مقتل زعيم فاغنر.. كيف يؤثر على مستقبل حميدتي السودان وحفتر ليبيا؟

12

طباعة

مشاركة

يثير الرحيل المفاجئ والمريب لزعيم مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، في حادث تحطم طائرة كانت تقله، تساؤلات حول مصير مقاتليه وشبكاته في روسيا وأوكرانيا والشرق الأوسط والدول الإفريقية.

ويذهب موقع "ميدل إيست آي" البريطاني -بنسخته الفرنسية- إلى أن هذه القضية ربما تكون أكثر أهمية بالنسبة لمحمد حمدان دقلو، زعيم القوات شبه العسكرية السودانية والملقب بحميدتي، ولأمير الحرب الشرقي الليبي خليفة حفتر، مشيرا إلى أن كليهما من كبار المتحالفين والمتعاونين مع مرتزقة فاغنر.

وقتل بريغوجين البالغ من العمر 61 عاما، في 22 أغسطس/آب 2023 بعد تحطم طائرة شمال موسكو، مما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص العشرة الذين كانوا على متنها.

ويعد مقتل زعيم مرتزقة فاغنر الروسية الخاصة، المفاجئ وغير المتوقع فرصة جديدة لوزارة الدفاع والحكومة الروسية، لإعادة هيكلة هذه المجموعة شبه العسكرية من جديد، بعدما هزت عرش الكرملين في محاولة انقلاب فاشلة نهاية يونيو/حزيران 2023

ليبيا والسودان

وذكر أن مقاتلي فاغنر دعموا الهجوم الفاشل لخليفة حفتر على طرابلس الليبية، في 2019-2020. وحاليا يوجدون في مواقع رئيسة وحيوية، مثل المنشآت النفطية.

وفي السودان المجاور، يعمل عملاء فاغنر جنبا إلى جنب مع قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، وهي مجموعة شبه عسكرية تخوض حاليا صراعا مسلحا مع القوات المسلحة السودانية.

وأشار موقع "ميدل إيست آي" إلى أنه نشر في وقت سابق تقارير عن مذابح ارتكبها مقاتلو فاغنر في مناجم الذهب بجمهورية إفريقيا الوسطى. 

في حين تتهم الولايات المتحدة المجموعة بتحويل مليارات الدولارات من الذهب من السودان إلى روسيا.

وبشأن وفاة بريغوجين، يقول أشوك سوين، مدير قسم أبحاث السلام والصراع في جامعة أوبسالا في السويد، إن مقتل بريغوجين سيكون له "تأثير عميق" على أنشطة مجموعة فاغنر، وكذلك على العلاقات والمصالح الروسية في شمال إفريقيا.

وأضاف لموقع "ميدل إيست آي" بنسخته الفرنسية، أن "الحرب الأهلية المستمرة بين الجيش السوداني والقوات شبه العسكرية قد أدت إلى زيادة التعقيدات المحيطة بأنشطة مجموعة فاغنر بشكل كبير".

ومن ناحية أخرى، يوضح الباحث أن بريغوجين لم يمثل المجموعة في الخارج فحسب، بل لعب أيضا دورا محوريا كمفاوض لحل المشكلات.

وفي رأيه: "علينا الآن أن ننتظر تعيين خليفة له، والذي سيقود مجموعة فاغنر، ويبقى أن نرى إلى أي مدى سيحظى هذا الزعيم الجديد بدعم (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين". 

فاغنر والدعم السريع

وبالانتقال إلى الساحة السودانية، يلفت الموقع إلى أن "مجموعة فاغنر ظهرت في عهد الديكتاتور عمر البشير (الرئيس السابق)، وشاركت بشكل كبير في حماية الموارد المعدنية المهمة، مثل مناجم الذهب".

واتُهم أعضاء المجموعة لاحقا بمساعدة حكومة البشير في محاولة قمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2019، على الرغم من الإطاحة به من السلطة في النهاية.

ومنذ اندلاع الحرب السودانية في أبريل/نيسان 2023، كانت هناك تقارير عديدة تشير إلى أن "فاغنر يدعم حلفاءه من قوات الدعم السريع (ضد الجيش برئاسة عبد الفتاح البرهان)، على الرغم من أن الأخيرة نفت مرارا وتكرارا تعاونها مع المجموعة".

ووفقا لما نقله الموقع، قال الدبلوماسي الأميركي السابق ومحلل وكالة المخابرات المركزية كاميرون هدسون: "أعتقد أن الخاسر الأكبر، باستثناء بريغوجين، هو حميدتي في السودان".

وأضاف هدسون أن "فاغنر ستزود قوات الدعم السريع بصواريخ أرض جو، مما يمكنها من مواجهة القوة الجوية للقوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى العديد من الأسلحة الأخرى".

ولفت إلى أنه "بسبب اعتماد قوات الدعم السريع على خطوط الإمداد الأجنبية لمواصلة إطالة أمد الصراع في السودان، الذي أودى بحياة أكثر من 5000 شخص وشرد الملايين، فإن الخسارة المفاجئة لحليف رئيس قد تكون كارثية".

ويتساءل الدبلوماسي: "هل سنرى قوات الدعم السريع عدوانية كما كانت في الأسابيع الأخيرة؟ وهل يحاولون الاحتفاظ بمناصبهم في الخرطوم؟"، مشيرا إلى أنهم "يشعرون بالقلق دائما من انقطاع خطوط الإمداد الخاصة بهم".

بدائل الكرملين

وتقارن "ميدل إيست آي" الوضع بين السودان وليبيا، مؤكدة أن عمليات مجموعة المرتزقة في الأخيرة أكثر علنية بكثير.

إذ لعب مقاتلو فاغنر دورا رئيسا في هجوم حفتر على طرابلس، وأعطوه دفعة في بداية القتال، قبل أن يأتي بنتائج عكسية في النهاية.

وبحسب الموقع، ساعدت تحصيناتهم الدفاعية وسط ليبيا في درء احتمال شن هجوم مضاد، ويُعتقد أن مقاتلي فاغنر بقي منهم مئات في ليبيا.

وعشية وفاة بريغوجين، يذكر الموقع أن مسؤولين عسكريين روس، بمن فيهم (يونس بك يفكيروف) نائب وزير الدفاع، زاروا حفتر في ليبيا، وقيل إنها ستكون أول زيارة رسمية لوفد عسكري إلى البلاد.

وبهذا الشأن، تقول الخبيرة في أوضاع شمال إفريقيا في "المجلس الأطلسي" علياء الإبراهيمي، إن "أسس المستقبل -بدون بريغوجين- قد وضعت بالتأكيد من قبل الكرملين".

وأضافت: "بعيدا عن كاريزما قائد فاغنر نفسه، فهناك مؤسسة كاملة لا تزال قائمة، ومن غير المرجح أن نشهد تأثيرا كبيرا على أنشطة المجموعة في ليبيا والسودان".

ووفق ما نقله الموقع عن الإبراهيمي، فإن "الكرملين كان يستعد منذ عدة أسابيع للتحضير للإطاحة ببريغوجين، وكان واضحا أنه واثق من توقيت ذلك".

وأوضحت الخبيرة في المجلس الأطلسي أنه سيكون هناك دائما الكثير من "العملاء" لروسيا، حتى بدون وجود فاغنر كجهة اتصال، خاصة مع صعود الحكومات التي يقودها عسكريون في إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.

وتابعت: "هذه الأنظمة العسكرية لم تطلق على الفرقة اسم فاغنر لأنها أعجبت بمظهر بريغوجين أو كاريزميته، بل إنهم واجهوا مشكلات وكان لدى المجموعة الحلول، فكل ما في الأمر أن الدولة الروسية ستظهر الآن كمزود خدمة".

مستقبل غامض

ويقول الموقع إنه منذ وصوله إلى السلطة عام 2000، أدرك العديد من الروس البارزين أن إغضاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر بالغ الخطورة.

وفي حين أنه لم يتضح بعد سبب الحادث الذي تسبب في وفاة بريغوجين، سارع الكثيرون، بما في ذلك الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى توجيه أصابع الاتهام إلى بوتين.

وفي رأي الموقع، بالنسبة لبوتين نفسه، ستكون هناك انعكاسات سلبية لمقتل زعيم مجموعة فاغنر.

وعزا ذلك إلى أن المنظمة كانت هي المصدر الرئيس للنفوذ والقوة الغاشمة الروسية في إفريقيا لسنوات، فضلا عن كونها جهة اتصال موثوقة للقادة العسكريين. 

وبطبيعة الحال، بدون هذا المساعد، سيتعين على روسيا أن تتولى دورا مباشرا أكثر بكثير من ذي قبل، وفق الموقع.

ويشير الدبلوماسي الأميركي هدسون، إلى أنه بالإضافة إلى زيارة ليبيا في 22 أغسطس 2023، اتصلت روسيا بالعديد من القادة الأفارقة منذ تمرد بريغوجين القصير في يونيو 2023، في محاولة منها لطمأنتهم بالدعم الروسي.

ويقول إن السؤال الآن هو "ما الذي سيقرر بوتين فعله بموارد فاغنر، بما في ذلك أعماله التجارية المربحة في تهريب الذهب؟".

كما أنه يتساءل، "هل سيسمح لمجموعة فاغنر بمواصلة أنشطتها تحت قيادة جديدة أم سيحاول استيعابها بجميع مواردها في تلك البلدان وإدارتها كشركات تابعة للجيش الروسي؟".

ومن ناحية أخرى، يؤكد هدسون على حقيقة أن "وجود شركة عسكرية غير رسمية تعمل في القارة وتمويل نفسها ذاتيا من خلال علاقاتها مع العملاء هو أمر مفيد دائما".

خاصة أن هذه الأموال تذهب إلى روسيا وتفيد الاقتصاد الذي يعاني حاليا من صعوبات بسبب عقوبات الغرب.

ويعتقد الدبلوماسي أن "بوتين سيحاول السيطرة على كيانات فاغنر تحت القيادة الروسية، لكنه في الوقت نفسه لن يحاول ربطهم بشكل مباشر به حتى يستطيع التنصل المعقول من أي فعل سلبي".