لماذا لم تصل علاقات مصر وإسرائيل إلى نقطة الانهيار؟.. معهد إفريقي يجيب

6 months ago

12

طباعة

مشاركة

استعرض معهد الدراسات الأمنية (ISS) الإفريقي تطورات العلاقات المصرية-الإسرائيلية، في ظل العدوان على غزة، مؤكدا أن هناك أسبابا منعتها من الوصول إلى نقطة الانهيار.

وقال المعهد إن "الهجوم الإسرائيلي الدامي على غزة (منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) -بما في ذلك التصعيد الأخير في مدينة رفح جنوب القطاع- لا يزال يتردد صداه في جميع أنحاء المنطقة والعالم".

تعاون مصلحي

وأوضح أنه "أدى حتى الآن إلى توتر العلاقات الراسخة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وقد يكلف الرئيس الأميركي جو بايدن، منصبه في وقت لاحق من هذا العام".

وأرجع ذلك إلى "تزايد احتجاج الشباب في الحزب الديمقراطي على دعم بايدن المستمر لإسرائيل"، مما أدى إلى إضعاف مكانة الولايات المتحدة الدولية، مقارنة بخصومها حول العالم، روسيا والصين، في نظر الكثيرين في الجنوب العالمي.

وبخصوص مصر، أكد المعهد أنها "وجدت نفسها في موقف حرج للغاية". وقال: "بوصفها الجارة الوحيدة لغزة إلى جانب إسرائيل، فإن القاهرة تشعر بتداعيات الحرب أكثر من أي دولة أخرى".

"وقد برز هذا إلى الواجهة مع الهجوم الإسرائيلي على رفح في مايو/أيار 2024، مع العلم أن معبر المدينة (يحمل نفس اسمها) هو المخرج الوحيد لغزة بخلاف المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل".

وأوضح معهد الدراسات الأمنية أن "هناك تعاونا مصلحيا وطويل الأمد بين مصر وإسرائيل في القضايا الأمنية، وخاصة فيما يتعلق بغزة".

وأضاف أنه "قبل هذه الحرب، حافظت مصر على سيطرة محكمة للتحركات عبر معبر رفح؛ نتيجة للصراع الذي دام عقودا بين إسرائيل وفلسطين".

وأورد أن "القاهرة كانت قلقة خصيصا بشأن التدفق المحتمل للاجئين الفلسطينيين إلى سيناء، ويرجع ذلك -في جزء منه- إلى المخاوف من احتمالية إحياء التمرد الجهادي في سيناء".

وهناك سبب آخر أضافه المعهد وهو أن "التهجير الجماعي من غزة من شأنه أن يسهل ما تراه مصر نية إسرائيلية لإخلاء القطاع وتدمير الآمال في إقامة دولة فلسطينية".

ومن شأن هجوم رفح أن يؤدي إلى تفاقم هذه المخاوف وتوتر الترتيبات الأمنية مع إسرائيل.

"ويرجع ذلك أساسا إلى أنه يزيد من احتمالات انتقال عدة آلاف من الفلسطينيين -الذين ليس لديهم مكان آخر آمن يذهبون إليه- إلى مصر".

إستراتيجية الاحتواء

وبحسب معهد "تشاتام هاوس" البريطاني (Chatham House)، فإن مصر تشعر بالغضب أيضا من سيطرة إسرائيل الآن على جانب غزة من معبر رفح.

وقال المعهد: "لكبح هذا السيناريو، تتبنى مصر ما يسميه المسؤولون في القاهرة إستراتيجية الاحتواء".

ويشمل ذلك -وفق "تشاتام هاوس"- تكثيف الضغوط الدولية على إسرائيل من خلال اشتراط إعادة فتح معبر رفح، بانسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة وإعادة السيطرة على المعبر إلى الفلسطينيين.

وأشار معهد الدراسات الأمنية إلى أن مصر وإسرائيل بدأتا تبادل الاتهامات بشأن رفح.

"فلطالما اتهم معظم المجتمع الدولي إسرائيل بمحاصرة غزة وتقييد تدفق المساعدات الإنسانية بشدة، لكن يبدو الآن أن تل أبيب تستغل القيود التي تفرضها القاهرة على معبر رفح بالقول إن مصر يمكنها، إذا اختارت، السماح بمرور المساعدات".

وتقول مصر إن النشاط العسكري الإسرائيلي على الحدود هو الذي يمنع حركة المساعدات الإنسانية. بينما ترد إسرائيل بأن وجود جيشها ضروري لمنع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من اختطاف المساعدات، وفق زعمها.

كما اتهمت مصر إسرائيل بالمسؤولية عن الطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات مع حماس، التي جرت بوساطة دولية في القاهرة خلال وقت سابق من مايو 2024.

وفي تعبير صريح عن التوترات المتزايدة، أعلنت القاهرة، في 12 مايو 2024، أنها تعتزم التدخل رسميا لدعم قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

ودعت مصر إلى وقف إطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية في رفح وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين.

وبذلك، تنضم القاهرة إلى جزر المالديف وتركيا وأيرلندا وبلجيكا في إعلان عزمها دعم قضية جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.

وذهبت ليبيا وكولومبيا ونيكاراغوا إلى أبعد من ذلك عبر تقديم طلبات رسمية للتدخل إلى جانب جنوب إفريقيا.

وحتى الآن، لم تتخذ أي دولة خطوات للتدخل إلى جانب إسرائيل، على الرغم من أن ألمانيا أعلنت في يناير/كانون الثاني 2024، أنها تعتزم فعل ذلك.

مصالح متبادلة

ويقول المعهد إنه "من خلال دعم قضية جنوب إفريقيا، تستفيد القاهرة أيضا من توافق بريتوريا معها لما يحدث حول رفح".

ففي مبادرتها الأخيرة في هذه القضية، طلبت بريتوريا من محكمة العدل الدولية في 11 مايو أن تأمر إسرائيل باتخاذ المزيد من التدابير المؤقتة العاجلة لمنع المزيد من الضرر الواقع على أهل غزة.

وهذا هو التوجه الرابع الذي تلجأ إليه جنوب إفريقيا أمام المحكمة لطلب اتخاذ تدابير تحفظية.

ففي يناير 2024، أقنعت جنوب إفريقيا المحكمة بأن تأمر إسرائيل بمنع حدوث إبادة جماعية بغزة وزيادة المساعدات الإنسانية للقطاع. لكن رُفض طلبها إصدار أمر لتل أبيب بتعليق عملياتها العسكرية.

وقالت جنوب إفريقيا في طلبها الأخير إن الهجوم الإسرائيلي الأخير على رفح خلق خطرا على بقاء الفلسطينيين في غزة وعلى إمدادات المساعدات.

وذلك لأن رفح أصبحت الآن "الملاذ الأخير في غزة لـ 1.5 مليون فلسطيني من رفح والنازحين بسبب الإجراءات الإسرائيلية".

وبالسيطرة على معبري رفح وكرم أبو سالم، أصبحت إسرائيل الآن تتحكم بشكل مباشر وكامل على جميع عمليات الدخول والخروج إلى غزة.

"وقطعت إسرائيل جميع الإمدادات الإنسانية والطبية والسلع والوقود التي يعتمد عليها بقاء سكان غزة على قيد الحياة، كما أنها تمنع عمليات الإجلاء الطبي"، بحسب البيان الجنوب إفريقي.

وفي ضوء هذا الوضع المتغير، طلبت جنوب إفريقيا، في مرافعاتها الشفهية في 16 مايو من محكمة العدل الدولية أن تأمر إسرائيل بوقف هجومها على رفح على وجه التحديد ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء غزة في ضوء الهجمات الإسرائيلية الجديدة على الشمال.

وقال المعهد: "على الرغم من أن العلاقات بين مصر وإسرائيل تبدو أكثر توترا مما كانت عليه منذ عقود، إلا أنها لم تصل إلى نقطة الانهيار بعد".

فعلى سبيل المثال، تشير صحيفة "أفريكا كونفيدنشال" البريطانية (Africa Confidential) إلى أن مصر أصبحت تعتمد بشكل كبير على الغاز الإسرائيلي، خاصة في وقت يعاني فيه اقتصادها من الضعف.

وأشار المعهد إلى أن "هجمات الحوثيين باليمن على السفن في البحر الأحمر أدت إلى خفض عائدات قناة السويس بما لا يقل عن نصف مليار دولار".

وفي مقابل ذلك، فإن إسرائيل في حاجة ماسة إلى كل حلفائها الإقليميين، حتى ولو كان من الصعب التعامل معهم، في وقت أثار فيه هجومها على غزة نفورا واسع النطاق في جميع أنحاء العالم، يختم المعهد.