تحفظات واسعة.. لماذا سجلت الانتخابات الإيرانية أدنى نسبة إقبال في تاريخها؟

9 months ago

12

طباعة

مشاركة

صدى الانتخابات البرلمانية التي أجريت في إيران مطلع مارس/ أذار 2024 مازال يتردد داخليا جراء نسبة إقبال الناخبين كانت منخفضة.

ولم يتم بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات بدورتها الـ12، وانتخابات مجلس الخبراء (مجلس صيانة الدستور) المتمتع بصلاحيات مهمة على رأسها اختيار مرشد أعلى للبلاد.

وتنافس أكثر من 15 ألف مرشح للفوز بأحد مقاعد البرلمان البالغة 290، و144 مرشحا للفوز بمقعد في مجلس الخبراء المكون من 88 مقعدا.

أدنى نسبة

ونشرت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية مقالا للكاتب، تورغاي شفق، قال فيه إنه "قبل الانتخابات، دعا المرشد الأعلى علي خامنئي والنخبة الحاكمة وقادة الجيش والسياسيون والأكاديميون الشعب إلى المشاركة في الانتخابات والتصويت".

واستدرك: "مع ذلك، عندما ننظر إلى إقبال الناخبين، يتضح أن المؤسسة الإيرانية والنخب الحاكمة لم تجد ما كانت تأمل فيه من نتائج الانتخابات".

وتابع: "بذلك دخلت هذه الانتخابات في التاريخ بصفتها أدنى نسبة إقبال في تاريخ إيران".

ولفت شفق إلى أنه "إذا نظرنا لمعدلات الإقبال على الانتخابات الأخيرة في إيران، نرى أن هناك انخفاضا مستمرا".

وانخفضت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2020 إلى 42.5 بالمئة، بينما كانت نسبة المشاركة عام 2016 عند 62 بالمئة.

وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت مطلع مارس 2024 انخفض هذا المعدل إلى 41 بالمئة؜. 

وأشار الكاتب التركي إلى أن "السبب الرئيس لهذا الانخفاض في نسبة المشاركة هو أن مجلس صيانة الدستور، الذي يتمتع بسلطة فحص المرشحين المتقدمين للانتخابات والموافقة عليهم أو رفضهم".

واعتادت الجماعات الإصلاحية محاولةَ إقناع الناس بالذهاب إلى صناديق الاقتراع من خلال التعبير عن فكرة أن بعض الأشياء يمكن أن تتغير من خلال الانتخابات.

ومع ذلك، في الانتخابات الأخيرة رفض مجلس صيانة الدستور طلبات المرشحين المعروفين باسم الإصلاحيين.

ولذلك ردّت الجبهة الإصلاحية، التي تتألف من أحزاب إصلاحية ومنظمات غير حكومية، على هذا الوضع وقررت الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات. 

وأكدت الجبهة الإصلاحية أن هذه الانتخابات "لا معنى لها وغير فعالة"، معلنة أن إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتنافسية "قد تلاشت، وأنه لن يدعم أي مرشح".

وأكدت بعض الأحزاب المعارضة لهذا القرار على ضرورة المشاركة في الانتخابات مهما حدث، وأعلنت أنها ستدعم قائمة المرشحين التي شكلها بعض الأسماء المعتدلة.

كما دعم الرئيس السابق محمد خاتمي، الزعيم الروحي للجبهة الإصلاحية، أولئك الذين قاطعوا المشاركة ولم يذهبوا حتى إلى صناديق الاقتراع. 


 

وذكر الكاتب أن "الإصلاحيين الذين تم استبعادهم إلى حد كبير من البرلمان في الانتخابات البرلمانية السابقة، كان قد تم تحييدهم في السياسة الإيرانية نتيجة لهذه الانتخابات". 

وأضاف شفق: "في هذه الانتخابات صوت الإيرانيون الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس الشورى، كما صوتوا أيضا لاختيار أعضاء مجلس الخبراء الذي يتمتع بصلاحيات انتخاب وإشراف المرشد الأعلى وإقالته وهو أعلى منصب قيادي في إيران".

مجلس الخبراء

ويتم انتخاب أعضاء مجلس الخبراء المؤلف من 88 مقعدا مباشرة من قبل الشعب، حيث يجب أن يتمتع المرشحون لهذا المجلس بموافقة مجلس صيانة الدستور.

وبالنظر إلى أن المرشد الأعلى الحالي يبلغ من العمر 85 عاما، فإن احتمالية انتخاب المرشد الأعلى القادم تكون مرتفعة في مجلس الخبراء الجديد الذي سيتم تشكيله في هذه الدورة، لذلك يكتسب التصويت لمجلس الخبراء أهمية خاصة. 

ولهذا السبب تم رفض ترشيح حسن روحاني أحد الرؤساء السابقين، وذلك لمنع ظهور صوت معارض في انتخاب المرشد.

ورغم عدم الإعلان عن النتائج النهائية بعد، فإن أعضاء مجلس الخبراء الجدد في الدورة الجديدة سيكونون من الأسماء المتوقعة قبل الانتخابات.

وأضاف شفق: "لقد فقدت الشخصيات الإصلاحية فرصتها في المشاركة في الانتخابات بسبب رفض طلبات ترشحها، ولم يحصل المرشحون المعتدلون على فرصة للذهاب إلى البرلمان لأنهم لم يصلوا إلى أصوات كافية".

وتابع: "إذا حكمنا من خلال النتائج غير الرسمية، سيتم تشكيل برلمان مشابه للبرلمان السابق، حيث يتمتع المحافظون بالأغلبية".

وعلق شفق بأن "حقيقة أن معظم المرشحين الذين تأهلوا لدخول البرلمان هم أعضاء في جبهة المقاومة الثورية الإسلامية تعني أننا سنرى برلمانا أكثر تحفظا في كل من القضايا الاجتماعية المحلية والقضايا الإقليمية والعالمية". 

وفي السنوات الأخيرة، كان تفضيل أسماء من الحرس الثوري أو الأشخاص ذوي التفكير المماثل في الإدارة في التعيينات على مختلف المستويات الحكومية يهدف إلى إبقاء المؤسسة تحت سيطرة الاحتجاجات أو الحركات الاجتماعية التي قد تحدث في الداخل. 

وذكر الكاتب أن الانتخابات البرلمانية لعام 2020 كانت هي الخطوة الأولى في هندسة الانتخابات، حيث رفض مجلس صيانة الدستور طلبات العديد من المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين. 

واستولى النواب المحافظون على أكثر من 70 بالمئة من المجلس التشريعي.

وفي الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2021، والتي انتخب فيها الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي رئيسا للبلاد، تم أيضا استخدام حق النقض ضد المرشحين الإصلاحيين.

وكانت انتخابات 1 مارس أيضا انتخابات بين المحافظين نتيجة للهندسة الانتخابية التي قام بها مجلس صيانة الدستور.

وفي البرلمان الذي تهيمن عليه جبهة المقاومة التي تصفها بعض الشخصيات الإصلاحية بـ"طالبان إيران"، سيكون هناك حساب برلماني يتكون من المحافظين التقليديين والتيارات المحافظة المختلفة، وفق شفق.

وختم قائلا: "في الأيام التي تلت انتخاب رئيسي رئيسا للجمهورية، تم الانتقال إلى مرحلة جديدة في مشروعه الذي يروج له قائد قاعدة عمار للحرس الثوري، مهدي طيب، والذي يدعم التجانس في الحكم ويؤكد أن هيئات السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والأمنية والعسكرية والاستخباراتية يجب أن تتألف من أفراد ينتمون إلى نفس الحركة السياسية".