بقاء السلطة الفلسطينية ضروري للحفاظ على أمن إسرائيل.. ماذا لو انهارت؟
"إضعاف السلطة يشكل خطرا متفاقما على أمن إسرائيل، إذ قد تخرج الأمور عن السيطرة"
مع تواصل الهجمات الإسرائيلية الوحشية ضد مدن وبلدات الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يحذر معهد إسرائيلي من وجود "احتمال حقيقي" لانهيار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مؤكدا أن ذلك يضع تل أبيب في "وضع صعب".
ويرى معهد "دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي أن بقاء السلطة الفلسطينية ضروري للحفاظ على أمن إسرائيل، إذ يخلف انهيارها "نهاية لشراكة المصالح بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، والتي يتم التعبير عنها بالتنسيق الأمني".
ويتناول المعهد مظاهر إضعاف تل أبيب للسلطة والعمل على فقدان شرعيتها، مستعرضا عددا من الآثار السلبية والتبعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المنتظرة، حال "استمرار ضعفها أو انهيارها".
المشهد الراهن
يشير المعهد إلى تسارع عملية ضعف وفقدان شرعية السلطة الفلسطينية، منذ تأسيس حكومة إسرائيل الحالية في 2022.
وذلك على خلفية "خطة الحسم" التي قدمها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والتي تهدف إلى حسم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دون عملية سياسية، بالإضافة إلى مطالبة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بتشديد استخدام القوة ضد الفلسطينيين".
وتتمثل خطورة تلك التحركات، بحسب المعهد، أن الوزن السياسي لهؤلاء الوزراء، يمنح الفلسطينيين وأطرافا دولية ذات صلة انطباعا بأن هذه هي السياسة الرسمية لإسرائيل، وهذا "يعد أحد التهديدات الأكثر خطورة التي تواجه الفلسطينيين حتى الآن".
وينتقد المعهد دعاوى اليمين الرامية إلى إسقاط السلطة الفلسطينية، فيقول: "ومن غير الواضح كيف سيخدم انهيار السلطة فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني، التي تدعمها بعض أحزاب اليمين في إسرائيل كحل للصراع الذي سيفرض على الفلسطينيين، فمن المشكوك فيه أن يتم العثور على قيادة بديلة، وستضطر إسرائيل عندها لتحمل مسؤولية إدارة حياة الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية".
وأشار إلى أن هذه السياسة أخذت أبعادا مختلفة جراء الغضب الإسرائيلي الداخلي بعد هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وحمّل المعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المسؤولية كذلك “بإعلانه أن (فتحستان= حماستان) في إشارة إلى أنه لا فرق بين حماس وفتح”.
حيث أسهم في شحن الأجواء العامة الإسرائيلية، التي تدعم حذف مصطلحات "دولة فلسطينية" و"حل الدولتين لشعبين" من القاموس العبري، كما أيد كل خطوة تضعف السلطة الفلسطينية.
ويستعرض المعهد سلسلة من القرارات التي اتخذتها الحكومة أخيرا، بهدف معاقبة السلطة الفلسطينية وإضعافها، فقد "زاد الخصم من أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل شهريا وتحولها إلى الفلسطينيين".
كما "تم تمرير مشروع قانون يسمح لضحايا الإرهاب بمطالبة تعويضات من السلطة، وجرت محاولات لقطع العلاقة بين البنوك الإسرائيلية والبنوك الفلسطينية، وتم منع دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل الذين يعملون بشكل رئيس في قطاع البناء".
ويتابع: "وحدثت زيادة كبيرة في عدد الوحدات السكنية التي يتم إنشاؤها في المستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية، وتم أيضا المصادقة على الوضع القانوني للبؤر الاستيطانية والمستوطنات".
إضافة إلى ذلك، "قررت الحكومة الإسرائيلية سحب صلاحيات السلطة الفلسطينية في مناطق (ب) المتفق عليها بالأساس ضمن بنود اتفاق أوسلو وأخذتها لنفسها، كما أضاف الكنيست الإسرائيلي غطاء تشريعيا لهذه التحركات، من خلال اتخاذ قرار يعارض إقامة دولة فلسطينية بأغلبية 68 عضوا في الكنيست مقابل 9 معارضين".
وأدت تلك القرارات، وفق المعهد، إلى "زيادة المخاوف في محيط رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، وفي صفوف أجهزة الأمن التابعة للسلطة، وفي الساحة الفلسطينية بشكل عام، من العقوبات التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية".
وأكمل المعهد: "تأمل السلطة الفلسطينية أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، لن يسمحوا لإسرائيل بتفكيك أو انهيار السلطة الفلسطينية، بموجب التزامها بعملية أوسلو".
ويوضح أنه "حتى قبل 7 أكتوبر، كان أبو مازن والعديد من المتحدثين الفلسطينيين، يشيرون إلى العواقب الوخيمة للسياسة الإسرائيلية، على مستوى الأمن المتدني للفلسطينيين في الضفة الغربية، والاحتكاكات المتزايدة بينهم وبين المستوطنين اليهود".
وزعم المعهد أن "هناك نقاشا يتم في الساحة الفلسطينية، حول دور حماس في جلب الكارثة على الفلسطينيين".
وأضاف أن هذا النقاش، الذي من المتوقع أن يشتد بعد الحرب، سيكون له آثار سلبية على السلطة، حيث "سيزيد من صعوبة تعزيز جهود المصالحة بين الفصائل، وسيعزز في الوقت ذاته مخاوف فتح وأوساط أبو مازن، من الخطوات التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية، والتي تهدد بانهيار السلطة الفلسطينية".
ونبه أن الوضع الحالي يختلف تماما عن الوضع في عامي 2012 و2013، حين هددت السلطة الفلسطينية بإجراء عملية "تفكيك طوعي" احتجاجا على عدم التقدم في العملية السياسية، رغم حصول السلطة على اعتراف دولي بصفتها عاملا فعالا وبنّاء في الساحة السياسية.
حيث بات الأمر الآن يوصف بأنه "خوف كبير من خطوات العقاب الإسرائيلية، التي تهدف إلى شل السلطة أو التسبب في انهيارها".
من هذا المنطلق، يؤكد المعهد أهمية السلطة كرمز وطني فلسطيني، بغضّ النظر عن جودة أدائها.
في الوقت ذاته، لفت المعهد النظر إلى دفاع متحدثي فتح المقربين من عباس، عن إنجازاتهم ومكتسباتهم لصالح الفلسطينيين بعد اتفاقيات أوسلو.
وأردف بالقول: "من تلك الإنجازات عودة العديد من القادة والنشطاء الفلسطينيين الذين كانوا في المنفى إلى الأراضي الفلسطينية، كما تم تحرير أكثر من 6000 أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية في مرحلة واحدة، وأُقيمت مؤسسات وطنية في قلب فلسطين، وتوالت الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي".
ويضيف المعهد: "من وجهة نظر فتح، السلطة هي المؤسسة المركزية في فلسطين، وحماس تهدد وجودها".
بدورها، أدركت حماس أهمية مكانة السلطة الفلسطينية، ورأت أن الانتخابات هي المعيار في تحديد من سيتولى المسؤولية.
وأضاف: "اعترفت حماس بأهمية وضع السلطة كمنبر للحكم "الشرعي" على الساحة الفلسطينية، وذلك عندما قررت المشاركة في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في عام 2006، وكانت تعتزم المشاركة مرة أخرى في عام 2021، قبل أن يلغيها عباس بحجة عدم مشاركة فلسطينيي القدس الشرقية في التصويت".
وتابع: "حتى أبو مازن، الذي يقدم اتفاقيات أوسلو كأحد إنجازات منظمة التحرير، ويرى في المقاومة المسلحة لحماس حماقة من قبل تنظيم يرفض التعلم من تجربة أسلافه، يصر على أهمية السلطة كونها التعبير الأبرز عن الوجود الوطني في فلسطين".
تداعيات منتظرة
ويحذر المعهد من أن إضعاف السلطة يشكل خطرا متفاقما على أمن إسرائيل، إذ قد تخرج الأمور عن السيطرة، حيث رصد المعهد عدة ظواهر موجودة خلال الأشهر الماضية، متخوفا من تناميها الفترة المقبلة.
فيقول: "الدفع الجزئي لرواتب موظفي السلطة، يؤثر بشكل كبير على معنويات وأداء الأجهزة الأمنية، مما يثير قلق الأمن الإسرائيلي، حيث قد يشجع ذلك على انضمام أفراد من الأجهزة إلى الأنشطة الإرهابية، مقابل الأموال التي ترسلها إيران".
ويخشى المعهد من تنامي انهيار صورة الأجهزة الأمنية أمام الفلسطينيين، حيث إنه "وبرغم أن أمن السلطة يلتزم بالتنسيق الأمني، إلا أن أداءه قد يتضاءل، وذلك بسبب فقدان الشرعية أمام الجمهور الفلسطيني بوصفه يخدم الاحتلال الإسرائيلي".
كما نبه إلى ما عده "توسع الإرهاب في جنوب الضفة الغربية، بدعم ومساعدة من حماس وإيران"، وأشار كذلك إلى "تصاعد الاحتكاكات بين المستوطنين والفلسطينيين، مما يزيد من التوتر في الضفة الغربية، ويزيد من الدوافع الفلسطينية لتنفيذ الهجمات، ويشعل الخطاب الانقسامي داخل إسرائيل".
ورأى أن السلطة الفلسطينية بمثابة جدار حماية لإسرائيل يقمع أي مقاومة ضد الاحتلال، إذ وصفها بـ "السد الذي يمنع خروج الجماهير إلى الشارع"، محذرا من أن "هذا السد بات ضعيفا". وأردف: "ومع ذلك، حتى الآن، تجنب الجمهور الفلسطيني أعمال الشغب خوفا من الثمن الذي سيدفعه بسبب سياسة السلطة التي تعارض وتمنع ذلك".
وسلط المعهد أيضا الضوء على بروز القدس الشرقية، كنقطة احتكاك ومحاولات هجوم من قبل سكان فلسطينيين، يسعون للتعبير عن التضامن مع قطاع غزة، ومناطق النزاع في الضفة الغربية.
ورصد كذلك "عدم استقرار المواطنين العرب في إسرائيل، الذين يرون أنفسهم أيضا كفلسطينيين، فهم حتى اللحظة تجنبوا التعبير عن احتجاجاتهم وتعاطفهم مع إخوتهم عبر الخط الأخضر، وقد يخرجون في احتجاجات شعبية ويلعبون لصالح حماس ومحور المقاومة، الذين يرغبون بدورهم في توسيع جبهات الصراع داخل إسرائيل ذاتها".
لذلك، يجب على إسرائيل، بحسب المعهد، "الحفاظ على التنسيق الأمني، وتخصيص موارد أضخم وجهد أكبر، من قبل جهاز الأمن الإسرائيلي".
على المستوى السياسي والإستراتيجي، يرى أن "التوتر السائد بين إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، سيساعد السلطة الفلسطينية على البقاء"، مع الإشارة إلى أنها "كهيئة حكومية، سيكون عليها مواجهة تحديات صعبة جدا، يفرضها عليها الواقع؛ حيث سيكون لانهيار أو توقف وظيفة السلطة الفلسطينية تداعيات بعيدة المدى".
أول هذه التداعيات، هو "اضطرار منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، إلى الاعتراف بفشل النهج السياسي أمام خصومهم في الداخل، وأمام الدول العربية الداعمة للتسويات، وهو ما يمكن عده نهاية (رسمية) لعهد أوسلو".
في المقابل، ستثبت صحة مسار المقاومة المسلحة الذى اتبعته حماس، فحذر المعهد من "ارتفاع شأن حماس والمنظمات الإسلامية الأخرى في المنطقة كبديل للحكم الحالي".
أما على المستوى الإقليمي يقول المعهد: "سيكون هناك علامة استفهام كبيرة حول إستراتيجية السعي للتسوية، التي كانت تميز علاقة إسرائيل بدول المنطقة الساعية للتطبيع، والتي تعد حل المشكلة الفلسطينية ركيزة مركزية تعتمد عليها هذه الإستراتيجية".
من جهة المجتمع الدولي، يرى المعهد أنه في ظل غياب قيادة بديلة لتلك الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، قد يتنصل المجتمع الدولي من الواقع الذي سينشأ بعد هذا الانهيار.
بالنسبة للناحية الاقتصادية، يوضح المعهد أن "إسرائيل ستضطر في هذا الوضع، إلى تحمل مسؤولية الإدارة المدنية للمدن والبلدات الفلسطينية، التي كانت خلال الثلاثين عاما الماضية تحت السيطرة الفلسطينية، مع العبء المالي الذي ينطوي عليه ذلك".
وتابع: "سيزداد العبء الاقتصادي الذي سيقع على إسرائيل، حيث سيكون عليها التعامل مع ديون السلطة الفلسطينية و/أو عدم استعداد الجهات المالية الدولية لتوفير الائتمان لها.
أما من الجانب العسكري، يرى المعهد أنه "ستتصاعد حرب الاستنزاف متعددة الجبهات، التي تديرها إيران ضد إسرائيل عبر وكلائها، وستشتعل جبهات أخرى لا تزال نائمة اليوم".
الخطر الأكبر
ويمثل الملف الأمني الخطر الأكبر على إسرائيل حال انهيار السلطة الفلسطينية، إذ يشير المعهد إلى وجود “اعتراف متبادل بين الطرفين بمصلحة مركزية مشتركة لعملية التنسيق الأمني”.
كما سبق أن صرح محمود عباس قائلا: "إن التنسيق مقدس"، بل حتى في فترات الأزمات وتدهور العلاقات بين الطرفين، كان هناك تعاون كبير مستمر في هذا المجال، لذا فإن "انهيار السلطة أو تعطل أدائها سيضع أمام إسرائيل أسئلة صعبة بشكل خاص".
ومن أمثلة هذه الأسئلة: ماذا سيحدث لمؤسسات الأمن الفلسطينية؟ كيف يمكن تفكيك هيئة موالية للسلطة وملتزمة بالاتفاقات مع إسرائيل، تتعاون معها، وتلقى التقدير من نظرائها الإسرائيليين؟
وتأتي معضلة السلاح كبند معقد، فيتساءل المعهد: “هل يمكن جمع أسلحة حوالي 45,000 من أفراد المؤسسات في الضفة الغربية؟ وكيف سيتم تحديد مواقع الأسلحة؟ ثم إنه قد يقوم بعض أفراد المؤسسات بتسليم الأسلحة إلى إسرائيل، أو إلى طرف ثالث بسبب إدراكهم لفجوة القوة بينهم وبين إسرائيل”.
“وحينها ستظهر في حال حدوث صدام بين الطرفين، وماذا عن الأسلحة التي لن يتم جمعها من الأساس؟”
ويتابع: “كيف يمكن التعامل مع الخطر الحقيقي المتزايد لالتحاق أفراد المؤسسات بالنشاطات المسلحة؟ وكيف نحافظ على أمان المستوطنات، التي تم توزيع العديد منها في السنوات الأخيرة في عمق الأراضي الفلسطينية المأهولة؟ كيف نحمي طرق النقل، على طول حدود الأردن والمناطق العازلة مع الضفة الغربية؟”
وعد المعهد عمّان نقطة خطر بالنسبة لأمن إسرائيل، إذ تساءل عن “كيفية التعامل مع تزايد ضعف النظام في الأردن، وعمليات تهريب الأسلحة من العراق وسوريا عبر الأردن إلى الضفة الغربية؟”
حيث إن "قدرة الأجهزة الأمنية الأردنية على منع التهريب ضعيفة، ففي الوقت الذي يتعامل فيه الأردن مع النشاط الإيراني، ومجهودات تمرير مقاتلين إلى المملكة، هناك خطر من أن تصبح حدود الأردن ساحة صراع بدلا من حدود سلام وتعاون".
ويخشى المعهد من وصول الخطر إلى قلب الكيان المحتل، حيث قال: "كيف ستتعامل إسرائيل إذا تأثرت منطقة تل أبيب، المركز السكاني الذي يتمتع حاليا بهدوء نسبي على الرغم من الحرب في الشمال والجنوب، بتصعيد نتيجة انهيار السلطة المحتمل".
وقد تصل التداعيات لتؤثر على الجبهة الداخلية، حيث يطرح السؤال التالي: "ما هي تداعيات هذه التحديات على الصمود الوطني، وقدرة الجمهور الإسرائيلي على التعامل مع زيادة العبء الاقتصادي وتفاقم التهديد الأمني؟"
وأكمل المعهد تساؤلاته قائلا: “كيف سيتم تجنب الاضطرابات في القدس الشرقية حول المسجد الأقصى، الذي يعد نقطة توتر حساسة في أوقات الأزمات؟”
وتابع: "هل سُيمنع المواطنون الإسرائيليون العرب أو الفلسطينيون، من الاحتجاجات والتعبير عن التضامن مع إخوانهم شرق الخط الأخضر؟ وهل سيستمر الهدوء في المدن المختلطة؟".
توصيات ومقترحات
وبهدف الحفاظ على استقرار إسرائيل، قدم المعهد عددا من التوصيات لدوائر صنع القرار الإسرائيلي لتدعيم قوة السلطة الفلسطينية، إذ يؤكد على أن "انهيار السلطة ليس قضية ثنائية إسرائيلية-فلسطينية، بل هو مشكلة إقليمية ودولية".
ويوضح قائلا: "الدول العربية الرائدة، ومعظم الدول الغربية، منخرطة في العمليات السياسية التي تهدف إلى تعزيز اتفاق إسرائيلي-فلسطيني".
وتابع: "إن اتفاقيات أوسلو، رغم فشلها في تمهيد الطريق للمفاوضات حول قضايا الحل النهائي، لا تزال تعد آلية تحافظ على الاستقرار النسبي وتمنع التدهور، إنها نوع من الخيار الافتراضي، نظرا للمأزق الذي وصلت إليه العملية السياسية منذ عام 2009".
واستدرك: "لم يفت الأوان بعد لتجديد الجهود لتعزيز السلطة الفلسطينية، وجعلها عنوانا مسؤولا مستقرا وفعالا، وملتزما بمسار التسويات، ويتم تقييمها وفقا للفوائد المدنية والأمنية التي تنتجها، والتي تُطلب منها".
وانطلق المعهد يعدد مزايا الحفاظ على وجود السلطة الفلسطينية، مقدرا أنها الركيزة الأساسية في خطة إضعاف قوة حماس.
وعد المعهد السلطة "أحد الأقطاب النشطة في الشرق الأوسط في الصراع الجاري بين القومية العربية والإسلامية، ويمثل الصدام والتعامل مع إسرائيل قلب الخلاف بين هذين الجانبين، والمعسكر المنتصر سيحصل على ميزة كبيرة في الساحة العربية العامة".
ولذلك، ينصح المعهد إسرائيل، التي ترغب في الاندماج في تحالف إقليمي مع الدول العربية المعتدلة، أن تعمل على أن يقود التيار الفلسطيني الرئيس حركة فتح، وليس معسكر المقاومة الذي تقوده إيران.
مما يجعل "انتصار السلطة الفلسطينية وتفكيك قوة حماس، جزءا أساسيا من هذا الصراع، الذي تراقبه أعين كثيرة في العالم العربي والغربي".
ويدعى المعهد أنه "على الجهة المقابلة، فإن محور المقاومة المتمثل بإيران وحزب الله والتنظيمات المسلحة الفلسطينية، يستثمر أيضا جهودا في هذا الصراع، ويدرك جيدا الفوائد التي قد يجنيها من انهيار السلطة الفلسطينية".
ويعيد المعهد التأكيد على أن "انهيار السلطة الفلسطينية سيكون له عواقب سلبية على إسرائيل في المجالات الداخلية والإقليمية والدولية".
ويشدد على "ضرورة تجنب ذلك، خاصة في الواقع الحالي من الحرب ضد حماس ومحور المقاومة بقيادة إيران وحزب الله".
وختاما، يتعين على إسرائيل، وفق رؤية المعهد، “أن تركز جهودها على تفكيك وإزالة التهديد الذي تشكله حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة والضفة الغربية، وتجنب التحركات التي قد تضعف السلطة حتى الانهيار أو عدم الفعالية”.
ثم “الحصول على بطاقة الدخول إلى تحالف أمني واقتصادي إقليمي بقيادة الولايات المتحدة، وتمهيد الطريق من جديد لحل النزاع مع الفلسطينيين المعتدلين”، على حد قوله.