياق، توضح "دويتشه فيله" أن هذه ليست المرة الأولى التي تصنف فيها الولايات المتحدة الحوثيين كإرهابيين.
ففي نهاية ولايته الأولى في يناير/ كانون الثاني 2021، أدرج ترامب الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.
لكن خلفه، جو بايدن، ألغى هذا التصنيف مؤقتا في فبراير/ شباط 2021، على أمل تقليل العداء في المنطقة.
ومع ذلك، أعاد بايدن في عام 2024 تصنيف الحوثيين كـ "منظمة إرهابية عالمية"، وهو تصنيف مشابه، لكنه يفرض قيودا أقل، وفقا لما ورد عن الصحيفة.

“لا يخشون العواقب”
وبهذا الشأن، يعلق هشام عميص قائلا: إنه "لا توجد مؤشرات كبيرة على أن الحوثيين قلقون بشأن إعادة تصنيفهم وتشديد العقوبات بموجب مرسوم ترامب".
وتابع قائلا: "لقد نفذوا هجمات وعمليات توقيف في الماضي دون أن يواجهوا عواقب جدية. حتى الآن، لم تكن هناك أي تبعات خطيرة لتصرفاتهم".
تذكر الصحيفة الألمانية أنه منذ عام 2021، أوقف الحوثيون مرارا ممثلين دوليين تابعين للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية وموظفين دبلوماسيين.
وتقدر الصحيفة أنهم يحتجزون حاليا حوالي 70 شخصا.
ومن ناحية أخرى، أشار عميص في حديثه إلى أن "الحوثيين يعتقدون أن الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى لن توقف برامجها، لأن باقي الأراضي اليمنية لا تزال تعتمد على المساعدات".
ولكن نتيجة لعمليات التوقيف، تبرز الصحيفة أن "الأمم المتحدة قررت تعليق جميع أشكال المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين". وتؤثر هذه الخطوة -بحسب الصحيفة الألمانية- على نحو 70 بالمئة من سكان اليمن.
وبهذا الشأن، قال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، جوليان هارنس، مصرحا: "من أجل ضمان سلامة جميع موظفينا، علقت الأمم المتحدة جميع التحركات الرسمية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات الفعلية".
وأضاف: "تمثل هذه الاعتقالات اضطرابا مقلقا للعمليات الإنسانية في اليمن. إن الوصول إلى المحتاجين وضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني يظلان أمرا بالغ الأهمية".
وهنا، تلفت الصحيفة النظر إلى أن سكان اليمن يتحملون العبء الأكبر من الصراع المستمر منذ سنوات بين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.