"الدعم السريع" ترتكب مجزرة بحق أهالي النيل الأبيض.. وناشطون: جريمة حرب

"إلى متى يستمر هذا التواطؤ الدولي مع جرائم الإبادة بحق السودانيين؟!"
استنكر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي مقتل وإصابة العشرات جراء هجومين على بلدتين بولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد، فيما تواترت أنباء عن تجاوز أعداد القتلى والمصابين المئات دون الإعلان عن أرقام رسمية.
وأوضح بيان صادر عن منصة "نداء الوسط"، وهو كيان مدني يضم متطوعين ناشطين في جهود إغاثة ضحايا الحرب، أن "الدعم السريع ارتكبت مجزرة بقرية القطينة الغربية، بولاية النيل الأبيض، تم خلالها إطلاق النيران على سكان القرية".
وأفاد البيان في 17 فبراير/شباط 2025، بأن الهجوم الذي وقع في ولاية النيل الأبيض المتاخمة لولاية الخرطوم من جهتها الجنوبية التي تسيطر الدعم السريع على الأجزاء الشمالية منها، أدى إلى سقوط 12 شهيدا وجرح العشرات، بينهم إصابات خطيرة".
وأعلنت المنصة " وقوع حالات قتل جماعي للمواطنين في قرى الكداريس-الخلوات وعمليات خطف وإخفاء قسري واسعة تقوم بها الدعم السريع في مدينة القطينة وأريافها".
وذكرت أن "الدعم السريع تعمدت استهدافهم بنيرانها، مما أدى إلى وقوع عشرات الضحايا بين قتيل ومصاب، في حين أجبرت باقي الأهالي على النزوح عقب نهب جل ما يملكون من أموال ومقتنيات خاصة ونكلت بهم أشد تنكيل".
وتعيش مدينة القطينة ظروفا أمنية وإنسانية قاسية بعد أن فرضت عليها "الدعم السريع" حصارا محكما وسيطرت على تفاصيل الحياة فيها منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، حيث باتت تعاني غياب الأمن وشح الخدمات.
وبينما لم يتم حصر أعداد ضحايا المجزرة التي ارتكبتها مليشيات الدعم السريع بشكل نهائي نظرا لانقطاع شبكات الاتصال بالمنطقة، فضلا عن الحصار الذي تفرضه المليشيا على ما تبقى من مواطنين بمدينة "القطينة"، إلا أن ناشطين أكدوا أن أعداد القتلى والمصابين بالمئات.
وتداول ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس" و"فيسبوك"، رواية تؤكد أن مليشيا الدعم السريع بعدما أجبرت أهالي القطينة على النزوح وركوب المراكب للنزوج من الضفة الشرقية للغربية، أطلقت عليهم النار وهم وسط المياه وتسببت في غرقهم وموتهم.
وعبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #مجزرة_القطينة، #مليشيا_الجنجويد_تقتل_المواطنين، #القطينة، #مليشيا_الجنجويد، #أنقذوا_النيل_الأبيض، وغيرها من الوسوم الأخرى، صب ناشطون جام غضبهم على مليشيات الدعم السريع، واستهجنوا شنها حملات انتقامية ممنهجة ضد أهالي النيل الأبيض.
واستنكروا صمت المجتمع الدولي على جرائم "الدعم السريع" المدعومة إماراتيا، وناشدوه للتحرك بجدية لتصنيف هذه المليشيات منظمة إرهابية، متهمين الجيش السوداني بالتباطؤ والتكاسل عن تطهير ولاية النيل الأبيض من المليشيا وتحريرها بالكامل وفرض الأمن بها.
وأعادوا نشر تغريدة لحساب "سودان نيوز" أرفق مقطع فيديو يوثق دفن بعض قتلى قرى القطينة في ولاية النيل الأبيض الذين تم قتلهم بواسطة مليشيا الدعم السريع، مشيرا إلى أن "المعلومات الأولية تشير إلى ارتقاء أكثر من 300 شهيد".
إفادات وروايات
وفي إفادات عما يحدث في القطينة، قالت لجنة ثوار بيت المال، إنه تزامنا مع تقدم الجيش في عدة محاور في ولاية الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وكردفان تمارس مليشيا "الجنجويد" الإرهابية انتقاما فظيعا على مواطني القطينة العزل الأبرياء.
وأشارت إلى أن المليشيا قتلت كل من وجدته في الطرق أو داخل البيوت وحتى الفارين من قراهم وعبروا النيل استهدفتهم المليشيا فقتلت من قتلت وغرق مَن غرق بعد أن نهبتهم وجردتهم من أموالهم وكل ما يملكون.
وأكدت اللجنة أن لا حصر رسميا للقتلى ولكن البيانات الواردة مخيفة حيث تقول مصادر محلية إن العدد وصل إلى 400 قتيل وأضعاف هذا العدد من الجرحى.
ونقلت تنسيقية لجان مقاومة كرري، عن ولاية النيل البيت قولها: "وفق معلوماتها الأكيدة فإن العشرات من الضحايا والمصابين سقطوا اليوم على يد مليشيا الجنجويد في أحياء الخلوات والكداريس التابعة لمدينة القطينة بولاية النيل الأبيض".
وأفادت بأن "الضحايا سقطوا نتيجة اعتداءات بدافع السلب والنهب داخل المنازل بالقريتين من قبل منسوبي مليشيا الجنجويد، وفي ظل غياب بيانات رسمية حتى اللحظة حول حصيلة الضحايا فإنها مرشحة للزيادة وفق ما وصلتنا من معلومات".
وأوضح الصحفي مزمل أبو القاسم، أن "المليشيا ترتكب مجزرة بشعة في حق المدنيين العزل بمدينة القطينة.. وأنباء عن أن عدد القتلى يفوق الثلاثمائة شهيد.. مع حالات اغتصاب واختطاف للسيدات".
تنديد واستنكار
وتنديدا بجرائم المليشيا ودعوات للجيش السوداني بالتحرك وردعها، قال يوسف ود العمدة، إن "ما حدث في الكداريس والخلوات هو جريمة مروعة بحق الإنسانية، نفذتها مليشيات الدعم السريع الإرهابية، التي استهدفت المدنيين العزل داخل منازلهم".
وأكد أن هذه ليست مجرد اشتباكات، بل مجازر إبادة راح ضحيتها ما يقارب 300 شخص، بينهم أطفال، ونساء، وشيوخ، ضمن سلسلة طويلة من الجرائم التي ترتكبها هذه المليشيات في السودان.
وناشد القوات المسلحة وجميع القوات النظامية الأخرى بـ"التحرك نحو القطينة لأن الوضع مأساوي".
ولفت محمد خليفة إلى أن "الجنجويد يتفننون في قتل الناس"، مشيرا إلى أنهم "سمحوا لبعض الفارين من جحيم القطينة أن يستغلوا بعض المراكب للعبور للضفة الغربية، وعندما تقدمت المراكب في النيل، أطلقوا عليهم النار وقتلوهم وأغرقوا المراكب".
ووصفت الصحفية داليا الطاهر، ما يحدث في القطينة وقراها بأنها "جريمة حرب" بحق المدنيين العزل، قائلة: "الجنجويد القتلة يسمحون لأهلنا هناك بالفرار عبر المراكب بعد أن يدفعوا كل ما معهم حتى هواتفهم النقالة، ومن ثم يطلقون عليهم النار ويقتلونهم وهم في عرض النيل".
ورأت الصحفية ريما علي، أن "ما حدث في القطينة من استهداف للأطفال والنساء وكبار السن بلا سبب، تذكير للشعب السوداني أنه لن ينجو إذا نجا الجنجويد"، قائلة: "فحربنا وجودية، نكون أو يكون الجنجويد".
وعد المغرد عزو، ما يحدث في القطينة جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها الدعم السريع بحق المدنيين.
وأكد أن استباحة المدن، قتل الأبرياء، وتهجير الأسر ليس إلا دليلا على فقدان هذه المليشيا لأي شرعية أخلاقية أو وطنية، كما أكد أنه "لا يمكن لأي قوة تدعي تمثيل السودان أن تكون سببا".
مسؤولية الجيش
وبينما أطلقت مناشدات للجيش بردع الدعم السريع برزت أصوات تحمله مسؤولية ما حدث، إذ قال الشريفي السوداني، إن ما حدث في القطينة من فقد أرواح مجزرة كادت تصل لـ400 شهيد أو أكثر يتحمل أرواحهم، "اللواء سامي الطيب والعمدة والوالي".
وسامي الطيب هو قائد الفرقة (18)، وتناقل ناشطون أنباء عن إقالته بسبب انتهاكات الدعم السريع بالقطينة، إلا أن مصدرا عسكريا نفى ذلك في تصريحات صحفية وأوضح أنه نُقل إلى شؤون الضباط وذلك إجراء طبيعي ضمن التنقلات داخل القوات المسلحة.
ورأى المغرد ماجد، أن ما يحدث في القطينة سببه تهاون قادات الجيش وعلى رأسهم سامي الطيب.
وخاطب أحد المغردين رئيس مجلس القيادة العسكري عبدالفتاح البرهان والمدعو سامي الطيب، قائلا: "لا نجد مبررا لاستشهاد أكثر من ثلاثمائة من أبناء النيل الأبيض القطينة المدنيين والعزل.. نسأل الله أن يتقبلهم شهداء".
وأضاف: "لن يشفي غليلنا إلا أن تتم إبادة جنجا النيل الأبيض والمتعاونين.. وقبل ذلك التحقيق مع الخائب سامي الطيب".
وقالت هنا أمين، إن قيادة جيش النيل الأبيض عليه علامات استفهام هم وقيادة الفرقة الأولى، مشيرة إلى أن الدعم السريع ارتكبت مجزرة القطينة وعلى بعد كيلومترات قليلة من الجيش.
وقال عبدالرحمن، إن القوات المسلحة تناست النيل الأبيض لذلك قامت مليشيا الدعم بتصفية 300 مواطن في القطينة .
تواطؤ دولي
وفي هجوم على المجتمع الدولي وكل من يغض الطرف عن جرائم الدعم السريع، قال وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد علي الإعيسر، إن آخر تجليات ممارسة العنف الممنهج ضد المدنيين العزل تمثلت في استهداف السكان في قرى ولاية النيل الأبيض.
وأكد أن عبارات الاستهجان لم تعد كافية لإيقاظ الضمير الإنساني حيال هذه الجرائم التي ترتكبها مجموعات المرتزقة المدعومة من الخارج، وتستدعي تصنيف مليشيا الدعم السريع المتمردة كتنظيم إرهابي، لما ترتكبه من جميع أشكال الإجرام التي تتنافى مع القيم الإنسانية والدينية والقوانين الدولية.
وأضاف الإعيسر: "وإن كانت القيم المرجعية الدولية لفرض عقوبات ضد المليشيات والإرهاب تستند إلى مواقف متسقة مع معايير الجريمة، فإن مليشيا الدعم السريع قد تربعت على عرش الإجرام الدولي بلا منازع، لما مارسته من تهديدات لحياة المدنيين السودانيين".
وتابع: "وإن كانت ثمة كلمة عن مصير المجرمين، فلا مكان لهم وللمليشيات في السودان، وكل هذه الجرائم ستعود وبالا على مرتكبيها، ورعاتها المحليين والإقليميين والدوليين".
ووجه التحية لصمود الشعب السوداني وبسالته، وتمنى الرحمة والمغفرة لشهداء معركة الكرامة، وعاجل الشفاء للجرحى، والعودة للمفقودين، مؤكدا أن الإرادة السودانية قادرة وعازمة على هزيمة المليشيات "حتى آخر مرتزق"، ومن المؤكد أنه لا مكان للإفلات من العقاب.
وتساءل الناشط السياسي مكاوي الملك: "إلى متى يستمر هذا التواطؤ الدولي مع جرائم الإبادة بحق السودانيين؟!"، واصفا المجزرة التي ارتكبها في النيل الأبيض بـ"البشعة".
وأشار إلى أن “المليشيا الإرهابية اجتاحت الكداريس والخلوات، قتلت الأبرياء بوحشية، نهبت الممتلكات، وأحرقت القرى، بينما تستمر في تنفيذ عمليات خطف وإخفاء قسري في القطينة وأريافها. جثث الشهداء تكدست، والضحايا في تزايد، وسط صمت دولي مخز!”.
قال أبو ليم: "لن يرى العالم شهداء القطينة ولن ترى قحط اللعينة وأتباعها الدماء التي تروي أرض السودان من قبل مليشيا الجنجويد الإرهابية التي لطالما وقفوا معها بوعي منهم أو دون وعي لا فرق".
وأكد أن "الشعب السوداني يواجه شرار أهل الأرض من جنجويد الشتات وخونة الداخل وعصابات المافيا من الخارج".
نعي ورثاء
وفي نعي ورثاء لضحايا مجزرة الدعم السريع، عرض أحمد الرحيدي، صورة لرفيق دراسته أبو بكر عبدالمولى، داعيا الله أن يتقبله قبولا حسن، ووجه التعازي والدعوات لأهالي الكداريس والخلوات في القطينة، ووصف المصاب بالجلل.
وأشار حسام عبدالله، إلى أن الدعم السريع التي وصفها بـ"مليشيات الغدر السريع" اغتالت صديقه أسامة عبدالرؤوف بمنزله، داعيا الله أن يتقبله في زمر الشهداء والصديقين والصالحين.
وعرض محمد منصور، صورة لطفل قتلته مليشيا الدعم السريع في القطنية، معلقا بالقول: "مالو عارف حاجه للحرب ده.. ولا بعرف فلول ولا بعرف قحت.. وعند الله تجتمع الخصوم.. حسبي الله ونعم والوكيل.. اللهم أرنا قدرتك في الدعم السريع وكل من عاونه".
وأضاف: "كراديس تنزف، القطينه تنزف، شمال النيل الأبيض ينزف".