من الحوثيين إلى إيران.. هل تؤثر الخلافات الأميركية على التحالف مع إسرائيل؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقف الهجمات ضد الحوثيين في اليمن، طفا حديث عن توتر متصاعد بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن "خطوة الإعلان المفاجئة في 6 مايو/ أيار 2025 أثارت الاستياء في تل أبيب وأظهرت بوادر تباعد في التنسيق بين الحليفين التقليديين". 

وسلطت الصحيفة الضوء على الانقسامات داخل الإدارة الأميركية، بين تيار داعم للتدخل العسكري وتيار انعزالي يعارض الانخراط في صراعات خارجية.

إضافة إلى ذلك، ناقشت قلق إسرائيل من تهميشها في جولة ترامب الشرق أوسطية المقررة في 13 مايو/ أيار 2025.

وقف الهجمات

ونقلت الصحيفة عن بعض الجهات في إسرائيل قولها: إن "التصريح المفاجئ لترامب بشأن وقف الهجمات ضد الحوثيين لا يتعلق بإسرائيل إطلاقا". 

وبمعنى آخر، زعمت هذه الجهات أنه "من وجهة نظر ترامب، إذا توقف الحوثيون عن إطلاق النار على السفن الأميركية، فستكون الولايات المتحدة راضية".

وأكدت هذه الجهات أن "هذا التطور يعد جزءا من التوتر القائم بين تل أبيب وواشنطن، حتى لو لم يعترف أحد في إسرائيل بذلك رسميا".

وفيما يتعلق بزيارة الرئيس الأميركي المرتقبة للمنطقة، أشارت الصحيفة إلى أن ترامب أعلن أنه "لن يتوقف في إسرائيل خلال هذه الزيارة".

وبالتوازي مع ذلك، أفادت عائلات بعض الأسرى الذين تحدثوا مع الأميركيين بأن "واشنطن تبذل جهودا مكثفة لعقد صفقة تبادل أسرى".

وبحسب الصحيفة: "لا يمكن حتى اللحظة تقييم ما إذا كانت هذه الجهود الأميركية ستنجح".

واستدركت: "لكن من المؤكد أن الأميركيين يرغبون في إتمام الصفقة خلال زيارة ترامب للمنطقة".

ورغم ذلك، شككت "يديعوت أحرونوت" في "إمكانية تحقق ذلك في ظل إصرار حركة حماس على رفض أي صفقة لا تتضمن وقفا تاما للحرب، مقابل تمسك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم التنازل عن مطلب (النصر الكامل) وحسم المواجهة".

وبالحديث عن تفاصيل التصريح الأميركي، ذكرت الصحيفة أن ترامب أعلن أن "بلاده ستوقف على الفور عمليات القصف ضد الحوثيين".

وبرر ذلك بأن "الحوثيين لا يريدون القتال"، وأن الإدارة الأميركية "ستثق بكلمتهم بأنهم لن يستهدفوا السفن".

وفي هذا الصدد، قال ترامب: إن "قرار وقف الهجمات في اليمن جاء على خلفية موافقة الحوثيين على التوقف عن إعاقة طرق الملاحة البحرية المهمة في الشرق الأوسط".

وأضاف: "هذا ليس اتفاقا، لقد قالوا فقط: من فضلكم، لا تقصفونا بعد الآن، ولن نهاجم سفنكم.. إنهم لا يريدون أن يُقصفوا بعد الآن"، دون أن يشير إلى إسرائيل.

تجاهل منتقد 

من جانبه، رحب السيناتور الجمهوري البارز، ليندسي غراهام، بإعلان "وقف الهجمات ضد الحوثيين".

ودعا "إسرائيل إلى اتخاذ ما يلزم لحماية أمنها"، مشيرا إلى أن "الحوثيين بدون دعم إيران لا يستطيعون تهديد أميركا أو إسرائيل".

ومن ناحية أخرى، دعا السيناتور إلى "توجيه ضربة قوية لإيران لإخراجها من مجال تجارة النفط".

في المقابل، لفتت الصحيفة إلى أن "الحوثيين أكدوا استمرار هجماتهم في البحر الأحمر ضد إسرائيل حتى تنتهي الحرب في غزة".

وبالحديث عن رد فعل إسرائيل، أفادت بأنها "فوجئت بإعلان ترامب؛ إذ لم تُبلغ به مسبقا ولا تزال في حيرة من موقفه، خاصة أن التصريحات الأميركية لم تتضمن ذكر إسرائيل". 

وتابعت: رغم تأكيد مصادر أن إسرائيل لن ترد طالما لم تُطلق الصواريخ، إلا أن القناعة السائدة أن الحوثيين لا يزالون قادرين على التصعيد".

وفي ذات السياق، أفادت مصادر مطلعة لموقع "سي إن إن" الأميركي بأن "إعلان ترامب جاء نتيجة تحركات دبلوماسية مكثفة بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان والحوثيين، بهدف تمهيد الأجواء لمحادثات جديدة حول الملف النووي الإيراني". 

جدير بالذكر أن موعد الجولة المقبلة من هذه المفاوضات لم يحدد بعد.

وفي سياق متصل، ذكرت الصحيفة أن “ترامب أعلن أنه سيصدر قريبا بيانا مهما قبل زيارته المرتقبة إلى الشرق الأوسط، والتي تستثني إسرائيل”. 

ولم يكشف ترامب عن فحوى البيان، لكنه وصفه بـ"الإيجابي".

فيما أشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أن "الإعلان سيخص إيصال مساعدات إلى غزة، وسيحمل أخبارا سارة جدا".

وفيما يخص زيارته للمنطقة، نوهت الصحيفة إلى أن ترامب سيزور السعودية وقطر والإمارات بين 13 و16 مايو/ أيار 2025. 

واستطردت: “بينما لا توجد مؤشرات على زيارة إسرائيل، لا تُستبعد المفاجآت”. 

وتابعت: "لكن في الكواليس، تُوجه انتقادات إسرائيلية بسبب تجاهل ترامب لها، في تكرار لمشهد زيارة الرئيس الأسبق باراك أوباما الأولى للمنطقة عام 2009، حين تجاهل إسرائيل أيضا".

صراع داخلي

من جهة أخرى، أبرزت "يديعوت أحرونوت" أن حالة من التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل سادت بعد تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست".

وأفادت بأن "أحد أسباب إقالة مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، هو اتصالاته المكثفة مع نتنياهو بشأن هجوم محتمل على إيران". 

وهذه الخطوة تعارضت مع جهود ترامب للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، وتعارضت كذلك مع موقف شخصيات أميركية رافضة للتصعيد مع طهران. 

من جهته، نفى مكتب نتنياهو أن "الاجتماع مع والتز تناول ملف إيران".

لكنه لم ينكر أن ممثلين عن إسرائيل أجروا اتصالات مع والتز، خصوصا مع زيارات نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، إلى واشنطن خلال الأشهر الأخيرة.

وعلى حد قول الصحيفة، فإن هذا الوضع يضع إسرائيل في قلب صراع داخلي بين مدرستين داخل الإدارة الأميركية. 

وتتمثل المدرسة الأولى في "الجمهوريين الكلاسيكيين"، الذين يمثلهم والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو، والذين يؤمنون باستخدام القوة العسكرية لإبراز قوة الولايات المتحدة، بما يشمل أوكرانيا والصين وإيران.

بينما تتمثل المدرسة الثانية في تيار "أميركا أولا"، الذي يتبنى موقفا انعزاليا ويقوده نائب الرئيس، جيه دي فانس، ودونالد ترامب الابن.

وبحسب الصحيفة، يرى التيار الأخير أن "على واشنطن التركيز على الداخل الأميركي وتجنب الحروب الخارجية".

وفي هذا الصدد، عكست أن "أعضاء التيار الأول متشددون ومرتبطون بإسرائيل، بينما يفتقر تيار "أميركا أولا" لهذا الارتباط الأيديولوجي، رغم وجود روابط دينية لدى بعض أفراده. 

وفي الوقت نفسه، أفادت الصحيفة بأن "إسرائيل تُصور في هذا السياق كعامل يدفع واشنطن نحو صدام عسكري مع إيران، ما قد يجر أميركا إلى حرب لا ترغب بها، لا سيما مع وجود تقارير تفيد بأن ترامب سبق أن أوقف خطة لضرب المنشآت النووية الإيرانية". 

وأكدت على أن "التوتر مستمر رغم التنسيق الوثيق".

وعزت هذا التوتر جزئيا إلى "المفاوضات النووية مع إيران وسحب القوات من سوريا والتقارب مع تركيا". 

بالإضافة إلى عدها "إقالة والتز قد شكلت ضربة لإسرائيل وعززت نفوذ التيار الانعزالي".