طعنة للبنك المركزي.. لماذا عين قيس سعيد "مشكاة الخالدي" وزيرة للمالية؟

منذ ٣ أيام

12

طباعة

مشاركة

في خطوة مفاجئة، كما وصفتها مجلة فرنسية، قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تعيين القاضية مشكاة سلامة الخالدي وزيرة للمالية، ما أثار تساؤلات حول أسباب اختيار شخصية قانونية لمنصب اقتصادي حساس. 

وتلفت مجلة "جون أفريك" إلى أنه بفضل خلفيتها القضائية، من المتوقع أن تلعب الخالدي دورا أساسيا في ترجمة الإصلاحات الاقتصادية إلى قوانين وإجراءات صارمة.

إلى جانب ذلك، أوضحت أن تونس تواجه تحديات اقتصادية كبرى، من بينها تراجع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 46 بالمئة بين 2010 و2023. 

وفي هذا الإطار، توضح المجلة أن الحكومة تعمل على إجراءات جديدة تشمل تخفيف القيود على التحويلات المالية وتقنين العملات الرقمية ومنح التونسيين الحق في فتح حسابات مصرفية بالخارج. 

وبشكل عام، يبرز التقرير أن قرار تعيين مشكاة سلامة الخالدي يعكس توجه قيس سعيد نحو تعزيز الرقابة القانونية على السياسات المالية للدولة، في ظل اتهامات متزايدة بأنه يسعى لتركيز السلطة في يديه. 

قرار مفاجئ

في 6 فبراير/ شباط 2025، فاجأ الرئيس التونسي، قيس سعيد، الجميع بتعيين مشكاة سلامة الخالدي وزيرة للمالية.

ورغم اعتياد سعيد على اتخاذ قرارات مفاجئة، كما تشير المجلة الفرنسية، فإن تعيين الخالدي على رأس وزارة المالية في ليلة جاء صادما للجميع، سواء من حيث الشكل أو المضمون.

وقبل ساعات فقط من استقبالها في القصر الرئاسي لأداء اليمين الدستورية في ساعة متأخرة من الليل، كان قيس سعيد قد زار مقر وزارة المالية ومقر اللجنة المكلفة بالممتلكات المصادرة. 

وخلال زيارته، انتقد بشدة غياب أي تحسن في المؤشرات المالية، إلى جانب عدم إحراز تقدم في ملفات الممتلكات والشركات المصادرة من عائلة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي بعد الثورة.

وفي هذا السياق، تظهر المجلة أن الملف المهني غير التقليدي للوزيرة الجديدة -كونها قاضية- يعطي إشارات واضحة حول الإصلاحات الجذرية القادمة. 

ووفقا لمصادر تابعة لـ "جون أفريك"، يسعى قيس سعيد إلى تسريع تنفيذ ثلاثة إصلاحات كبرى تتعلق بالبنك المركزي التونسي وقانون الصرف وقانون الاستثمار.

ولذلك، تبرز المجلة أن اختياره وقع على قاضية لضمان الامتثال القانوني الصارم للنصوص التشريعية المنتظرة.

إنهاء استقلالية المركزي

وفي هذا الصدد، تقول المجلة: إن "الخالدي ستتولى مهمة تعديل القانون الأساسي لتمكين البنك المركزي التونسي، الذي يرأسه فتحي زهير نوري منذ فبراير/ شباط 2024، من تمويل ميزانية الدولة بشكل مباشر".

جدير بالذكر هنا، أنه قبل عام، صوّت النواب على قانون بصفة استعجالية يلزم البنك المركزي بسد العجز في الميزانية. 

والهدف الآن، بحسب المجلة، هو إنهاء استقلالية المؤسسة النقدية الوطنية بشكل قانوني ومستدام.

وبالتوازي مع ذلك، تسعى السلطات إلى كبح إزالة التصنيع من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تراجعت بنسبة 46 بالمئة بين عامي 2010 و2023.

وفي الوقت نفسه، تضيف المجلة أن خبراء وزراء المالية يعملون، منذ مارس/ آذار 2024، على إصلاحات جوهرية، مثل إلغاء القيود على عمليات الصرف وتقنين العملات الرقمية المشفرة ومنح المقيمين الحق في فتح حسابات مصرفية بالخارج.

والآن، بحسب ما تؤكده المجلة، ستكون الخالدي مسؤولة عن ترجمة هذه التغييرات إلى إطار قانوني جديد، ما سيمثل تحولا جذريا في قانون الصرف.

علاوة على ذلك، تسلط "جون أفريك" الضوء على آخر هدف كُلفت به الوزيرة الجديدة، وهو تحقيق إيرادات مالية من خلال إدارة الممتلكات المصادرة.

موضحة أنه على مدار السنتين الماضيتين، لم تبع شركة "الكرامة القابضة" أيا من الشركات المصادرة التي كانت تابعة لعائلة بن علي.

جدير بالذكر أنه قبل تعيينها في الحكومة، كانت الخالدي ترأس هيئة المصالحة الجزائية، المكلفة باسترجاع أموال رجال الأعمال المشتبه في تورطهم في مخالفات مالية، مقابل منحهم عفوا.

وقد كانت هذه الهيئة محل خوف بسبب أساليبها الصارمة في استرداد الأموال، بحسب المجلة الفرنسية.