ديما موسى.. هكذا ترى مستقبل نساء سوريا في ظل الإدارة الجديدة

تمكنت ديما موسى من العودة إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد
بعد سقوط نظام بشار الأسد، بدأت ملامح مرحلة جديدة تتشكل في سوريا وسط تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية معقدة.
ومن بين الأصوات التي عادت إلى البلاد برؤى جديدة للمستقبل، تبرز ديما موسى، إحدى أبرز الشخصيات التي عارضت الأسد من المنفى.
واليوم، تجد موسى نفسها في قلب المشهد السياسي السوري، وتحاول المساهمة في رسم ملامح سوريا ما بعد الأسد، وفق ما تقول صحيفة الدياريو الإسبانية.

ديما موسى
وتمكنت موسى من العودة إلى سوريا بعد سقوط النظام في ديسمبر/كانون الأول 2024، ومنحت الثقة للسلطات الجديدة، "على الرغم من مخاوفها بشأن دور المرأة في العملية الانتقالية".
وقالت الصحيفة إن ديما موسى كانت نائبة رئيس الائتلاف الوطني السوري، وهو تشكيل معارض في المنفى حتى سقوط الأسد.
كما أنها إحدى مؤسسات "الحركة السياسية النسوية السورية"، وهو تشكيل آخر ولد خارج البلاد خلال سنوات الثورة.
وبدأت عملية الانتقال الديمقراطي بشكل مفاجئ بعد حوالي 14 سنة من حرب الأسد على شعبه، وذلك بعد فراره وعائلته إلى روسيا.
وقد كانت موسى في مدريد نهاية فبراير/شباط 2025، حيث شاركت في مناقشة تناولت فيها عملية الانتقال والتحديات التي تواجه سوريا خلال فترة ما بعد الحرب.
وفي الحديث عن دور مؤيدي الثورة في الخارج منذ سقوط نظام الأسد، نوهت ديما موسى بأن "حقيقة أن الجميع قادر على العودة إلى سوريا هو أمر بالغ الأهمية".
وبالنسبة لها، "من المهم جدا أن يبدأ السوريون المشاركة في الحياة السياسية بشكل طبيعي، دون الحاجة إلى وصم السياسيين والمعارضة الذين كانوا في المنفى (بالإرهاب)".
وأضافت: “نجري محادثات داخل الائتلاف الوطني السوري لمعرفة الشكل المناسب لهذا التحالف".
وواصلت القول: "إنه جانب بالغ الأهمية نظرا لوجود أحزاب ومجموعات سياسية مختلفة داخله، وعليها أن تقرر ما إذا كانت تريد أن تكون جزءا من ائتلاف للأحزاب التي ستخوض الانتخابات”.
لكن، تستدرك: "نحتاج إلى بعض التغييرات، لأن هدفنا السابق كان تغيير النظام في سوريا. لذلك، يحتاج أولئك المهتمون بالبقاء داخل التحالف إلى تحديد أهدافهم".
ونوّهت موسى إلى أن الحركة السياسية النسوية السورية باشرت عملية تحديد أهدافها أيضا، حيث إنها "مضطرة إلى تغيير الطريقة التي تطور بها برامجها".
وقد كان أعضاء الحركة يعملون داخل سوريا بشكل سري، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام البائد، وكانت الفعاليات العامة تنظم في الغالب خارج البلاد.
أما الآن، “فيمكن لأعضائنا الذين كانوا يعملون دون الإفصاح عن هوياتهم، أن يكونوا في الخطوط الأمامية”.
فهم الأكثر قدرة على فهم الديناميكيات في سوريا ولديهم شبكة قوية للغاية من النساء والرجال في أجزاء مختلفة من البلاد، وأصبح لديهم الآن الكثير من العمل للقيام به، وفق قولها.

الحوار الوطني
وبالحديث عن مؤتمر الحوار الوطني السوري، نقلت ديما موسى انطباع المشاركين في هذه الاجتماعات التي تعذّر عليها المشاركة فيه.
وانطلقت أعمال مؤتمر الحوار الوطني السوري في 25 فبراير 2025 واستمرت يومين، وخرجت بتوصيات واضحة أرسلت لرئيس الجمهورية أحمد الشرع.
وقد شارك في المؤتمر أكثر من 600 شخصية، 25 بالمئة منها نساء، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وهذا المؤتمر هو مبادرة أطلقتها القيادة في سوريا، تهدف إلى جمع مختلف أطياف المجتمع السوري في مؤتمر حواري، يسعى إلى الخروج بتوصيات عن قضايا رئيسة، أبرزها صياغة الدستور، ليتم تقديم مقترحات بشأنها إلى الشرع.
وأشارت موسى إلى أن "مشاركة النساء كانت فعالة"، ومن المهم بالنسبة لها "أن يشعرن بارتياح عند التعبير عن آرائهن حول مواضيع مختلفة، حيث دارت النقاشات الساخنة حول الحريات، ومن المهم جدا أن تكون جميع الآراء حاضرة".
وأضافت: “أنا متفائلة، ويجب أن يكون هذا المؤتمر بمثابة الخطوة الأولى؛ لأنه ليس من الممكن معالجة كل المسائل المهمة في خلال يوم واحد".
وأردفت: "أنا متأكدة أن العمل سيتواصل في المستقبل، ولا أعتقد أن هناك انطباعا من المشاركين بأن المهمة قد انتهت".
وبحسب موسى، "يعد المشاركون، الذين تواصلت معهم، أن المؤتمر كان بمثابة فرصة لمباشرة بعض النقاشات والحوارات التي يجب تطويرها".
وحول دور المرأة في سوريا المستقبلية، أشارت إلى أن "السلطات الجديدة أرسلت رسائل إيجابية مفادها أن الجميع له دور يلعبه في سوريا، ولن يتم استبعاد أي شخص".
وأضافت أن “النساء السوريات كانت لهن مساهمة مهمة خلال السنوات الثلاثة عشر الماضية”.
وتعتقد أن “النساء لن يقبلن بعد الآن أن يمثلهن رجل كما كان الحال في الماضي؛ بل يرغبن في التعبير عن آرائهن الخاصة”.
وترى أن "المجتمع تغير أيضا في السنوات الأخيرة وأصبح أكثر انفتاحا في مواضيع تتعلق بالمرأة في المجالات العامة والسياسية، وبدأ يعتاد عليها ويدرك أهميتها".
وفيما يتعلق بالمجال الاقتصادي، نوهت موسى إلى أنه “خلال سنوات الحرب، تخلصت الكثير من النساء من الدور النمطي داخل المجتمع السوري”.
وبعد أن اختفى العديد من الرجال، أو اعتقلوا أو قتلوا، تحولت المرأة السورية إلى المعيل الرسمي داخل العائلات السورية، تقول موسى.
والأكثر أهمية من ذلك، أن "الكثير من النساء تحولن إلى ركائز اقتصادية مهمة في مجتمعاتهن، ونحن نعلم أن القوة الاقتصادية تترجم إلى قوة سياسية".
وتنقل موسى عن شابة من منطقة سورية محافظة جدا، قولها: "الآن بعد أن عملت وكسبت المال وساعدت عائلتي، أشعر أن حياتي لها معنى على عكس السابق". عموما، بسبب الحرب، أصبح للنساء دور فعال في المجتمع السوري، وهو أمر يُرِدْن الحفاظ عليه.

مخاوف النساء
وحول مخاوف النساء السوريات تجاه ممثلي السلطة السورية الآن، على رأسهم الرئيس الشرع، أشارت ديما موسى إلى أن “أحد أكبر التهديدات التي واجهها السوريون تتمثل في نظام الأسد، وهو لم يعد موجودا الآن”.
وتابعت: "يشعر الكثيرون من بيننا أن ما يحدث هو أفضل بكثير مما شهدناه في ظل النظام. أما فيما يتعلق بماضي السلطات الحالية، فأعتقد أن أغلبنا يبقى متفائلا ولكن حذرا، حتى لا يعيش في حلم أو وهم".
وأضافت موسى: “عند التمعن في أعضاء السلطة الحالية في سوريا، وفي خطابهم، سنجد أنهم تغيروا كثيرا. وفي الواقع، فقد تغير الوضع تدريجيا منذ وصولهم إلى دمشق”.
وتعتقد أنهم “أدركوا أن حكم كل سوريا، ليس كحكم إدلب. في دمشق يعدّ التنوع أكثر وضوحا، ولا يستطيعون فرض ما فرضوه في المدينة الأولى”.
ورأت أنهم "لو حاولوا تطبيق نفس سياسة إدلب فسيحقّقون فشلا ذريعا، ولا أعتقد أنهم يريدون الفشل الآن ونحن لا نريده لهم لأن فشلهم قد يمثل كارثة بالنسبة لسوريا".
وواصلت: "على السلطات الجديدة أن تركز على تحسين الظروف المعيشية للناس، وهذا من شأنه أن يمنحهم مزيدا من الدعم ويجعل الناس أكثر صبرا".
وأوضحت موسى أن “النظام عمل خلال الأعوام الثلاثة عشر الماضية، ولكن أيضا منذ الأعوام الـ54 الماضية، منذ تولي حافظ الأسد (والد بشار) السلطة، على تدمير النسيج الاجتماعي في سوريا، وعزل السوريين على أساس دينهم أو طائفتهم أو منطقتهم الأصلية”.
ولذلك ترى أن "هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لاستعادة الثقة بين السوريين وتوحيدهم".
ونقلت أن “السلطات بحاجة إلى التأكد من أن لا أحد يشعر بالإقصاء؛ لأن هذا الشعور سيدفع بالكثيرين إلى محاولة تخريب العملية الانتقالية، لأن لا أحد يستمع إلى مشاكلهم”.
وأردفت أن "هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، والكثير من الدمار الذي يحتاج لإعادة البناء على المستويات كافة".
وفي الختام، أشارت موسى إلى "ضرورة العمل بشكل جدي للقضاء على جميع الجهات المسلحة غير التابعة للدولة وإنشاء جيش جديد تحت راية مؤسسة وطنية، مع جنود مدربين مهنيا وتسلسل هرمي واضح".