بداية من سقوط الاتحاد السوفيتي.. 8 أسئلة تشرح تطور علاقة روسيا بإفريقيا 

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

من المقرر أن تستضيف مدينة سان بطرسبرج، في يوليو/ حزيران 2023، القمة الثانية بين روسيا والدول الإفريقية. 

وترى صحيفة "لنتا" الروسية، أن لدى بلادها آمال كبيرة في هذه القمة، ليس فقط لأنها تبحث عن حلفاء جدد، ولكن أيضا لأنها تحاول طرد شركاء غربيين سابقين من القارة، وخاصة فرنسا. 

ووفقا للصحيفة، من أجل التنافس مع اللاعبين الجدد بالقارة مثل الصين وتركيا والهند، يتعين على روسيا أن تهتم بأصدقائها الجدد، ليس فقط على الصعيد السياسي، ولكن أيضا من الناحية الاقتصادية. 

وفي حوار مع الصحيفة الروسية، يشرح أندريه ماسلوف، مدير مركز الدراسات الإفريقية، في المدرسة الوطنية العليا للاقتصاد، تطور علاقات روسيا مع القارة الإفريقية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن العشرين.

1- في أي نقطة تحولت السياسة الخارجية الروسية تجاه إفريقيا؟

يشير أندريه ماسلوف إلى أن روسيا بدأت تبحث عن أصدقاء جدد عام 2014، عندما بدأ الغرب في فرض عقوبات على البلاد.

وفي عامي 2017 و2018، زادت كثافة الاتصالات مع إفريقيا بشكل ملحوظ. 

وكانت نقطة التحول عندما تغيرت نظرة روسيا إلى إفريقيا، فأصبحت تراها شريكا ذا أولوية.

في عام 2019، عُقدت القمة الروسية الإفريقية، وبسبب جائحة فيروس كورونا توقف نمو العلاقات بين الطرفين، لكنها الآن تتعافى مرة أخرى.

ويذكر ماسلوف أن هذا بالطبع ليس أول تصاعد إيجابي في العلاقات مع إفريقيا في التاريخ. 

حيث كانت الأولى في الستينيات، عندما استثمر الاتحاد السوفييتي بكثافة في دعم حركات الاستقلال الإفريقية، والتي تم تدريب كوادرها في موسكو منذ الثلاثينيات. 

2- لماذا إفريقيا جذابة لروسيا؟

يرى ماسلوف أن هناك عاملين يؤثران في نظرة روسيا إلى إفريقيا.

العامل الأول نمو الدور الذي تلعبه إفريقيا في الشؤون العالمية. 

حيث يُلاحظ تزايد الاهتمام بإفريقيا ليس فقط في روسيا، بل في كل مكان، في الولايات المتحدة وأوروبا والإمارات وإيران والبرازيل والأرجنتين وكوريا وتركيا.

فعلى سبيل المثال، تمتلك تركيا سفارات في إفريقيا أكثر من روسيا.

وفي أوائل مارس/ آذار 2023، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إفريقيا مرة أخرى.

ومن ناحية أخرى، يؤكد ماسلوف أن وزن إفريقيا يتزايد على الساحة الدولية أيضا بسبب التركيبة السكانية.

فإفريقيا قادرة تمامًا على استيعاب 3 أو 4 مليارات شخص، حسب الصحيفة.

ومن المتوقع أن يعيش 3 مليارات شخص في إفريقيا في غضون 40 عاما، في نفس الوقت الذي سيكون عدد سكان الكوكب بأكمله 10 مليارات شخص تقريبا.

أما العامل الثاني، فهو كون إفريقيا سوقا متنامية لكل شيء حرفيا، بدءا من المواد الخام إلى الأغذية وتكنولوجيا المعلومات.

لذلك، يعتقد ماسلوف أن الوضع الجيوسياسي أيضا أثر بشكل كبير على نمو الاهتمام الدولي بإفريقيا.

3- ما أهداف السياسة الخارجية طويلة المدى لروسيا في إفريقيا؟

يوضح الباحث السياسي أن مفهوم السياسة الخارجية للاتحاد الروسي يتلخص في ثلاثة أهداف. 

الهدف الأول تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية.

والثاني هو أنشطة حفظ السلام المشتركة، ومنع تهديدات الإرهاب والتطرف. 

أما الثالث والأخير، التعاون مع الاتحاد الإفريقي، كاتحاد تكامل له دور هام.

ونقلا عن خبراء سياسيين آخرين، تشدد الصحيفة الروسية على ضرورة اهتمام روسيا بجعل إفريقيا قوة مستقلة في العلاقات الدولية.

كما يجب أن تساهم في توسيع الأسواق الإفريقية، وفي استهلاك إفريقيا لمواردها المعدنية وحاملات الطاقة.

4- هل هناك شروط مسبقة لاستعادة روسيا الدور نفسه الذي كان الاتحاد السوفييتي يلعبه في إفريقيا؟

يلفت ماسلوف إلى أن الوضع السياسي الآن في العالم مختلف تماما، فلم يعد وزن روسيا في الاقتصاد العالمي هو نفسه وزن الاتحاد السوفيتي سابقا. 

وفي الوقت نفسه، مقارنة بالوقت السابق، أصبح دور إفريقيا أكبر بكثير.

فقد نما عدد سكانها خمس مرات منذ الاستقلال، كما أنها أصبحت أقوى بكثير وأكثر استقلالا واعتمادا على الذات.

وبالنظر إلى باقي دول العالم، سنلاحظ أن الصين والولايات المتحدة وحتى الدول الأوروبية لديها تأثير أقل على إفريقيا في الوقت الحالي.

ففي نيجيريا، على سبيل المثال، فشلت المحاولات الأميركية للتدخل في الانتخابات الرئاسية أخيرا.

حيث جاء المرشح المدعوم من الولايات المتحدة بيتر أوبي، في المركز الثالث، أمام اثنين من المرشحين شكلا حملتهما الانتخابية على أساس فوز القوات المحلية.

وفي المقابل، فإن الدور الذي تتبناه روسيا مشابه للدور الذي لعبه الاتحاد السوفيتي.

وفي هذا السياق، يقول ماسلوف: "نحن نساعد الدول الإفريقية على أن تكون أكثر استقلالية، ودافعنا الرئيس بالتحديد هو المصالح مشتركة مع الأفارقة".

وتابع: "ليس لدينا نية بأخذ المواد الخام التي يحتاجونها لتطوير إمكانياتهم. على العكس من ذلك، نحن مهتمون بأن يصبحوا أقوى وأكثر استقلالية عن سابق عصرهم".

5- ما السبب وراء المواقف غير المتجانسة تجاه روسيا من الدول الإفريقية؟

تتساءل الصحيفة الروسية: "لماذا تهتم بعض الدول أكثر بتعزيز التعاون مع روسيا وحتى دعمها ضد الأمم المتحدة، بينما تذهب دول أخرى في أعقاب الدول الغربية؟".

يعتقد ماسلوف أن بعض البلدان مهتمة بأن يكون شريكها الصغير في عزلة، ويرجع ذلك إلى رغبتها في جعل تلك الدولة الصغيرة أكثر ارتباطا بها.

ولكن على عكس ذلك، فإن روسيا تضع في أولوياتها مساعدة الدول الإفريقية في التغلب على هذه العزلة.

وتهدف روسيا بذلك إلى زيادة تأثيرها على القارة ككل.

ويؤكد ماسلوف أنه رغم كون الجزائر الحليف الرئيس والشريك الإستراتيجي لروسيا في المنطقة، لكنها ليست فقط السوق الأكثر أهمية بالنسبة لها.

فعلى سبيل المثال، جنوب إفريقيا مركز ثقل آخر في القارة، وتتمتع روسيا بعلاقات قوية معها على الصعيد السياسي والاقتصادي.

بالإضافة إلى مصر، يؤكد ماسلوف أنها زعيم آخر وشريك لروسيا في المنطقة الإفريقية.

وعلى الرغم من أنها صوتت في المرة الأخيرة لصالح قرار للأمم المتحدة الذي يدين روسيا، إلا أنها فعلت ذلك تحت ضغط. 

في الوقت نفسه، يتزايد التعاون الاقتصادي بين البلدين.

6- إلى أي مدى يظهر مصطلح "الاستعمار الجديد" في الخطاب الروسي إزاء إفريقيا؟

يرفض ماسلوف مصطلح "الاستعمار الجديد"، ويرى أن ما يحدث هو مرحلة "ما بعد الاستعمار".

موضحا أن ما تتخذه روسيا من خطوات ما هو إلا محاولة لاستعادة أفريقيا والتمسك ببعض النفوذ التي لا تزال موجودة.

وفي هذا السياق، يقول ماسلوف: "لأكثر من عقد من الزمان، كانت أوروبا تفقد نفوذها في إفريقيا، بينما يكتسب الأفارقة ثقلا متزايدا فيها".

ويوضح أن الدول الأوروبية تفقد حصتها من التجارة في السوق الإفريقية، بالإضافة إلى استبدالها، ليس فقط بروسيا، ولكن أيضا بالصين والهند في مجال الاستثمارات.

لذلك، تزامنا مع محاولة الدول الغربية إبطاء عملية التخلي القسري عن المناصب في إفريقيا، يؤكد ماسلوف أن محاولة إعادة استعمار إفريقيا أمر غير وارد.

7- ما مدى فعالية شركة "فاغنر" في بناء النفوذ في إفريقيا؟ 

في هذا الشأن، يقول ماسلوف: "إن التعاون مع فاغنر، أينما وُجد، لا ينظر إليه الأفارقة على أنه مشكلة، بل على أنه اختيارهم الخاص"، موضحا أن روسيا لا تفرض خدماتها.

وأكد كذلك أنه تحت أي ظرف من الظروف، لا ينبغي لروسيا أن تنسخ نماذج السلوك الاستعمارية وما بعد الاستعمارية في إفريقيا.

فروسيا عازمة على اتباع مسار تطوير التعاون، وتحقيق المصلحة المشتركة في توسيع العلاقات الاقتصادية. 

ويتابع ماسلوف: "إذا ذُكرت البلدان الرئيسة وشركائنا الرئيسين في القارة، بما في ذلك أهم الشركاء السياسيين، فلن تُذكر فاغنر"، مستدلا بذلك أن أهم أداة لبناء العلاقات السياسية يجب أن تكون تنمية التجارة.

وأهم أداة لتطوير التجارة تطوير الخدمات اللوجستية والبنية التحتية المالية المستقلة عن الغرب والاستثمار في رأس المال البشري، لاسيما التعليم العالي وتعلم اللغة الروسية.

8- كيف تُبنى علاقات مع إفريقيا في ظل عدم الاستقرار السياسي في كثير من دولها؟

يؤكد ماسلوف مرة أخرى أن التعاون بين روسيا والدول الإفريقية قائم على أساس اقتصادي واسع. 

ويوضح أن هذا يسمح لروسيا ببناء علاقات لا تعتمد على النخب فقط، وإنما بدعم من جميع السكان كذلك.

ومن الجدير بالذكر أنه في معظم البلدان الإفريقية لا تنفصل النخب عن السكان، فهم يفهمون مصالح الشعب ومطالبهم ويضعونها في الاعتبار.